تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الرسالة الرابعة رسائل بقلم الأديب العالمي (سى اس لويس


الاخ زكا
09-12-2010, 10:00 AM
الرسالة الرابعة

عزيزي علقم

نبهتني الاقتراحات غير البارعة في رسالتك الماضية الي ان الاوان قد أن كي أكتب بالتفصيل في موضوع الصلاة المؤلم . وقد كان في وسعك أن تحجم عن تعليقك بأن نصيحتي لك بشأن صلوات زبونك لأجل أمه "اثبتت فشلها علي نحو استثنائي" فليس هذا من الاشياء التي يجدر بابن الاخ ات يكتبها الي عمه، ولا بمجرب صغير الي وكيل الدائرة. وهو ينم ايضا عن رغبة بغيضة في التهرب من المسؤولية وتحملها لآخرين. فيجب عليك ان تتعلم دفع ثمن اخطائك الفادحة .

إن أفضل شئ تفعلة، حيث يكون ممكناً، هو تُحول كليا بين مريضك والتصميم الجدي علي الصلاة. وحين يكون المريض بالغاً اهتدي مجددا منذ عهد قريب الي حزب العدو، مثله مثل زبونك ، يتم إنجاز ذلك علي افضل نحو بتشجيعة علي أن يتذكر – أو يظن انه يتذكر – طبيعة صلواته الببغائية في صغره. كرده فعل علي هذا، يمكن إقناعة باستهداف نوع الصلاة تلقائي كلياً، داخلي، غير رسمي، غير منتظم . وما يعنيه هذا فعلاُ بالنسبة الي المتبدئ سيكون محاولة ان ينتج في ذات نفسه مزاجاً تعبدياً غامضاً ليس من دور فيه للتركيز الفعلي من جانب الادارة والعقل. فإن أحد شعرائهم، كولريدج كتب انه لم يكن يصلي "بشفتين متحركتين وركبتين محنيتين"بل إنما "يعد روحه للمحبة" ويستغرق في "إحساس ابتهال". ذلك تماما هو نوع الصلاة الذي نريده. وبما أنه ينطوي علي مشابهة سطحية لصلاة الصمت كما يمارسها اولئك المتقدمون كثيرا في خدمة عدونا، فالمرضي الاذكياء و الكسالي يمكن أن يُخدعوا به مدة طويلة جداً. وعلي ألاقل ألاقل، يمكن بأن الوضعية الجسمية لاتحدث فرقا في صلواتهم لأنهم دائماً ينسون ما يجب أن تتذكره أنت كل حين، وهو أنهم حيوانات وأن أي شيء تفعله أجشامهم يؤثر في نفوسهم فعلاً. وعجيب كيف يصوّرنا البشر مُدخلين في أموراً في عقولهم، في حين ان عملنا الافضل يتم انجازه بإبقاء الأمور خارجها.

أما اذا أخفق هذا، فعليك أن تنكفيء الي طريقة أدهي في توجيه عزمه توجيهاً خاطئاً. فكلما كانوا مُصغين الي العدوّ نفسه نكون مهزومين، ولكن لدينا طرقاً لمنعهم أن يفعلوا ذلك، أسهلها أن نحوّل أنظارهم عنه الي أنفسهم. فأبقهم مُنشغلين بأذهانهم بالذات، ومُحاولين أن يُنتجوا مشاعر في داخلهم بفعل إرادتهم الخاصة. فحين يقصدون أن يطلبوا منه المحبة، دعهم عوضاً عن ذلك يباشروا محاولة أصطناع مشاعر محبة لأنفسهم بغير أن يلاحظوا أنهم فاعلون ذلك. وحين يقصدون أن يصلوا طالبين الشجاعة، دعهم يعكفوا في الواقع علي محاولة الشعور بأنهم شجعان. وحين يقولون إنهم يصلون لأجل المغفرة، دعهم ينصرفوا الي محاولة الشعور بأنهم حاصلون علي الغفران. علّمهم أن يخمنوا قيمة كل صلاة بنجاحهم في انتاج الشعور المرغوب، ولا تدعهم البتة يظنون أن النجاح أو الفشل في إنتاج هذه المشاعر يتوقّفان علي كونهم أصحاء أو مرضي، مرتاحين أو متعبين، في اللحظة الحاضرة.

ولكن العدوّ بالطبع لن يكو متكاسلاً في هذه الاثناء. فكلما حصلت صلاة يوجد خطر التصرف المباشر من قبله. إنه لا مبال علي نحو ساخربكرامة مقامه،ومقامنا ، كأرواح محض،وللحيوانات البشرية الجاثية علي ركبها يسكب معرفة الذات بطريقة مخزية للغاية. ولكن حتي لو دحر محاولتك ألاولي في التوجيه الخاطيء، فعندنا سلاح أمضي وأمكر.ذلك أن ألادميّين لا ينطلقون من الادراك الحسّي المباشر لعدونا،وهو، للآسف، ما لا نستطيع نحن تجنبه. فهم لم عرفوا قط ذلك الضياء الساطع المورّع، ذلك الوهج السافع الخارق الذي يشكل خلفية ألالم الدجائم في حياتنا. فإذا نظرت الي داخل عقل مريضك وهو يصلي، فلن تجد ذلك. وإذا تفحصت الغرض الذي يشخص اليه، فسيتبين لك أنه غرض مركب يحتوي علي عدة مقومات وعناصر سخيفة مُضحكة للغاية. ستكون فيهخ صور مستوحاة من رسوم العدو كما كانت هيئته في أثناء تلك الفترة الغيضة المعروفة بالتجسد. وستكون فيه صور أكثر غموضاً- ربما فجّة وضفولية جداً- مرتبطة بالأقنومين الآخرين. بل سيكون أيضاًَ بعض من مهابة الزّبون الشخصية "وألأحاسيس الجسدية المُصاحبة لها" ذا شكل معين ومنسوباً إلي الغرض المهوب. وقد عرفت حالات فيها كان ما يدعوه المريض "الهه" مستقراً بالفعل في مكان ما: فوق إلي اليسار عند زاوية سقف النوم، أو داخل رأسه هو، أو علي صليب مُعلق علي الحائط . ولكن مهما كانت طبيعة ذلك الغرض المركب، ينبغي لك أن تبقيه مصلّياً إليه- إلي الشيء الذي صنعه هو، وليس إلي الشخص صانع هذا ألانسان. حتي إن لك أن تشجعه علي إضفاء أهمية بالغة علي تصحيح غرضه المركب وتحسينه، وعلي إبقائه دائماً نُصب خياله في أثناء الصلاة كلها. فإن حصل مرة أنه أراد أن يفرق بين الحقيقة وغرضه المُتخيّل، إن حصل أن وجّه صلواته ليس إلي ما يظنه الله بل الي ما يعرفه الله عن نفسه، فعندئذ يكون وضعنا مُؤنساً. وما إن يتمخ للرجل التخلي عن جميع أفكاره وتصوراته، أو الابقاء عليها -إذا بقيت – بتمييز تامّ لطبيعتها الذاتية الصّرف، ويعهد بنفسه إلي الحضرة غير المرئية، الخارجية، الحقيقية تماما، الموجودة معه هناك في الغرفة والتي لا يعرفها البتة كما تعرفه هخي، حتي يمكن حدوث ما لم يكن في الحسبان، ففي تلافي هذا لوضع، أي تلافي التجرد الحقيقي للنفس عند الصلاة، حقيقة كون ألآدميين أنفسهم لا يرغبون في تلافيه بمقدار ما يفترضون. إذ إن هذا يشبه حصولهم علي أكثر مما توقّعوه !

عمك المحب

خُربر

fouadzadieke
09-12-2010, 08:16 PM
عزيزي الحبيب زكا. هذه الرسائل تحمل مفاهيم جميلة و راقية و أفكار مباركة. زدنا منها و الرب يبارك خدمتك يا غالي.