Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الادبي > نبض الشعر > منتدى فرعي خاص بالأديب الشاعر صبري يوسف

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21-03-2007, 03:18 PM
SabriYousef SabriYousef غير متواجد حالياً
Silver Member
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 594
افتراضي عادةُ الثأرِ تجرُّنا إلى براكينِ الدِّماءِ ـ نصّ مفتوح

عادةُ الثأرِ تجرّنا إلى براكينِ الدِّماءِ
نصّ مفتوح

وَخَمٌ تنامى
في فروةِ الرَّأسِ
عجباً أرى
ما يزالُ فوقَ قشرةِ الأرضِ
فوقَ أرضِ الحضاراتِ
رؤىً في غايةِ الاِمتعاضِ
رؤى مستفحلة في الانحطاطِ
لا تصبُّ في كنفِ المودّةِ
ولا في رحابِ الولاءِ!

شرائحٌ ترعرعَتْ
في بُرَكِ القيرِ
لا تتعظّ من هديرِ الرِّيحِ
ولا من نسيماتِ الصَّباحِ
رؤى مخلخلةُ الأجنحةِ
من تنامي تلافيفِ الدَّهاءِ!

بعضُ تقاليدِ الشَّرقِ
مرصرصة بدبقِ الطِّينِ
حادّة كمنقارِ البومِ
ملوبةٌ فوقَ زغبِ الغباءِ!

عادةُ الثَّأرِ
قميئةُ المنحى
تُدمي القلوبَ
تُمحِقُ وميضَ العيونِ
تجرّنا إلى براكينِ الدِّماءِ!

تزرعُ بؤرةَ الشرِّ
في أبهى الأماسي
تبدِّدُ أجملَ ما في
ظلالِ الضّياءِ!

ظلالُ الطُّموحِ تراخَتْ
مثلَ تورُّماتِ الجراحِ
ظلالُ القلبِ والرُّوحِ
محفوفةٌ بجحورِ الوباءِ!

وباءُ الثأرِ
لا يضاهيهِ وباءً
أشبه ما يكونُ بسمِّ العقربِ
سمٌّ من قيحِ الرِّياءِ!

بلاءٌ أن يعيشَ المرْءُ
بينَ غبارِ الغدرِ
في متاهاتِ الشَّقاءِ!

شقاءٌ منذ أن تفتحَ عينيكَ
على وجهِ الدُّنيا
حتى تذوي شمعةُ الانطفاءِ

قباحةُ القباحاتِ
أن يراودَ المرءُ فكرةَ الثَّأرِ
والكونُ يعبرُ خفايا السَّماءِ

متى سيفهمُ عالمُ الشَّرقِ
أنَّ الثَّأرَ نزعةُ عارٍ
في جبينِ الوفاءِ؟!

عاداتٌ سقيمة
أن يثأرَ المرءُ
بعدَ نصفِ قرنٍ
بعد مصالحةٍ على أيدي الوجهاءِ!

وجهاءٌ على خرائطِ التِّبنِ
عهودٌ من خشخشاتِ الغبارِ
وعودٌ من لونِ الأسى
من دكنةِ الرِّياءِ!

قرأتُ كثيراً عن عاداتِ الصَّحارى
عن الثَّأرِ
اقشعرَّ بدني
من قحطِ الرُّؤى
في تقديمِ الدَّاءِ والدَّواءِ!

داءٌ معشعشٌ بالسُّمومِ
كأنّهُ من رذاذاتِ الملاريا
يتدفَّقُ من أفواهِ الجهلاءِ!

إلى متى ستكسو بصيرةُ البداوةِ
ترّهاتِ الثَّأرِ
ترنّحَ العمرُ تحتَ عاداتٍ
ولا في عصورِ الجفاءِ!

عاداتٌ تقبعُ
فوقَ صدرِ القوانينِ
عاداتٌ ولا أنكى
فلماذا لا تُستأصل من جحورها
قبلَ أن تعكِّرَ نقاوةَ الماءِ!

الثأرُ رؤيةٌ مريرة
مستنبتة من ضلوعِ الغدرِ
من عتمةِ القبورِ
كيف سننجي أجيالنا
من تفاقماتِ البلاءِ؟!

الثأرُ لغةُ الجنونِ
يناسبُ أن يفرِّخَ
في أجواءِ الأساطيرِ
في خفايا الكهوفِ
في ظلالِ الأدغالِ!

الثَّأرُ لغةُ الحماقاتِ
لغةُ اليأسُ واستفحالِ القنوطِ
لغةٌ مستقطرة
من أنيابِ الوحوشِ
في زمنِ العلمِ وغزوِ الفضاءِ!

قلبي مدمى من مرارةِ القتلِ
من ضحالةِ العقلِ
اغرورقتْ عيونُ الشَّفقِ
ولاذَ الجاحدونَ الفرارَ
وجعٌ في سماءِ الحلقِ
طفولةٌ تلملمتْ
حولَ دماءِ الضَّريحِ
نساءٌ تورَّمَتْ عيونهنَّ
من حرقةِ البكاءِ!

ألمٌ في جبينِ اللَّيلِ
حزنٌ على مدى البراري
أيُّ جبنٍ هذا
أن يُزهِقَ المرءُ روحاً
أن تزغردَ أنثى
على حشرجاتِ الموتِ

حماقةُ الحماقاتِ أن أرى
روحاً تفرحُ لاندلاقِ الدِّماءِ
لموتِ الشهداءِ
لانسيابِ دموعِ الأطفالِ
الثَّأرُ عادةٌ بغيضةٌ
وقاحةٌ مستولدة من أجيجِ النَّارِ

لماذا لا نضعُ حدَّاً لمخاطرِ النَّارِ
لماذا لا نمحقُ هذه الرُّؤى
الحُبلى بأزيزِ العارِ
كم من الأنينِ والأسى
كم من الرِّقابِ تراخت
تحتَ سيفِ الثَّأرِ
وقوانينُ البلادِ تغفو
فوقَ سماكاتِ الدَّماءِ!

الثَّأرُ قانونُ الصَّحارى
والصَّحارى عشطى للونِ الدِّماءِ
أَما في طول البلادِ وعرضِها
نصٌّ يسنٌّ قانوناً
يضعُ حدّاً لطيشِ الصَّحارى؟!

هل من المعقولِ
أن نخضعَ لعطشِ الصَّحارى
ولا نسقي شبَّانَنا
أنقى ما في الدِّيارِ؟!

ديارنا غدَتْ خراباً
تؤمُّها بيارقُ الثأرِ
نيرانٌ على مناحي الدُّروبِ
عقودٌ من الغلِّ
تغلي في جوفِ البليدِ!

بلادةُ البلاداتِ
مَن يحملُ هرطقاتِ الثِّأرِ
بينَ انحناءاتِ الضُّلوعِ!

الثأرُ جريمةُ الجرائمِ
إرهابٌ للدولةِ .. للمواطنِ
لحنينِ الأمَّهاتِ!

وصلتْ بلادُ الكونِ
إلى خفايا المجراتِ
ونحن ما نزال نرزحُ
تحتَ سياطِ الثأرِ
نرتعدُ من بطشِ الصَّحارى
هل ننمو في ظلالِ الأدغالِ
أم أنَّنا في أوجِ عبورِ الفضاءِ؟!

لماذا فضاءُ الكونِ رحبٌ
وفضاؤنا
مكلَّلٌ بالثَّأرِ بالقرفِ بالقحطِ
بانحرافِ المخيخِ
عن جادةِ الصَّوابِ؟!

ألا يوجدُ
في طولِ البلادِ وعرضِها
مَن يضعُ حدَّاً
لهذا الوباءِ؟!

أليسَ جرماً
أن نكونَ أوَّل من أبدعَ الألفباءِ
وآخر من يرزحُ
تحتَ سقفِ الغباءِ؟!

غباءٌ من دكنةِ الاسفلتِ يحيقُ بنا
نُقتلُ كالدُّجاجِ
فوقَ نضارةِ الوطنِ

هل وجدتم في بقاعِ الدُّنيا
غباءً يفوقُ جنونَ صحارى الثَّأرِ
ماذا سيقولُ عنّا الغربُ
سياحةُ قتلٍ بعد نصف قرنٍ من الصِّلحِ
فكيف لو لم يكُن هناكَ صلحاً؟!

ألا يموتُ الثأرُ بالتقادمِ
بمرورِ الوقتِ
أم أنَّه يفرّخُ مثلَ العقاربِ
معقوفُ الذَّيلِ
يفرّغُ سمومه كأنّه
من شيمِ العقاربِ!

سمعنا عنهمُ
عن الشِّيمِ
عن الكرمِ
عن الوفاءِ
عن الحقِّ والعدالةِ
عن خصالٍ ولا في كتبِ الأنبياءِ!

لماذا إذاً يصرّونَ
على عمى البصيرةِ
على اسودادِ خيوطِ الشَّفقِ؟!

الثَّأرُ ارتدادُ النَّفسِ
عن معاييرِ الخيرِ
عن قيمِ الحياةِ
جنونٌ حتّى النِّخاعِ
انحرافُ المرءِ عن كنوزِ الولاءِ!
... ... ... ... ....!

ستوكهولم: آذار (مارس) 2007
صبري يوسف
كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:30 PM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke