المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نعيب زماننا والعيب فينا


الاخ زكا
04-10-2017, 08:14 PM
كتاب طعام وتعزية: الخميس 5 / 10 / 2017
نعيب زماننا والعيب فينا

«خيرٌ لي أني تذللت، لكي أتعلَّم فرائضك» ( مزمور 119: 71 )
”الحقيقة: ظروفي صعبة، وقتي ضيَّق، المشاكل تكتنفني؛ والنتيجة أن حالتي الروحية ليست كما ينبغي. أعتقد أنه عندما تتحسَّن ظروفي ستتحسن حالتي الروحية بالتبَعية!“. تُسمَع مثل هذه العبارة كثيرًا من رجال ونساء، كبار وصغار. فتجد المتحدِّث متألمًا لانطفاء الفرح الذي اختبره عند إيمانه، متأسفًا لانعدام فرص الخدمة، حزينًا لقلة عدد الاجتماعات التي أصبح في إمكانه أن يحضرها، واللوم دائمًا مُلقى على الظروف: فدوام العمل لا يسمح، والوضع العائلي خانق، والمشاكل تُطارد، والإمكانيات محدودة.

هنا سؤال يطرح نفسه: هل الفترات المظلمة في حياة المؤمن هي عائق لحياته الروحية، أم إعداد له للروحانية؟

وقصة يعقوب هي تجسيم حي للإجابة عن هذا السؤال. فأيام الراحة في قصة يعقوب، لم تُثمر إلا عن نتاج الجسد. ففي بيت أبيه وحضن أُمه ظهر المكر والخداع، وفي أيام انتعاشه اقتصاديًا عند خاله دخلت الأوثان خيمته عن طريق محبوبته، وفي شكيم عقب فك كربة لقائه عيسو كانت النتيجة مُزرية. أما الأحداث المُـرَّة كانت هي الأفضل.

ففي فراره من بيت أبيه خائفًا مطَاردًا، وليس بيده إلا عصا، ولا وسادة لرأسه إلا حجارة الأرض؛ هناك عَرَّفه الله أنه معه، وهناك جدَّد الرب الوعد الذي وعدَ به أباءه ليكون له هو شخصيًا.

ولمَّا وجد نفسه في ورطة كبرى وهو يعلم أن عيسو في الطريق ومعه جيش على شاكلته؛ تعلَّم أن يُصلِّي ساكبًا قلبه أمام الله. وعندما صارعه إنسان حتى طلوع الفجر وخلع حُقَّ فخذه، نراه يُبارَك ويرى الله في فنوئيل، ومع أنه صار يعرج في مشيَته، إلا أنه بدأ يستقيم في سلوكه.

وبعد مأساة شكيم، أدرك مقاييس قداسة الله؛ فطلب من بيته أن يتنَّقوا ويعزلوا الآلهة الغريبة من وسطهم قبل اتجاههم لبيت إيل تلبية لدعوة الرب ”قُم اصعد“.

ولمَّا حلَّت به الطامة الكبرى في فقدان يوسف، كانت قمة معاملات الله معه ليكون إسرائيل الحقيقي، أمير الله. لقد تعلَّم ألاَّ يخطو خطوة من دون إلهه. وتوالت مظاهـر النضج الروحي في حياته حتى تجلَّت في عمل الإيمان الذي سُجِّل له في عبرانيين11، أنه بفطنة بارك ابني يوسف، فقدَّم الأصغر على الأكبر، الدرس الذي كان يجب أن يتعلَّمه والداه وهو معهما. يومها لاق به أن يقول: ”علمت يا ابني علمت“.

عصام خليل