كلنا نحصد ما نزرع

[الياس زاديكه]

كلنا نحصد ما نزرع .. و نجني ما نبذر ..
قـصـه جميله قرأتها ..
عندما بلغ أحد أباطرة الشرق من العمر عتياً . قرر اختيار خليفه . و خلافاً لما العادة ، لم يختر الإمبراطور أحد مساعديه أو أحد أبنائه لتولي هذا المنصب ! فقد قرر شيء جديداً لم يألفه أحد من قبل و لامن بعد .
جمع الإمراطور الشباب الصغار في المملكة في مكان واحد ، و قال لهم بصوت حكيم : ( لقد حان الوقت لأختيار إمبراطور البلاد القادم ، و قد قررت أن يكون هذا الإمبراطور واحد منكم ) .
أعطى الإمبراطور لكل شاب بذرة خاصة و تابع قائلاً : ( أريد من كل منكم أن يزرع بذرته و يرويها بالماء بدءاً من اليوم ، و سألقاكم بعد سنة من الآن لاختيار الإمبراطور و الذي سيكون واحداً منكم عندما ارى النبتة التي غرسها كيف نمت و كيف أثمرت : كان بين الشباب الصغار فتى يانع اسمه " لنج " أخذ لنج البذرة و عاد فرحاً و مندهشاً يروي لأمه ما حدث .
على الفور ، ساعدت الأم ولدها الصغير في زراعة البذرة و الاعتناء بها . فمن يدري ، فقد يصبح ولدها إمبراطور البلاد القادم .
و في كل يوم كان " لنج " يروي البذرة و يتأمل التربة ليرى إذا ما بدأت البذرة في النمو أم لا . بعد ثلاثة أسابيع بدء الشباب الآخرون في الحديث عن بذورهم و عن نباتاتهم التي بدأت تبزغ . و ظل " لنج " يتأمل نبتته باستمرار ، و لكنها لم تبزغ و لم تنمو و لم تظهر من تحت التراب . مضت اربعة أسابيع ثم خمسة و ستة و الناس يتحدثون عن نباتاتهم ، و لنج يشعر بالفشل لأن نبتته لم تنم أبداً . بعد ستة اشهر ايقن لنج انه قتل نبتته ، فالجميع الآن لديهم شجيرات طويلة أو ملونة أو أشجار كبيرة . و لنج ما زال يراقب نبتته عسى أن تبدأ في النمو .
بعدما أنتهت السنة ، جاء الميع إلى قصر الإمبراطور و معهم أشجارهم اليانعة . و عندما حضر الإمبراطور ألقى نظرة فاحصة على النباتات و هنّا الشباب على زراعتم و رعايتهم لنباتاتهم و على ما جنت أيديهم . و بالطبع لفت نظره الإناء الفارغ . فأمر بإحضار صاحبه " لنج " الذي كان يحاول اخفاء شجرته التي لم تنم ، و كاد يختفي خلف الشباب الأكبر سناً و الأفرع طولاً . حضر لنج مرتعشاً مرتعداً أمام الإمبراطور و الرعب يقتله و الخزي يكا يملاء عينيه .
كان لنج يخشى أن يأمر الإمبراطور بقطع رقبته ، لكنه تماسك قليلاً .
قال له الملك : ما اسمك ؟
فقال : لنج
فطلب الإمبراطور من الجميع الهدوء ثم قال (( حيوا جميعكم إمبراطوركم الجديد ، و اسمه لنج ))
لم يصدق " لنج " و لم يستوعب ما حدث ؛ لأن نبتته لم تنم على الإطلاق ، فكيف إذن فاز على كل هؤلاء ؟ !
ثم تابع الملك قائلاً : ( منذ سنة ، أعطيت كل منكم بذرة ، و طلبت منكم ان ترووها بعناية و تزرعوها ثم تحضروها لي اليوم . لكني لم أقل لكم أنها بذور مغلية و تالفة لا تنمو أبداً . كلكم - ما عدا لنج - تحايلتم و كذبتم و احضرتم نباتات و أشجار و زهوراً عندما ظن كل منكم ان نبتته لا تنمو و عندما اعتقدتم ان الغش قد يجعلكم أباطرة . أما " لنج " فهو الوحيد الذي زرع البذرة التي طلبت زراعتها بالفعل ، و قد أثبت أمانته بصدق و شجاعة . و لهذا ، فقد عينت لنج إمبراطوراً .
نعم .... :
عندما نزرع الكذب و الخداع نجني الفشل و الخيبة .
و عندما نزرع الصدق و الإخلاص نجني النجاة و الحب و التقدير
فلنحذر عندما نزرع . فما نزرعه اليوم سنجنيه غداً .
نحن نحدد ماذا سنجني .
ففي كل يوم سنحصد حلاوة أو مرارة ما زرعناه بالأمس .
و صدق المثل الذي يقول : " إننا لانستطيع أن نجني من الشوك العنب " .

منقول