Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الادبي > نبض الشعر > مثبت خاص بفؤاد زاديكه > خاص بمقالات و خواطر و قصص فؤاد زاديكه

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22-10-2021, 12:00 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 45,743
افتراضي القسم الثالث من مخطوطي (هوامش) بقلم/ فؤاد زاديكى

القسم الثّالث من مشروع كتابي (هَوَامِش) و هو عبارة عن دراسة سيكولوجيّة لمراحل العمر, أقوم بنشر مضمونه على حلقات أرجو أن أستطيع من خلالها تقديم صورة عن بعض الماضي, الذي عشته في طفولتي و شبابي ثمّ في مرحلة الرّجولة و بعد ذلك فيما نحن عليه اليوم من تقدّم في السنّ, أعرض لكلّ مرحلة من هذه المراحل لبعض المواقف التي حصلتْ معي.





رجولتنا

الرّجولة هي المفصل لأنّها مرحلة بلوغ القمّة في مُجمل عملية العمر المحسوبة لكونها تعتبر المجال الحيوي للعطاء و الاستقرار و العمل, ففي هذه المرحلة تبدأ المسؤولية الحقيقيّة للشّخص باختبار مهاراته البدنيّة و الفكريّة و النّفسيّة لإثبات ذاته و الوقوف على أرضيّة صلبة, حيث تبدأ حياةٌ جديدة مع اختيار الشريك و بناء الأسرة و التي هي أساس المجتمع. إنّ الرجل يقوم بكلّ ما يستطيع من جهد و عطاء و عمل في هذه المرحلة من العمر كي يثبت أنّه قادر على النّجاح ويترتّب عليه القيام بكافة واجباته الاجتماعيّة و الأسريّة لكي يصل إلى برّ الأمان مع أسرته التي تعتبر من أهمّ أولويّاته, وعليه أن يفكّر بعقلانيّة و واقعيّة مراعيًا لظروفه و إمكاناته, وهنا يكمن سرّ فشل أو نجاح الكثير من الزّيجات, بحيث نرى بعض تلك الأسر لا تنظر إلى الواقع بحكمة فهي تتصرّف بحسب المزاج و الرّغبة دون مراعاة وضعها المادّي فتقع في مشاكل كانت بغنىً عنها لو هي راعت تلك الظروف و تصرّفت بوعي و حكمة فالتّبذير والحصول على كلّ ما يشتهيه المرء ليس صحيحًا, فهناك أُسَر, و بسبب عدم حكمتها و حنكتها و قدرتها على التصرّف بروح العقل و المنطق تقع فريسة الدّيون المتراكمة و تصبح في وقت ما عاجزة عن السّداد ممّا يخلق خلخلة في البناء و ضياعًا في البوصلة, فيقع الفشل و أحيانًا كثيرة يحصل الطّلاق و الانفصال, بسبب كثرة المشاكل وليست هذه المشكلة وحدها التي تتسبّب في زعزعة كيان الأسر بل أمور كثيرة أخرى منها ما تكون داخلية و منها ما تكون خارجيّة. أذكر على سبيل المثال أنّي وزوجتي (سميرة يعقوب زاديكى) عندما تزوّجنا كنّا نمرّ بضائقة ماليّة كبيرة, إذ كان تمّ توقيفي عن العمل كمعلّم بسبب تعسفي قام به الموجه التربوي (محمد عبيد الصّالح) صاحب النّزعة الإخونجيّة ولكوني كنتُ شيوعيًّا في تلك الفترة. عانينا الكثير من المصاعب فزواجنا كان كلّه بالدّين و تطقيم البيت كذلك و اذكر أنّي اشتريت جميع لوازم البيت بالدين من عند جوزيف شيريني و من عند شكري برخو و غيرهم, ثمّ وبعد عودتي للتّعليم مجدّدًا بعد قرار العفو العامّ الذي أصدره حافظ الأسد في عفوٍ على الإخوان المسلمين عقب أحداث حماه و حلب, حيث شملني قرار العفو ذاك, راتب المعلّم لم يكن يكفي في ذلك الوقت, و كان على المعلّم أنيقوم بعمل آخر إلى جانب وظيفته, و اذكر تمامًا أنّ بعض زملائنا من المعلّمين كانوا يبيعون الخضرة على عربة متنقلة. في تلك الفترة كان علينا أن ننظّم حياتنا بشكل دقيق و مدروس, ولا يجب أن تغلب نسبة ما نصرفه على ما يأتينا كراتب مُعَلِّمَين حيث زوجتي كانت هي الأخرى معلّمة. كنّا نشتري كيلوين لحم و نقوم بتقسيمها إلى كمّيات تكفي لمدة شهر كامل و أمور أخرى حاولنا أن نراعيها كي نتمكن من سداد الدّيون المترتّبة علينا من تكاليف الزّواج, على هذا النّحو استطعنا بحكمة و رويّة أن نسدّد جميع الدّيون التي كانت علينا و بعد ذلك اشترينا قطعة أرض من المرحومة (مريم زيرو) بنينا عليها بيتنا المتواضع و كان يتكوّن من غرفتين و صالون. كنت سجّلت في جمعيّة المعلّمين (مساكن سكنية للمعلمين) لكنّها بقيت لسنوات طويلة دون أن يتمّ إنجازها بسبب خلافات عقيمة على ملكية الأرض بين الطرفين المتنازعين (مجلس الملّة للسريان الأرثوذكس و بين بيت عبد الغني قدري), لهذا يئسنا من الموضوع فسحبنا ما كان صار لنا من المصاري في الجمعية و التي بها اشترينا قطعة الأرض المذكورة. كما أنّ بعض المشاكل الأخرى اعترضت حياتنا الزّوجية في بداية الأمر لكنّا معًا (أنا و زوجتي) حاولنا العمل بوعي و حكمة دون أن تتغلّب علينا عوامل الطّيش و التسرّع, إذ أنّ كلّ حياة زوجيّة تتعرّض لهزّات و مواقف و مشاكل و هذا أمر طبيعيّ لأنّ الزوجين يكونان مختلفي التفكير و الطباع و هذا يحتاج إلى وقت طويل كي يحصل الانسجام و التناغم المطلوبين بينهما, رأيت حالات كثيرة بين متزوجين, خاصةً هنا في أوروبا فعندما تحصل المشاكل يبدأ التفكير بالهروب و اللجوء إليه كأسرع حلّ والذ هو الطلاق و الافتراق, و هذا ليس حلّا موفّقًا, إذ يجب على الطرفين قدر المستطاع بذل كلّ ما يتوفّر من حسن نيّة و رغبة أكيدة في البقاء معًا للبحث عن طرق و سبل تكفل تجاوز العقبات, فنحن بشر و لسنا أنبياء لنا أخطاؤنا و هفواتنا لكنْ عندما تكون المحبّة فإنّ الطرفين سيسعيان إلى التّضحية من أجل هذه الأسرة خصوصًا عندما يكون أولاد بينهما. كما أنّ التّعاون بين الزوجين في جميع الأمور يخفّف من أعباء الحياة و يعطي الفرصة للطرفين كي يعيشا براحة و هناء و هدوء بعيدًا عن صخب المشاكل و الخلافات التي لا طائل منها و هنا أقول و أكرّر القول علينا بالحكمة ثمّ الحكمة ثمّ الحكمة و بالمحبّة و التّسامح و التّضحية كي تستمرّ الحياة وإلّا فإنّها سوف تكون جحيمًا لا يُطاق العيشُ فيها.
في هذه المرحلة من العمر تصبح للشّخص علاقات مع الآخرين, و تنشأ صداقات بفعل الاحتكاك المباشر بالمجتمع, فيقوم بالبحث عن سُبُل أفضل تكون كفيلةً بتحقيق الاستقرار كالحصول على عمل مضمون لهذا نرى أنّه يعيش ضمن شبكة من العلاقات الاجتماعية في أكثر من محيط, وهنا عليه أن يكون واعيًا في عملية الاختيار, و أن يتأكد من الصداقات التي يقوم بإنشائها مع النّاس.
هنا يبدأ الشخص بحصد ما زرعه في شبابه من أفكار و خبرات و معارف و غيرها, و يمكن اعتبار أنّ مرحلة الرّجولة تبدأ من اللحظة التي يُنهي فيها الشّخص تحصيله العلمي ليقوم بمباشرة التّطبيق العمليّ من أجل إثبات الذّات و الحصول على استقرار مادي و معنوي و اجتماعي و عائلي. هناك من يخلط بين الرّجولة و الفحولة فهما مفهومان مختلفان فالرّجولة هي المواقف الانسانيّة و الالتزامات بينما الفحولة كمفهوم فقد تقتصر على الجانب الجنسي دون غيره, و في مجتمعاتنا الشرقيّة المتخلّفة تختلف المعايير بهذا الخصوص فهي تعتبر الفحولة رأس الرجولة لكون العرب لا يفكّرون كثيرًا بعقولهم بل بخصيانهم, و هذه ظاهرة منتشرة لا يمكن نكرانها لأنّ فكرة الجنس تسيطر على أفكار و عقول واهتمام و ميول أبناء المجتمعات العربيّة ربّما يكون ذلك بسبب المنع أو التابو الذي تلجأ إليه قوانين هذه المجتمعات, و ربّما بسبب الحاجة والرّغبة بالتّنفيس عن مشاعر مكبوتة لا يستطيع الفرد إشباعها إلّا بطريق الزواج, لأنّ العلاقة بين الجنسين خارج الزواج هي ممنوعة في هذه المجتمعات و هي مُجَرَّمة قانونيًّا و اجتماعيًّا, فنظرة المجتمعات و حكمها بهذا الجانب تكون قاسيةً للغاية و مُجْحِفَةً غيرَ عادلة. إنّ الإنسان في هذه المجتمعات الشّرقيّة يُصبح عبدًا للعادت و التّقاليد التي لا يستطيع تجاوزها و لا عدم الاهتمام بها, بحكم سيطرتها القويّة على كلّ مفاصل الحياة الاجتماعيّة, و أكثر هذه العادات و التّقاليد بالية عتيقة غير صالحة لهذا الزّمان و هي التي تعيق تقدّم هذه المجتمعات لأنّها اسيرة تلك العادات و التي تفرض على الابن قتل أمه أو الأخ قتلَأخته أو الزوج قتل زوجته بدافع ما يثسمّى الشّرف, و يُلقى باللوم, كلّ اللوم على المرأة لوحدها و كأنّ الرّجل لا شرف لهو أو أنّه لم يكن الشّريك المشارك في كلّ ما يجري.
إنّ الشّجاعة و الثّقة بالنّفس و التّعاون مع الآخرين هي من أهم صفات الرّجولة. والرّجل لا يعيش خارج بيئته و محيطه, لهذا فهو يتأثّر بكلّ ما يجري من حوله خاصّةً عندما يقع تأثير ذلك عليه مباشرةً كأنْ يفقد عمله أو يخسر وظيفته أو يُصاب بمرض لا شفاء منه أو يتعرّض لحالات تعوقه من القيام بعمله على ما يرام.
عندما نتحدّث عن الرّجولة كمرحلة فإنّه لا بدّ من الحديث عن الأبوّة وهي حالة شعوريّة تخلق لدى الرّجل الكثير من الثّقة و المحبّة و الاهتمام و الرّغبة في الرّعاية فهو ينتقل من حالة مراقب فاعل إلى حالة مراقب متفاعل إذ أنّ قدوم مولود جديد إلى العائلة يتطلّب المزيد من الاهتمام و الجهد و العمل و التّعب و إبداء الرّعاية و تختلف الأمور من مجتمع لآخر و من المفيد أن نذكر هنا أنّ الرّجل الشّرقي في مجتمعاتنا كان إلى سنوات قليلة مضت يخجل من حمل الطفل فهو كان يرى ذلك معيبًا, بحسب ما تمّ حشوُ فكرِه مِنْ تُرّهات قديمة لا يمكن اعتبارها منطقيّة بأيّ حالٍ من الأحوال, و ناحية أخرى أكثر سوءًا من هذه فالأب كان يشعر بمرارة و خيبة عندما يكون المولود أنثى و يتباهى و يتفاخر عندما يكون العكس, و يلوم المرأة على ذلك, و كأنّها السبب في إنجاب الأنثى و ليس الذّكر, بينما في حقيقة الأمر أنّ الرّجل هو المسؤول المباشر عن إنجاب الذّكر أو الأنثى, بحكم قوّة و حيويّة و طبيعة النّطفة, التي تقوم بتلقيح بويضة المرأة. إنّها موروثات عتيقة غير قابلة للحياة يجب أن ينتهي العملُ بها. أذكر تمامًا أنّه وعندما جاء مولودنا الأول و هو ابننا (نبيل) كان سرور أسرتي و فرحهم كبيرًا خاصّةً المرحوم والدي و كذلك عندما جاء ابننا الثاني (وسيم) و لكنْ عندما رُزِقنا بابنتنا (مارتينا) و هي المولود الثّالث كان ابي مختلفًا في تقبّله للحالة ولم يكن شعوره كما كان لدى قدوم الولدين الذكور, مع أنّ والدي لم يكنْ جاهلًا, فهو كان يملك خبرة و كلّ كلامه كان حكمةً, لكنّ الموروث الفكري القديم كان لا يزال له أثر عليه, إنّنا عشنا كمسيحيين في بيئة يسيطر عليها الفكر الإسلامي بنظرته الذكوريّة ولهذا كان رجالنا ينظرون إلى الفتاة أو المرأة نظرة دونيّة و إلى عهد قريب. إنّها موروثات عفا عليها الزّمن لا تستطيع العيش في واقع كلّ ما حصل من تطوّر و تقدّم في حياة المجتعات الحاليّة.

__________________
__________________
fouad.hanna@online.de

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:30 PM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke