كيفَ يهْنينا مواتٌ

[fouadzadieke]

في هذه الأيام يصارع رئيس الوزراء الإسرائيلي " آرييل شارون" الموت ونسمع عبارات تشفٍ من هنا وهناك وزغاريد فرح في بعض أوساط العالم العربي وكأن هذا الشخص هو الرجل الوحيد السيء في العالم الذي ظلم وقتل وتعدّى وتجاوز حدود المعقول فيما هناك في هذا الواقع مَنْ فعل أسوأ منه بكثير في حقّ شعبه والشعوب الأخرى. وعلى أية حال فليس هذا باب القصيد فالذي أريد قوله أن "الموت" ربما هو الحالة الوحيدة التي يجب علينا أن نحترمها وألا نتشفّى بمن تناله فهي حالٌ عامّة وستشمل الجميع. إننا لسنا القاضي لنحاسب الناس على أعمالهم ونيّاتهم ومظالمهم. علينا أن نحترم هيبة الموت ونجلّ حرمته وألا تقودنا العاطفة لنصبّ اللعنات على الموتى. أي شخص يموت علينا أن نترحّم عليه, أو على الأقلّ ألا نعتبر هذا عقاباً من الله. كما حصل في حال انفجار المركبة الفضائية الأمريكية وما رافق ذلك من تهاليل وفرح ورقص في شوارع بعض البلدان العربيّة والإسلاميّة! فهل تسونامي عقاب لأندونيسيا؟ وهل إعصار فرجينيا عقاب لأمريكا؟ وهل الهزات الأرضية التي حصدت أرواح مئات الألاف في أرمينيا وإيران والباكستان وغيرها عقاب من الله وانتقام؟ فإلى متى ستظلّ في واقعنا مثل هذه الصور السيئة التي لن تخدم قضّيتنا بأي شكل من الأشكال بل تعقّدها وتسيء إليها. ومثل هذا لن يعيد لنا أراضينا المغتصبة. لكنه سيزبد الأمر تعقيداً وسوءاً وتتخّذ دولٌ أوروبيّة وحتى شعوب عربيّة وإسلاميّة مواقف مغايرة لما يجب أن تكون عليه.

للموت حرمة وهالة وقدسية وهو مصيرنا جميعاً في يوم ما! لماذا نفرح لموت هذا أو ذاك؟ ونتشفّى وكأن سرطان الشّر تمّ اقتلاعه من العالم؟ إنّ الناس كلّها يساوي بينها الموت. فلنرجع إلى أصول إنسانيتنا ونتعلّم من تجارب الحياة أين تكمن مصلحتنا الحقيقيّة؟ و بأية طرق ووسائل يكون التعبير عنها؟ لتكون لها وجه غير حاقدة وتستطيع كسب العطف من الآخرين. وهذا هام وضروري جداً. فكل طرف من أطراف الصراعات المختلفة يعبّر عن موقفه بما له من استراتيجيّة أو تكتيك! أما أن يخسر دعم الغير ويسعى إلى دقّ إسفين من الكراهية بينه وبين الآخرين فهذا يضرّ بلاشك القضية الأساس ولا يفيد في شيء على الإطلاق.
لقد نظمتُ هذه الأبيات من الشعر بعدما قرأت في بعض المواقع تمنيات بالموت للمريض الذي يعاني سكرات الموت وكأن الإنسانية تمّ اختزالها في عبارة واحدة هي "الانتقام" والتشفّي ومن شخص بحدّ عينه! فإلى متى سنظلّ نعزف على هذا الوتر؟ ونبقى هكذا تجرّنا العواطف الهوجاء غير المنضبطة, وتسوقنا الأحقاد إلى ما لا يحمد عقباه وما لا يعرف مصيره؟ إليهم وإلى أصحاب الأصوات المرتفعة والمتمنيّة موت هذا أو ذاك! اتّقوا غضب الله! فإن غضبه لشديد ولسنا نحن الديّان الذي سيحاسب الناس وسيأتي اليوم الذي سيدفع كلّ فاتورة حسابه إن شاء ذلك أم أبى! ولن ينجو أي من المجرمين من العقاب. وحنى أولئك الذين يتستّرون تحت عباءات وشعارات فضفاضة!

كيفَ يهْنينا مواتٌ

كيفَ يهْنينا مواتٌ؟ ... قُلْ بمنْ يودي مُعيْبُ!

أنْ نمنّي منّا نفْساً... وعلى الموتى نَعيبُ!

نفرحُ نأتي ابتهاجاً, ... ولنا هذا يطيْبُ.

يومُنا آتٍ أكيداً... دورُنا فيه قريبُ.

هلْ يجوزُ أنْ نسوقَ... لعنةً منّا تصيْبُ

سمعةً, واسماً, و ذكراً؟ ... ربّنا لا يستجيبُ!

إنْ زرعنا الشّوكَ كانَ... حصْدَ أشواكٍ نصيْبُ!

وحدُهُ الرّحمنُ يجزي ... أو يجازي مَنْ يَخيبُ.

لسنا حكّاماً على مَنْ ... يُخطىء أو مَنْ يُصيْبُ!

قدرةُ الرّحمنِ يسمو... عدلهاُ ليسَ يَخيبُ.

كلّنا يدري بأنّ ... الظّلمَ جبّارٌ رهيبُ

فيهِ مخلوقٌ ضريرٌ ... وله فعلٌ مُريبُ

منْ طباعِ الخَلْقِ مرٌّ, ... كلُّ ما فيهِ نحيبُ!

فلتكنْ منّا الصلاةُ, ... كي يعمَّ الدّنيا طيْبُ

منْ رضى عدْلٍ سخيٍّ. ... لا قتالٌ, لا حروبُ

لا حقودٌ, لا احتلالٌ, ... لا اغتصابٌ, لا غريبُ


لا تعدٍّ, لا ابتزازٌ. ... ربّما الحلُّ الحبيبُ!

[georgette]

اخي فؤاد
قال لي اخونا فهمي يوما في محادثة / نحن امة اذا احبت احبت بشدة العمى بحيث لا تعد ترى الغلط من الصح ، واذا كرهت كرهت بشدة حيث انها لا تعي الرحمة والشفقة /وهذه هي الحال المطابقة لهذا الموضوع فالكره يعمي البصيرة ولا يترك للترحم مكانا
اني يا اخي في بعض الاحيان اسال الرب لما كل هذه الكوارث ؟ هل ذنبنا كبير لهذا الحد ؟
اني اؤمن بعقاب الرب واؤمن بتحذيره ولا انكر باننا نستحق عقابه ،اوليست كل هذه الكوارث تحذيرا لنا ،،هل يجهل الخالق ما يكون البارحة او يتجاهل ما سيكون ؟
اما التهلهيل لموت شخصا اي كانت خطيئته فهذا تخلف عقلي وامر غير مقبول
جورجيت

[fouadzadieke]

أختي جورجيت

إن ما قاله أخونا فهمي لهو الصّواب بعينه, "نحن قومٌ لا توسّط بيننا ** لنا الصّدرُ دون العالمين أو القبرُ" وأقول أنه بهذا التفكير وهذه الممارسة فإنه لن تكون لن صدارةٌ في شيء! بل سيكون انحدار ومزيدٌ من الانحدار. بكلّ أسف. وسيكون من الصحيح القول"نحن قومٌ لا توسّط بيننا ** لنا القبرُ دون العالمين أو القبرُ"