Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الادبي > نبض الشعر > منتدى فرعي خاص بالأديب الشاعر صبري يوسف

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 30-08-2005, 03:29 PM
SabriYousef SabriYousef غير متواجد حالياً
Silver Member
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 594
افتراضي أنشودة الحياة ـ الجزء الأوّل ـ 8 ـ



أنشودة الحياة

[الجزء الأوّل]

( نصّ مفتوح )


لغةٌ مفهرسة من وقائعِ الجنونِ

بعيدةٌ عن خصوبةِ الرُّوحِ

عن خفقةِ القلبِ

بعيدةٌ عن نسمةِ الصَّباحِ

معفَّرة بأشلاءِ العناكبِ

تقتلُ بهجةَ العيدِ

خارجة عن جموحِ الشَّوقِ

عن تضاريسِ المكان!



ها قد تغَلْغَلَتِ الغرغرينة

في مخِّ العظامِ

تحاولُ الإنتحار ..

لا تتحمَّل أنْ ترى ذاتكَ

مبتورة الأطرافِ

كيفَ تريدُ من الآخرين

أن تتحَمَّلَ بتر أطرافهم

أوْ قَصِّ الرِّقابِ؟



الزَّمنُ البعيدُ

لَمْ يَعُدْ بعيداً

لا تفرحْ كثيراً

لو حقَّقتَ انتصاراً

على حسابِ الرَّعيّةِ

تذكَّرْ أن رحلةَ العمرِ

فُسحة قصيرة

أقصر من هبوبِ النَّسيمِ

في أوائلِ الرَّبيعِ

أقصر من مسافاتِ خيوطِ الشَّمسِ

أقصر من جداولِ الدُّموعِ المترقرقة

من عيونِ الفقراءِ!



تسامى أرخبيلُ الرُّوحِ

فاتحاً صدره لأغصانِ الطُّفولة

لأحضانِ المساءِ

ناثراً بساتين المحبّة

فوقَ وجنةِ المسافاتِ!



وقفَ الفرحُ

فاتحاً ذراعيه لخصوبةِ الفكرِ

لتواصلِ الطُّفولة

معَ وقائعِ العمرِ ..

ثمّة برعم تفوحُ منه

نكهةَ النَّارنجِ

يستقبلُ افتتاحياتِ الحلمِ

برعمٌ من لونِ الإخضرارِ

انبثقَ خلسةً

من ظلالِ الفراديسِ

راغباً أن يمسحَ جبالَ الأحزانِ

المستشرية

فوقَ قبابِ العمرِ



برعمٌ من لونِ النَّدى

تتطايرُ شذاه

من أغصانِ الياسمين



لماذا لا يتعلّمُ الإنسانُ

من كنوزِ الطُّفولةِ

دروساً

في

انتشارِ

العبقِ؟



عندما يشتدُّ الشَّوقُ

إلى خدودِ الأهلِ

تغدقُ الدموعُ لآلئاً

على أمواجِ المسافات!



بعدَ غيابٍ طويل

ذُهِلَ الأطفالُ

عندما رأوا دموعَ آبائِهِم

تنفجرُ مِنْ مآقيِهِم

أثناءَ العناقِ!



أنْ تشهقَ باندهاشٍ

عندما تلتقي بأحبّائِكَ

بعدَ غيابٍ طويل

أنْ تبكي فرحاً

أنْ تشعرَ أنَّكَ خفيفٌ كالفراشةِ

ككلماتِ العشّاقِ

نسيمٌ عليلٌ يبلسمُ وجهَ الشَّفقِ ..

يعني أنَّكَ تحملُ بينَ جناحيكَ

شفافيّةَ طفولةٍ مكلَّلةٍ بخصوبةِ الرُّوحِ

بنكهةِ الحياةِ!


الجنازةُ تسيرُ

شقيقٌ لا يستطيعُ

حضورَ تشييعِ جنازةِ أخيْهِ

إنَّهُ زمنُ الإنشطارِ

إنشطارُ الأخوّةِ

إلى دماءٍ متنافرة

صراعُ الأبراجِ العاجيّة

صراعٌ يقودُكَ إلى أقصى المتاهاتِ

إلى سماكةِ الضَّبابِ

على بؤبؤِ العينِ!



أحزانٌ محشوّة

في كيسِ الذَّاكرةِ

يهدرُ دمَ حفيدِهِ

كأنّهُ مولود نعجة جرباء ..

يستأصلُ دماً

يتوهَّم أنَّهُ فاسدٌ

هلْ ثمَّةَ فسادٍ

أكبرَ مِنْ أنْ يهدرَ إنسانٌ

دمَ حفيدِهِ؟!

إنّه زمنُ تحوُّل الحضارة إلى رماد!


رسالةٌ مفتوحةٌ غير منقَّحة

وصلَتْ خطأً إلى شقيقٍ مهمومٍ

غير مهيَّأٍ للبكاءِ!



رماحٌ غارقةٌ في السُّمومِ

تهطلُ فوقَ جفونِ المدائنِ ..

متاريسُ العالمِ لا تقي نقاوةَ الرُّوحِ

من سُمومِ الرِّماحِ!



خفَّفَتِ الأغاني جزءاً غيرَ يسيرٍ

مِنْ أحزانِ المساءِ

وتوهُّجات خيط القصيدة

مسحَتْ أحزانَ الليلِ والنَّهارِ!



جلسَ كئيباً بجانبِ النَّهرِ

كمالكِ الحزينِ

ينتظرُ خصوبةَ النَّهرِ

خصوبة أنثاه قادمة إليه

تحملُ باقةَ عشبٍ

تقبِّلهُ ..

تفرشُ على صدرِهِ طراوةَ العشبِ!



عمّي ينحتُ الحجرَ

يبني بيوتاً مِنَ الطِّينِ

مِنَ الحجرِ

عمّي مِنْ لونِ الأرضِ

مِنْ لونِ البكاءِ

مِنْ لونِ صعودِ الرُّوحِ

إلى قممِ الجبالِ!



يذكِّرني خبزُ التنّورِ بأمّي

برغيفِ أمّي ..

بباقاتِ الحنطة

بالجَرْجَرِ* ..

بأيامِ الحصادِ

يذكِّرني بطفولتي المتلألئة

بالسَّنابلِ!



يزدادُ الجليدُ سماكةً

في غاباتِ الحلمِ

يعبرُ دونَ استئذانٍ

لكن سنبلة دافئة

تتبرعمُ شامخةً

من بيَن سماكةِ الجليدِ!



هَلْ ثمَّةَ شطآنٍ مكثَّفةٍ بالحبِّ

تستطيعُ أنْ تقتلعَ هذهِ الكآبة

النابتة حولَ ظلالِ القلبِ

المفروشة على امتدادِ شهيقِ الرُّوحِ!



مللٌ منذُ بزوغِ الفجرِ

ضجرٌ مِنْ تراكماتِ الإنتظارِ

من اجترارِ القهرِ

تزمجرُ دائماً شاشات التلفاز

تزوِّدني بأخبارِ المهابيلِ

بأخبارِ الغدرِ

إلى متى ستبقى رؤى هؤلاء

مغلَّفة بالغبارِ ..

بالعقمِ

بكلّ أنواعِ الترَّهاتِ!



يريدونَ أنْ يصلوا

إلى قمَّةِ القممِ

وهم سائرونَ

في مستنقعاتٍ ضحلةٍ

حُبلى بالأوبئة!



أنْ تختلفَ معَ مُحاورِكَ

لا يعني أنْ تبقى ضدَّهُ

أن تحجظَ عيناكَ في وجهِهِ

أنْ تزجَّهُ

في غياهبِ السُّجونِ



أيُّ قانونٍ هذا

يتحدَّثون عنهُ ليلَ نهار

وزنازينهم

تزدادُ ارتفاعاً وانخفاضاً

تكتظُّ فيها كقطيعِ الجواميسِ

أجسادُ الأبرياء؟!



بعدَ سنواتٍ من العذابِ

أطلقوا سراحَه

ضمنَ احتفالٍ مهيبٍ

كأنَّه فاتح الأندلس ..

كيفَ سيقنعُ أصدقاءَهُ

زوجَتَهُ ..

ابنَتَهُ

أنّه ليسَ من الفاتحين

إنَّه فعلاً مِنَ المنـزلقين

في قاعِ الزَّنازينِ!



نهضَتْ

تحاولُ لملمةَ بقايا حلمٍ

لكنَّ الحلم

توارى بعيداً

في عتمِ الليلِ!



انتظرَتْهُ سنيناً

عندما شاهَدَتْهُ

عبرَ الممرِّ الطَّويلِ

ركضَتْ بتلهُّفٍ نحوهِ

انزلقَتْ قدماها

سقطَتْ ..

نهضَتْ

غير مكترثة لنـزيفٍ

في أعلى الجبين ..

حضنَتْهُ بشوقٍ عميقٍ

ترقرقَتْ عيناهُ متمتماً

مجنونٌ أنا

وضَعْتُ ابنتي



في مشفى المجانين!




... ... ... ... يتبع!













صبري يوسف


كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم




موقعي الفرعي عبر موقع الحوار المتمدّن


http://www.rezgar.com/m.asp?i=10



























التعديل الأخير تم بواسطة SabriYousef ; 30-08-2005 الساعة 03:33 PM
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:53 PM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke