مفهوم جبران عن الصداقة .....دراسة وتحليل

[د- سهيل كبرو اسحق]

الاديب الكبير جبران خليل جبران وفي معرض حديثة عن الصداقة في كتابه الشهير ( النبي )...تطرق اليها على انها الاسمى في علاقات البشر مع البعض اذ ان الصديق هو كل شئ في حياة المرء اذا اعطى الصداقة حقها وهذا يجب ان ينم عن ادراك صحيح لمفهوم كبير كالصداقة....
حيث يقول
ثم قال له شاب : هات حدثنا عن الصداقة
فأجاب وقال :
إن صديقك هو كفاية حاجتك
هو حقك الذي تزرعه بالمحبة وتحصده بالشكر
هو مائدتك وموقدك
لأنك تأتي إليه جائعا , وتسعى ورائه مستدفئا

........وما أجمل جبران وهو يرسم صورة رائعة عن الشفافية المطلقة للتعامل دون خداع او مكر........ أو فكر ينم عن نميمة وفساد إذ يقول :

....فأذا أوضح لك صديقك فكرة فلا تخش أن تصرح بما في فكرك من النفي ,أو ان تحتفظ في ذهنك من الأيجاب
وإذا صمت صديقك ولم يتكلم ,فلا ينقطع قلبك عن الأصغاء إلى صوت قلبه
لأن الصداقة لاتحتاج الى الألفاظ والعبارات في إنماء جميع الأفكار والرغبات والتمنيات التي
يشترك الأصدقاء بفرح عظيم في قطف ثمارها اليانعات....

ويعود مبدع القرن الماضي الى المفهوم الأعمق للصداقة حيث يرى الصديق حتى ولو كان غائبا
جميلا وصورته نقية مما لو كان حاضرا ...إذا يجب أن يغلب مبدء المحبة فوق كل المبادئ والمنافع الشخصية التي تزول إذا كان الرابط أو الجسر الممتد بينك وبين الصديق قويا مبنيا على أسس متينة .. عندها تعلو وتسمو إلى الافق البعيد .....يقول جبران

......وإن فارقت صديقك فلا تحزن على فراقه ,
لأن ما تتعشقه فيه, أكثر من كل شئ سواه , قد يكون في حين غيابه أوضح في عيني محبتك منه في حين حضوره....
لأن الجبل يبدو لمن ينظر إليه من السهل أكثر وضوحا ممن يظهر لمن يتسلقه,
ولا يكن لكم في الصداقة من غاية ترجونها غير ان تزيدوا في عمق نفوسكم
لأن المحبة ,التي لا رجاء لها سوى كشف الغطاء عن أسرارها ليست محبة بل هي شبكة تلقى في بحر الحياة ولا تمسك غير النافع

وليكن أفضل ماعنك لصديقك
فأن كان يجدر به أن يعرف جزر حياتك
فالأجدر بك ايضا أن تظهر له مداها,

وما قيمة صديقك الذي لاتطلبه إلا لتقضي معه ما تريد أن تقتله من وقتك ,فاسع بلأحرى الى الصديق الذي يحي أيامك ولياليك,
لأن له وحده قد أعطى أن يكمل حا جاتك, لا لفراغك ويبوستك
وليكن ملاك الأفراح واللذات المتبادلة مرفرفا فوق حلاوة الصداقة,
لأن القلب يجد صباحه في الندى العالق بالأشياء الصغيرة, فينتعش ويستعد قوته.

[fouadzadieke]

الأخ الدكتور سهيل يسعدني أن يكون أول لقاء لنا على صفحات موقعي كأول مساهة كريمة منك أن تكون جبرانية الروح صوفية الفكر تحدث عن عبقرية جبران الفذة وعن تألقه الأدبي الرائع وهو الذي سبر أغوار النفس البشرية وسكب من عشق روحه فيها الشيء الكثير.
بحق إنه موضوع الساعة وكل ساعة " الصداقة" هذا المفهوم الإنساني الرائع بشمولية تبدع في التعريف بها وتوشّي هذا المفهوم بروحانية تتشرّب من معين وجدانيات ممعنة في التفسير والتعليل والتحقق, وليس من المستغرب أن تضرب أمثلة كثيرة بالصديق والصداقة نظراً لأهميتها وحميميتها كذلك وقد قيل " الصديق وقت الضيق" كما قيل: " صديقك منْ صدق" و "ربّ أخ لك لم تلده أمك" وأقول أن الصداقة الحقة هي كنز لا يستغنى عنه، والصداقة برأيي هي ممارسة وفن تعلّم المحبة والعطاء وقيل من قبل "أن الخلّ الوفيّ من المستحيلات" ولم يقصد بذلك أنه لا يوجد الأصدقاء بل قصد أن الحصول على صديق هو صعب جداً ومن السهولة بمكان أن يخسر المرء صديقاً لكن من الصعب إيجاد الصديق الصدوق.
يحضرني قول أحد العقلاء لابنه: "يا ولدي كلما زرتَ بلدة أو قرية أو مدينة إبن لك فيها بيتاً، فتعجّب الإبن وقال لوالده:" كيف أستطيع أن أبني في كل مكان أحلّ فيه بيتاً؟ إن هذا مستحيلٌ يا أبي". فردّ أبوه عليه مبتسماً: أجلْ يا ولدي ليس بإمكانك أن تبني في كل مدينة وقرية بيتاً، لكنك متى اكتسبتَ صداقة في كل مكان يصير لك بيتٌ فيه.ويكفي يا صديقي سهيل أن "الصداقة" هي من صدق، والصدق وهي الأمانة والوفاء والإخلاص وهي بخلاف الأنانية والرياء والخداع والكذب
أخوك المشكور لك فؤاد

[د- سهيل كبرو اسحق]

الاخ العزيز فؤاد
أنا في غاية السعادة لأن أكون مشارك معكم في منتداكم الرائع فعلا بمفهومه الثقافي العالي جدا ....
وكم يسرني تعقيبك وردك اللطيف والجميل على الموضوع الاسمى ( الصداقة )...حاجة البشر في هذا الوقت العصيب
سأبدا بالكتابة هنا ايضا لأنه موقعي أيضا..... هكذا أعتبره مشاركة مع موقعنا الام المالكية ديلان .. وحسب الوقت
وعذرا على التأخير لظروف العمل .........
تحياتي العميقة لك

[fouadzadieke]

عزيزي الأستاذ سهيل:
بين الأخوة والأحبة لا حرج ولا معاتبات فأبواب المنتدى مفتوحة في كل وقت لأحبائه وإني أثمّن فيك تعبك وظروف عملك ويسعدني جداّ أن أتشرّف بوجودك الجميل معنا كلّما سنحتْ لك الفرصة بذلك وأنا أعمل هنا وأفهم جيداً وأقدر حق العمل واقدّس منْ يعمل لأن أشرف ما في الوجود هو العمل، فهو القيمة المثلى للإنسان وهو التعبير الواضح عن ثبات وتأثير شخصيته وعن ثقته بنفسه كذلك. عملك يا أخي سهيل أهمّ من أيّ أمر آخر وما هذه المنتديات المتعددة إلا لبعض الترفيه والترويح و التسلية عن النفس هروباً من عناء الحياة وعبء العمل اليومي الثقيل.
قوّاك الربّ وحفظك بصحتك لتتمكن من تقديم الخير لأسرتك ومجتمعك وبلدك. إني فخور بمثل هذا الجيل من الشباب وقد كتبتُ مقالة عن الصداقة (كان الدافع لها مساهمتك هنا) وسأنشرها عما قريب إن شاء الله.
مجدداً لك الكثير من الإعجاب والاحترام ودمت بكلّ عافية.
أخوك فؤاد