من وحي هموم الأقباط بقلم : هاني رمسيس

[fouadzadieke]

من وحي هموم الأقباط
اسم الكاتب :
31/12/2006
بقلم : هاني رمسيس
قلت له: ما أخبار الناس في مصر؟
فرد قائلاً: الناس في مصر (expired) انتهى تاريخ صلاحيتهم نعم، تفحص أي مواطن – من هؤلاء وقلب فيه يميناً وشمالاً، ابحث عن تاريخ صلاحيته أو مفعوله أو عمره الافتراضي، سوف تجده بلا شك قد انتهى منذ زمن بعيد.
فالمسئول الذي يطلب منك أن تأتي له بلبن العصفور من أجل ترميم حائط كنيسة، أو بناء سور دير متهدم، هو جهاز معطل، اللمبة الدالة على وصول الكهرباء له مطفأة، الكابل الموصل للكهرباء له مقطع، والعمدة الذي يرى في بناء كنيسة في القرية عار لا يمحى، هو عمدة "حمضان" كعلبة الزبادي التي خمرتها البكتريا أكثر من اللازم فصارت متعفنة، ليس العيب في الزبادي (أي العمدة) لكن العيب في البكتريا.
والموظف الذي يقضي ثلاثين عام في عمله، ويظل يجهله، لا يهتم إلا بالحضور والانصراف والصادر والوارد، هو جهاز "مضروب" بدون ضمان، تم تصنيعه تحت "بير" السلم في لحظة قد يتعطل وفي لحظة قد ينفجر في وجهك.
وضابط أمن الدولة الذي يقبض على مواطن بسبب كتاب أو رأي، ويترك جماهير الرعاع تحرق وتعتدي على الأقباط ومقدساتهم وتخطف بناتهم القصر، هو كالراديو الذي لا تصله أية ترددات، أو كتليفون محمول بدون خط مجرد منظر بدون عمل أو فائدة.
ورجل القانون الذي يفتي بأن فوق الدستور ما هو أعلى من الدستور، هو كالتلفزيون المتهالك يظهر فقط وميضاً من نور، ولا تظهر له صورة إلا بالضرب والخبط إلى أم يافوخه "ونقصد التلفزيون".
والعالم (أو حتى العالمة – لا فوق في بلادنا) والذي يفتي في مركز الأرض واليابسة، هو كالسيارة – غير المطابقة للمواصفات العالمية والبيئية – كلما تحركت أطلقت سموماً وهباباً ورصاصاً يعشعش في عقول الناس... ألم يسمع هذا العالم أن الأرض كروية تدور حول نفسها؟
... بالضبط أيها العالم هي كالنحلة.
والمواطن الذي تنتهك الحكومة عرضه وتسرق قوته وتغرقه في البحار أو تحرقه في القطارات وتصيبه بالكبد الوبائي، ويقف صامتاً لا يحرك ساكناً، بينما يثور ويجول لو أن هناك محاول لإصلاح "عفشة مية" في كنيسة، هذا المواطن هو جهاز ليس له هوية، مهرب، غير معروف له مكان تصنيع، ليس له كاتلوج، لا تعرف له كيف يعمل ومن أين يبدأ تشغيله وما فائدته.
والحكومة التي تفعل هذا بالمواطن، هي مجموعة أجهزة تم تركيبها محلياً بطريق الخطأ، كل أسلاكها اختلطت ببعضها، لا ينفع فيها إصلاح، الحل الوحيد هو القاءها واستيراد أجهزة حديثة الصنع من ألمانيا أو حتى من تايوان، لو حتى أجهزة (حكومية نص عمر).
وذو اللحية الذي يريد رئيساً من ماليزيا، هو كالكمبيوتر (مع الاعتذار للكمبيوتر) بأحدث تكنولوجيا (الهاردوير) ولكنه بدون (سوفت وير) والفرق بين (الهارد وير)، (السوفت وير) كالفرق بين المخ والعقل، مع التأكيد أن الإنسان هو الكائن الوحيد ذو العقل المفكر.