Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الادبي > أخبار أدبية و مقابلات

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 23-10-2007, 07:54 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 45,857
افتراضي هذا هو درس سركون . باسم النبريص

هذا هو درس سركون
GMT 14:30:00 2007 الثلائاء 23 أكتوبر

باسم النبريص




لا شيء منذ آدم غير ملحمة التراب. كان سيد هذه الحقيقة التي جعلها عنواناً لإحدى قصائده، فعاش حياته طولاً وعرضاً. لا بمعنى انتهاب الملذات [ وقد أخذ نصيبه منها ] بل بمعنى

وفاة سركون بولصشهادات في سركون بولص

أن تعيش حياتك كما تراها أنت وكما تريدها أنت، مهما يكن الثمن. بهذا المعنى تحديداً عاش سركون بولص ما قُدِّر له من سنوات على هذه الأرض. [ 63 ] سنة غير منقوصة، عاشها كما أراد، وكتبَ شعره خلالها كما أراد أيضاً. لم يقدّم تنازلات، لا في الشعر ولا في الحياة، فكان الفارقُ بين حياته وقصيدته، تقريباً في حدّه الأدنى، أو حتى غير موجود. فحياته، على خلاف معظم الشعراء العرب، تتماهى مع قصيدته وقصيدته تتماهى مع حياته، مثلما يتماهى الرِّي مع الماء.


لذلك لم أستغرب حين كلّمتني سهام داوود عن تفاصيل الأسابيع الأخيرة من حياة سركون. فهذا الرجل الشموس كان يتعامل مع المرض [ أو بالأحرى مجموعة الأمراض التي



من اليسار: سركون، العزاوي، الراوي والجنابي (1993)
زلت عليه فجأة ] كما الطفل. يقول له طبيبه الألماني : ممنوع السوائل، فيغافل طبيبه، ويغافل صديقه مؤيد، وينزل إلى الشارع ليكرع البيرة وأخواتها. ثم يعود فإذا كمية ما شربَ تنزل أوراماً في رئتيه وقدميه وباقي جسمه. يُقرّر الأطباء أن تُجرى له عملية قلب عاجلة في أمريكا، حيث هناك هو مُؤمّن صحياً، على عكس حاله في برلين، فيراوغ ويغيّر التيكت، زاعماً أنّ الأطباء صرفوا نظراً عن العملية.


تسرد لي سهام الكثير من التفاصيل المؤلمة، بقلبها المحروق، فأقول لها : هذا هو فعلاً السلوك الذي يليق بشاعر في حجم سركون. فما دامت كل القصة، أننا من التراب جئنا وإلى التراب نعود، فلمَ لا نعيش أيامنا الأخيرة، كما عشنا حياتنا كلها، كما نريد وكما نشتهي؟ لماذا يحرم سركون نفسه من الشرب مثلاً أو من أنواع محددة من الطعام، وهو يعرف أنّ ما تبقّى جدّ قليل؟ إنّ الطفل الأبدي الحكيم فيه هو الذي يجعله يتصرّف على هذا النحو، ثم ما جدوى سركون العظيم بلا طفله الأبدي؟ وما جدوى الشعراء بلا طفولتهم الخلاقة؟
لقد كان شاعراً عظيماً في إهاب إنسان عظيم، لذا لم يتذلل أمام مرض ولا خضعَ لإكراهات هذا المرض. لذلك، أنا راضٍ يا سركون [ إن كان للرضا من مطرح في هذا المقام ] لأنّ رحلة الآلام المبهظة لم تستمر طويلاً.
صدّقني يا صديقي، كنت خائفاً عليك، من ذلّ المرض ومن سيكلوجية المرضى إذ يطول بهم مرضهم. فمثلك لا يليق به المرض ولا يستطيع أن يتعايش معه. آخرون غيرك يفعلون ذلك، أما أنت فلا.
وعليه فلم أُصدم بنبإ وفاتك، الذي تلّقيته في الرابعة إلا ربعاً بتوقيت فلسطين، بعد قيلولة تخللتها تهويمات. وممن؟ من صديق عمرك الجنابي في إيلاف. فقد كنت آمل ألا تطول بك الرحلة السوداء، فقط لكي لا يطول عذابك وعذاب صديقك الأوفى مؤيد الراوي وزوجته العظيمة فخرية.
وها هو ما كنت أتوقعه يحدث. مات سركون. مات الشاعر الأكثر مظلومية نقدية في المشهد الشعري العربي طوال قرننا الماضي. مات الذي كتب قصيدة النثر كما لم يكتبها عربي من قبله. مات الذي أراد لشعرنا العربي أن يتغيّر جذرياً، في مبناه ومعناه ورؤاه، كي يكون كونياً، وأشهد أنه نجح في مهمته الفدائية هذه، أكثر من سواه.
فنحن قبل شعر سركون شيء، وبعده شيء آخر. لذا فنم مطمئناً يا صديقي : لقد أنجزت وحدك مهمة كبرى لا ينجزها أحياناً جيلٌ أو حتى أجيال. ولئن تأخّر الاعتراف بما اجترحتَ، فلخللٍ بسيط في نزاهة نقادنا ليس إلا. فأنت كنتَ نموذجاً للشاعر الفرد، الذي يكتب قصيدته بكل عمره ويمضي. ولم تكن مؤسسة يتكأكأ على أبوابها النقاد والشعراء.
مِتَّ؟ نعم، ولكن بعد أن عشت حياتك كاملة وغير منقوصة وإلى آخر لحظة.
مِتَّ نعم، ولكن بعد أن كتبت ما لم يكتبه سواك من الشعراء العرب.
أما نحن من بعدك فلنا درسك : أن نعيش حياتنا [ بوهيميتنا ] ونكتب ولا نقدم تنازلات.
وشيء أخير، شخصي ربما، وهو مناشدة للكبير مؤيد الراوي أن يُدفن هذا الشاعر العظيم في تراب برلين لا في أمريكا. فسركون كما عرفته في لوديف عبر أحد عشر يوماً وعشر ليال كان يضيق ذرعاً بحياته اليومية في أمريكا. ولذلك أظنه [ ما دام لم يكتب وصية ملزمة ] يفضل تراب برلين على تراب سان فرانسيسكو. لا أعرف لمَ أحدس بأنه يُفضّل ألمانيا على أميركا. فلعلّه حين غيّر تيكت الطائرة، قبل أيام، وتغاضى عن رحلة العودة إلى أمريكا، مفضّلاً البقاء بجوار أصدقائه في برلين، كان يحدس بقرب الأجل. وكان قد قرر في تلك اللحظة الوجودية الفارقة أن تكون برلين هي المحطة الأخيرة للمنفي الأبدي. على الأقل ثمة في برلين أصدقاء، لم يكن له مثلهم في أمريكا.



ليرحمه الله.
عن إيلاف

__________________
fouad.hanna@online.de

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 23-10-2007, 08:39 PM
الصورة الرمزية georgette
georgette georgette غير متواجد حالياً
Super Moderator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
الدولة: swizerland
المشاركات: 12,479
افتراضي

قصة حياته كانت فعلا قصة عجيبة وعلى عكس ما عهدنها ليومنا هذا فعندما يقرر الشخص عيش حياته كما هو يراها لنفسه مطابقة وصحيحة ويصر على عيشها بثقة ورضى انما يستحق احترام وتقدير كبيران
سلمت يداك يا ابو نبيل عن اللمحة الجميلة عن حياة شاعر متالق كسركون بولص رحمه الله وتنعم عليه بجنانه
__________________
بشيم آبو و آبرو روحو حايو قاديشو حا دالوهو شاريرو آمين
im Namen des Vaters
und des Sohnes
und des Heiligengeistes amen
بسم الآب والأبن والروح القدس إله واحد آمين
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 25-10-2007, 09:29 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 45,857
افتراضي

اقتباس:
قصة حياته كانت فعلا قصة عجيبة وعلى عكس ما عهدنها ليومنا هذا فعندما يقرر الشخص عيش حياته كما هو يراها لنفسه مطابقة وصحيحة ويصر على عيشها بثقة ورضى انما يستحق احترام وتقدير كبيران
سلمت يداك يا ابو نبيل عن اللمحة الجميلة عن حياة شاعر متالق كسركون بولص رحمه الله وتنعم عليه بجنانه

__________________
شكرا لك و للتعبير الصادق عن مشاعرك فعلا كان المرحوم سركون بولص شاعرا جيدا و لكن النقاد لم يعطوه ما يستحق من التكريم ربما تكون الأسباب كونه لم يكن من عائلة قريش!!!!
__________________
fouad.hanna@online.de

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:26 PM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke