كتب الأب الياس كرم كاهن رعية الشويفات في صحيفة "النهار": ليس من باب المجاملة او ال

[fouadzadieke]

كتب الأب الياس كرم كاهن رعية الشويفات في صحيفة "النهار":

ليس من باب المجاملة او اللياقة ان ادوّن هذه الاسطر، وليس من باب التقصير من قبل ابرشية بيروت او افتقارها للأرقام للرد، انما من باب الوفاء ودحض الافتراءات التي طالت صاحب السيادة المطران الياس (عوده) الجزيل الاحترام وكهنة ابرشيته، بنشر مقالة في احدى الصحف اللبنانية، خلال هذا الاسبوع، مضمنا كاتبها عبارات واتهامات ومواضيع لا صلة لها بعضها ببعض.

كلمة حق تقال ان ما قدمته ابرشية بيروت من مراسم واجراءات طوال فترة وداع صاحب الغبطة المثلث الرحمة البطريرك اغناطيوس الرابع في كاتدرائية مار نقولا في بيروت امر تشكر عليه. فالارادة الالهية ادت رقاد غبطة البطريرك في لبنان وتحديدا في بيروت، في هذه المنطقة التي تسلم غبطته ادارة كلية البشارة فيها اوائل الستينات، وكما قال سيدنا جورج (خضر)، في عظته بدمشق خلال مراسم جنازة غبطته: "... تسلمت كلية البشارة في بيروت فالتمعت بك". وانا من القائلين انه كان يجدر بأن يسجى صاحب الغبطة في بيروت حتى ولو وافته المنية في دمشق، لان بيروت كانت في قلبه ولبنان في ضميره وكيانه. فهل يوجد افضل من كاتدرائية مار نقولا في وسط العرين الارثوذكسي في الاشرفية لتحتضن جثمان سيدنا البطريرك، بما فيها من مواصفات متعددة لتستقطب هذا الحدث.

كأن بكاتب المقال ترجم عداء شخصيا تجاه سيادة المطران عوده وكهنة ابرشيته، واننا نؤمن بكلام الرب في الانجيل المقدس القائل: "لا تدينوا كي لا تدانوا". ونؤمن ايضا بأن من منا بلا خطيئة فليرجمها بحجر، والكل يخطئ ويعوزنا مجد الله، ونحن كلنا تحت التعليم.

وما لفتني ايضا ادخال مواضيع في صلب المقال لا علاقة لها بالحدث، فما شأن بيع الاراضي ومستشفى الروم، علما ان المؤسسات في ابرشية بيروت هي من انجح المؤسسات في الكرسي الانطاكي، ولتنشيط الذاكرة ان المطران عوده استطاع ان ينقل مستشفى القديس جاورجيوس من الموت الى الحياة، فبعد ان كانت في حقبة السبعينيات تعد من مراتب متدنية بين المستشفيات في لبنان، باتت مع سيادته من اهم المستشفيات واوائلها في لبنان والعالم العربي بأجمعه. وحتى لو كان لكاتب المقالة، او لملهميه، بعض المآخذ لا يجدر به التجريح بهذا الشكل، وربما هناك اشخاص كثر يؤيدون مضمون المقالة، انما لا يجوز ولا يليق التشفي بهذه الطريقة التي لا تليق بالحدث الجلل.

انا ممن شاركوا في الجنازة، وكنت قبلا مشاركا في قداس مار نقولا، وايضا قصدت الكاتدرائية مع وفد من مشايخ طائفة الموحدين الدروز في الشويفات لتقديم واجب العزاء، لم اجد ثغرات كبيرة وذات اهمية بحسب ما شيّع الصحافي العزيز في مقالته، مع اقتناعي الدائم بوجود ثغرات في اي احتفال ذي طابع عام.

التدابير الامنية التي اتخذها لواء الحرس الجمهوري في محيط الكنيسة، وعلى مداخلها، اعاقت حركة الوفود الشعبية، كما ان اخراج الناس من الكنيسة قبل الدفن ليس سوى لنقل جثمان البطريرك ووضعه في النعش ولاجراء مسح امني للكنيسة التي ستؤمها تلك الوفود الروحية والسياسية والامنية. نحن في بلد يا للأسف معرض في كل لحظة لخضات امنية، كل هذا الجو من الطبيعي ان يؤثر في كهنة ابرشية بيروت المولجين التنظيم، وسيؤدون حسابا على المسؤولية الملقاة على عاتقهم، وقد واظبوا طوال خمسة ايام على وجودهم في مار نقولا من اجل الاستقبال والتنظيم، وقد تشاركوا وطلاب معهد القديس يوحنا الدمشقي (البلمند) في التنظيم ايضا، ولكن تبقى المسؤولية على عاتقهم كونهم ادرى بالمكان.

كما انه الافضل في هذا الوقت اللجوء الى الصلاة من اجل ان يلهم الرب الاله احبار المجمع الانطاكي المقدس انتقاء بطريرك جديد لانطاكية يحمل صفات اغناطيوس الانطاكي الاول لاكمال مسيرة اغناطيوس الرابع، ويحافظ على روح النهضة الروحية والفكرية والتربوية والاجتماعية، وروح التسامح والانفتاح على الشريك الآخر في هذا الشرق والعالم اجمع، لا ان ندخل في مهاترات انتخابية شبيهة بأهل السياسة.

في هذه العجالة اردت انا الكاهن في ابرشية جبل لبنان والمطيع لسيده الى اقصى الدرجات، والى ملهمه ومعلمه المطران جورج (خضر) الجزيل الاحترام، ان أدوّن كلمة حق، لا لأبرر اي تقصير او هفوات او تصرفات لا تليق بالكنيسة، او لأغطي بعضا من ترابية اهل الدنيا التي تتسلط علينا جميعا، انما لتصويب مسار التحقيقات التي تصدر في الاعلام وتجرّح في المقامات الروحية، وكأن الحرية الاعلامية من شأنها ان تغدو ديّانة بديلة من دينونة الله. من حقك ان تكتب انما بموضوعية ومن دون تجريح الى هذا الحد، فالاكليروس من هذه الترابية، ولذا علينا ان نردد ما قاله سيدنا جورج في وداع غبطته في بيروت: "قل للمخلص اننا بتنا لا نتكل الا على اشفاقه على كنيسته. متى تصبح برأفاته العروس المشتهاة، سلم على الذين يحبون ان نلتحق بهم. ان الاله المبارك ينصت الى نجواك الضامة ايانا الى رحمته".