Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الادبي > نبض الشعر > مثبت خاص بفؤاد زاديكه > خاص بمقالات و خواطر و قصص فؤاد زاديكه

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 06-06-2014, 03:33 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 45,583
افتراضي لماذا نقبل بالنصوص المريضة؟ بقلم: فؤاد زاديكه

لماذا نقبل بالنصوص المريضة؟

بقلم: فؤاد زاديكه

لنقف برهة من الزمن عند هذا النصّ الدّيني المقدّس و لنتأمل ما فيه من دعوات تحريض و تخوين و تكفير و ما يكوّن إطارها من فكرٍ عنصريّ أحاديّ الجانب و حاقد. إنه فكر أصولي و شمولي متطرّف ليس أقلّ و لا أكثر. دعونا نحلّل و نلقي بالضوء على مخاطره و الويلات التي يتسبب بها كلّ يوم في المجتمعات العربيّة و الإسلاميّة و العالم.

"انما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون فسادا في الارض ان يقتلوا او يصلبوا او تقطع ايديهم وارجلهم من خلاف او ينفوا من الارض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الاخرة عذاب اليم"

إنه لمن غير المعقول أن يعيش البعض _ و هي فئة غير قليلة _ على هكذا أفكار و تعمل من أجل تسويق مبررات إجرام لا معنى لها كما لا ضرورة لها أيضا. الحياة تمنح الحرية الفكرية و الشخصية و الانسانية عامة و أي اعتداء أو ترهيب أو عنف إنما هو يتعارض مع طبيعة الحياة الحرة و كذلك البشر و
الذين من المفروض أن يمارسوا كل أشكال الحرية التي لا تعتدي على حرية الآخرين أو تتجاوزها ظلماً.
العنف ظاهرة مرضية و سلوك عدواني غير مقبول و هو بالتالي يُصنّف تحت خانة التجاوزات غير المبرّرة و غير العادلة و من ثمّ غير القانونية و هي ليست أخلاقية بالمطلق. إنّ من يسعى للحدّ من حرّيّة الآخرين هو شخص غير سويّ فكيف متى سعى بأسلوب الإكراه و القوة ليخلق واقعا معيّناً أو ليفرض شروطاً و أجندة تتناقض مع مبدأ العدالة و الخير و الحقّ.

إنّ أيّ شخص يقوم بقراءة هذه الآية يتبادر إلى ذهنه و على الفور سؤالان هامّان و هما بمنتهى الأهميّة لما هما عليه من حساسيّة دقيقة و ما يحملانه بباطنهما من فريضة إقرار أسلوب العنف و وجوب العمل به. أما السؤال الأول فهو: مَن الذي يدعو إلى أو يسعى لمحاربة الله؟ إن هذه الفرضية الصبيانية تدعو إلى الهزء و السخرية لما تحمل في باطنها من تصوّر بعيد كلّ البعد عن المنطق و التفكير العقلاني و هذا ما سوف يُضحِك أطفال المدارس الابتدائية. إذ كيف لعقل بشري أن يفكر بمحاربة الله و من ثمّ ما هي مواصفات هذه الدعوة و مبرراتها و هل لله أعداء؟ و من الذي يصنّف هؤلاء و على أية أسس و معايير يتمّ هذا التصنيف؟ سؤال لاشكّ في مكانه و هو موجه لمن يؤمن بمثل هكذا أفكار أو يعمل على تطبيق هكذا حيثيات.

من المفروض أن يكون كل البشر على إيمان تام بأن الله هو من خلق الكون و الحياة و البشر فكيف سيفكر شخص ما بمكان ما و بيوم ما بمثل هذه الخزعبلات الفكرية و التي تندرج تحت تسمية السذاجة و السخافة و قلّة العقل؟ ثمّ مَن الذي سيجرؤ بيوم ما على محاربة الله؟ و بأية أسلحة؟ و بأيّ أسلوب؟ و هل خلقنا الله لكي نحاربه؟ أترك استخلاص العبرة لكل قارئ ليفهم و يحلل و يصل إلى نتيجة ذلك.
أما السؤال الثاني و هو الربط الدائم لرسول الاسلام مع الله. هناك تكرار و بعشرات المرات لمثل هذه المقولة و هي الربط و التلازم بين اسمي الله و محمد و كأن محمداً هو مساوٍ لله في القداسة و المكانة و في لفظ الجلالة و حين يتم استبعاد كلمة "محمد" عن كلمة "الله" يشعر المسلم بأن مفعول الله قد بَطُل و لم تعدْ له تلك القيمة المعنويّة الكبيرة كما هي في حال التلازم بين الاسمين. إنّ أي شخص عاقل يفكر بعقله و يسعى للفهم يرى بهذا إشراكا لمحمد مع الله و هذا كفر لأنه تعدٍّ على الذات الإلهية و تحقيرٌ لها لكوننا نحطّ من قدرها لتصل إلى مستوى البشر.

و الأنكى من هذين الأمرين كما نلاحظ هو الحكم على من هم "أعداء الله و محمد" بأبشع أنواع التشنيع الجسدي و العنف الوحشي ببتر الأيدي و الصلب و النفي و جميع أنواع القهر و التعدّي مما يجعل مثا هذه الأحكام جرائم بحق الإنسانية و أعمالا إرهابية قمعيّة تعسّفيةً خالية من الإنسانيّة و الرّحمة، فأين تبقى رحمة الله في ظلّ تطبيق هذه الشرائع المتوحشة و التي تفوق بفظاعتها أحكام شريعة الغاب؟ هل الله رحيم؟ سؤال يطرح نفسه على من يؤمن و يعمل بمضمون هذه الآية غير الانسانيّة. أم يرون رحمة بالقتل و بالإرهاب و بالصلب و النفي و بتر أطراف البشر؟

مثل هذه النصوص المريضة لن تخلق بشرا أصحاء بل ستعمل على إفساد ما يمكن أن يكون فيها من الانسانية و الرحمة و الشعور الأخلاقي و الوجداني. لهذا نقول للأخ المسلم عليك أن تفتح عقلك و بصيرتك و تقرأ بفهم نصوص دينك و تسعى إلى المقارنة و التحليل و الاستنتاج، لا أن تقرأها ببغائية عمياء و بانصياع غبيّ أحمق لا يميّز بين الخير و الشّرّ و لا بين الحقّ و الباطل.
عندما يرى أحدنا خطأ الآخر فمن المعيب أن يسكت عليه لأن استمرار الخطأ يقود إلى خلق علاقة غير متجانسة بين البشر و أبناء المجتمع الواحد، و حين نسعى بغيرة المحبة لأن نتدارك عيوبنا نبتعد عن هفواتنا و أخطائنا فهذا حرص على سلامة مجتمعاتنا التي نتقاسم بها عيشنا المشترك.
إنّ كلّ من يذهب إلى مذهب معاداة حرية الفكر و الرأي و لا يقبل بالتوجيه و يرفض النقد و يصرّ على ممارسة الخطأ و الاستمرار به و تشجيعه يكون شخصا غير جدير بالاحترام و لا بالمحبة و لا بالعيش المشترك، إنّ إلغاء الآخر جريمة وطنية قبل أن تكون جريمة اجتماعية و أخلاقية و دينية.
__________________
fouad.hanna@online.de

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:28 AM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke