fouadzadieke
21-08-2005, 06:07 PM
هلْ من شكوى مع رحمة الرّب؟
أنْ يظلّ الإنسان دائم التذمّر والشكوى والنفور ولعن حظه ونصيبه في الدنيا وتضييق عظمة الكون إلى درجة يتمكّن معها من إدخالها في خرم إبرة، وأنْ يسعى إلى التشاؤم والإعلان المستمرّ لسوء هذا الحظّ ولعدم ابتسامته له، ناسياً قول الشاعر: "كنْ جميلا تر الوجود جميلا" فتتحوّل حياته إلى جحيم من النكد ومعين من السواد القاتم الذي يغلّف عالمه بأكمله بصورة قاتمة متفحّمة.
ألاّ يحاول الإنسان الاستمتاع بجماليّات الكون وما فيها من أشياء جميلة تبعثُ على الرّاحة وتدخلُ البهجةَ إلى العين والنّفس وتُشعر بالفرح والأمل، أنْ يتزنّرالإنسانُ برغبة الإصرار على نظرته التشاؤميّة هذا - زاعماً أنّ عيناً أصابته - ويعتقدُ جازماً أن لضربة العين حقّها فهي تفعلُ فعل الساحر وتأخذ مجراها في خراب بيوت الناس وقلب سعادتهم وأفراحهم إلى يأس وأحزان وغمّ وكوابيس شقاء لا نهاية لها، أنْ يتشدّق بأنّ بحر الشقاء الذي يغمره لا يصيب غيره من الناس، وأنْ يضخّم نكباته ويستسلم لتيّار أوهامه الجارف الذي يقودُ إلى مجاهل لا يدرك قرارها ولا يعي أسرارها، أن يركبَ قطار حزنه وحيداً دون سواه طوال اليوم نادباً سوء طالعه طيلة العمر كأنْ لا وجود لفرح في حياة الناس أو هناءً يدخلُ كوّة نفس آدميّة، أنْ يتخبّط في تشعّبات تصوّراته المظلمة فيقفل باب أيّ أمل أو يحني غصن أي رجاء في تحوّل إيجابيّ قد يطرأ أو تطوّر مفرح قد ينقله إلى واحة راحة وهدوء بعيداً عن جحيم هذه التصوّرات ومخاطرها.
إنّ الإنسان من هذا النوع الذي يغلب عليه مثل ما أوردناه من أفكار سوداويّة لا تحمل شيئاً من فرح الحياة ولا تشير إلى قليل من روح الإيمان بعدالة الرب و قدرته على التحويل والتبديل ليغدو فريسة تفاقم أوهامه وضحيّة ضعف إيمانه ومن ثمّ ضعف مقدرته على المواجهة والتحمّل فالرب يقول: سرْ يا عبدي وأنا أسير معك" عليه ألاّ يغلق جميع نوافذ حياته ومنافذ تصوّراته و رؤاه إلى الكون ليعيش في فاقة ظلام وحدة موحشة تشعره بالغربة عن نفسه وعالمه متجاهلا نور الحياة ونور العالم، نور الجماعة التي دعا إليها الرب يسوع لتكون حافزاً لنا من وحشة وحدتنا، ومنقذأً من الخوف من المجهول الآتي فمع الإيمان لا يبقى خوفٌ ومع التقرّب من الله بالثقة به والرغبة الحقيقيّة في مساعدته لا يظلّ شعورٌ بالإحباط وتزول النظرةُ السوداويّة لأن في الإيمان رجاءً وأملا وخيراً وخلاصاً ونجاة من الحال التي خنق هذا الإنسانُ اليائسُ نفسه وروحه فيها، عليه أنْ يذكر الربّ في سرّائه وضرّائه و ألاّ يغفله في ساعة فرحه وانتصاره.
إنّ الناس التي شاءتْ أنْ تجبل نفسها من هذه الطينة تجرمُ في حقّ ذاتها وتعاقب نفسها من دون سبب بما توهم نفسها به وما تظنّ أنّه حالة دوام أزليّة لهذه المظرة التشاؤميّة ناسين محب الربّ لبنيه وغافلين حقيقة تضحيته بابنه من أجلهم وهل هناك أعظم من هذه التضحية؟ أنْ يضحّي أحدٌ بأحد أبنائه لأجل الآخرين؟ إنّ التذمّر والشكوى والنكد لا يجلبون سوى المزيد من النحس والتعاسة والتخبّط، وبهذه السلوكية وبروح هذا المنطق لن يكون لهم خروجٌ من ضمن هذه الدائرة المغلقة بالأوهام والخيالات السوداء والتهيؤات الداعية للإحباط والضغط والانهزاميّة في الرّوح والنفس والجسد وقبل كلّ هذا في التفكير والعقل والإرادة.
فبدلَ أنْ نشكو ونتذمّر علينا أن نعي أنّه لا أبدية للأشياء وندرك الظروف التي خلقت مثل هذه الحالات فالحياة والكون قابلان للتغيير والتبدّل والتحوّل فقط قدرة الرب وحدها لا تتغيّر ولا تتحوّل وبالاعتماد عليها نسهّل العملية برمّتها.
متى توسّعتْ آفاقُ تصوّرات المرء وانتعشتْ مفاهيمُ وجوده فاستوعب حقيقة ما يجري بشكل أوصح وأفضل استطاع أنْ يتغلّب على محنة الشكوى وداء النكد والتذمّر وقابليّة الضعف للاستسلام. منْ ظلّ ضعيفاً بالتأكيد لا يقدر على تغيير نفسه أولا ومن ثمّ البدء في محاولة تغيير الوسط الخارجي الذي يؤثّر في مجمل هذه الرؤى والتصورات والأفكار، بل هو سيستسلم مقهوراً لقدره وينال مصيره الذي اختاره بملء إرادته وتسبب من خلاله في أذيّة نفسه وبالتالي سيؤدي ذلك إلى إلحاق الأذى بالآخرين كمحصلة منطقية ونتيجة ممكنة الوقوع.
النفورُ المستمرّ والشكوى الدائمة والتذمّر اليائس هو حتفٌ أكيد وهلاكٌ للإنسان وابتعادٌ حتميّ عن الشعور برحمة الرّب وغفرانه وعدمُ إقرار بحقيقة أنّ اللجوء إليه دائماً و خاصة في مثل هذه الحالات العصيبة سيخفّف عن الإنسان الكثير من هذه المتاعب وهو القائل: "تعالوا إليّ أيّها المتعبين والثّقيلي الأحمال وأنا أريحكم" أين هو إيماننا؟ أين هو رجاؤنا في الخلاص؟ أين هي إرادتنا في تنفيذ مشيئته والعمل على عدم إغضابه؟ أين هو الرّضى الذي يجب أنْ نكون عليه لأنّه معنا وإلى دهر الدّهور؟
المهمّ ألا نموت روحاً فالجسد معدّ للهلاك والنفس للخلود وعلينا ألا نكترث كثيراً بما تواجهنا الحياةُ به من مشقّات ومصاعب، إنّ هناك منْ يقوّينا ويمنحنا الأمل العظيم في الفوز الأهمّ. علينا أن نواجه الحياة بآلامها وأوجاعها وأن لا نفقد أملنا في نيل رحمة الرّب ومتى كان هذا لسانُ حالنا وأساسُ إيماننا ما عدنا نفكّر بهذه الرؤية السوداويّة ولا ضيّقنا الخناق على أحلامنا لأنّ نور العالم هو لنا وينير من أجلنا وعلينا فقط أنْ نهتدي إليه لنعين أنفسنا ونعين مَنْ حولنا.
"إنّي أحمدك أيّها الرّبّ القادر على كلّ شئ والرّحيم الذي بفيض رحمته أزيل كوابيس أوهام العالم وأتغلّب على مواضع الخيبة فيّ ولطالما كان اعتمادي عليك دائماً ولجوئي إليك مستمرّاً فلا خيبة تنالني ولا سوداويّةٌ في هذا العالم تقهر نور عطائك الذي به أستنيرُ وله أسعى على الدّوام" إنّها صلاتي المتواضعة التي استنبطتها من حمل أوجاعي وحملتها على كتفي أسوة بك يا معلّمي ومدبّر أموري ومفرج كربتي بك أصيرُ قويّاً وبدونك أضعف مخلوقات الكون، فاشملني برحمتك يا ربّ وأنرْ عقلي وأضيء نفسي وروحي، إنها صلاتي إلى كلّ الذين ينظرون إلى هذه الحياة بسوداويّة في المزاج وتشاؤم في الرؤية وضبابيّة في التوجّه إلى الأبد آمين.
ألمانيا في 8/5/2005 م
أنْ يظلّ الإنسان دائم التذمّر والشكوى والنفور ولعن حظه ونصيبه في الدنيا وتضييق عظمة الكون إلى درجة يتمكّن معها من إدخالها في خرم إبرة، وأنْ يسعى إلى التشاؤم والإعلان المستمرّ لسوء هذا الحظّ ولعدم ابتسامته له، ناسياً قول الشاعر: "كنْ جميلا تر الوجود جميلا" فتتحوّل حياته إلى جحيم من النكد ومعين من السواد القاتم الذي يغلّف عالمه بأكمله بصورة قاتمة متفحّمة.
ألاّ يحاول الإنسان الاستمتاع بجماليّات الكون وما فيها من أشياء جميلة تبعثُ على الرّاحة وتدخلُ البهجةَ إلى العين والنّفس وتُشعر بالفرح والأمل، أنْ يتزنّرالإنسانُ برغبة الإصرار على نظرته التشاؤميّة هذا - زاعماً أنّ عيناً أصابته - ويعتقدُ جازماً أن لضربة العين حقّها فهي تفعلُ فعل الساحر وتأخذ مجراها في خراب بيوت الناس وقلب سعادتهم وأفراحهم إلى يأس وأحزان وغمّ وكوابيس شقاء لا نهاية لها، أنْ يتشدّق بأنّ بحر الشقاء الذي يغمره لا يصيب غيره من الناس، وأنْ يضخّم نكباته ويستسلم لتيّار أوهامه الجارف الذي يقودُ إلى مجاهل لا يدرك قرارها ولا يعي أسرارها، أن يركبَ قطار حزنه وحيداً دون سواه طوال اليوم نادباً سوء طالعه طيلة العمر كأنْ لا وجود لفرح في حياة الناس أو هناءً يدخلُ كوّة نفس آدميّة، أنْ يتخبّط في تشعّبات تصوّراته المظلمة فيقفل باب أيّ أمل أو يحني غصن أي رجاء في تحوّل إيجابيّ قد يطرأ أو تطوّر مفرح قد ينقله إلى واحة راحة وهدوء بعيداً عن جحيم هذه التصوّرات ومخاطرها.
إنّ الإنسان من هذا النوع الذي يغلب عليه مثل ما أوردناه من أفكار سوداويّة لا تحمل شيئاً من فرح الحياة ولا تشير إلى قليل من روح الإيمان بعدالة الرب و قدرته على التحويل والتبديل ليغدو فريسة تفاقم أوهامه وضحيّة ضعف إيمانه ومن ثمّ ضعف مقدرته على المواجهة والتحمّل فالرب يقول: سرْ يا عبدي وأنا أسير معك" عليه ألاّ يغلق جميع نوافذ حياته ومنافذ تصوّراته و رؤاه إلى الكون ليعيش في فاقة ظلام وحدة موحشة تشعره بالغربة عن نفسه وعالمه متجاهلا نور الحياة ونور العالم، نور الجماعة التي دعا إليها الرب يسوع لتكون حافزاً لنا من وحشة وحدتنا، ومنقذأً من الخوف من المجهول الآتي فمع الإيمان لا يبقى خوفٌ ومع التقرّب من الله بالثقة به والرغبة الحقيقيّة في مساعدته لا يظلّ شعورٌ بالإحباط وتزول النظرةُ السوداويّة لأن في الإيمان رجاءً وأملا وخيراً وخلاصاً ونجاة من الحال التي خنق هذا الإنسانُ اليائسُ نفسه وروحه فيها، عليه أنْ يذكر الربّ في سرّائه وضرّائه و ألاّ يغفله في ساعة فرحه وانتصاره.
إنّ الناس التي شاءتْ أنْ تجبل نفسها من هذه الطينة تجرمُ في حقّ ذاتها وتعاقب نفسها من دون سبب بما توهم نفسها به وما تظنّ أنّه حالة دوام أزليّة لهذه المظرة التشاؤميّة ناسين محب الربّ لبنيه وغافلين حقيقة تضحيته بابنه من أجلهم وهل هناك أعظم من هذه التضحية؟ أنْ يضحّي أحدٌ بأحد أبنائه لأجل الآخرين؟ إنّ التذمّر والشكوى والنكد لا يجلبون سوى المزيد من النحس والتعاسة والتخبّط، وبهذه السلوكية وبروح هذا المنطق لن يكون لهم خروجٌ من ضمن هذه الدائرة المغلقة بالأوهام والخيالات السوداء والتهيؤات الداعية للإحباط والضغط والانهزاميّة في الرّوح والنفس والجسد وقبل كلّ هذا في التفكير والعقل والإرادة.
فبدلَ أنْ نشكو ونتذمّر علينا أن نعي أنّه لا أبدية للأشياء وندرك الظروف التي خلقت مثل هذه الحالات فالحياة والكون قابلان للتغيير والتبدّل والتحوّل فقط قدرة الرب وحدها لا تتغيّر ولا تتحوّل وبالاعتماد عليها نسهّل العملية برمّتها.
متى توسّعتْ آفاقُ تصوّرات المرء وانتعشتْ مفاهيمُ وجوده فاستوعب حقيقة ما يجري بشكل أوصح وأفضل استطاع أنْ يتغلّب على محنة الشكوى وداء النكد والتذمّر وقابليّة الضعف للاستسلام. منْ ظلّ ضعيفاً بالتأكيد لا يقدر على تغيير نفسه أولا ومن ثمّ البدء في محاولة تغيير الوسط الخارجي الذي يؤثّر في مجمل هذه الرؤى والتصورات والأفكار، بل هو سيستسلم مقهوراً لقدره وينال مصيره الذي اختاره بملء إرادته وتسبب من خلاله في أذيّة نفسه وبالتالي سيؤدي ذلك إلى إلحاق الأذى بالآخرين كمحصلة منطقية ونتيجة ممكنة الوقوع.
النفورُ المستمرّ والشكوى الدائمة والتذمّر اليائس هو حتفٌ أكيد وهلاكٌ للإنسان وابتعادٌ حتميّ عن الشعور برحمة الرّب وغفرانه وعدمُ إقرار بحقيقة أنّ اللجوء إليه دائماً و خاصة في مثل هذه الحالات العصيبة سيخفّف عن الإنسان الكثير من هذه المتاعب وهو القائل: "تعالوا إليّ أيّها المتعبين والثّقيلي الأحمال وأنا أريحكم" أين هو إيماننا؟ أين هو رجاؤنا في الخلاص؟ أين هي إرادتنا في تنفيذ مشيئته والعمل على عدم إغضابه؟ أين هو الرّضى الذي يجب أنْ نكون عليه لأنّه معنا وإلى دهر الدّهور؟
المهمّ ألا نموت روحاً فالجسد معدّ للهلاك والنفس للخلود وعلينا ألا نكترث كثيراً بما تواجهنا الحياةُ به من مشقّات ومصاعب، إنّ هناك منْ يقوّينا ويمنحنا الأمل العظيم في الفوز الأهمّ. علينا أن نواجه الحياة بآلامها وأوجاعها وأن لا نفقد أملنا في نيل رحمة الرّب ومتى كان هذا لسانُ حالنا وأساسُ إيماننا ما عدنا نفكّر بهذه الرؤية السوداويّة ولا ضيّقنا الخناق على أحلامنا لأنّ نور العالم هو لنا وينير من أجلنا وعلينا فقط أنْ نهتدي إليه لنعين أنفسنا ونعين مَنْ حولنا.
"إنّي أحمدك أيّها الرّبّ القادر على كلّ شئ والرّحيم الذي بفيض رحمته أزيل كوابيس أوهام العالم وأتغلّب على مواضع الخيبة فيّ ولطالما كان اعتمادي عليك دائماً ولجوئي إليك مستمرّاً فلا خيبة تنالني ولا سوداويّةٌ في هذا العالم تقهر نور عطائك الذي به أستنيرُ وله أسعى على الدّوام" إنّها صلاتي المتواضعة التي استنبطتها من حمل أوجاعي وحملتها على كتفي أسوة بك يا معلّمي ومدبّر أموري ومفرج كربتي بك أصيرُ قويّاً وبدونك أضعف مخلوقات الكون، فاشملني برحمتك يا ربّ وأنرْ عقلي وأضيء نفسي وروحي، إنها صلاتي إلى كلّ الذين ينظرون إلى هذه الحياة بسوداويّة في المزاج وتشاؤم في الرؤية وضبابيّة في التوجّه إلى الأبد آمين.
ألمانيا في 8/5/2005 م