د. جبرائيل شيعا
30-07-2005, 01:00 AM
هوة الجيل الجديد (جزء 2)
لنتحدث الآن إلى جيل الشباب الجيل الصاعد من الشباب الذين لا يزالون في بداية عمرهم يدرسون ويتعبون ويسهرون ويستمعون ما يوجههم آبائهم ومعلمينهم والأكبر منهم سنا. هذا الجيل لا يزال تحت سيطرة وسيادة الجيل الأكبر منه. لكن هذه الأحوال لم تبقى كما هي بل تتغير وسيأتي يوم وهو قريب جدا فأنتم ستحلون محلهم وتسيطرون على جميع الاوضاع ويكون الجيل الأصغر منكم تحت سيادتكم. ستقعون أنتم تحت طائلة المسؤولية، أنتم الجيل الذي سيحكم ويناقش ويعمل ويطلب ويجيب. من بينكم سيخرج أطباء مهندسين سياسيين أجتماعيين معلمين مرشدين رجال دين و...... إلخ.
هذه هي سنة الحياة: يأتي جيل ويذهب جيل، وهكذا حتى نهاية الكون.
الجيل الذي يمسك الآن بزمام السلطة هو أيضا كان قبل فترة في نفس الموقع الذي تكونون أنتم الآن فيه، هو أيضا مر في هذه المرحلة. هكذا كان جيل الآباء يمسك بيد الجيل الجديد ينصحه يشير إليه عن الخطأ يمشي أمامه ويفعل كل ما بوسعه كي يرضي ويفرح ويعاون ويساعد الجيل الصغير حتى يقوم بتخيلصه من الظروف الصعبة الذي يقع تحت حملها. بالتأكيد أن الكثير من ذاك الجيل كانوا لا يصدقون ولا يفتكرون بما كان يعانية أبائهم ولا يخطر ببالهم بأنهم سيكونون هم يوما من الآيام في مثل هذا الموقع وأنه سيأتي يوما يجلس في محضر وهو يتحدث إلى الجيل الأصغر منه.
الظروف الماضية قد تغيرت وتبدلت، كان هناك تواصل وارتباط ما بين جيل الآباء والأولاد، لأنه كان هناك احترام وطاعة. كان الأولاد والشباب يسمعون كلمة من هم أكبر منهم سنا وحتى لو كان على الخطأ أو على الصواب كان يؤدي له الطاعة و الأحترام والتقدير لكونه أصغر منه سنا.
طبعا لا يمكن أن اقول يجب أن يطبق ذلك بصورة عمياء. لست مع الطاعة العمياء لكن مع الأحترام والتقدير وبالأخص احترام الآراء والتفكير.
الآن لقد أختلفت الظروف كثيرا على أبناء شعبنا.
يقول الكثيرون: أننا جئنا إلى هذه البلاد بلاد الغربة وزاد الطين بلة.
يقولون أيضا: تغربنا فأصابنا هذا المصاب الكبير( فقدنا الأحترام والطاعة والتقدير).
لا يا أيها المفتكر بهذا الأمر هذا ليس سبب وحيد أننا نتواجد في بلاد الغربة. لا بل لقد أصبحت خلافات كبيرة في طبيعة الوضع الحاصل ما بين الجيل الذي جاء من الوطن من بلده الأصيل والجيل الذي يتربى ويترعرع في مجتمع جديد. لقد حصل إنكسار كبير ما بين طبيعة المجتمع الذي ينتمي إليه بالأصل والمجتمع الجديد الذي ينتمي إليه بالحضور (المجتمع المتواجد في بلد الاغتراب). هذا المجتمع الذي بدأ رويدا رويدا يكتسب أفكار وعلاقات من المدرسة والسوق والشارع. بدأت هوة الفراغ تتسع ما بين الجيلين كلما بدأ الطفل يتعلم ويأخذ من عادات هذا المجتمع. وكلما كان التعصب والتمسك بصورة خاطئة وأساليب التصرف مع الجيل الجديد.
مطاليب الجيل الجديد كثيرة وتختلف عن ما كان يطلبه الجيل السابق. هذا هو شيء طبيعي في مسيرة الحياة.
سأذكر حادثة كيف بدأت تتسع الهوة ما بين الجيلين؟ على سبيل المثال
المرء الذي جاء إلى هذه البلاد لا بد وأنه يمر بصعوبات كثيرة مباشرة وغير مباشرة. ظروف الغربة الجديدة تفرض عليه تفكيرا عميق ينصب وراء ما يعانيه من صعوبات ومشاكل وخلاف في التفكير والمعاملة. همه الأول والأخير هو البقاء هنا في هذا البلد الجديد، ومحاولة الحصول على فرص العمل وكذلك يشغل تفكيره كيف يحفاظ على أولاده وعلى ما يمتلكه من قيم وأخلاق وعادات وتقاليد التي حملها معه من مجتمعه الذي ينتمي إليه أصلا. فيقع في دوامة من الأفكار ويضيع كثيرا لا ينجح في العمل لأنه لا يستطيع التأقلم بسرعة مع المجتمع الذي يقع فيه. لا يستطيع تعليم لغة البلد فلا يندمج مع اصدقائه في المصنع أو في الشارع. أولاده لا يزالون أطفالا صغار يذهبون إلى الروضة ثم المدرسة يتعلمون لغة البلد بسرعة وشيئا فشيئا ينسون لغتهم الأصيلة وينسون جذور أنتمائهم.
الكثير من الآباء والأمهات لا يوالون أهتمامهم بهذا الأمر، فيضيع الأولاد هنا وهناك فتضيع لغة الأباء ويضيع الحوار والنقاش ولغة الكلام. ثم تفقد السيطرة ما بين الجلين جيل الآباء والجيل الجديد الجيل الصاعد. وهنا تقع المشكلة الأساسية. وهنا تكتمن كل الخلافات في التعامل والتواصل ما بين هذين الجيلين. تخلق مشكلة ما بعدها مشكلة ما بين الأولاد والآباء، لا يفهمان على بعضهما البعض.
لا يعلم الطفل ماذا يريد آباه منه؟
لا يعلم الأب ماذا يريد أبنه منه؟
هكذا يوما بعد يوم يتعصب الأب وكذلك الأبن وتتسع الهوة ما بينهما، فيتشكل لكل منهما عالم آخر يختلفان كثيرا عن بعضهما.
تابع جزء 3
د. جبرائيل شيعا
لنتحدث الآن إلى جيل الشباب الجيل الصاعد من الشباب الذين لا يزالون في بداية عمرهم يدرسون ويتعبون ويسهرون ويستمعون ما يوجههم آبائهم ومعلمينهم والأكبر منهم سنا. هذا الجيل لا يزال تحت سيطرة وسيادة الجيل الأكبر منه. لكن هذه الأحوال لم تبقى كما هي بل تتغير وسيأتي يوم وهو قريب جدا فأنتم ستحلون محلهم وتسيطرون على جميع الاوضاع ويكون الجيل الأصغر منكم تحت سيادتكم. ستقعون أنتم تحت طائلة المسؤولية، أنتم الجيل الذي سيحكم ويناقش ويعمل ويطلب ويجيب. من بينكم سيخرج أطباء مهندسين سياسيين أجتماعيين معلمين مرشدين رجال دين و...... إلخ.
هذه هي سنة الحياة: يأتي جيل ويذهب جيل، وهكذا حتى نهاية الكون.
الجيل الذي يمسك الآن بزمام السلطة هو أيضا كان قبل فترة في نفس الموقع الذي تكونون أنتم الآن فيه، هو أيضا مر في هذه المرحلة. هكذا كان جيل الآباء يمسك بيد الجيل الجديد ينصحه يشير إليه عن الخطأ يمشي أمامه ويفعل كل ما بوسعه كي يرضي ويفرح ويعاون ويساعد الجيل الصغير حتى يقوم بتخيلصه من الظروف الصعبة الذي يقع تحت حملها. بالتأكيد أن الكثير من ذاك الجيل كانوا لا يصدقون ولا يفتكرون بما كان يعانية أبائهم ولا يخطر ببالهم بأنهم سيكونون هم يوما من الآيام في مثل هذا الموقع وأنه سيأتي يوما يجلس في محضر وهو يتحدث إلى الجيل الأصغر منه.
الظروف الماضية قد تغيرت وتبدلت، كان هناك تواصل وارتباط ما بين جيل الآباء والأولاد، لأنه كان هناك احترام وطاعة. كان الأولاد والشباب يسمعون كلمة من هم أكبر منهم سنا وحتى لو كان على الخطأ أو على الصواب كان يؤدي له الطاعة و الأحترام والتقدير لكونه أصغر منه سنا.
طبعا لا يمكن أن اقول يجب أن يطبق ذلك بصورة عمياء. لست مع الطاعة العمياء لكن مع الأحترام والتقدير وبالأخص احترام الآراء والتفكير.
الآن لقد أختلفت الظروف كثيرا على أبناء شعبنا.
يقول الكثيرون: أننا جئنا إلى هذه البلاد بلاد الغربة وزاد الطين بلة.
يقولون أيضا: تغربنا فأصابنا هذا المصاب الكبير( فقدنا الأحترام والطاعة والتقدير).
لا يا أيها المفتكر بهذا الأمر هذا ليس سبب وحيد أننا نتواجد في بلاد الغربة. لا بل لقد أصبحت خلافات كبيرة في طبيعة الوضع الحاصل ما بين الجيل الذي جاء من الوطن من بلده الأصيل والجيل الذي يتربى ويترعرع في مجتمع جديد. لقد حصل إنكسار كبير ما بين طبيعة المجتمع الذي ينتمي إليه بالأصل والمجتمع الجديد الذي ينتمي إليه بالحضور (المجتمع المتواجد في بلد الاغتراب). هذا المجتمع الذي بدأ رويدا رويدا يكتسب أفكار وعلاقات من المدرسة والسوق والشارع. بدأت هوة الفراغ تتسع ما بين الجيلين كلما بدأ الطفل يتعلم ويأخذ من عادات هذا المجتمع. وكلما كان التعصب والتمسك بصورة خاطئة وأساليب التصرف مع الجيل الجديد.
مطاليب الجيل الجديد كثيرة وتختلف عن ما كان يطلبه الجيل السابق. هذا هو شيء طبيعي في مسيرة الحياة.
سأذكر حادثة كيف بدأت تتسع الهوة ما بين الجيلين؟ على سبيل المثال
المرء الذي جاء إلى هذه البلاد لا بد وأنه يمر بصعوبات كثيرة مباشرة وغير مباشرة. ظروف الغربة الجديدة تفرض عليه تفكيرا عميق ينصب وراء ما يعانيه من صعوبات ومشاكل وخلاف في التفكير والمعاملة. همه الأول والأخير هو البقاء هنا في هذا البلد الجديد، ومحاولة الحصول على فرص العمل وكذلك يشغل تفكيره كيف يحفاظ على أولاده وعلى ما يمتلكه من قيم وأخلاق وعادات وتقاليد التي حملها معه من مجتمعه الذي ينتمي إليه أصلا. فيقع في دوامة من الأفكار ويضيع كثيرا لا ينجح في العمل لأنه لا يستطيع التأقلم بسرعة مع المجتمع الذي يقع فيه. لا يستطيع تعليم لغة البلد فلا يندمج مع اصدقائه في المصنع أو في الشارع. أولاده لا يزالون أطفالا صغار يذهبون إلى الروضة ثم المدرسة يتعلمون لغة البلد بسرعة وشيئا فشيئا ينسون لغتهم الأصيلة وينسون جذور أنتمائهم.
الكثير من الآباء والأمهات لا يوالون أهتمامهم بهذا الأمر، فيضيع الأولاد هنا وهناك فتضيع لغة الأباء ويضيع الحوار والنقاش ولغة الكلام. ثم تفقد السيطرة ما بين الجلين جيل الآباء والجيل الجديد الجيل الصاعد. وهنا تقع المشكلة الأساسية. وهنا تكتمن كل الخلافات في التعامل والتواصل ما بين هذين الجيلين. تخلق مشكلة ما بعدها مشكلة ما بين الأولاد والآباء، لا يفهمان على بعضهما البعض.
لا يعلم الطفل ماذا يريد آباه منه؟
لا يعلم الأب ماذا يريد أبنه منه؟
هكذا يوما بعد يوم يتعصب الأب وكذلك الأبن وتتسع الهوة ما بينهما، فيتشكل لكل منهما عالم آخر يختلفان كثيرا عن بعضهما.
تابع جزء 3
د. جبرائيل شيعا