لحظة ضعف

[fouadzadieke]

لحظة ضعف

كنت أتأمّل حسنها الفتـّان وجسدها المشبع بالأنوثة والإغراء، فتعصف بريشة

فؤادي أهواء العشق المخضرم، لتعزف على وتر الرّغبة ألحان الدفء المفعم



بالشهوة القاتلة تجرفني إلى أعماق خيالات متفاوتة الرؤى تتأرجح بين رغبة



الاقتحام وخوف الإحجام، فأزداد تحرّقاً ولظى، بالعاً ريقي ومتلمّساً قلبي لأتأكد من



كونه لا يزال يقبع بين دفتي صدري مخنوقاً يسعى إلى الانفلات!



خلته انطلق مارداً متمرّداً من واقع صمته المطبق ليسوق إلى الدنيا لحناً يجتاز



مدى هذا الصمت يتمرجح فوق سحابة أحلامه التي ساقته مكبّلا إلى حتفه المؤكد



وقادته معدماً إلى مصيره البائس وهو يلتمس العذر لكبته ويختلق الأعذار لطيشه



إلى حيث سلطان الهوى وسكرة العشق تمرّغ وجنة الخجل بعبق البوح وتصرف



من طاقة هذا الكبت ما يسمح به الإبداع الشبابي النّزق.



كنت أتأمل كل هذا وأنا أجترّ ريقي الذي أسالته نعومة كلماتها وأغرقته سيول



نظراتها ببوح مخنوق لم تكن لتريد له أن يعلن عن صفاء هذا السحر ودعة هذا



الهدوء العبقريّ فألقى المزيد من الصعوبة في بلعي لهذا الريق وهذه الرطوبة التي



لامسها طلّ ابتسامتها فزاده خصوبة حتى تعسّرت عليّ إمكانية احتوائها وكادت



حرارة عنفوان خفقان قلبي هذا تزداد وهجاً وتأججاً وهي تحرق أناملي التي



تحسستها، فنسيت نفسي ولم تعد غير فكرة امتلاكها تسيطر على تفكيري



وشعوري وإحساسي أن أمتلك مفاتن جسدها ثم نغيب معاً بعيداً عن كلّ ما حولنا



مستمتعين متمتّعين مستذوقين ومستأنسين.



لم أكن أرغب في إزاحة عيني بوقد تمنيّاتها عمّا شدّني إليها أو أشيح ببصري



عن هذه الفتنة الرائعة و هذا الإبداع الخلائقي وهذه الأنوثة المغرية، والتي سمّرتْ



بصري وعبثتْ بمجون قلبي وهي تزيد من غزل فنها وغنج حيائها لتزيد في



طوفان رغبتي وتعقّد مهمة الوصول إليها أكثر.



تمرّدتْ لكأنها أدركتْ عجزي وتيقّنتْ من استسلامي فأرسلتْ إلى عينيها إيماءة من



السحر وإلى جسدها غلالة أنوثة تفيض بمكر العبث برغبات الجبابرة من الرجال



والعمالقة من ذوي العصمة فيخرّون ساجدين أمام عرش هذا الجمال وتتلاشى



إراداتهم تحت زحف هذا الطغيان من الأنوثة الممتنعة.



أدركتْ كل هذا بحنكة الخبير وتجربة المتمرّس فأتتْ على آخر ما تبقّى من



حصون مقاومتي وقلاع صمودي وانهار جميعه أمام طوفان ابتسامتها وغزو



هفهفة شعرها المنسدل على كتفيها والمتسلل بنعومة وتشرذم متدلياّ إلى وركيها



وهو يعلن عن تمرّد أحمق لم يبق ِعلى حياءٍ لديّ أو خجل ٍيمكن أن أبتلي به،



فانسقتُ ضعيفاً متهالكاً أمام كل هذه الجاذبية وهذا الإغراء وتلفّظتُ بها من دون



إرادتي لأقول لها: "أحبّك" أعلنتُ عن ضعفي وتخاذلي أمام جبروت هذا الحسن



وهذه النعومة وتلك الدعة حسبتُ أنها ستقدّر جرأتي هذه وتكافئ بوحي بما يعطّر



الأجواء ويلطّف الأهواء، تمنّيتُ لو فهمتْ شيئاً من هذا اشتهيتُ أن أجرع من



رشفة ريقها ما يبلّ عطشي وأن أسرح بأناملي بعيداً...بعيداً إلى حيث تقودني



أهوائي منحتُ نفسي الكثير من الأمل وأحلامي الكثير من التصوّر شفتاها، حمرة



خدّها، شعرها كشلال من فوق ضباب الحلم، ابتسامتها السمراء ونهدها المغرور



وغير هذه من الأوهام أجل الأوهام.



ما استطعتُ أن أجني منها ثمراً أو أترك على تعرّجات جسدها أثراً، فهي تمادتْ



في غنجها وأذلّتْ سلطان حشمتي في غزلها...ندمتُ على إعلان ضعفي لها وقد



استغلّته أيّما استغلال ورأيتها تخطر بعيداً عن عالمي وهي ترمقني بنظرة احتقار



مغادرة إياي في طريق بحثها عن ضحية أخرى وصيد آخر.



خجلتُ من نفسي فتقلّصتْ اندفاعات شوقي وتناثرتْ أكمام بَوحي وهي تحدّثُ عن



هزيمتي وتزيد من ألمي وتوجّعي، أعرف بالتأكيد أنني كنت الضحية لكنْ لا



أعرف رقم هذه الضحية ولا الأعداد اللاحقة بها، رمقتها بآخر نظرة والحسرة



تأكل في أحشائي وتكتم على نفسي، إنها فلتتْ من يدي، فيما أنا لم أفلتْ من خيبتي



ومن استسلامي المذلّ لأنوثتها المتفتّحة.



أهو شيطان فكري؟ أم عنفوان رغبتي؟ أم كلاهما معاً؟ تساءلتُ فلم أجدْ جواباً بل



كانت كلّ احتمالات الجواب تتلاشى مع ذوبان خطواتها وهي تسمعني قرقعات



حذائها مبتعدة عني، ويظلّ همس سمعي يستشفّ نعومة هدوئها وشئتُ ألا يفارق



هذا الإحساس همس شوقي لأنها فارقتني وغادرتْ عالمي تاركة في قلبي



وعاطفتي وكبريائي أخاديد خجل عميق وجروح بلاهة لا أعرف متى تندمل



انحناءاتها وتستوي!!!