fouadzadieke
08-05-2014, 03:44 PM
ديوان الحلاج
القسم الثاني
آ – قصائد مستعارة من شعراء سابقين
1 – لعبد الصمد بن المضحل البصري
يا بديع الـدلّ و الغنج لك سلطانٌ على المهج
إن بيتـاً أنت سـاكنه غير محتاج إلى السُّرُج
وجهك المأمول حجّتنا يوم يأتي الناس بالحج
***
2 – لحسين بن الضحاك الخالي
تجاسرتُ فكاشفتـك لما غلب الصبر
وما أحسن في مثلك ما ينتهك الستـر
لئن عنـَّفني الناس ففي وجهك لي عذر
كانّ البدر محتـاج إلى وجهك يا بـدر
***
3 – لشعراء مجهولين
آ
دلالٌ يا حبيبي مستعــارْ دلال بعد أن شاب العـذار
ملكتَ وحرمة الخلوات قلباً لعبتَ به وقـرّ به القـرار
فلا عيـن يؤَرّقها اشتيـاقٌ ولا قلب يقـلّقه اِدِّكـــار
نزلتَ بمنزل الأعداء منّـي و تبتُ فما نزور ولا تـزار
كما ذهب الحمار بأُمِ عمروٍ فما رجعَتْ ولا رجع الحمار
ب
وبدا له من بعدما اندمل الهوى برقٌ تـَأَلَّـق موهناً لمعَـانُه
يبدو كحاشية الرداء ودونه صعب الذرى ممتنعا أركانه
فأتى لينظر كيف لاح فلم يطق نظرا إليه وصده أشجانه
فالنار ما اشتملت عليه ضلوعه والماء ما سمحت به أجفانه
3
وطائرٍ حَلَّ أرضَ الشام افـرده فَـقـْد الأليف لـه نطق بإضمار
بالفهِ كان قصراً صـار مسكنه في غيضَةِ الأَيكِ في أغصان أشجار
فضلّ يندب حتّى الصبح مُسْعِدَه يبغي الغريبَ ويُهوِى كـل صبّـار
في نطقه رقة تسليك عن حُرَقٍ فَيُسْليِك نَـوْحُهُ نطقـا بإضمــار
***
4 – لأبو العتاهية
آ
النفس للشيء الممنّع مُوْلعة والحادثات أصـولهـا متفرّعة
والنفس للشيء البعيد مُريدة والنفس للشيء القريب مُضيِّعة
كل يحاول حيلةً يرجو بها دفع المضّرة واجتلاب المنفعة
ب
وما وجدتُ لقلبي راحةً ابــدا وكيـف ذاك وقد هييتُ للكــدر
لقد ركبت على التغرير واعَجَبَـا ممّن يريد النجا في المسلك الخطر
كـأنّـنـي بين أمواج تقلّبُنــي مقلّب بين إِصعادٍ و منحــــدر
الحُزْن في مهجتي والنار في كبدي والدمع يشهد لي فاستشهدوا بصري
ج
الكأس سهّل الشكوى بمُنْتَابكم وما على الكأس من شرّابها درك
هبْني ادّعيتُ بأنّي مدنفٌ سَقِمٌ فما لمضْجع جنبي كـلّه حسـك
هجرٌ يسوء ووصلٌ لا أَسرُّ به مالي يدور بمـا لا أشتهي الفلك
فكلما زاد دمعي زادني قلقـاً كـأنـّـني شمعة تبكي فتنسبك
د
طلبتُ المستقَرَّ بكـل أرض فلم أرََ لي بأرضٍ مستقرَّا
أطعتُ مطامعي فاستعبدَتْني ولو أنّي قنعتُ لكنتُ حرَّا
[ فنِلْتُ من الزمان ونال منّي وكان مناله حلْواً ومُرَّا ]
تعوَّضْتُ مسّ الضرّ حتّى ألفتُه وأسلمني حسن العزاء إلى الصبر
***
5 - لسهل التستري
قلـوب العارفين لها عيون ترى ما لا يراه الناظرون
وألسنة بأسـرار تنـاجـي تغيب عن الكرام الكاتبين
وأجنحة تطير بغير ريـش ٍ إلى ملكوت ربّ العالمين
فأورثنا الشراب علوم غيبٍ تشفّ على علوم الأقدمين
شواهـدها عليها ناطقـات تبطل كل دعوى المدعين
***
6 - لجنيد البغدادي
آ
الوجد يُطرب من في الوجد راحته والوجد عند وجود الحقّ مفقــود
قد كان يوحشني وجدي و يؤنسني بروية الوجد من في الوجد موجود
ب
ما لي جَفِيْتَ وكنتُ لا أُخفي ودلائل الهجران لا تُخْفَـى
و أراك تخلطني وتشـربني ولقدْ عهدتك شاربي صرفا
ج
قد تَحَقَّقْتُ في سرّي فتناجاك لسانـي
فاجتمعنا بمعــان ٍ وافترقنا لمعـان
فلئن غَيَّبك العـزّة عن لحظ العيـان
فلقد صيّرك الوجدُ من الأحشاء دان ٍ
***
7 – لأبو الحسن النوري
كـادت سرائر سرّي أن تسرّ بما أوليتني مـن جميـل لا اسميــه
وصـاح بالسرّ سرٌّ منك يـرقيه كيـف السرور يسـر دون مبديـه
فظـل يلحظني سرّي لألحظـه والحـقّ يلحظني أن لا أخـلـيـه
وأقبل الوجد يفني الكل من صفتي وأقبـل الحـقّ يخفيني وأبـديـه
***
8 – لسمنون
آ
متى سهرَتْ عيني لغيرك أو بكـتْ فلا أعطيت ما مُنِّـيَـتْ وَتـَمَـنَّـتِ
وإن أُضْمَرَتْ يوماً سواك فلا رَعَتْ رياض المُنَى من وجْنَـتَـيْـك وجَنَّتِ
ب
لئن أمسيتُ في ثوبي عديـم لقد بليا على حرّ كريـم
فلا يحزنك إن أبصرتَ حالاً مغيّرة عن الحال القديـم
فلي نفسٌ ستتلف أو سترقـى لَعَمْرُ أبي إلى أمر جسيم
ج
أرسلتَ تسأل عنّي كيف كنتُ ومـا لقيتُ بعدك مـن هـمّ ومـن حزن
لا كنتُ إن كنتُ أدري كيف كنتُ ولا "لا كنتُ" إن كنت أدري كيف لم أكن
***
ب – قصائد مستعارة من شعراء لاحقين
1 – لأبي فراس الحمداني
وليتكَ تحلـو والحيـاة مريرةٌ وليتـَكَ ترضى فالأنام غضاب
وليتَ الذي بيني وبينك عامـر وبيني وبين العالمَين خــراب
وليتَ شرابي من ودادك صافيا وشربي من ماء المعين سراب
إذا صحّ منك الودّ فالكلّ هين وكل الذي فوق التراب تـراب
***
2 – لأبو نصر السرّاج
لا تَسْأمـنَّ مقالتـي يـا صاح وأقبل هدية ناصـح نصَّاح
ليس التصـوّف حيـلةً وتكلَّفـاً وتقشّفاً وتواجداً وصيــاح
ليس التصوّف كِــذبةً وتظالماً وجهـالةً ودعـابة ومِـزاح
بـلْ عفَّة ومُــرُوءَةً وفتـوَّةً وقنـاعةً وطهـارة وصلاح
وَقْفـاً وعِلمـا واقتدا وصفـا ورضا وصِدءقاً ووفا وسماح
متيقـّناً متصبّــراً متشمّـراً مستمطـرا مستقصّـدا سيّاح
متعـزّزا متحـرّزا متواضعـا متبـدّل الأشبـاح و الأرواح
تاء التقى صاد الصفا واء الوفاء فـاء الفتوّة فاغتنمْ يـا صاح
مـن قـام فيه بحقّـه و حقوقه وخـلا عن الحدثان والأشباح
تتشعشع الأنـوار من أسـراره كتشعشع المشكاة في المصباح
3 – لشاعر مجهول
أنت أنا بلا شــكّ فسُبْحانك سُبْحَانـي
فتوحيدك توحيـدي وعصيانك عصياني
واسخاطك اسخاطي وغفرانك غفرانـي
ولِمْ أُجْلَد يا ربّــي إذا قيل هو الزانـي
***
4 – لعين القضاة الحمداني
ألقاهُ في البحر مشدوداً وقال له إيَّاك إيَّاك أن تـَبـتـلَّ بالماء
***
5 – مدرسة ابن عربي
عَقَدَ الخلائقُ في الإله عقائداً وأنا اعتقدتُ جميع ما عقدوه
***
ج - في لسان حال الحلاّج
1 – في الحبّ الإلهي والتوق إلى العذاب
1 - القزويني
حَنينُ المُريد بشوق مزيـد أنين المريض لفقد طبيـب
قد اشتدّ حال المريدين فيه لفقد الوصال و بُعْد الحبيب
***
2
الصـبَّ إِرْثِي مُحِبُّ نواله منك عُجْـبُ
عـذابه فيـك عَذبٌ وبُعده فيك قــرب
وأنت عندي كروحي بل أنت عندي أحبّ
فـأنـت للعين عين وأنـت للقلب قلب
حتّى من الحبّ أنّي بمـا يحبّ محـبّ
***
3
لقد أعجبني الوجد بمن أهواهُ والفقـدُ
فلا بعد ولا قرب ولا وصل ولا صدّ
ولا فوق ولا تحت ولا قبـل ولا بعـد
ولا عُرف ولا نكر ولا يـأس ولا وعد
فهذا منتهى سولي وهـو الواحد الفرد
***
4
العيـن تبصر من تهـواه وتفقده ونـاظر القلب لا يخلو مـن النظر
إن كان ليس معي فالذكر منه معي يراه قلبي وإن قد غاب عن بصري
***
5
أجريتُ فيك دموعي فالـدمع منك عليـك
و أنت غاية سـؤلي و الطرف وسنَى عليك
فإن فُنِي فيك بعضي حُفظـتُ منـك لديك
***
6
إذا هجرتَ فمـن لـي ومـن يجمّل كـلّي
ومـن لروحي وراحي يا أكثـري وأقـلّي
أَحَبَّـكَ البعض مـنـّي فقد ذهبت بكـــلّي
يا كـلّ كـلّي فكـنْ لي إنْ لم تكن لي فمن لي
يا كـل كـلّي و أهـلي عنـد انقطاعي وذلّي
ما لي سوى الروح خذها والـروح جهد المقلّ ِ
***
7
كل حبّ عـلى قلبٍ غير حبِّك حرام
أنت لي رَوْحٌ وراح وزهر ومـدام
وسـرور و همـوم وشفاء وسقـام
فعلـىَ كلّ هوى بْعدَ هوى فيك سلام
***
8
رماني بالصدود كمـا تراني وأَلْبَسَنِي الغرام وقد براني
ووقتي كـلّه حلـوٌ لـذيـذ إذا ما كان مولائي يـراني
رضيتُ بصنعه في كل حال ولستُ بكاره ما قد رمـاني
فيا من ليس يشهد مـا أراه لقد غيبت عن عين ترانـي
***
9
وقَصَّرْتُ عقلي بالهوية طاليا فعـاد ضعيفاً في المطالب هاريا
وكُنْتَ لربّ العالمين نصرةً فلا تَسْتَعْجِلْ أنْتَ في التطلّب جاريا
تحقُّقْ بأن الحقّ ليس بِمُدرِكٍ فمن يُدْعِيُهُ جاهلا ومـرائيـا
ولكنّه يبـدو مراراً فيختفي فيعرفه مـن كـان بالعلـم خاليا
***
10 - الحمداني
الله يعلمُ مـا فـي النفس جارحةٌ إلّا وذكـرك فيهـا نَيْـلُ ما فيهـا
ومـا تنفّستُ إلّا كنتَ مـع نَفَسِي تجري بك الروح منّي في مجاريها
إن كانت العين مُذ فارقْتَها نظرتْ إلـى سـواك فخانتهـا مـآقيهـا
أو كـانت النفس بعد البُعْد آلفة خـلقاً عـداك مـا نالت أمانيهـا
***
2 – في السكر الروحاني والعذاب
11
لم أُسْلِم النفْسَ للأسقام تـُتْلِفُها إلّا لعلمي بأنّ الموت يُحييهـا
ونظرةٌ منك يا سؤلي ويا أملي أشهى إلي من الدنيا وما فيها
نفْسُ المحبّ على الآلام صابرة لعـلَّ مُسْقمها يوماً يداويهـا
***
12
نظري بَـدْء علَّتي وَيْحَ قلبي وما جنا
يا معين الضنا علّى أَعِنِّي على الضنا
***
13
وحُرمة الوِدّ الذي لـم يكنْ يطمع في إفساده الدَهْرُ
مـا نالني عند هجوم البـلا بؤسٌ ولا مسّني الضرّ
ما قُدَّ لي عَضْوٌ ولا مفصل إلّا وفيه لـكـم ذِكْـر
***
14
سَقَوْني وقالوا لا تُغَنِّ ولو سقوا جبال حُنين ما سقيتُ لغنّـتِ
تمنَّتْ سُلَيْمَى أن أموت بحبّهـا وأسهل شيء عندنا ما تمنّت
***
15
سكرْتَ من المعنى الذي هو طيب ولـكنَّ سُكري بالمحّبة أَعْجَب
و مـا كـلّ سكران يُحَدّ بواجبٍ فـفي الحبّ سكران ولا يتأدّب
تقوم السكارى عن ثمانين جلدة صحاةً وسكران المحبّة يُصْلَب
***
16
كلّ بلاء علّي منّي فليتَني قد أخذتُ عنّي
***
17
لاحتْ على دكّة الخمّار أسـرار وأشرقت في وجـوه القوم أنوار
وطاف بالبيت ساق ٍلا شبيه لـه هـذا العقيق وهـذا الربع والدار
فاستيقظوا يا سكارى بعد رقدتكم واستغنموا الوقت إن الدهر غدّار
مـن باح بالسرّ كان القتل شيمته بين الرجال ولم يُؤخذ لـه ثـار
***
18
والله لـو حلـف العشّـاق أنّهـم موتى من الحبّ أو قتلى لما حنثوا
قومٌ إذا أهجروا من بعد ما وصلوا ماتـوا وإن عاد وصْل بعدهُ بُعثوا
ترى المحبّين صرعى في ديارهم كفتية الكهف لا يدرون كـم لبثوا
***
19
مواجيد أهل الحق تصدق عن وجدي وأسرار أهل السر مكشوفة عندي
***
20
لِيَكُنْ صدرُك للأسرار حِصْناً لا يُـرام
إنّمـا ينطـقُ بالسـرّ و يُفْشيـه الّلئامُ
***
21
وما شرب العشّاق إلّا بَقيّتي وما وردوا في الحبّ إلّا على ورْدي
***
د – قصائد مكرّسة لموت الحلاّج
1 – لأبو الحسن علي مسفر السبتي: قصيدة حول الشهادة
قـُلْ لأخـوان رآوني ميّتـاً فبكوني إذ رآوني حَزَنَـا
أتظنـّون بأنّـي مـيْـتـكم لستُ ذاك الميت والله أنا
أنـا كنزٌ وحـجابي طلسـم من تراب قد تهيّا للفنــا
أنـا عصفور وهـذا قفصي كان سجني فأبيتُ السجنا
فاهدموا البيت فرضّوا قفصي وذروا الكـل دفينا بيننـا
وقميصي مزّقـوه رمـمـاً وذروا الطلسم بعدي وثنا
فاخلعوا الأجساد عن أنفسكم تبصروا الحقّ عياناً بيّنـا
مـا أرى نفسي إلّا أنـتـمُ واعتقادي أنكم أنتـم أنـا
عُنصر الأنفس شيء واحد وكذا الأجسام جسم عمّنـا
***
2 – للعز المقدسي
آ
أباحَتْ دمي إذ باح قلبي بحبّها وحلّ لها في حكمها ما استحلّت
أباحَتْ حمى لم يرعه الناس قبلها وحلّت تلاعاً لم تكن قبل حُلّت
و ما كنتُ ممّن يظهر السـرّ إنّما عروس هواها في ضميري تجلّت
فألقَـتْ على سـرّي أشعّة نورها فـلاح لجـلّاسي خفايـا طويّتي
وشـاهدتها فاستغرقتني حـيـرة فغابت بها عن كلّ كـلّي وجملتي
وحلّـت محـلّ الكـلّ منّي بكلها فإياي إيّـاهـا إذا مـا تبـدّت
ونمّتْ على سرّي فكانت هي التي عليهـا بهـا بين البـريّة نَـمَّتِ
إذا سَألَت من أنت قلت أنـا الذي بقائي إذا فـنـيت فيك هويّتي
أنا الحقّ في عشقي كما أن سيّدي هو الحـقّ في حسن بغير معية
فإن كنتُ في سكري شطحتُ فإنّني حكمـت بتمزيق الفؤاد المفتّت
ولا غروَ إن أصليت نار تحرّقـي فنار الـهوى للعاشقين أعدّتي
ومـن عجب الذيـن أحـبّـُهـم وقد أعلقوا أيدي الهوى بأعنّـة
سقوني وقالوا لا تُغنّ ولو سقـوا جبال حُنين ما سقوني لغـنَّت
***
ب
هيهاتَ مــا قتلـوه كلّا ولا صـلـبـوه
لكنهم حيـن غابـوا عن وجـده شبّهـوه
أحبابه حين غـاروا عليه قـد غَيّبــوه
سقوه صرفاً وراموا كتمان مـا أوعـدوه
فمـا أطـاق ثبوتـا لثقل مـا حّملــوه
فتـاهَ سكـراً ونادى أنا الذي أفــردوه
يا لائمي كيف أخفي وفي الحبّ ما أظهروه
أم كيف يكتـم قلباً بالشوق قد مزّقـوه
***
3 – لعلي الششتري
آ – (مستوحاة من قصيدة لابن عربي)
شهدت حقيقتي وعظيم شأني مقدسة عن إدراك العياني
فقال مترجما عنــي لساني أنا القرآن والسبع المثاني
وروح الروح لا روح الأواني
أنا فـي مستوى عرشي قـديـم لِذِي أَنّيّتي العـظـمى نـديـم
وفـي بلـوى محبّتكـم أهـيـم فـؤادي عنـد معلومي مقيـم
يناجيه وغَيْركم لساني
سترت حقيقتي عـن كـل فهـم بما أظهرت من وسم ورسـم
فإن تطلب ترى صفتي مع اسمي فلا تنظر بطرفك نحو جسمي
وَعَدِّ عن نعيم بالمغاني
وللطِّلَسْـِم فـي العينَيِنْ كـسِّـرْ وحـقّـقْ سرّ معنـائي وحـرِّرْ
وللمسجـور مـن بحري فبحّـرْ وغصْ في بحر ذات الذات تبصرْ
عجايب ليس تبدو للعيان
فـإن شـاهدتني فـي كـل ذات باسمـآي عيانـا في صفاتـي
ستفهـم مـا خفي فـي الكاينات وأسـرار تـرآت مبـهـمـات
مستَّرةً بأرواح المعاني
فعند شهـودك الأسـرار منهـا فلا تك غائبا فـي الكون عنهـا
ووَحّـدْ واتّحـدْ كيمـا تكُنْهــا فمـن فهـم الإشارة فليصنْهـا
و إلا سوف يُقتل بالسنان
فمـن أَوْرَى زناد الحـق رُدَّتْ حقيقتـه وعنـه البـاب سُـدّتْ
وكعبتـه بفـاس الشرع هُـدّتْ كحـلّاج المحـبّـة إذ تـبـدّتْ
له شمس الحقيقة بالتداني
فلـمـا إن دنـا منهـا تدلّـى وبالاسـم العظيم قـد تجلّـى
تـوحّد عنـد ذاك و مـا تولّى فقـال أنـا هو الحقّ الذي لا
يُغيّر ذاتَه مرُّ الزمان
***
ب – قصيدة في الإسناد
أرى طالباً منّا الزيادة لا الحُسْنى بفكر رمى سهماً فعدّا به عَدنا
فنحـن كدود القزّ يحصرنا الذي صُنعنا بدفع الحر سجناً لنا منّا
وتـيـمَّ أرباب الهرامس كلّهـم وحسبك من سقراط أسكنه الدنا
وجـرّد أمثـال العوالم كـلهـا وأبدى لأفلاطون في المثل الحسنا
وهام أرسطو أو مشى من هيامه وبثّ الذي ألقى إليه وما ضنّـا
وكان لذي القرنَيْن عوناً على الذي تبدا به وهو الذي طلب العينـا
ويفحص عن أسباب ما قد سمعتم وبالبحث عَطّى عين إذ ردّه عينا
وذَّوق للحلاج طعـم اتـّـحاده فقال أنـا مـن لا يحيط بـه معْنى
فقيل له أرجع عن مقالك قـال لا شربت مُداماً كلّ من ذاقها غـنّـى
وانطـق للشبلي بالوحـدة التي أشار بها لمّا محا عنده الكـونـا
وأظهر منه الغافقي لما جنـى وكشط عن طواره الغيم والدجنـا
وبيّن أسرار العبودية التـي عن أعرابهم لم يرفع اللبس واللحنا
كشفنا غطاء من تداخل سرّها فأصبح ظهرا ما رأيتم له بطنـا
هدانا لدين الحقّ من قد تولهَتْ لـعـزته ألـبابـنـا وله هُدنا
فمن كان يبغي السير للجانب الذي تقـدّس يأتي الآن يأخذه عـنّـا
***
4 – يافي
سلامٌ على قومٍ شموس هدىً غدا بهم في الهوى سكر إلى حشرهم غدا
أدار عليهم كـأس راح محبّــةٍ جمالٌ سقى الأحباب لـمـا لهم بـدا
به هام بعضٌ في الُّرّءىِ وبعضهم به وله ظنّوا حـبـوبـاً فَـقُـيِّـدا
وبعض من الأكوان بانَ وبعضهم به جـاوز الإسكارُ حدّاً فَـعَـرْبَـدَا
فسلّ عليه الشرع سيفاً حمى به حدوداً فرا الحلّاج مـاض ٍمـردَّدا
فمات شهيداً عندكم من محقق وكم عندكم يخرج عن القوم ملحدا
ولكن فتى بسطام موقى بحاله حمى عن عنايات عزيزاً ممجَّــدا
***
5 – حريفش مكّي: قصة الحلاّج
الخمرُ دِنّي ودِن الخمر ريحانـي ومجلس الذكر تسبيحي وعيدانـي
ما يشرب الخمر إلّا من يكن بَطَلٌ ويطلق النوم لم تغمض له أجفاني
طلّقتُ نومي ولم اسلا حلاوتـه حتّى بقي جفن عيني ساهراً فاني
أنا الحسين أنا الحلّاج يا فقَـراء ذوبّتُ سندانَهم من عظم برهـاني
أنا الذي شاع ذكري بالملا الأعلى حلجتُ قطني بتقـواي وإيمـاني
الباز الأشهبْ أتى نحوي صافحني والأولياء أتت مـن أرض جيلانِ
شربت من خمرة عن بكرة مُزِجَت شِبه العروس انجلت في وسط بستانِ
ابن الرفاعي رقا وقتاً بها وعلا وابن أدهم سيّبْ مُلكـه الفـانـي
افتوا علّي وقالوا قد طغى و بغى حاشا من البغي لكن صرتُ ربّانـي
طَلْع المؤذّنْ يوذّنْ قلت ما حكيتْ انّي سمعت لديِك العرش بـآذاني
من خاض بحر الهوى من غير معرفة يبلعه الحوتُ يبقى يـونس الثانـي
من خاض بحر الهوى يُخْرِجُ جواهرها ألا ينادي عليه يا بطّـال كسلاني
من باع دُرّاً إلى الفحام ضَـيَّـعْهُ الدر ينباعُ بالقسطاس يا أخواني
لا تَخْدَعَنَّ قليل الأصـل تظّـلمه وأغلـظْ عليـه طوعـاً بإذعـان
أنّ الحديدَ تـذيب النـار قـوّتـه و لو سكبتَ عليه البحـر ما لانِ
يا طالب النصرَ من أعداك مُتْ كَمداً كطالب الشُهْـدَ من أنياب ثعبانِ
يا قـارئ العلم بيـن الجاهلين خَطـأ كواقد الشمع في قاعات عميان
يا واضع السرّ مع مـن ليس يكْتمـه كواضع الريح في أكمام عريانِ
من باح بالسرّ كـان القتـل شيمته بين الرجال ويُضحى اليوم خجلانِ
شدّوا وثـاقي وقـالوا اقتلونّ لــه حلّاج حلّاج أنت في البلدْ زانـي
واللهِ واللهِ والـرحـمن خـالقنــا لولا يقولوا دعـا الحلاج بهتـانِ
أصيح فيهم كما صاح الفَتَى البَـدَوي وأهدم بغداد ما خلا لـهـا اركـانِ
لكن سمعـت رجـال الله قـائـلـهْ فمُتْ شهيداً كما ماتْ ابـن عفـانِ
والخضـر واقـفْ قبالي لا يكلّمـني والأربعين يقولـوا هكـذا كـانـي
حتّى أتى القطب والأقطاب تـتبعه ثلاث مائةْ وهـم يتلـون قـرآنـي
أنا مكتَّفْ وسيف الشـرع يلفحْنـي سبعين مرّةْ بـأذن الله مـا ذانـي
صرختُ بالسيف قال السيف ألفْ نعمْ لبّيك لبّيك يا حـلاجُ يـا دانـي
و هـذه قصّة الحلّاج قـد فـرِغَـتْ هـم أحرقـوه وكـانوا الكل عميانِ
بعـد الصلاة علـى المختار سيّدِنـا خير البريّةْ بُعثْ مـن نسْـل عدنانِ
والمسلمين عليهـم دائمـاً ابَــداً منّي سلامٌ فـهمْ أهلي و جيرانـي
http://aljsad.com/images/sandsofhome/statusicon/user_offline.gif http://aljsad.com/images/sandsofhome/buttons/quote.gif (http://aljsad.com/newreply.php?do=newreply&p=1081963)
القسم الثاني
آ – قصائد مستعارة من شعراء سابقين
1 – لعبد الصمد بن المضحل البصري
يا بديع الـدلّ و الغنج لك سلطانٌ على المهج
إن بيتـاً أنت سـاكنه غير محتاج إلى السُّرُج
وجهك المأمول حجّتنا يوم يأتي الناس بالحج
***
2 – لحسين بن الضحاك الخالي
تجاسرتُ فكاشفتـك لما غلب الصبر
وما أحسن في مثلك ما ينتهك الستـر
لئن عنـَّفني الناس ففي وجهك لي عذر
كانّ البدر محتـاج إلى وجهك يا بـدر
***
3 – لشعراء مجهولين
آ
دلالٌ يا حبيبي مستعــارْ دلال بعد أن شاب العـذار
ملكتَ وحرمة الخلوات قلباً لعبتَ به وقـرّ به القـرار
فلا عيـن يؤَرّقها اشتيـاقٌ ولا قلب يقـلّقه اِدِّكـــار
نزلتَ بمنزل الأعداء منّـي و تبتُ فما نزور ولا تـزار
كما ذهب الحمار بأُمِ عمروٍ فما رجعَتْ ولا رجع الحمار
ب
وبدا له من بعدما اندمل الهوى برقٌ تـَأَلَّـق موهناً لمعَـانُه
يبدو كحاشية الرداء ودونه صعب الذرى ممتنعا أركانه
فأتى لينظر كيف لاح فلم يطق نظرا إليه وصده أشجانه
فالنار ما اشتملت عليه ضلوعه والماء ما سمحت به أجفانه
3
وطائرٍ حَلَّ أرضَ الشام افـرده فَـقـْد الأليف لـه نطق بإضمار
بالفهِ كان قصراً صـار مسكنه في غيضَةِ الأَيكِ في أغصان أشجار
فضلّ يندب حتّى الصبح مُسْعِدَه يبغي الغريبَ ويُهوِى كـل صبّـار
في نطقه رقة تسليك عن حُرَقٍ فَيُسْليِك نَـوْحُهُ نطقـا بإضمــار
***
4 – لأبو العتاهية
آ
النفس للشيء الممنّع مُوْلعة والحادثات أصـولهـا متفرّعة
والنفس للشيء البعيد مُريدة والنفس للشيء القريب مُضيِّعة
كل يحاول حيلةً يرجو بها دفع المضّرة واجتلاب المنفعة
ب
وما وجدتُ لقلبي راحةً ابــدا وكيـف ذاك وقد هييتُ للكــدر
لقد ركبت على التغرير واعَجَبَـا ممّن يريد النجا في المسلك الخطر
كـأنّـنـي بين أمواج تقلّبُنــي مقلّب بين إِصعادٍ و منحــــدر
الحُزْن في مهجتي والنار في كبدي والدمع يشهد لي فاستشهدوا بصري
ج
الكأس سهّل الشكوى بمُنْتَابكم وما على الكأس من شرّابها درك
هبْني ادّعيتُ بأنّي مدنفٌ سَقِمٌ فما لمضْجع جنبي كـلّه حسـك
هجرٌ يسوء ووصلٌ لا أَسرُّ به مالي يدور بمـا لا أشتهي الفلك
فكلما زاد دمعي زادني قلقـاً كـأنـّـني شمعة تبكي فتنسبك
د
طلبتُ المستقَرَّ بكـل أرض فلم أرََ لي بأرضٍ مستقرَّا
أطعتُ مطامعي فاستعبدَتْني ولو أنّي قنعتُ لكنتُ حرَّا
[ فنِلْتُ من الزمان ونال منّي وكان مناله حلْواً ومُرَّا ]
تعوَّضْتُ مسّ الضرّ حتّى ألفتُه وأسلمني حسن العزاء إلى الصبر
***
5 - لسهل التستري
قلـوب العارفين لها عيون ترى ما لا يراه الناظرون
وألسنة بأسـرار تنـاجـي تغيب عن الكرام الكاتبين
وأجنحة تطير بغير ريـش ٍ إلى ملكوت ربّ العالمين
فأورثنا الشراب علوم غيبٍ تشفّ على علوم الأقدمين
شواهـدها عليها ناطقـات تبطل كل دعوى المدعين
***
6 - لجنيد البغدادي
آ
الوجد يُطرب من في الوجد راحته والوجد عند وجود الحقّ مفقــود
قد كان يوحشني وجدي و يؤنسني بروية الوجد من في الوجد موجود
ب
ما لي جَفِيْتَ وكنتُ لا أُخفي ودلائل الهجران لا تُخْفَـى
و أراك تخلطني وتشـربني ولقدْ عهدتك شاربي صرفا
ج
قد تَحَقَّقْتُ في سرّي فتناجاك لسانـي
فاجتمعنا بمعــان ٍ وافترقنا لمعـان
فلئن غَيَّبك العـزّة عن لحظ العيـان
فلقد صيّرك الوجدُ من الأحشاء دان ٍ
***
7 – لأبو الحسن النوري
كـادت سرائر سرّي أن تسرّ بما أوليتني مـن جميـل لا اسميــه
وصـاح بالسرّ سرٌّ منك يـرقيه كيـف السرور يسـر دون مبديـه
فظـل يلحظني سرّي لألحظـه والحـقّ يلحظني أن لا أخـلـيـه
وأقبل الوجد يفني الكل من صفتي وأقبـل الحـقّ يخفيني وأبـديـه
***
8 – لسمنون
آ
متى سهرَتْ عيني لغيرك أو بكـتْ فلا أعطيت ما مُنِّـيَـتْ وَتـَمَـنَّـتِ
وإن أُضْمَرَتْ يوماً سواك فلا رَعَتْ رياض المُنَى من وجْنَـتَـيْـك وجَنَّتِ
ب
لئن أمسيتُ في ثوبي عديـم لقد بليا على حرّ كريـم
فلا يحزنك إن أبصرتَ حالاً مغيّرة عن الحال القديـم
فلي نفسٌ ستتلف أو سترقـى لَعَمْرُ أبي إلى أمر جسيم
ج
أرسلتَ تسأل عنّي كيف كنتُ ومـا لقيتُ بعدك مـن هـمّ ومـن حزن
لا كنتُ إن كنتُ أدري كيف كنتُ ولا "لا كنتُ" إن كنت أدري كيف لم أكن
***
ب – قصائد مستعارة من شعراء لاحقين
1 – لأبي فراس الحمداني
وليتكَ تحلـو والحيـاة مريرةٌ وليتـَكَ ترضى فالأنام غضاب
وليتَ الذي بيني وبينك عامـر وبيني وبين العالمَين خــراب
وليتَ شرابي من ودادك صافيا وشربي من ماء المعين سراب
إذا صحّ منك الودّ فالكلّ هين وكل الذي فوق التراب تـراب
***
2 – لأبو نصر السرّاج
لا تَسْأمـنَّ مقالتـي يـا صاح وأقبل هدية ناصـح نصَّاح
ليس التصـوّف حيـلةً وتكلَّفـاً وتقشّفاً وتواجداً وصيــاح
ليس التصوّف كِــذبةً وتظالماً وجهـالةً ودعـابة ومِـزاح
بـلْ عفَّة ومُــرُوءَةً وفتـوَّةً وقنـاعةً وطهـارة وصلاح
وَقْفـاً وعِلمـا واقتدا وصفـا ورضا وصِدءقاً ووفا وسماح
متيقـّناً متصبّــراً متشمّـراً مستمطـرا مستقصّـدا سيّاح
متعـزّزا متحـرّزا متواضعـا متبـدّل الأشبـاح و الأرواح
تاء التقى صاد الصفا واء الوفاء فـاء الفتوّة فاغتنمْ يـا صاح
مـن قـام فيه بحقّـه و حقوقه وخـلا عن الحدثان والأشباح
تتشعشع الأنـوار من أسـراره كتشعشع المشكاة في المصباح
3 – لشاعر مجهول
أنت أنا بلا شــكّ فسُبْحانك سُبْحَانـي
فتوحيدك توحيـدي وعصيانك عصياني
واسخاطك اسخاطي وغفرانك غفرانـي
ولِمْ أُجْلَد يا ربّــي إذا قيل هو الزانـي
***
4 – لعين القضاة الحمداني
ألقاهُ في البحر مشدوداً وقال له إيَّاك إيَّاك أن تـَبـتـلَّ بالماء
***
5 – مدرسة ابن عربي
عَقَدَ الخلائقُ في الإله عقائداً وأنا اعتقدتُ جميع ما عقدوه
***
ج - في لسان حال الحلاّج
1 – في الحبّ الإلهي والتوق إلى العذاب
1 - القزويني
حَنينُ المُريد بشوق مزيـد أنين المريض لفقد طبيـب
قد اشتدّ حال المريدين فيه لفقد الوصال و بُعْد الحبيب
***
2
الصـبَّ إِرْثِي مُحِبُّ نواله منك عُجْـبُ
عـذابه فيـك عَذبٌ وبُعده فيك قــرب
وأنت عندي كروحي بل أنت عندي أحبّ
فـأنـت للعين عين وأنـت للقلب قلب
حتّى من الحبّ أنّي بمـا يحبّ محـبّ
***
3
لقد أعجبني الوجد بمن أهواهُ والفقـدُ
فلا بعد ولا قرب ولا وصل ولا صدّ
ولا فوق ولا تحت ولا قبـل ولا بعـد
ولا عُرف ولا نكر ولا يـأس ولا وعد
فهذا منتهى سولي وهـو الواحد الفرد
***
4
العيـن تبصر من تهـواه وتفقده ونـاظر القلب لا يخلو مـن النظر
إن كان ليس معي فالذكر منه معي يراه قلبي وإن قد غاب عن بصري
***
5
أجريتُ فيك دموعي فالـدمع منك عليـك
و أنت غاية سـؤلي و الطرف وسنَى عليك
فإن فُنِي فيك بعضي حُفظـتُ منـك لديك
***
6
إذا هجرتَ فمـن لـي ومـن يجمّل كـلّي
ومـن لروحي وراحي يا أكثـري وأقـلّي
أَحَبَّـكَ البعض مـنـّي فقد ذهبت بكـــلّي
يا كـلّ كـلّي فكـنْ لي إنْ لم تكن لي فمن لي
يا كـل كـلّي و أهـلي عنـد انقطاعي وذلّي
ما لي سوى الروح خذها والـروح جهد المقلّ ِ
***
7
كل حبّ عـلى قلبٍ غير حبِّك حرام
أنت لي رَوْحٌ وراح وزهر ومـدام
وسـرور و همـوم وشفاء وسقـام
فعلـىَ كلّ هوى بْعدَ هوى فيك سلام
***
8
رماني بالصدود كمـا تراني وأَلْبَسَنِي الغرام وقد براني
ووقتي كـلّه حلـوٌ لـذيـذ إذا ما كان مولائي يـراني
رضيتُ بصنعه في كل حال ولستُ بكاره ما قد رمـاني
فيا من ليس يشهد مـا أراه لقد غيبت عن عين ترانـي
***
9
وقَصَّرْتُ عقلي بالهوية طاليا فعـاد ضعيفاً في المطالب هاريا
وكُنْتَ لربّ العالمين نصرةً فلا تَسْتَعْجِلْ أنْتَ في التطلّب جاريا
تحقُّقْ بأن الحقّ ليس بِمُدرِكٍ فمن يُدْعِيُهُ جاهلا ومـرائيـا
ولكنّه يبـدو مراراً فيختفي فيعرفه مـن كـان بالعلـم خاليا
***
10 - الحمداني
الله يعلمُ مـا فـي النفس جارحةٌ إلّا وذكـرك فيهـا نَيْـلُ ما فيهـا
ومـا تنفّستُ إلّا كنتَ مـع نَفَسِي تجري بك الروح منّي في مجاريها
إن كانت العين مُذ فارقْتَها نظرتْ إلـى سـواك فخانتهـا مـآقيهـا
أو كـانت النفس بعد البُعْد آلفة خـلقاً عـداك مـا نالت أمانيهـا
***
2 – في السكر الروحاني والعذاب
11
لم أُسْلِم النفْسَ للأسقام تـُتْلِفُها إلّا لعلمي بأنّ الموت يُحييهـا
ونظرةٌ منك يا سؤلي ويا أملي أشهى إلي من الدنيا وما فيها
نفْسُ المحبّ على الآلام صابرة لعـلَّ مُسْقمها يوماً يداويهـا
***
12
نظري بَـدْء علَّتي وَيْحَ قلبي وما جنا
يا معين الضنا علّى أَعِنِّي على الضنا
***
13
وحُرمة الوِدّ الذي لـم يكنْ يطمع في إفساده الدَهْرُ
مـا نالني عند هجوم البـلا بؤسٌ ولا مسّني الضرّ
ما قُدَّ لي عَضْوٌ ولا مفصل إلّا وفيه لـكـم ذِكْـر
***
14
سَقَوْني وقالوا لا تُغَنِّ ولو سقوا جبال حُنين ما سقيتُ لغنّـتِ
تمنَّتْ سُلَيْمَى أن أموت بحبّهـا وأسهل شيء عندنا ما تمنّت
***
15
سكرْتَ من المعنى الذي هو طيب ولـكنَّ سُكري بالمحّبة أَعْجَب
و مـا كـلّ سكران يُحَدّ بواجبٍ فـفي الحبّ سكران ولا يتأدّب
تقوم السكارى عن ثمانين جلدة صحاةً وسكران المحبّة يُصْلَب
***
16
كلّ بلاء علّي منّي فليتَني قد أخذتُ عنّي
***
17
لاحتْ على دكّة الخمّار أسـرار وأشرقت في وجـوه القوم أنوار
وطاف بالبيت ساق ٍلا شبيه لـه هـذا العقيق وهـذا الربع والدار
فاستيقظوا يا سكارى بعد رقدتكم واستغنموا الوقت إن الدهر غدّار
مـن باح بالسرّ كان القتل شيمته بين الرجال ولم يُؤخذ لـه ثـار
***
18
والله لـو حلـف العشّـاق أنّهـم موتى من الحبّ أو قتلى لما حنثوا
قومٌ إذا أهجروا من بعد ما وصلوا ماتـوا وإن عاد وصْل بعدهُ بُعثوا
ترى المحبّين صرعى في ديارهم كفتية الكهف لا يدرون كـم لبثوا
***
19
مواجيد أهل الحق تصدق عن وجدي وأسرار أهل السر مكشوفة عندي
***
20
لِيَكُنْ صدرُك للأسرار حِصْناً لا يُـرام
إنّمـا ينطـقُ بالسـرّ و يُفْشيـه الّلئامُ
***
21
وما شرب العشّاق إلّا بَقيّتي وما وردوا في الحبّ إلّا على ورْدي
***
د – قصائد مكرّسة لموت الحلاّج
1 – لأبو الحسن علي مسفر السبتي: قصيدة حول الشهادة
قـُلْ لأخـوان رآوني ميّتـاً فبكوني إذ رآوني حَزَنَـا
أتظنـّون بأنّـي مـيْـتـكم لستُ ذاك الميت والله أنا
أنـا كنزٌ وحـجابي طلسـم من تراب قد تهيّا للفنــا
أنـا عصفور وهـذا قفصي كان سجني فأبيتُ السجنا
فاهدموا البيت فرضّوا قفصي وذروا الكـل دفينا بيننـا
وقميصي مزّقـوه رمـمـاً وذروا الطلسم بعدي وثنا
فاخلعوا الأجساد عن أنفسكم تبصروا الحقّ عياناً بيّنـا
مـا أرى نفسي إلّا أنـتـمُ واعتقادي أنكم أنتـم أنـا
عُنصر الأنفس شيء واحد وكذا الأجسام جسم عمّنـا
***
2 – للعز المقدسي
آ
أباحَتْ دمي إذ باح قلبي بحبّها وحلّ لها في حكمها ما استحلّت
أباحَتْ حمى لم يرعه الناس قبلها وحلّت تلاعاً لم تكن قبل حُلّت
و ما كنتُ ممّن يظهر السـرّ إنّما عروس هواها في ضميري تجلّت
فألقَـتْ على سـرّي أشعّة نورها فـلاح لجـلّاسي خفايـا طويّتي
وشـاهدتها فاستغرقتني حـيـرة فغابت بها عن كلّ كـلّي وجملتي
وحلّـت محـلّ الكـلّ منّي بكلها فإياي إيّـاهـا إذا مـا تبـدّت
ونمّتْ على سرّي فكانت هي التي عليهـا بهـا بين البـريّة نَـمَّتِ
إذا سَألَت من أنت قلت أنـا الذي بقائي إذا فـنـيت فيك هويّتي
أنا الحقّ في عشقي كما أن سيّدي هو الحـقّ في حسن بغير معية
فإن كنتُ في سكري شطحتُ فإنّني حكمـت بتمزيق الفؤاد المفتّت
ولا غروَ إن أصليت نار تحرّقـي فنار الـهوى للعاشقين أعدّتي
ومـن عجب الذيـن أحـبّـُهـم وقد أعلقوا أيدي الهوى بأعنّـة
سقوني وقالوا لا تُغنّ ولو سقـوا جبال حُنين ما سقوني لغـنَّت
***
ب
هيهاتَ مــا قتلـوه كلّا ولا صـلـبـوه
لكنهم حيـن غابـوا عن وجـده شبّهـوه
أحبابه حين غـاروا عليه قـد غَيّبــوه
سقوه صرفاً وراموا كتمان مـا أوعـدوه
فمـا أطـاق ثبوتـا لثقل مـا حّملــوه
فتـاهَ سكـراً ونادى أنا الذي أفــردوه
يا لائمي كيف أخفي وفي الحبّ ما أظهروه
أم كيف يكتـم قلباً بالشوق قد مزّقـوه
***
3 – لعلي الششتري
آ – (مستوحاة من قصيدة لابن عربي)
شهدت حقيقتي وعظيم شأني مقدسة عن إدراك العياني
فقال مترجما عنــي لساني أنا القرآن والسبع المثاني
وروح الروح لا روح الأواني
أنا فـي مستوى عرشي قـديـم لِذِي أَنّيّتي العـظـمى نـديـم
وفـي بلـوى محبّتكـم أهـيـم فـؤادي عنـد معلومي مقيـم
يناجيه وغَيْركم لساني
سترت حقيقتي عـن كـل فهـم بما أظهرت من وسم ورسـم
فإن تطلب ترى صفتي مع اسمي فلا تنظر بطرفك نحو جسمي
وَعَدِّ عن نعيم بالمغاني
وللطِّلَسْـِم فـي العينَيِنْ كـسِّـرْ وحـقّـقْ سرّ معنـائي وحـرِّرْ
وللمسجـور مـن بحري فبحّـرْ وغصْ في بحر ذات الذات تبصرْ
عجايب ليس تبدو للعيان
فـإن شـاهدتني فـي كـل ذات باسمـآي عيانـا في صفاتـي
ستفهـم مـا خفي فـي الكاينات وأسـرار تـرآت مبـهـمـات
مستَّرةً بأرواح المعاني
فعند شهـودك الأسـرار منهـا فلا تك غائبا فـي الكون عنهـا
ووَحّـدْ واتّحـدْ كيمـا تكُنْهــا فمـن فهـم الإشارة فليصنْهـا
و إلا سوف يُقتل بالسنان
فمـن أَوْرَى زناد الحـق رُدَّتْ حقيقتـه وعنـه البـاب سُـدّتْ
وكعبتـه بفـاس الشرع هُـدّتْ كحـلّاج المحـبّـة إذ تـبـدّتْ
له شمس الحقيقة بالتداني
فلـمـا إن دنـا منهـا تدلّـى وبالاسـم العظيم قـد تجلّـى
تـوحّد عنـد ذاك و مـا تولّى فقـال أنـا هو الحقّ الذي لا
يُغيّر ذاتَه مرُّ الزمان
***
ب – قصيدة في الإسناد
أرى طالباً منّا الزيادة لا الحُسْنى بفكر رمى سهماً فعدّا به عَدنا
فنحـن كدود القزّ يحصرنا الذي صُنعنا بدفع الحر سجناً لنا منّا
وتـيـمَّ أرباب الهرامس كلّهـم وحسبك من سقراط أسكنه الدنا
وجـرّد أمثـال العوالم كـلهـا وأبدى لأفلاطون في المثل الحسنا
وهام أرسطو أو مشى من هيامه وبثّ الذي ألقى إليه وما ضنّـا
وكان لذي القرنَيْن عوناً على الذي تبدا به وهو الذي طلب العينـا
ويفحص عن أسباب ما قد سمعتم وبالبحث عَطّى عين إذ ردّه عينا
وذَّوق للحلاج طعـم اتـّـحاده فقال أنـا مـن لا يحيط بـه معْنى
فقيل له أرجع عن مقالك قـال لا شربت مُداماً كلّ من ذاقها غـنّـى
وانطـق للشبلي بالوحـدة التي أشار بها لمّا محا عنده الكـونـا
وأظهر منه الغافقي لما جنـى وكشط عن طواره الغيم والدجنـا
وبيّن أسرار العبودية التـي عن أعرابهم لم يرفع اللبس واللحنا
كشفنا غطاء من تداخل سرّها فأصبح ظهرا ما رأيتم له بطنـا
هدانا لدين الحقّ من قد تولهَتْ لـعـزته ألـبابـنـا وله هُدنا
فمن كان يبغي السير للجانب الذي تقـدّس يأتي الآن يأخذه عـنّـا
***
4 – يافي
سلامٌ على قومٍ شموس هدىً غدا بهم في الهوى سكر إلى حشرهم غدا
أدار عليهم كـأس راح محبّــةٍ جمالٌ سقى الأحباب لـمـا لهم بـدا
به هام بعضٌ في الُّرّءىِ وبعضهم به وله ظنّوا حـبـوبـاً فَـقُـيِّـدا
وبعض من الأكوان بانَ وبعضهم به جـاوز الإسكارُ حدّاً فَـعَـرْبَـدَا
فسلّ عليه الشرع سيفاً حمى به حدوداً فرا الحلّاج مـاض ٍمـردَّدا
فمات شهيداً عندكم من محقق وكم عندكم يخرج عن القوم ملحدا
ولكن فتى بسطام موقى بحاله حمى عن عنايات عزيزاً ممجَّــدا
***
5 – حريفش مكّي: قصة الحلاّج
الخمرُ دِنّي ودِن الخمر ريحانـي ومجلس الذكر تسبيحي وعيدانـي
ما يشرب الخمر إلّا من يكن بَطَلٌ ويطلق النوم لم تغمض له أجفاني
طلّقتُ نومي ولم اسلا حلاوتـه حتّى بقي جفن عيني ساهراً فاني
أنا الحسين أنا الحلّاج يا فقَـراء ذوبّتُ سندانَهم من عظم برهـاني
أنا الذي شاع ذكري بالملا الأعلى حلجتُ قطني بتقـواي وإيمـاني
الباز الأشهبْ أتى نحوي صافحني والأولياء أتت مـن أرض جيلانِ
شربت من خمرة عن بكرة مُزِجَت شِبه العروس انجلت في وسط بستانِ
ابن الرفاعي رقا وقتاً بها وعلا وابن أدهم سيّبْ مُلكـه الفـانـي
افتوا علّي وقالوا قد طغى و بغى حاشا من البغي لكن صرتُ ربّانـي
طَلْع المؤذّنْ يوذّنْ قلت ما حكيتْ انّي سمعت لديِك العرش بـآذاني
من خاض بحر الهوى من غير معرفة يبلعه الحوتُ يبقى يـونس الثانـي
من خاض بحر الهوى يُخْرِجُ جواهرها ألا ينادي عليه يا بطّـال كسلاني
من باع دُرّاً إلى الفحام ضَـيَّـعْهُ الدر ينباعُ بالقسطاس يا أخواني
لا تَخْدَعَنَّ قليل الأصـل تظّـلمه وأغلـظْ عليـه طوعـاً بإذعـان
أنّ الحديدَ تـذيب النـار قـوّتـه و لو سكبتَ عليه البحـر ما لانِ
يا طالب النصرَ من أعداك مُتْ كَمداً كطالب الشُهْـدَ من أنياب ثعبانِ
يا قـارئ العلم بيـن الجاهلين خَطـأ كواقد الشمع في قاعات عميان
يا واضع السرّ مع مـن ليس يكْتمـه كواضع الريح في أكمام عريانِ
من باح بالسرّ كـان القتـل شيمته بين الرجال ويُضحى اليوم خجلانِ
شدّوا وثـاقي وقـالوا اقتلونّ لــه حلّاج حلّاج أنت في البلدْ زانـي
واللهِ واللهِ والـرحـمن خـالقنــا لولا يقولوا دعـا الحلاج بهتـانِ
أصيح فيهم كما صاح الفَتَى البَـدَوي وأهدم بغداد ما خلا لـهـا اركـانِ
لكن سمعـت رجـال الله قـائـلـهْ فمُتْ شهيداً كما ماتْ ابـن عفـانِ
والخضـر واقـفْ قبالي لا يكلّمـني والأربعين يقولـوا هكـذا كـانـي
حتّى أتى القطب والأقطاب تـتبعه ثلاث مائةْ وهـم يتلـون قـرآنـي
أنا مكتَّفْ وسيف الشـرع يلفحْنـي سبعين مرّةْ بـأذن الله مـا ذانـي
صرختُ بالسيف قال السيف ألفْ نعمْ لبّيك لبّيك يا حـلاجُ يـا دانـي
و هـذه قصّة الحلّاج قـد فـرِغَـتْ هـم أحرقـوه وكـانوا الكل عميانِ
بعـد الصلاة علـى المختار سيّدِنـا خير البريّةْ بُعثْ مـن نسْـل عدنانِ
والمسلمين عليهـم دائمـاً ابَــداً منّي سلامٌ فـهمْ أهلي و جيرانـي
http://aljsad.com/images/sandsofhome/statusicon/user_offline.gif http://aljsad.com/images/sandsofhome/buttons/quote.gif (http://aljsad.com/newreply.php?do=newreply&p=1081963)