Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الادبي > نبض الشعر > منتدى فرعي خاص بالأديب الشاعر صبري يوسف

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 07-07-2005, 08:30 PM
SabriYousef SabriYousef غير متواجد حالياً
Silver Member
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 594
افتراضي الكرافيتة والقنّب ـ قصّة قصيرة

الكرافيتة والقنّب



قصّة قصيرة



كان والدي محتاراً بإحدى مشاكله المرتبطة بغنمته، حيث بذل قصارى جهده لمعالجة أمورها .. كان بحاجة ماسّة في ذلك اليوم أن (يكزلَ*/يجدلَ) لغنمته حبلاً لا يضاهيه حبلاً آخر .. والمعروف أنَّ والدي لا تخلو جيوبه من الخِرَقالصغيرة والقنَّبات والخيوط الملوَّنة، إلا أنّه كان قد ملَّ تماماً من هكذا أصناف من الخيوط والقنَّبات، فما وجد نفسه إلا وهو يفتح خزانتي التوتياء العاجَّة بالكرافيتات من كلِّ الأشكال والألوان، فلم يتردَّد ثانية واحدة من إختيار كرافيتة ملوَّنة بألوان تأخذ العقل، فتناول هذه الكرافيتة من بين أكوام الكرافيتات ، هامساً لنفسه: كيف سيعرف صبري أنَّ هناك كرافيتة ناقصة أمام هذا (الّلود*) من الكرافيتات؟ .. أمسك الكرافيتة من نهاياتها، وبدأ يمطِّيها بطريقةٍ، بحيث لا تنقطع كي يعرف مدى مرونتها وقوَّتها، ثمَّ خرجَ إلى ذلك البلكون الفسيح. جلس على دوشكايته* الصغيرة وأخرج من جيوبه خيوطه وبدأ يكزلُ قنّبه ليصنع منه حبلاً لغنمته على مزاجه، واضعاً في الإعتبار انَّه سيتمكَّنُ من انجاز مشروعه قبل أن آتي من دوامي، إلا أنَّه لم يضع في الإعتبار أنَّ لديّ حصة فراغ وسآتي مبكَّراً في ذلكَ اليوم.

عبرتُ ساحة الدار، وعندما شاهدني والدي لملم مباشرةً نهايات خيوط قنَّبه ووضعه تحت إبطه ليخفي ما تبقّى من الكرافيته .. وكانت بدايات الخيوط مربوطة في إبهام قدمه اليمنى..وكان حبله مكزولاً بشكلٍ أنيق ملفت للإنتباه، وفعلاً جذبني حبله بألوانه الجميلة، فقلت له بابا أشْ حبلك حلو! .. فضحكَ وقال: هذا الحبل الحلو هو خصوصي لغنمتي ..

عندما أمعنت بألوانه الجميلة، شعرتُ أن حبلاً جميلاً كهذا يليق أن يكون في أعناق غير الغنم، فقلتُ لوالدي من أين لكَ هذه الألوان الجميلة يا بابا؟ ابتسم وهو يضحكُ بطريقة هادئة وبثقة عالية، محاولاً أن يشتِّتَ الموضوع وقال لي بدعابة أبويّة: روح طلِّع في المطبخ، أمُّك قد عملَت لكَ أكلاً طيّباً. فقلت له: لستُ جائعا الآن يا بابا.. لاحظتُ أنّه توقَّف عن الكَزْل، فقلت له لماذا لا تتابع كَزل الحبل؟ .. فقال: أريد أن أرتاح قليلاً. ولفتَ إنتباهي أنَّ نهايات الحبل غير المجدول ململمة تحت إبطهِ، فقلتُ له لماذا لا ترتاح قليلاً، هل سيهرب الحبل، ولماذا حشرتَ نهايات حبلكَ تحت إبطك؟ فقال بطريقته الساخرة، وإذا هرب شو بدّي أعمل! .. دخلت المطبخ .. راودني أن أراقب والدي، فضول قوي دفعني أن أراقبه، بعد أن أحسَسْتهُ أننّي أعطيته الأمان وتركته وشأنه، فما وجدتُه بعدَ لحظات، إلا وهو يبدأ بسرعة بكَزْل حبله، فتراخى إبطه وسقطت نهايات القنَّب على جانبه ، فبدَتْ كرافيتتي الحمراء والبيضاء والخضراء الرفيعة، تتوارى سريعاً داخل الحبل المجدول، آنذاك عرفتُ أنّه انقضَّ على فريسته مستغلاً غيابي، فتركته يتابع عمله .. لكنّي خرجت من المطبخ وفاجأته قبل أن ينتهي من طمس معالم فريسته داخل حبله، وعندما وجدني لملم نهايات القنّب ووضعها تحت إبطه مرّةً أخرى .. ووجدته هذه المرّة مرتبكاً قليلاً..وبادرني بسؤاله؟ هل أكلتَ؟ فقلت له لا، سأنتظر حتّى تنتهي وسنأكل سويةً. فقال لي أنا أكلت، بإمكانك أن تأكل لوحدكَ. مع يقيني أنَّ والدي ما كان قد أكل بعد. وبعد حوار قصير بدأت أداعب والدي وأمزح معه ثمَّ تذكَّرت أن والدي (يتدغدغ) من خاصرته وإبطه، فبدأت أدغدغه من خاصرتهِ، ضحكَ راجياً إيّاي أن أتوقَّف عن دغدغته، لكنّي لم أصغِ إلى رجائه، تابعت أدغدغه، فتعالى ضحكه وفقد السيطرة على إحكام إبطه على خيوط القنّب، فسقطَت نهايات القنَّب على ركبتهِ ..كانت كرافيتتي تحني رأسها المدبَّب نحوي وكأنَّها تطلب النجدة كي أنقذها من هذا الإنحباس الّذي حبسها فيه! فقلت: بابا! .. أجابني بلطف: أيشْ ابني! فقلتُ له: أَليسَتْ هذه كرافيتتي الحمراء الرفيعة؟ فقال وهو يضحك ممازحاً إيّاي، أشْ عليك يختبي على الله ما يختبي، بلى والله يا ابني هذه هي كرافيتتك الحمراء الملوَّنة. ولماذا أخذتها وكزلتها مع خيوطكَ وقنّباتكَ؟ .. بصراحة منذ الصباح وأنا أبحث عن قنَّبٍ أو خيطٍ رفيع وحلو وقويّ، بحيث يتناسب مع الحبل الّذي أريده لغنمتي، فلم أجد أجمل وأنسب من كرافيتتكَ، لهذا أخذتُ كرافيتتكَ .. ثمَّ غمره الضحك، كي يحسِّسني بأنَّه لم يعمل خطأً أو شيئاً غريباً.. فقلت له: لكنِّي كنت أحبُّ هذه الكرافيتة كثيراً جدّاً يا بابا و... فقال مقاطعاً أيّاي: ولكنَّكَ لم تحبها مثلما أحببتها أنا! ثمَّ تابع حديثه قائلاً: أنت عندكَ عشرات عشرات الكرافيتات غيرها، فهل ستخرب الدنيا لو أخذت واحدة منها؟! .. انتابتني في تلك اللحظة نوبة ضحك خارجة عن المألوف ثمَّ أردفت قائلاً له: والله العظيم معكَ حقّ .. خيّو ألف مبروك على غنمتكَ كرافيتتي!

عنـدما سـمعني أُبـارك لـه عـمله، سرعان ما وجدته يمسك نهايات كرافيتتي وقنّباته، متابعاً (كَزْل) حبله بشغفٍ كبير!!






ستوكهولم: صيف 1996

صبري يوسف

كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم


هوامش:

* يَكْزِلُ: كلمة عامّية تعني يجدل.ُ

*الّلَوْد: الكومة الكبيرة، والفلاحون الآزخيون كانوا يقولوا لَوْد تبن، كومة كبيرة من التبن ..إلخ

*دوشكاية: فراش صغير يصنع باليد، تصغير دوشك، والدوشك، يعني: فراش.

التعديل الأخير تم بواسطة SabriYousef ; 07-07-2005 الساعة 08:35 PM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 13-07-2005, 07:07 PM
SabriYousef SabriYousef غير متواجد حالياً
Silver Member
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 594
افتراضي

نقلاً عن موقع القصّة العربيّة، إليكم بعض التعقيبات وردودي عليها عبر موقع القصة العربية!

د. حورية البدرى
اسكندرية - مصر


تم التعليق في 11/06/2003


تطل من خلف أحداث القصة عدة إشكاليات 00 منها هذا الإيحاء بشئ ساخر ما بين كرافيتة شاب لهذا الجيل وغنمة للجيل السابق 00 نفس ما يدور حول الرقبة ويمتد ؛ الكرافيتة والقنب 00 وبنفس الخيوط ! 00 وإشكالية استخدام اللهجة المعاشة المتداولة في البيئة 00 وهنا تتآلف القصة مع لغتها الخاصة وموروثها المطل من مفردات هذه اللغة 00 و " اش عليك يختبي ، على الله ما يختبي " 00 بالفعل كان هناك ما يختبئ خلف السرد لأحداث القصة 00 كانت هناك بيئة فطرية مطروحة بطزاجتها 00 تتوالى الصور الحيّة 00 والكلمات المتداولة بالفعل 00 انها قصة تدب على أرض واقع حقيقي أو مفترض ! 00 تحياتي
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 13-07-2005, 07:12 PM
SabriYousef SabriYousef غير متواجد حالياً
Silver Member
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 594
افتراضي



نقلاً عن موقع القصة العربية

صبري يوسف
ستوكهولم



تم التعليق في 11/06/2003


العزيزة د. حورية البدري، مرورك لطيف وهادئ مثل نسمة منعشة في سماء الغربة، النص اقتبسته من واقع معاش، وفرشت عليه بعضاً من عبق الخيال، لكن الفكرة بكل بساطتها حصلت على أرض الواقع، والطريف بالأمر أنني سررتُ جدّاً من سطو والدي على كرافاتي، خاصّة لأنه أستطاع أن يحلّ مشكلته عبر اختياره الرفيع لكرافاة رفيعة موديل سنتها، اشكره جزيل الشكر، لأنه بسطوه حقّق هدفين، أولا حل مشكلة إيجاد حبل لغنمته، ومن جهة أخرى فتح لي فضاءاً قصصياً، ولولا سطوه الرائع لما ظهرت هذه القصة إلى النور، الأدب هو رحيق الواقع مستمد من البيئة التي نعيش فيها، القصة تحمل طابع الطرافة والكوميديا، وعكستُ عفوية الفلاحين وكيفية حل مشاكلهم البسيطة، أَلم تلاحظي كيف أفحمني والدي عندما قال لي ، عندكَ عشرات غيرها، ألا يحق لي واحدة منها! وهكذا اقتنص نصوصي من تلاوين الحياة، شكراً لتواصلكِ مع حرفي، لكِ خالص مودّتي واحترامي!

التعديل الأخير تم بواسطة SabriYousef ; 13-07-2005 الساعة 07:14 PM
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:00 AM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke