Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الادبي > نبض الشعر > منتدى فرعي خاص بالأديب الشاعر صبري يوسف

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 30-07-2005, 08:30 AM
SabriYousef SabriYousef غير متواجد حالياً
Silver Member
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 594
افتراضي أنشودة الحياة ـ ج1 ـ 6 ـ

أنشودة الحياة




[الجزء الأوّل]


( نصّ مفتوح )




6

... ... .....
أيَّتها الطُّفولة

يا صديقة غربتي

أراكِ تتشبَّثينَ في قعرِ الذَّاكرة

انهضي واشمخي

فوقَ جبينِ المسافات



أريدُ أن أنقشَ فوقَ صدرِكِ

نورساً مفروشَ الجناحين

يفوحُ عبقُكِ في فمي

كعسلٍ برّي كلَّ صباح!

منكِ أستمدُّ خصوبةَ الحياة

يتعطَّشُ إليكِ شراهةُ قلمي



أريدُ أنْ أفترشَكِ

على مساحاتِ الخيالِ

أن أرسمَ على خدِّكِ قبلةَ المحبَّة

قبلةَ الوداعة

أنْ أمنحَكِ وسامَ الحنين

أنْ أستمدَّ منكِ كنوزَ البراءة

لأنثرها فوقَ البحار ِ

لعلَّها تصبُّ بركاتَهَا

في قلوبِ أطفالِ العالم!



أنتِ واحتي الظَّليلة

أهربُ مِنْ غربتي

كلَّما تجثمُ عليّ

لحافها الصَّقيعيّ السَّميك

أهرعُ إليكِ

لأستريحَ تحتَ ظلالِكِ الخصبة

لأنامَ بينَ أحضانِ النَّرجسِ البرّي



مهروسةٌ محطّاتُ العمرِ

تحتَ ظلالِ الغربةِ

غربتي غربتان

غرباتٌ متفشّيةٌ على امتدادِ

مراحلِ العمرِ



أشتاقُ إلى دالياتي

إلى خصوبةِ السُّهولِ

إلى الرُّكوبِ فوقَ النَّوارجِ

إلى الحمائمِ وهم يلتقطونَ

حبّاتِ القمحِ



تستوطنُ في ذاكرتي

أشجارُ البيلسانِ

أشجارُ الحنينِ

انبلاجُ الشَّفقِ

النَّدى المتناثرُ

فوقَ شفاهِ الصَّباحِ



تتهدَّمُ

تتقوَّسُ أبراجُ الحضارةِ

تتراخى أغصانُ الرُّوحِ

رؤى من لونِ الإسفلتِ

تطحشُ فوقَ وريقاتِ العمر!ِ



الزمنُ يمضي

شهقةُ العشَّاقِ لم تَعُدْ تجدي

خارَتْ قوى الهلالِ

ضجرٌ أبكمٌ يهيمنُ

على أمواجِ البحارِ

خيالٌ تتبرعمٌ فيه الأشواك

أحلامٌ متكسِّرة تصارعُ

خفافيشَ اللَّيلِ



مَنْ كسرَ مصباحي؟

صمتٌ مسربلٌ بهسيسِ الحشراتِ..

انّي أبحثُ عَنْ فرحٍ

عن زهرةٍ مكلَّلة بالنَّدى

عن جنّةِ الجنّاتِ!



أهربُ من ذاتي..

من حلمي

من غربتي

من وجعي ..



أهربُ من زمني

زمنُ الوطاويطِ ..

زمنُ العبورِ

في قاعِ الزَّنازين!



كنتُ في صحبةِ الأصدقاءِ

فرحينَ ..

شعورٌ غريبٌ راودني

اختراقُ المسافاتِ

على إيقاعِ ذبذباتِ اللَّيلِ



والدي

آهٍ ..يا والدي

أقبيةُ هذا الزَّمانِ قارسة ..

سهرةٌ عامرة بالودادِ

أصدقائي ومضةُ فرحٍ

فجأةً رفعتُ كأس والدي

قُشَعْرِيرةٌ غريبة

تغلغلَتْ أعصابي

عفواً أصدقائي

كأس روح والدي!

جحظَتْ عينا والد صديقي

لماذا ترفعُ كأس روح والدكَ!

هل ماتَ والدكَ؟

صمتٌ ..

دمعةٌ غير مرئيّة

خرَّت فوقَ شغافِ القلبِ ..

أصدقائي .. لديّ شعورٌ عميق

والدي يسلِّم أمانته الليلة ..



بحارٌ ومسافات

ذُهِلَ أحبّائي عندما سمعوا

ذبذبات شعوري

لا تَقُلْ هكذا، قالَ والدُ صديقي

هذهِ مشاعري ..

هذهِ ذبذباتُ روحي

تتواصلُ عبرَ البحارِ

معَ شفافيةِ روحِ والدي

تتعانقان قبلَ أنْ تصعدَ قبّةَ السَّماءِ

قبلَ أن تودِّعَ زمناً مِنْ رماد

لا تحزنوا يا أصدقائي

تذكَّروا أنَّني سعيد

لو يرحل والدي اليوم

أهلاً بكَ يا موت ..

بيني وبين والدي بحارٌ ومسافات

من قطبِ الشِّمالِ

رغمَ زمهريرِ الغربة

تتعانقُ روحي معَ روحِ والدي

نقيّةً كالنَّدى ..كنسيمِ الصَّباحِ!



تناثرَ الأرجوانُ حولَ الضَّريحِ

طفلٌ يحملُ غصنَ الزَّيتونِ

زهرَ البيلسان

انطفأت شمعةُ العمرِ

ارتعشَتِ السَّنابلُ

عندما تناهى إلى مسامِعِهَا

أجراسُ الرَّحيلِ



تندملُ الجراحُ من نعمةِ النّسيان

ويرحلُ الإنسانُ

كما ترحلُ البلابلُ والزُّهورُ

يعلو إلى فوق

كما تعلو قطراتُ النَّدى



لماذا لم تسقوا الياسمين؟

جفّتْ أغصانُ التُّوتِ

سقطَتْ ثمارهُا الصَّغيرةِ

على أهدابِ اللَّيلِ



مآتمٌ لا تُحصى

.. وتخرُّ المياهُ عبر الميازيبِ

أشجارُ التِّينِ تحني رأسَهَا ..

هجرَتْ سفينةُ العمرِ بعيداً

أرائكٌ من القشِّ مرميّة

بينَ أركانِ الصَّقيعِ

وداعاً زمهريرُ اللَّيالي

أزيزُ الرَّعدِ ..



انبلجَتْ مآسٍ قبلَ فجرٍ ضاحكٍ

تكسَّرَتْ أُصُص الرَّياحينِ



خبزٌ يابسٌ أصبحَ حسرةُ الحسرات

تناثرَتْ على امتدادِ الشَّاطئِ

أجسادُ طيورٍ برّية

اختنقَتْ بغازِ ثاني أكسيدِ الجنون

طافَتْ أبقارُ البحرِ

فوقَ وجهِ المياهِ

اصطدَمَتْ بمقدِّماتِ السُّفُنِ

حامَتْ فوقَهَا النُّسورُ

تنهشُ أجسادها المنتفخة

شعاعُ الشَّمسِ

يزيدُ الأجسادَ انتفاخاً



حطامُ الرُّوحِ توارَى بينَ الضَّبابِ

الريحُ تزيدُ مِنْ وَهجِ الاحتراقِ

هربَتِ الأسماكُ

إلى أعماقِ القاعِ



انزاحَ الأفُقُ مِنَ الآفاقِ

ارتجاجٌ مخيفٌ في صدغِ كوكَبِنَا

ذبُلَ الأقحوانُ قبلَ الأوانِ



نكهةُ الشمّامِ تخفِّفُ

مِنْ تعبِ النَّهارِ

يبسَتْ باقاتُ الزَّيتونِ

رؤى شاقوليّة تهرسُ الطُّفولةَ

لا تبالي بآهاتِ الشَّبابِ

رؤى طافحة بالرَّمادِ

تكسرُ أياطيلَ* الجبالِ

مغطاةٌ ببَرْدَعاتِ الحميرِ

آمالٌ منهارةٌ

تجرحُ أحلامَ المساءِ



ربّما يهطلُ نيزكٌ

فوقَ جبهةِ الحياةِ

فوق لُجينِ العمرِ



مَنْ يستَطيعُ أنْ ينقذَ كوكبنا

مِنْ هجومِ النَّيازكِ

عبثٌ أنْ يفكِّرَ الإنسانُ في الحروبِ

ضَرْبٌ من الجنونِ!



أَجرامُ السَّماءِ مستاءةٌ

مِنْ جرائمِ البشرِ

أينَ المفرُّ من غضبِ النَّيازكِ؟



حضارةُ الإنسانِ على كفِّ عفريتٍ

داسَ الإنسانُ

في جوفِ العفاريتِ

ولّى عهدُ الأماناتِ

عهدُ المؤانسةِ

عهدُ الوفاءِ

تراخَتْ عزّةُ النَّفسِ

تهدَّلَتْ أغصانُ الرُّوحِ

في رحابِ الصَّفاءِ



... .... ... .... يُتبع!












صبري يوسف
كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم
موقعي الفرعي عبر موقع الحوار المتمدّن
http://www.rezgar.com/m.asp?i=10









التعديل الأخير تم بواسطة SabriYousef ; 30-07-2005 الساعة 08:34 AM
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:45 PM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke