Fadi
17-04-2006, 01:09 PM
يقول الباحث في تاريخ سوريا الحديث محمد رضوان الأتاسي وهو حفيد الزعيم الوطني والرئيس السوري الأسبق هاشم الأتاسي : حصلت سوريا على استقلالها مرتين، مرة في " 8 آذار" 1920، عندما أعلن المؤتمر السوري استقلال سوريا من ساحة الشهداء بدمشق عن قرون "الكابوس العثماني" وهو استقلال لم يدم سوى أربع أشهر إذ دخلت قوات الانتداب الفرنسي الفرنسي بعد معركة ميسلون الشهيرة.
والمرة الثانية كانت اعتراف شفهي بعد أحداث أيلول 1936 عندما استطاع الزعماء الوطنيون بدعم الشارع "الشعبي، السياسي، الوطني، اللاطائفي" فرض معاهدة الاستقلال مع فرنسا التي حرصت على ضمان الرأي العام السوري إلى جانبها "بعد الإضراب السوري الستيني" قبيل هبوب رياح الحرب العالمية الثانية.
رضوان الأتاسي يلفت إلى أن تاريخ "جلاء القوات الأجنبية الفرنسية والانكليزية عن سوريا، حصل في 15 نيسان عام 1946، ولكن الاحتفال تم في 17 نيسان ليتسنى لكبار الضيوف من الشخصيات العربية الوصول إلى دمشق والمشاركة باحتفالات".
استقلال السوريون لم يتميز بتسميته فحسب، تميز أيضا بطريقة "انتزاعه" عن طريق"الوحدة الوطنية، والديبلوماسية السورية".
يقول الباحث إحسان الشيشكلي بعد إشارته أن تسمية الجلاء جاءت من الكلمة اللاتينية Evacuation التي تعني إخلاء البلد من الاجنبي،: كان الشارع السياسي السوري منخرطا في وحدة وطنية حقيقة ...كنا نرفض محاولات الفرنسيين استمالة طائفة على حساب أخرى ونقول في مظاهرتنا "بدنا الوحدة السورية إسلام ومسيحية"..
يوافق الباحث المتخصص في تاريخ سوريا الحديث الدكتور سامي مبيض أن "الاستقلال صنعه الإسلام والمسيحية " ويلفت إلى حادثة مهمة تقول "إن الزعيم الوطني فارس الخوري الذي أصبح رئيس وزراء في العام 1944، كان في فترة من الفترات رئيسا للأوقاف الإسلامية، وعندما اعترض البعض..خرج نائب الكتلة الإسلامية في المجلس آنذاك عبد الحميد طباع ليتصدى للمعترضين قائلا: إننا نؤّمن فارس بك الخوري على أوقافنا أكثر مما نؤمن أنفسنا".
ويروي مبيض حادثة أخرى لا تقل دلالة عن سابقتها حصلت خلال الإضراب الستيني 1936 الذي حدث كرد فعل على إغلاق مكاتب الكتلة الوطنية بعد إبعاد الزعيم الوطني فخري البارودي.
يقول مبيض نقلا عن شاهد عيان على القصة وهو المرحوم منير العجلاني إن الفرنسيين عمدوا من جملة أعمال القتل والقمع للشعب السوري، إلى خلع أقفال المتاجر لإجبار التجار على فتح متاجرهم خشية تعرضها للنهب..لكن ما حدث أنه في لقاء جمع فارس بك الخوري وفخري البارودي في مكتب الكتلة الوطنية بالقنوات مع شخص يدعى أبو أحمد الزيبق تعهد هذا الأخير بحماية المتاجر.. والغريب أن من حمى تلك المحلات كانوا من المعروف عنهم أنهم "حرامية ".
اضطرت فرنسا، كما يتابع الباحث رضوان الأتاسي، مكرهة للاعتراف بمطالب الوطنيين المتمثلة بتحرير سوريا من الأجنبي، وإن كان ذلك تم بصيغة شفوية عبر المندوب السامي الفرنسي دومارتيل الذي كلفه رئيس وزراء فرنسا البير سارو بإعلام الوطنيين قبول فرنسا لمطالبهم الأساسية..
يقول الأتاسي خلال التفاوض مع فرنسا كان هناك توازن طائفي عفوي، إذ كان الوفد المفاوض في معاهدة 1936 مناصفة تقريبا بين الإسلام والمسيحية وبشكل لا يقوم على حساب التوازنات الطائفية كما هو على الطريقة اللبنانية إنما على العفوية اللاطائفية.
يدعّم الأتاسي مقولته في التوازن العفوي بحدث يضاف إلى ما سبقه عن الوحدة الوطنية "ففي انتخابات المجلس التأسيسي عام 1928.. التي جرت على أساس طائفي ومذهبي لم يتسنى للزعيم الوطني فارس الخوري ترشيح نفسه كونه من الطائفة البروتستانتية، وحيث أن عدد أفراد هذه الطائفة كان قليلا نسبيا وموزعين على جميع أنحاء سوريا فلم يخصص لهم أية دائرة انتخابية في تلك الانتخابات"، في ذلك الوقت "خرج المسلمون الوطنيون في دمشق في مظاهرة شعبية يطالبون سلطات الانتداب الفرنسي السماح لهذا الزعيم الوطني بترشيح نفسه للنيابة ولو على حساب المقاعد المخصصة للمسلمين في هذه المدينة العريقة".
وأغرب ما في تلك القصة هو أن "الزعيم الهندي جواهر لا نهرو 1932 اعتمدها في كتابه لمحات من تاريخ العالم الذي كان عبارة عن رسائل كتبها في السجن إلى ابنته أنديرا غاندي يعلمها خلالها تاريخ العالم وأسس السياسية العالمية المعاصرة وقت ذاك" في هذا الكتاب "تمنى نهرو على مسلمي الهند أن يتعلموا من مسلمي سوريا التسامح الديني والمذهبي والعرقي والوحدة الوطنية..
عيد الجلاء اليوم:
اليوم وفي الذكرى الستين لعيد الجلاء يمكن لمن يسير في شوارع العاصمة دمشق أن يرى عبارات كتبت في لوحات إعلانية أو على لافتات قماشية من قبيل "فرحة الجلاء بعودة الجولان" أو"الجولان لن يكون إلا عربيا" أو"الجلاء يعني الإرادة والتصميم على الكفاح..."..
يقول الدكتور سامي مبيض "هناك كثير من المبادئ حاربنا من أجلها، وكانت موجودة وقت الجلاء، فقدت، أولها وأهمها مفهوم المواطنة..وأن الكل مسؤول عن البلد.." هذا الشعور فقد الآن بسبب المصالح المادية، الخوف، اللامبالاة، التربية الخاطئة.." يضيف مبيض "الوطنية لا تُحْـشى بأناشيد الصباح، إنما تولد مع الناس..وينميها المجتمع"..
يطالب مبيض "بتكريم أصحاب الجلاء..فصحيح أن جزء من تحقيق الجلاء كان بالسلاح، لكن الجزء الأهم كان بالنضال الديبلوماسي لصانعيه شكري القوتلي، فارس الخوري، جميل مردم بك، فخري الباردوي، سعد الله الجابري وغيرهم"..
يلفت مبيض "إلى تكيتك سياسي لافت اتخذته الديبلوماسية السورية في العام 1945 عندما أعلنت الحرب على ألمانيا..الأمر الذي مكنها وبدعم أمريكي إلى الذهاب للأمم المتحدة لتكون من مؤسسيها، ومساهمة أساسية في وضع مواثيقها" وأكثر من ذلك وضعت سوريا تصميما شعار الأمم المتحدة المعتمد حتى اليوم مع أربعة دول ذات وزن دولي" .
الكاتب جمال منصور المطلع على تاريخ سوريا الحديث يشارك في نهاية حديثنا مع الدكتور المبيض قائلا: "سوريا كانت بلد صغير بكل مقاييس الأمم، ورغم ذلك جلسة وفي لا تزال "تحت الانتداب الفرنسي" على قدم المساواة مع أمم تفوقها..وساهمت برسم مصير النظام العالمي الجديد في ذلك الوقت متمثلا بميثاق الأمم المتحدة وشعارها ومؤسساتها وهو من القائلين "أن أبطال الجلاء عمليا هم رجال السياسية ولم يكونوا رجال السلاح"
حتى أن المندوب الأمريكي في الأمم المتحدة قال بعد أن أنهى فارس الخوري كلمته في الاجتماع التأسيسي للأمم المتحدة من المستحيل أن تكون هناك بلد فيها رجال كهذه الرجال مستعمرة".
الباحث إحسان الشيشكلي يشير إلى أنه لا يوجد في سوريا اليوم شارع سياسي، ولا يوجد حزب غير حزب البعث العربي الاشتراكي لأن أحزاب الجبهة تدور في فلكه، عدا عن أن الشعور القومي لدى المواطن السوري أصبح أقل مما كان عليه أوائل الخمسينات" وذلك "الثالوث كما يسميه الشيشكلي هو النواة التي يتشكل منها الحس الوطني.." يتابع الشيشكلي "اليوم سوريا بحاجة لجهود كل فرد من أبنائها وليس حزب معين..
صادف عيد الجلاء هذا العام يتوسط اعياد تخص المسلمين والمسيحيين من ابناء سوريا ، ليبقى هو عيد كل السوريين .. وهي دعوة لكي نفكر مليا بان نتبادل اليوم واكثر من اي عيد اخر عبارة " كل عام وانتم بخير " ..
17.04.2006
والمرة الثانية كانت اعتراف شفهي بعد أحداث أيلول 1936 عندما استطاع الزعماء الوطنيون بدعم الشارع "الشعبي، السياسي، الوطني، اللاطائفي" فرض معاهدة الاستقلال مع فرنسا التي حرصت على ضمان الرأي العام السوري إلى جانبها "بعد الإضراب السوري الستيني" قبيل هبوب رياح الحرب العالمية الثانية.
رضوان الأتاسي يلفت إلى أن تاريخ "جلاء القوات الأجنبية الفرنسية والانكليزية عن سوريا، حصل في 15 نيسان عام 1946، ولكن الاحتفال تم في 17 نيسان ليتسنى لكبار الضيوف من الشخصيات العربية الوصول إلى دمشق والمشاركة باحتفالات".
استقلال السوريون لم يتميز بتسميته فحسب، تميز أيضا بطريقة "انتزاعه" عن طريق"الوحدة الوطنية، والديبلوماسية السورية".
يقول الباحث إحسان الشيشكلي بعد إشارته أن تسمية الجلاء جاءت من الكلمة اللاتينية Evacuation التي تعني إخلاء البلد من الاجنبي،: كان الشارع السياسي السوري منخرطا في وحدة وطنية حقيقة ...كنا نرفض محاولات الفرنسيين استمالة طائفة على حساب أخرى ونقول في مظاهرتنا "بدنا الوحدة السورية إسلام ومسيحية"..
يوافق الباحث المتخصص في تاريخ سوريا الحديث الدكتور سامي مبيض أن "الاستقلال صنعه الإسلام والمسيحية " ويلفت إلى حادثة مهمة تقول "إن الزعيم الوطني فارس الخوري الذي أصبح رئيس وزراء في العام 1944، كان في فترة من الفترات رئيسا للأوقاف الإسلامية، وعندما اعترض البعض..خرج نائب الكتلة الإسلامية في المجلس آنذاك عبد الحميد طباع ليتصدى للمعترضين قائلا: إننا نؤّمن فارس بك الخوري على أوقافنا أكثر مما نؤمن أنفسنا".
ويروي مبيض حادثة أخرى لا تقل دلالة عن سابقتها حصلت خلال الإضراب الستيني 1936 الذي حدث كرد فعل على إغلاق مكاتب الكتلة الوطنية بعد إبعاد الزعيم الوطني فخري البارودي.
يقول مبيض نقلا عن شاهد عيان على القصة وهو المرحوم منير العجلاني إن الفرنسيين عمدوا من جملة أعمال القتل والقمع للشعب السوري، إلى خلع أقفال المتاجر لإجبار التجار على فتح متاجرهم خشية تعرضها للنهب..لكن ما حدث أنه في لقاء جمع فارس بك الخوري وفخري البارودي في مكتب الكتلة الوطنية بالقنوات مع شخص يدعى أبو أحمد الزيبق تعهد هذا الأخير بحماية المتاجر.. والغريب أن من حمى تلك المحلات كانوا من المعروف عنهم أنهم "حرامية ".
اضطرت فرنسا، كما يتابع الباحث رضوان الأتاسي، مكرهة للاعتراف بمطالب الوطنيين المتمثلة بتحرير سوريا من الأجنبي، وإن كان ذلك تم بصيغة شفوية عبر المندوب السامي الفرنسي دومارتيل الذي كلفه رئيس وزراء فرنسا البير سارو بإعلام الوطنيين قبول فرنسا لمطالبهم الأساسية..
يقول الأتاسي خلال التفاوض مع فرنسا كان هناك توازن طائفي عفوي، إذ كان الوفد المفاوض في معاهدة 1936 مناصفة تقريبا بين الإسلام والمسيحية وبشكل لا يقوم على حساب التوازنات الطائفية كما هو على الطريقة اللبنانية إنما على العفوية اللاطائفية.
يدعّم الأتاسي مقولته في التوازن العفوي بحدث يضاف إلى ما سبقه عن الوحدة الوطنية "ففي انتخابات المجلس التأسيسي عام 1928.. التي جرت على أساس طائفي ومذهبي لم يتسنى للزعيم الوطني فارس الخوري ترشيح نفسه كونه من الطائفة البروتستانتية، وحيث أن عدد أفراد هذه الطائفة كان قليلا نسبيا وموزعين على جميع أنحاء سوريا فلم يخصص لهم أية دائرة انتخابية في تلك الانتخابات"، في ذلك الوقت "خرج المسلمون الوطنيون في دمشق في مظاهرة شعبية يطالبون سلطات الانتداب الفرنسي السماح لهذا الزعيم الوطني بترشيح نفسه للنيابة ولو على حساب المقاعد المخصصة للمسلمين في هذه المدينة العريقة".
وأغرب ما في تلك القصة هو أن "الزعيم الهندي جواهر لا نهرو 1932 اعتمدها في كتابه لمحات من تاريخ العالم الذي كان عبارة عن رسائل كتبها في السجن إلى ابنته أنديرا غاندي يعلمها خلالها تاريخ العالم وأسس السياسية العالمية المعاصرة وقت ذاك" في هذا الكتاب "تمنى نهرو على مسلمي الهند أن يتعلموا من مسلمي سوريا التسامح الديني والمذهبي والعرقي والوحدة الوطنية..
عيد الجلاء اليوم:
اليوم وفي الذكرى الستين لعيد الجلاء يمكن لمن يسير في شوارع العاصمة دمشق أن يرى عبارات كتبت في لوحات إعلانية أو على لافتات قماشية من قبيل "فرحة الجلاء بعودة الجولان" أو"الجولان لن يكون إلا عربيا" أو"الجلاء يعني الإرادة والتصميم على الكفاح..."..
يقول الدكتور سامي مبيض "هناك كثير من المبادئ حاربنا من أجلها، وكانت موجودة وقت الجلاء، فقدت، أولها وأهمها مفهوم المواطنة..وأن الكل مسؤول عن البلد.." هذا الشعور فقد الآن بسبب المصالح المادية، الخوف، اللامبالاة، التربية الخاطئة.." يضيف مبيض "الوطنية لا تُحْـشى بأناشيد الصباح، إنما تولد مع الناس..وينميها المجتمع"..
يطالب مبيض "بتكريم أصحاب الجلاء..فصحيح أن جزء من تحقيق الجلاء كان بالسلاح، لكن الجزء الأهم كان بالنضال الديبلوماسي لصانعيه شكري القوتلي، فارس الخوري، جميل مردم بك، فخري الباردوي، سعد الله الجابري وغيرهم"..
يلفت مبيض "إلى تكيتك سياسي لافت اتخذته الديبلوماسية السورية في العام 1945 عندما أعلنت الحرب على ألمانيا..الأمر الذي مكنها وبدعم أمريكي إلى الذهاب للأمم المتحدة لتكون من مؤسسيها، ومساهمة أساسية في وضع مواثيقها" وأكثر من ذلك وضعت سوريا تصميما شعار الأمم المتحدة المعتمد حتى اليوم مع أربعة دول ذات وزن دولي" .
الكاتب جمال منصور المطلع على تاريخ سوريا الحديث يشارك في نهاية حديثنا مع الدكتور المبيض قائلا: "سوريا كانت بلد صغير بكل مقاييس الأمم، ورغم ذلك جلسة وفي لا تزال "تحت الانتداب الفرنسي" على قدم المساواة مع أمم تفوقها..وساهمت برسم مصير النظام العالمي الجديد في ذلك الوقت متمثلا بميثاق الأمم المتحدة وشعارها ومؤسساتها وهو من القائلين "أن أبطال الجلاء عمليا هم رجال السياسية ولم يكونوا رجال السلاح"
حتى أن المندوب الأمريكي في الأمم المتحدة قال بعد أن أنهى فارس الخوري كلمته في الاجتماع التأسيسي للأمم المتحدة من المستحيل أن تكون هناك بلد فيها رجال كهذه الرجال مستعمرة".
الباحث إحسان الشيشكلي يشير إلى أنه لا يوجد في سوريا اليوم شارع سياسي، ولا يوجد حزب غير حزب البعث العربي الاشتراكي لأن أحزاب الجبهة تدور في فلكه، عدا عن أن الشعور القومي لدى المواطن السوري أصبح أقل مما كان عليه أوائل الخمسينات" وذلك "الثالوث كما يسميه الشيشكلي هو النواة التي يتشكل منها الحس الوطني.." يتابع الشيشكلي "اليوم سوريا بحاجة لجهود كل فرد من أبنائها وليس حزب معين..
صادف عيد الجلاء هذا العام يتوسط اعياد تخص المسلمين والمسيحيين من ابناء سوريا ، ليبقى هو عيد كل السوريين .. وهي دعوة لكي نفكر مليا بان نتبادل اليوم واكثر من اي عيد اخر عبارة " كل عام وانتم بخير " ..
17.04.2006