المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أولادنا أكبادنا..كيف وإلى أين ..؟


وديع القس
03-06-2007, 07:26 PM
أولادنا أكبادنا ..كيف وإلى أين..؟-
لا يمكن أن يحبّ الإنسان شخصا ً آخرفي الحياة أكثر من إبنه ، ولا يمكن ُ أن يريد مستقبلا ً مشرقا ً - موفَّقا ً لأي كائن على وجه الأرض أكثر من أولاده ..
أجل : نُحبّ أولادنا محبّة تفوق على الوصف ، لكن الحقيقة أنّ هناك فارق بين أن نحبّهم ، وبين أن نتعلّم قواعد التربية الصحيحة لكي نجعل منهم مواطنين صالحين ..ولعلّ أهم ما يميز التربية الصحيحة هو موقف الآباء الشخصي من الأبناء ، أي أسلوب التصرف معهم كأشخاص – كبشر لهم حقوقهم وعليهم واجباتهم لا كأشياء ..؟
فإذا فقد الطفل إحساسه بأنّه شخص مهم ، فإنّه سوف يتعامل مع الناس عندما يكبر على إنّه شيء ..فهناك خطأ شائع يقع ُ فيه الغالبية العظمى من الآباء ونحن ُ منهم عندما نقول : ( أولادي ) مع التشديد على ياء الملكية . فنعني ممتلكاتي .
أما الموقف السليم هو أن نعاملهم كأشخاص لهم مميزات خاصة بهم ، أما الموقف المضر لهم ولنا هو عندما نعتبرهم أشياء نمتلكها ونريد التمتع بها .
أجل :لا يكفي أن نحبّهم ، بل يجب أن نتساءل كيف نحبّهم ..؟ ما نوع محبتنا لهم ..؟ يقول المثل : ( ومن الحُبّ ما قتل ). فهناك حبّ يُحرّر ويُطلِق ، وهناك حبّ يكبّل ويخنُق .
يقول الفيلسوف – نيتشة : إن الوالدين يجعلون لا إراديا ً من أولادهم شيئا ً على شاكلتهم ، ويسمُّون هذا تربية .
إننا أيها الآباء والأمّهات: بالحقيقة لا نمتلك أولادنا ، لكننا وكلاء عليهم ، ونحن ُ جميعنا ملك الخالق الحقيقي ، والأبوّة والأمومة متعة ، لكنها مسؤولية لأن الله اعتبرنا مُستأهلين للقيام بها ، وقد أعطانا مثالا ً للأبوة المسؤولة من خلال علاقته معنا ، ولذلك يدعونا أن نربي أولادنا بنفس الطريقة المثالية الصحيحة .
إننا نشعر بأن هناك من يحتاج إلينا وما أحوج من الطفل لوالديه ، فبدون الوالدين لا يستطيع أن يعيش وينمو وهو شعور طبيعي ومشروع .. لكن الخطر إذا انحرف إلى استغلال هذه التبعية وتجاوزها .. وفي هذا الشعور شعور آخر كامن بالإحساس بفقدان الأهمية .هكذا يمكن أن يستمر الطفل طفلا ً حتى بلوغه سن المراهقة وما بعد ذلك أيضا ً .وهنا قد يُسرّ الآباء بأنّ أبنهم عاقل لأنه تابع ، بينما الحقيقة أنهم فشلوا في تربيته ، لأنهم جعلوا منه كائن لم تكتمل إنسانيته ، إذ حولوه إلى شيء يُشبع رغبتهم بتعاملهم الغير سليم والغير منطقي مع أبنائهم وربما يكون هذا عن غير قصد أو عن جهل في معرفة الطفل ودراسة سلوكه واهتماماته وربما يريدون بتعاملهم إتمام ما كان ناقصا ً عندهم من آمال بحيث يعوّضون هذا الشعور بالنقص في التربية .. ومن هنا نرى الكثير من الأمثلة على الأب في سلطته على أبنائه تنفيسا ً عن الضيق الذي يشعر به ، وقد نرى الأم في سلطتها على أولادها تعويضا ً عن التبعية التي عاشتها في عائلتها ..وقد يقدّم الأب والأم تبريرا ً لهذا التصرف بأنهم يعرفون كل شيء ويفهمون الأمور التي تخصّ أبنائهم .. وهذا تشبث شرس وكأنّ هناك صراع لا بد أن ينتصر فيه الآباء على الأبناء .
وقد نمارس السلطة بطريق الضرب أو التحقير أو الإذلال أو التدخل فيما هو شخصي ، فتكون النتيجة أحد أهم الإحتمالات ومنها ..ربما تتحطّم شخصية الولد ، ويأخذ موقف الخوف من الحياة وبهذا لم يعد يثق بنفسه ولا بمن حوله ..وقد يولّد عنده ردّ فعل ثأري عنيف ..قد يتظاهر أمام والديه بالاحترام والطاعة ، بينما ينفّث عن نفسه في علاقاته مع الزملاء والأصدقاء بشكل سلبي أو أكثر من ذلك ..؟ وعندما يصل إلى مرحلة المراهقة ينفجر ويُصبح ناقما ً مُعترضا ً على كل سلطة وبذلك نكون قد حولناه إلى شيء وخاصة ..عندما نستخدم أولادنا لتحقيق رغباتنا التي فشلنا في تحقيقها. ربما يكون الأمر طبيعي ومشروع عندما ندفع بأولادنا كي يحققوا ما فشلنا فيه من أحلام ، وأن نسخّر طاقاتنا وقدراتنا من أجل نجاحهم ، لكن يجب ألا نتجاهل قدراتهم ولكل له شخصية مستقلة لها خصائصها وزمانها ومكانها – مشاعرها – أحاسيسها- وأهدافها ..
فالأب في مجتمعاتنا يريد أن يزوّج ابنه من خلال أحلامه وهكذا الأم تريد أن تزوّج ابنتها من رجل ٍ كانت تحلم به ..وهذا الأمر من أصعب المواقف إيذاء ً للأبناء وللآباء معا ً وهو التدخّل في حالتهم العاطفية. وإذا ماأ ردنا أن نسلط الأضواء على كل السلبيات والتدخلات الغير منطقية لا بدّ لنا أن نفتش كتب العلوم منذ بدء التاريخ وحتى الآن لما يمكن تدوينه من تناقضات وأخطاء وتجارب وحكم ورغم هذا لن نصل إلى الحلول الناجعة لحلّ هذه المعضلات التي تحصل في كل مكان على وجه الأرض .
وهنا لابّد من التفاهم وقيام الصداقة الحميمة بين الآباء والأبناء .. المحبة – الصداقة – التفاهم – التوجيه ..التحدّث بصدق بدون تسلط وتحقير وتبعية.. وبدون إعطاء الحرية الكاملة دون نظام وسلوك تربوي علمي وروحي سليم منذ الولادة و الطفولة ومرورا ً بكل المراحل حتى نستطيع أن نقول : بأننا آباء أفاضل حصدنا ما بذرناه بأجسادنا وأدمغتنا وأرواحنا . وخير الأمثلة في التربية الصالحة نراها في حكم سليمان وسيراخ والفلاسفة والعلماء والأهم منها هو التربية من خلال كتاب الحياة – الإنجيل المقدّس – والذي فيه كلّ الحلول المثالية والعلمية للتربية الصالحة والناجحة .
روح الرب معكم .

fouadzadieke
05-06-2007, 03:13 PM
أولادنا أكبادنا تمشي على الأرض
أولادنا استمرار لنا
أولادنا ليسوا لنا بل هم أولاد الحياة
أولادنا فلذات أكبادنا
وغيرها كثير مما قيل عن الأولاد و الأبناء لكنهم بالحصيلة شخصيات مستقلة عنا لها كيانها وعالمها و تفكيرها و نمط سلوكها تختاره من خلال وعيها و تجربتها. وعلينا أن نقوم بدور الموجه لا الآمر و الناهي كما علينا ألا نفكر في جعل أولادنا نسخة عنا فنقضي على شخصيتهم و نذيبهم فينا. هذه خطورة كبيرة. الموضوع خطير و هام جدا ويمكن الخوض فيه أكثر غير أن الزبدة من كل هذا واضحة و لا تحتاج إلى اجتهادات وفتاوى وعلينا أن نعي ظروف و واقع أبنائنا وأن نعينهم ونعاونهم لا أن نمنعهم و نقهر إرادتهم! شكرا لك أخي وديع على موضوعك هذا. إنه قيم.

SamiraZadieke
05-06-2007, 10:51 PM
وهنا لابّد من التفاهم وقيام الصداقة الحميمة بين الآباء والأبناء .. المحبة – الصداقة – التفاهم – التوجيه ..التحدّث بصدق بدون تسلط وتحقير وتبعية.. وبدون إعطاء الحرية الكاملة دون نظام وسلوك تربوي علمي وروحي سليم منذ الولادة و الطفولة ومرورا ً بكل المراحل حتى نستطيع أن نقول : بأننا آباء أفاضل حصدنا ما بذرناه بأجسادنا وأدمغتنا وأرواحنا . وخير الأمثلة في التربية الصالحة نراها في حكم سليمان وسيراخ والفلاسفة والعلماء والأهم منها هو التربية من خلال كتاب الحياة – الإنجيل المقدّس – والذي فيه كلّ الحلول المثالية والعلمية للتربية الصالحة والناجحة
وهل هناك رد أجمل من هذا الرد
وسيكون لي تعليقا صغيرا وهو أن الأولاد يجب أن نعتز بشخصيتهم فنقدرهم ونعطيهم الأهمية بأن عليهم واجبات في الحياة ولهم حقوق أيضا لا أن نقمص شخصيتهم ونحد من حريتهم ..لينطلقوا ويعيشوا حريتهم بلا قيود لئلا يتعقدون ...
شكرا غالينا وديع على موضوعك المفيد هذا ...

وديع القس
15-06-2007, 11:35 PM
الأخ الغالي فؤاد
الأخت الغالية سميرة
الصفحات التي تلونونها بمدادكم ترسل في النفس راحة وهناء كبيرين وتعطي لكل لحن مذاقه الخاص الطيّب
وهذا إن دلّ يدلّ على رحابة صدركم وأفق نظرتكم للحياة .
با رك فيكم الرب هذا النور وهذه الروح المليئة بالعطاء .