fouadzadieke
21-10-2005, 02:59 PM
بُني على أنقاض حصن روماني قديم
دير مار موسى الحبشي..
دير مار موسى الحبشي تأريخ لسيرة بعض آباء الكنيسة دير مار موسى الحبشي نموذج للحضارة الآرامية دير مار موسى ينسب لأمير حبشي تنسك زاهداً من بلاط أبيه هرقل قتل رهبان دير مار موسى لرفضهم المذهب الخلقي دوني عندما فتحوا القبر وجدوا ابهام القديس منفصلاً عن جسده علامة ربانية تنهي إشكالية دفن القديس مارموسى نموذج رائع للأديرة القديمة في سورية دير مار موسى الحبشي نموذج رائع للفن السريالي الممتزج بالفن البيزنطي دير مار موسى الحبشي واحد من أربعة أديرة ما زالت محافظة على شكلها منذ مئات السنين في سورية. في (1831م) هجر آخر رهبان الدير المكان وتركوه فارغاً فحوَّله الرعاةُ إلى ملجأ لهم ولمواشيهم. زُيِّنت جدران الكنيسة برسومات جدارية من نمط (الفريسكو) رُسمت على بعضها في ثلاث طبقات.
يقع ديرمار موسى الحبشي شرقي مدينة النبك بالقرب من الجبل الكبير، الذي يُدعى بـ (الجبل المدخن) على ارتفاع 1320 م عن سطح البحر، ويعتبر واحداً من أربعة أديرة في سورية ما زالت محافظة على شكلها منذ مئات السنين، في حين أن أكثر من 150 ديراً تهاوت وتداعت بفعل الطبيعة والزمن والإنسان، و لعل ما يفسر بقاء الدير كل هذه السنين بُعده عن الناس الذين يقصدونه للزيارة أو لغير ذلك، لاسيما أن كثرة الإقبال على تلك الأديرة وبشكل غير منتظم تسبب في تهديم وخراب جزء كبير منها، إضافة إلى بُعده عن هطول الأمطار الغزيرة التي تتسبب عادة في سقوط الأبنية القديمة وتهاويها، ومن بينها الأديرة.
توما رسول القلمون
تبوأ هذا الدير موقعاً استراتيجياً مهماً بالنسبة لجغرافية المنطقة، وهو طريق مهم بالنسبة للذين كانوا يأخذون طريق الحج من الشمال إلى القدس، وبالنسبة للحضارة الشرقية يمثل الدير نموذجاً للحضارة الآرامية وللفن السريالي الممتزج بالفن البيزنطي.وقبل التعرف على الأهمية المعمارية والتاريخية لهذا الدير يجدر بنا أن نتعرف على تاريخ دخول الديانة المسيحية، إلى منطقة القلمون في سورية، إذ تذكر المصادر التاريخية أن المسيحية انتشرت في دمشق في بداية شيوعها، وقد شكلت هذه الديانة جماعة لها نظامها الكهنوتي، وكان لانضواء القديس بولس تحت لواء المسيحية ووعظه القيِّم أثر كبير في انتشار المسيحية في أطراف دمشق وما جاورها، ومن هناك انتشر أصحاب الدعوة ليحملوا سكان الجبال، والهضاب القريبة على اعتناق المسيحية، و(تميل التقاليد إلى اعتبار القديس توما رسول القلمون لكثرة الكنائس التي شُيِّدت على شرفه في كلٍِِِ من معلولا وجبعدين وعين التينة وصيد نايا والنبك)، وليس في هذا الرأي ما يشير إلى استحالة هذه الفكرة كما يقول الباحث (نور الدين عقيل) في كتابه (صفحات من تاريخ يبرود والقلمون)، إذ من المعقول أن يكون القديس توما قد مَّر بالقلمون إبَّان سفره إلى الهند، وهكذا تكون قد سنحت له الفرصة ليبشر بالمسيحية في جبال القلمون حيث انتتشرت فيها الكثير من الأديرة التي رافق تاريخ بعضها بدايات الميلاد كـ (دير مار موسى الحبشي)، وما يميز الدير موقعه الفريد إذ إنه بُني على أنقاض حصن روماني يقع بين جبلين يطل على سهل الناصرية باتجاه البادية نحو تدمر، ويشرف على الطريق التجاري القديم (طريق الحرير) الذي ينطلق من تدمر باتجاه دمشق إلى جنوبي فلسطين، وقد كان مقراً لحامية عسكرية رومانية مسؤولة عن حماية أو سلامة القوافل التجارية التي تمر في هذا الطريق العالمي، وشُِّيد على آخر صخرة صعبة الارتقاء تعلو الوادي.
إبهام القديس علامة ربانية
ينسب دير مار موسى إلى القس (الولي) موسى الحبشي الذي كان أميراً حبشياً ترك بلاط أبيه الملك، وانطلق ليعيش الحياة الرهبانية فجاء إلى مصر، وتدَّرب على يد نساك (الأسقيط) ثم رحل إلى فلسطين، ومنها إلى سورية وتحديداً إلى دير مار يعقوب المقطع في بلدة قارة، إلا أن خلافاً نشب بينه وبين بقية رهبان الدير لرفضه عقيدة الخلقيدونية، واعتناقه عقيدة الطبيعة الواحدة للسيد المسيح عليه السلام، فآثر الرحيل عنهم واتجه إلى وادي الدير الذي أخذ اسمه فيما بعد، وأقام في إحدى مغاراته متنسكاً، كما أصبح له تلاميذ ورجال يلتفون حوله ويقتدون به، ومات هناك شهيداً أيام النزاعات التي تلت المجمع الخلقيدوني، ويربط قداسة بطريرك كنيسة السريان الأرثوذكس (مار زكا الأول عيواص) في بحث منشور له في (المجلة البطريركية) بدمشق عام 1984 بين استشهاد مار موسى وعودة الإمبراطور البيزنطي هرقل إلى سورية بعد أن انتصر على الفرس و(عرَّج على الدير الواقع في الجبل المسمى المدخن وقتل العديد من رهبانه ومن جملتهم الأب موسى الحبشي، وتشتت الآخرون لرفضهم المذهب الخلقيدوني، وقد وصل خبر استشهاده إلى الحبشة فأتى رسول من طرف أهله ليأخذ جثمانه حتى يوارى الثرى في مسقط رأسه، إلا أن أهل المنطقة شق عليهم أن يتخلوا عن رفات قديسهم، وعندما فتحوا القبر وجدوا إبهام يده اليمنى منفصلاً عن الجثمان، وكانت تلك علامة ربانية، فاحتفظ الرهبان بإبهام يده اليمنى ذخيرة ليتباركوا بها، ولا تزال محفوظة حتى أيامنا هذه في كنيسة النبك السريانية.
برج روماني يتحول إلى دير
بُني دير موسى الحبشي على فترات متباعدة، ففي القرن الأول أو الثاني الميلادي كان الدير برجاً رومانياً يستفيد منه الرهبان، ولكن بعد تطور الحياة الرهبانية وجدوا حاجة لبناء كنيسة يجتمعون فيها للصلاة والعبادة وبناء دير يكون مركزاً لحياتهم النسكية، فقاموا ببناء قسم أول من الدير ومن بعدها بُني القسم الثاني على فترة قرنين من الزمن (السادس والسابع)، وقد بلغ الدير قمة حضارته في القرون الوسطى، إذ خرج منه رجال علم كبار، وكانت مكتبة الدير غنية جداً بالكتب والمخطوطات ومتميزة عن مثيلاتها من مكتبات الشرق الخاصة بالأديرة، إذ كانت مجموعة من الرهبان تقوم بنسخ الكتب وأغلب هذه المخطوطات دينية حول طقوس الصلوات وتاريخ الكنيسة وتأريخ لسيرة بعض آباء الكنيسة.
حوله الرعاة إلى ملجأ لهم
تدل الكتابات العربية على جدران الدير على أن بناء الكنيسة الحالية يعود إلى سنة 450 للهجرة أي إلى سنة / 1497م/، ويذكر الأب (باولو داليليو) في بحث بعنوان (تاريخ دير موسى الحبشي ووصف الرسومات الجدارية في كنيسته) أن نصاً باللغة السريانية قرأه (موريتز) في نهاية القرن التاسع عشر، ونشره " ماك كولوغ " ترجمته هي : (باسم الرب القدير قد عمَّر هذا الحصن، وأُتم في أيام أبينا مارسقورس في سنة ألف وثماني مائة وتسع يونانية، وذلك على يد الأخوة الرهبان). وهذا التاريخ اليوناني يقابل بالميلادي سنة 1497م، وفي القرن الخامس عشر أُعيد ترميم الدير وأضيف عليه قسم جديد، كما استمرت الحياة الرهبانية فيه حتى عام 1831م حيث هجر آخر رهبان الدير المكان وتركوه فارغاً، فحَّوله الرعاة إلى ملجأ لهم ولمواشيهم، وبالرغم من خلو الدير من سكانه ظل أهالي مدينة النبك يزورونه بتقوى وورع، وأوكلت شؤونه إلى الرعية المحلية التي بذلت جهداً للمحافظة عليه، وبقي الدير وقفاً كنسياً لمطرانية حمص وحماة والنبك للسريان الكاثوليك إلى أن بدأت أعمال ترميمه في منتصف ثمانينيات القرن العشرين بمساهمة نخبة من الاختصاصين في الآثار والتاريخ القديم من إيطاليا ومجموعة من طلاب وخريجي المعهد المتوسط للآثار والمتاحف في سورية من خلال برنامج التعاون السوري الإيطالي الذي بدأ عام 1984م. وقد تم الكشف عن الكثير من اللُقى الأثرية، كما أزيل الكلس عن الصور الجدارية، فظهرت لوحات غاية في الجمال، ومن القطع المهمة التي اكتشفت في الدير بعض الأواني الفخارية المتعددة الأشكال والأحجام منها مجموعة كسر عليها تزيينات هندسية بخطوط على شكل مثلثات ومربعات متعارضة وأباريق بعنق طويل مختلفة الأحجام والمقاسات وجرار ماء وقدور.. الخ. كما زُيِّنت جدران الكنيسة برسومات جدارية من نمط (الفريسكو) رُسمت على بعضها في ثلاث طبقات، ومن الممكن اعتبار رسومات الطبقة الأولى منها نموذجاً نادراً لاستمرار الفن الهيليني (اليوناني) المسيحي السوري.
خالد عواد الأحمد
دير مار موسى الحبشي..
دير مار موسى الحبشي تأريخ لسيرة بعض آباء الكنيسة دير مار موسى الحبشي نموذج للحضارة الآرامية دير مار موسى ينسب لأمير حبشي تنسك زاهداً من بلاط أبيه هرقل قتل رهبان دير مار موسى لرفضهم المذهب الخلقي دوني عندما فتحوا القبر وجدوا ابهام القديس منفصلاً عن جسده علامة ربانية تنهي إشكالية دفن القديس مارموسى نموذج رائع للأديرة القديمة في سورية دير مار موسى الحبشي نموذج رائع للفن السريالي الممتزج بالفن البيزنطي دير مار موسى الحبشي واحد من أربعة أديرة ما زالت محافظة على شكلها منذ مئات السنين في سورية. في (1831م) هجر آخر رهبان الدير المكان وتركوه فارغاً فحوَّله الرعاةُ إلى ملجأ لهم ولمواشيهم. زُيِّنت جدران الكنيسة برسومات جدارية من نمط (الفريسكو) رُسمت على بعضها في ثلاث طبقات.
يقع ديرمار موسى الحبشي شرقي مدينة النبك بالقرب من الجبل الكبير، الذي يُدعى بـ (الجبل المدخن) على ارتفاع 1320 م عن سطح البحر، ويعتبر واحداً من أربعة أديرة في سورية ما زالت محافظة على شكلها منذ مئات السنين، في حين أن أكثر من 150 ديراً تهاوت وتداعت بفعل الطبيعة والزمن والإنسان، و لعل ما يفسر بقاء الدير كل هذه السنين بُعده عن الناس الذين يقصدونه للزيارة أو لغير ذلك، لاسيما أن كثرة الإقبال على تلك الأديرة وبشكل غير منتظم تسبب في تهديم وخراب جزء كبير منها، إضافة إلى بُعده عن هطول الأمطار الغزيرة التي تتسبب عادة في سقوط الأبنية القديمة وتهاويها، ومن بينها الأديرة.
توما رسول القلمون
تبوأ هذا الدير موقعاً استراتيجياً مهماً بالنسبة لجغرافية المنطقة، وهو طريق مهم بالنسبة للذين كانوا يأخذون طريق الحج من الشمال إلى القدس، وبالنسبة للحضارة الشرقية يمثل الدير نموذجاً للحضارة الآرامية وللفن السريالي الممتزج بالفن البيزنطي.وقبل التعرف على الأهمية المعمارية والتاريخية لهذا الدير يجدر بنا أن نتعرف على تاريخ دخول الديانة المسيحية، إلى منطقة القلمون في سورية، إذ تذكر المصادر التاريخية أن المسيحية انتشرت في دمشق في بداية شيوعها، وقد شكلت هذه الديانة جماعة لها نظامها الكهنوتي، وكان لانضواء القديس بولس تحت لواء المسيحية ووعظه القيِّم أثر كبير في انتشار المسيحية في أطراف دمشق وما جاورها، ومن هناك انتشر أصحاب الدعوة ليحملوا سكان الجبال، والهضاب القريبة على اعتناق المسيحية، و(تميل التقاليد إلى اعتبار القديس توما رسول القلمون لكثرة الكنائس التي شُيِّدت على شرفه في كلٍِِِ من معلولا وجبعدين وعين التينة وصيد نايا والنبك)، وليس في هذا الرأي ما يشير إلى استحالة هذه الفكرة كما يقول الباحث (نور الدين عقيل) في كتابه (صفحات من تاريخ يبرود والقلمون)، إذ من المعقول أن يكون القديس توما قد مَّر بالقلمون إبَّان سفره إلى الهند، وهكذا تكون قد سنحت له الفرصة ليبشر بالمسيحية في جبال القلمون حيث انتتشرت فيها الكثير من الأديرة التي رافق تاريخ بعضها بدايات الميلاد كـ (دير مار موسى الحبشي)، وما يميز الدير موقعه الفريد إذ إنه بُني على أنقاض حصن روماني يقع بين جبلين يطل على سهل الناصرية باتجاه البادية نحو تدمر، ويشرف على الطريق التجاري القديم (طريق الحرير) الذي ينطلق من تدمر باتجاه دمشق إلى جنوبي فلسطين، وقد كان مقراً لحامية عسكرية رومانية مسؤولة عن حماية أو سلامة القوافل التجارية التي تمر في هذا الطريق العالمي، وشُِّيد على آخر صخرة صعبة الارتقاء تعلو الوادي.
إبهام القديس علامة ربانية
ينسب دير مار موسى إلى القس (الولي) موسى الحبشي الذي كان أميراً حبشياً ترك بلاط أبيه الملك، وانطلق ليعيش الحياة الرهبانية فجاء إلى مصر، وتدَّرب على يد نساك (الأسقيط) ثم رحل إلى فلسطين، ومنها إلى سورية وتحديداً إلى دير مار يعقوب المقطع في بلدة قارة، إلا أن خلافاً نشب بينه وبين بقية رهبان الدير لرفضه عقيدة الخلقيدونية، واعتناقه عقيدة الطبيعة الواحدة للسيد المسيح عليه السلام، فآثر الرحيل عنهم واتجه إلى وادي الدير الذي أخذ اسمه فيما بعد، وأقام في إحدى مغاراته متنسكاً، كما أصبح له تلاميذ ورجال يلتفون حوله ويقتدون به، ومات هناك شهيداً أيام النزاعات التي تلت المجمع الخلقيدوني، ويربط قداسة بطريرك كنيسة السريان الأرثوذكس (مار زكا الأول عيواص) في بحث منشور له في (المجلة البطريركية) بدمشق عام 1984 بين استشهاد مار موسى وعودة الإمبراطور البيزنطي هرقل إلى سورية بعد أن انتصر على الفرس و(عرَّج على الدير الواقع في الجبل المسمى المدخن وقتل العديد من رهبانه ومن جملتهم الأب موسى الحبشي، وتشتت الآخرون لرفضهم المذهب الخلقيدوني، وقد وصل خبر استشهاده إلى الحبشة فأتى رسول من طرف أهله ليأخذ جثمانه حتى يوارى الثرى في مسقط رأسه، إلا أن أهل المنطقة شق عليهم أن يتخلوا عن رفات قديسهم، وعندما فتحوا القبر وجدوا إبهام يده اليمنى منفصلاً عن الجثمان، وكانت تلك علامة ربانية، فاحتفظ الرهبان بإبهام يده اليمنى ذخيرة ليتباركوا بها، ولا تزال محفوظة حتى أيامنا هذه في كنيسة النبك السريانية.
برج روماني يتحول إلى دير
بُني دير موسى الحبشي على فترات متباعدة، ففي القرن الأول أو الثاني الميلادي كان الدير برجاً رومانياً يستفيد منه الرهبان، ولكن بعد تطور الحياة الرهبانية وجدوا حاجة لبناء كنيسة يجتمعون فيها للصلاة والعبادة وبناء دير يكون مركزاً لحياتهم النسكية، فقاموا ببناء قسم أول من الدير ومن بعدها بُني القسم الثاني على فترة قرنين من الزمن (السادس والسابع)، وقد بلغ الدير قمة حضارته في القرون الوسطى، إذ خرج منه رجال علم كبار، وكانت مكتبة الدير غنية جداً بالكتب والمخطوطات ومتميزة عن مثيلاتها من مكتبات الشرق الخاصة بالأديرة، إذ كانت مجموعة من الرهبان تقوم بنسخ الكتب وأغلب هذه المخطوطات دينية حول طقوس الصلوات وتاريخ الكنيسة وتأريخ لسيرة بعض آباء الكنيسة.
حوله الرعاة إلى ملجأ لهم
تدل الكتابات العربية على جدران الدير على أن بناء الكنيسة الحالية يعود إلى سنة 450 للهجرة أي إلى سنة / 1497م/، ويذكر الأب (باولو داليليو) في بحث بعنوان (تاريخ دير موسى الحبشي ووصف الرسومات الجدارية في كنيسته) أن نصاً باللغة السريانية قرأه (موريتز) في نهاية القرن التاسع عشر، ونشره " ماك كولوغ " ترجمته هي : (باسم الرب القدير قد عمَّر هذا الحصن، وأُتم في أيام أبينا مارسقورس في سنة ألف وثماني مائة وتسع يونانية، وذلك على يد الأخوة الرهبان). وهذا التاريخ اليوناني يقابل بالميلادي سنة 1497م، وفي القرن الخامس عشر أُعيد ترميم الدير وأضيف عليه قسم جديد، كما استمرت الحياة الرهبانية فيه حتى عام 1831م حيث هجر آخر رهبان الدير المكان وتركوه فارغاً، فحَّوله الرعاة إلى ملجأ لهم ولمواشيهم، وبالرغم من خلو الدير من سكانه ظل أهالي مدينة النبك يزورونه بتقوى وورع، وأوكلت شؤونه إلى الرعية المحلية التي بذلت جهداً للمحافظة عليه، وبقي الدير وقفاً كنسياً لمطرانية حمص وحماة والنبك للسريان الكاثوليك إلى أن بدأت أعمال ترميمه في منتصف ثمانينيات القرن العشرين بمساهمة نخبة من الاختصاصين في الآثار والتاريخ القديم من إيطاليا ومجموعة من طلاب وخريجي المعهد المتوسط للآثار والمتاحف في سورية من خلال برنامج التعاون السوري الإيطالي الذي بدأ عام 1984م. وقد تم الكشف عن الكثير من اللُقى الأثرية، كما أزيل الكلس عن الصور الجدارية، فظهرت لوحات غاية في الجمال، ومن القطع المهمة التي اكتشفت في الدير بعض الأواني الفخارية المتعددة الأشكال والأحجام منها مجموعة كسر عليها تزيينات هندسية بخطوط على شكل مثلثات ومربعات متعارضة وأباريق بعنق طويل مختلفة الأحجام والمقاسات وجرار ماء وقدور.. الخ. كما زُيِّنت جدران الكنيسة برسومات جدارية من نمط (الفريسكو) رُسمت على بعضها في ثلاث طبقات، ومن الممكن اعتبار رسومات الطبقة الأولى منها نموذجاً نادراً لاستمرار الفن الهيليني (اليوناني) المسيحي السوري.
خالد عواد الأحمد