![]() |
Arabic keyboard |
#1
|
|||
|
|||
![]()
21
نحن نقول , إذا انتهينا من الترميم والبناء , نكون قد أستطعنا الحفاظ على صحة أبنائنا وبناتنا , وجهزنا لهم وسائل الراحة والكساء والغذاء , حينئذ يمكننا رسم الخطط الكفيلة برفع الضيم عنا , وفك الحصار المضروب علينا . . درجة درجة . . وغير هذا لا يمكننا القيام به . أحسنتم يا أهالي آزخ . . أحسنتم أيها المفكرون النبلاء وهل نسيتم الدادا أوسي ومن معها من أخواتي الأثنين والخالة مليحة أم الخوري حنا وجدة ببو اسطيفو , وهن نساء وزوجات وأبناء بلدتكم بكاملها وكذلك الشباب الذين وقعوا في الأسر ولا نعرف مصيرهم ؟ ترى ألم تفكروا بنجدنهم , وفك أسرهم , وهل صاروا في اعتقادكم بحكم الأموات ؟ كيف . . لكم أن تناموا . . وتهنئوا . . وأسراكم في قبضة الغزاة الأوباش الذين لا يعرفون الرحمة , ولا يخافون الله ؟ إن كل ما تقوله يا عمنا المفكر إبراهيم السيف , هو عين الحق والصواب ولا تظننا أقل منك خبرة ومروءة وحماسا . . لكن هذا الموضوع سوف يستغرق وقتا طويلا , قد ننجح فيه أو لا ننجح . . وبيوتنا كما تراها قد أصبحت أطلالا بالية وزمما ممزقة , ولا بد من ترميمها قبل حلول فصل الشتاء وإلا مات الأوالاد والشيوخ تحت وطأة البرد والصقيع , والماشية ستلاقي ذات المصير أيضا . . فيكون مصيرنا بذلك , أكبر من مصيبتنا الحالية . تنفس إبراهيم عمنو الصعداء , وعيناه تجوبان الجموع , أشعل لفافة من التبغ , وجلس على حجر قريبة منه وقال بروية وهدوء : ما اعتقدت مرة من المرات , إنكم أقل مني حماسة ومروءة لأنكم من أصحاب هذه البلدة المعروفة بطيبة ورفعة أخلاقها , ونبلها المنقطع النظير , وإغاثتها لكل ذي مطلب أو حاجة . . فأنتم على حق في تسيير أموركم حسب مقتضيات الحاجة , مبتدئين بالأكثر ضرار , وصولا إلى الأقل منه , حتى الانتصار على المحنة , وإزالة آثار العدوان كليا . . وقد ارتحت الآن لاقتراحاتكم الصائبة التي شجعتني لأن أطلب منكم إعفائي من هذه المسؤولية الجسيمة , والتي ليس لكم غنى عنها . . فترميم وبناء ما تهدم , هو واجب مقدس لا غنى عنه وضروري , أنا أحترمه وأثني على الذين سوف سيقومون به . . ولكن في هذه الآونة بالذات , أشعر أن مسؤوليتي التي اخترتها بمحض إرادتي , هي مسؤولية إلزامية , مساوية في الوزن والثقل لمسؤولية الترميم والبناء وحبذا كل فرد منا التزم بمسؤولية التي هو أهل لها وكفء بها فلا تتضارب المسؤوليات , ولا يحمل أي منكم أكثر من استطاعته كما حمل إسحاق بازو قبلا وندم على مافات . 22 إن الصمت الرهيب , والسكون المهيب , الذي خيم على الجموع التي كانت تسمع إليه , وكل واحد منهم يفكر بالكلام الذي فاه به العم إبراهيم عمنو , دون أن يبدي حراكا , أو يعترض على كلمة , أو يتفوه بأخرى ليصل إلى نهاية الحديث , غير أن إبراهيم عمنو تابع قوله : لكم أنتم ما أردتم , ولي أنا ما أريده . . غير أن طريقي طويل وشاق , لا يخلو من المخاطر المحيقة بي , إن طريقكم هو معلوم الملامح , وعملكم واضح كقرص الشمس . . أما طريقي فمجهول . . وخيف . . وعلي أن أسير به لوحدي . . لذا أرجوكم أن تسامحونني وتصلّوا من أجلي , وتتضرعوا إلى عزرت آزخ , كي تساعدني للتغلب على الصعاب في مهمتي الشاقة , فطريقي مملوء بالأشواك محفوف بالمخاطر , لأن القضية التي سأحملها معي , هي قضية إعادة أسرانا وصبايانا وحفظ كرامتنا , وزرع عاداتنا وتقاليدنا الإنسانية الراسخة في وجدان الأجيال السريانية الطالعة , كي لا تحيد عن الدروب المستقيمة التي ما زلنا نتوارثها أبا عن جد . يتبع بالحلقة القادمة .............. |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|