Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الادبي > خواطر و مشاعر

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 07-07-2005, 10:12 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 45,934
افتراضي رسالة إلى حبيبتي الصغيرة

رسالة إلى حبيبتي الصغيرة



حبيبتي الصغيرة... كم اشتقت إليك... هل لازلتِ تذكرينَ دروبنا التي كانتْ تقودنا إلى كروم العنب، وكيف كنا نستلقي بظلّ شجرة التين تلك التي كنا نحبها ونأكل منها وننام تحتها وهلة من الزمن نسرقها من سيدها؟ هل لازلتِ تذكرين سمرنا ونحن نقهقه ونتسلى ببراءة حمقاء ونحفر فوق خدود التربة سبلا كنا نقول عنها إنها ستؤدي إلى بيتنا الذي كنا نحلم في بنائه ونأمل في سكناه؟ فعلنا كلّ ذلك ولم تكن ورود إلفتنا قد تفتحتْ براعمها وأزهرتْ أكمامها. هلْ لازلتِ كما كنتِ طفلةَ شاردة تستلقي على صدري هائمة و تمرح على وجنتي تستشفّ حرارة حبي وتستوقف خلجات قلبي عند شطآن حنوها السارح في عالم من غير هذا الكون؟ هلْ لازالتْ تحلّقُ بتصوّراتك جمالياتُ تلك البراءة التي كنا نزرع شتلاتها معاً ونهي ء لها المكان المناسب لتنمو فيه وهي تكحّل ناظريها بمرأى الشمس وتغفو على وسادة القمر، وحيث كنا إلى جانب كلّ كرمة عنب نغرس يدينا اليافعتين في تربتها لنتحسس جذورها معتقدين أنه سيكون بهذا لعنبها طعم آخر؟



لم نكنْ نكفّ عن الجري وعندما يأخذ الجهدُ منّا آخرما كان يتبقى من ارتعاشات الحركة- بحيث لم تعد قدمانا قادرتين على الجري أكثر- نبحث عن موضع آخر هادئ نكمل فيه رسم اللوحة ونوضّح معالم هذه القصة الجميلة الحبلى بأحلام العصافير والمكتنزة بصفاء السماء وزرقتها، أجلْ يا صغيرتي العزيزة كنا نحلّق في متاهاتٍ من محيّاك المبدع وهو يعبّر عن هوية إنتمائنا لهذا العالم الصغير، عالمنا البري ء وحين كان شعور الإحساس بالملل يدقّ ناقوس خطره كنا نترك موضع لهونا لنلهو بعيداً في مدى الساحات الرحب حيث امتداد الحقول الجميلة المترامية ونحن نقطف الأزهار المتنوعة والمختلفة وأنت تقولين: أعطني الزرقاء منها والصفراء ودعْ لك الحمراء والبيضاء وغيرها مما تشاء، فأنا أحبّ هذه الألوان ثم تمسكين بها وكأنك تمسكين الدنيا كلها فتشدين بقبضتك فوقها ظناً منك أنها قد تهرب بعيداً، بعيداً، كنا نأتي بها إلى البيت لكنْ لم نكن ندرك أننا نتلفها ونقضي على مسامات الحياة فيها عندما نرميها في أية جهة أو موضع، دون عناية فكانت تذوي بسرعة وتذبل مودعة دنياها الجميلة التي سلخناها عنها، ولو أننا فكرنا قليلا وفهمنا ما يلزم عمله معها من العناية بها وتقديم الماء لها لما ودّعتْ بسرعة ولبقيتْ طويلا ونحن نستمتع بها.

هلْ تذكرين-كما أذكر- كيف كنا نلاحق الجراد ونجري خلفه ونحاصره إلى أن نتمكن من بعضه، وهو يقفز بين بيادر القمح ويحاول التخفي بين سنابله لئلا تطاله يدنا؟ و كنا حين نتمكن من الإمساك بواحدة أو أكثرنفرح فرحاً بالغاً ونمعن النظر فيها ونتأمل ألوانها الزاهية وتفاصيل بدنها وعينيها اللامعتين والمليئتين ببريق وشفافية ملساء ة تكاد ترى وجهك فيها كالمرآة، وللأسف فكثيراً من الأوقات كنا نقضي على هذه المخلوقات الجميلة والضعيفة وغير المذنبة من جراء حماقة عدم فهمنا ولم يكنْ ذلك أبداً آتياً منّا عن سابق إصرار وترصّد بل كان بلاهة لاغير، بل ربما كانت تخرج في فورة مجنونة حمقاء لاستكشاف سرّ لم نقف عليه منها.

هلْ تذكرين يا حبيبتي عندما كنا نتسلّقُ الشجّر لنصل إلى عش عصفور صغير تركته أمه لتجلب له طعاماً؟ وكم من مرة نصبنا السلم وحاولنا استخراج العصافير من أعشاشها في أسطحة المنازل عندما كانت تخلد إلى سكينتها وتسعى إلى راحتها دون أن نعبأ بلدغة أفعى أو لسعة حشرة؟ كانت حماقات جميلة وبريئة ربما ألوم نفسي عليها اليوم، إنها كانت أياماً حلوة أسستْ لحلاوة هذه الأيام، إذ أدركنا هفوات طفولتنا وسعينا إلى إبداع صور أخرى من جماليات هذا الكون، لتحدّث عن طفولة شابّة تعارك مصيرها.



كنا صغاراً بأبداننا وبسطاء في عقولنا... ونحن الآن يا حبيبتي صغار في ذكرياتنا فهناك أشياء كثيرة تشدنا إليها وتغمرنا بفرح صبياني، لكنْ لا أعرف أيتها الحبيبة الصغيرة هل ستقرأين رسالتي هذه يوماً ما؟ أم هل ستصل إليك ؟ فقد مضى زمن طويل على تلك الأيام وانقطعتْ أخبارك عني فلم تعدْ تربطني بك سوى مثل هذه الهمسات التي سأبوح بها إلى كلّ فراشة جميلة في هذا الحقل علّ إحداها تقف ذات يوم على شرفة منزلك لتروي لك الحكاية.

التعديل الأخير تم بواسطة fouadzadieke ; 11-07-2005 الساعة 12:28 PM
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:03 PM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke