![]() |
Arabic keyboard |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الأباتي نعمان: لأول مرة أفكر بالفيدرالية .. وبكركي المرتكز الوحيد الثابت ![]() الأباتي نعمان: لأول مرة أفكر بالفيدرالية ..وبكركي المرتكز الوحيد الثابت لم يتغير الاباتي بولس نعمان ولم يتعب. بقي وهو يقترب من الخامسة والسبعين رجلا بمواهب كثيرة. السياسة، التاريخ، القراءة، الكتابة ، لبنان، الرهبنة اللبنانية المارونية، كلها جزء من شغفه، وربما الاصح جزء منه. رجل دين خاض شؤون الدنيا كما لم يفعل الا قلة من العلمانيين. شارك في صنع الاحداث. خاض صراعات، وكانت له خصومات وعداوات حادة لا يبنيها الرهبان عادة. يجلس اليوم في مكتبه في جامعة الروح القدس في الكسليك نائبا لرئيسها. تظنه مكتفيا بالانصراف الى شؤون الجامعة وطلابها والى بعض كتاباته وهو يحضّر مذكراته. لكن من يعرف الاباتي نعمان قليلا يعرف ان القليل لا يكفيه. وهو على اي حال لا يخفي اهتماماته. يقولها ببساطة «لا ازال اهتم بالسياسة واتعاطاها». الى السياسة، وربما في صميمها، اهتم كثيرا بتاريخ الموارنة. ومؤخرا شارك مع الاخت بنوات، الناسكة في بعدران في الشوف، في ترجمة وتقديم كتاب عن اللاتينية لمرهج ابن نمرون الباني يعود للعام 1679 عنوانه «بحث عن الموارنة: الجذور والاسم والمعتقدات». الى «جذور» الاباتي نعمان نعود لنكتشف معه «المعتقدات» التي آمن بها وسيّرت حياته. نعود الى شرتون، الى منزل اسعد نعمان ولميا ابي ناهض واحدى ليالي العام 1932 حين ولد صغير اخوته الخمسة، بولس. نشا الطفل متاثرا بوالدته الشديدة الايمان والتقوى. كان يستقيظ في الليل ليجدها ساجدة تصلي. ام مصنوعة من قداسة اما الاب فـ«قبضاي» له اهتمامات وعلاقات سياسية. كان موظفا في وزارة الاشغال ينفذ التزامات في كل لبنان من سير الضنية وطرابلس الى اقصى طرقات الجنوب وجبل عامل. كان اسعد نعمان يغيب كثيرا عن المنزل، غالبا في مهمات سياسية يرسله فيها حبيب باشا السعد. فهو من أتى للسعد بلقب الباشوية بعد ان حمل منه هدية خاصة الى السلطان. كما اهدى السلطان لقب البيك الى اسعد نعمان لكنه لم يستعمله احتراما للسعد. وعلى اثر «مشكل» مع الاتراك ارسل حبيب باشا اسعد الى القدس حيث اقام فيها عشر سنوات. غياب الوالد زاد من تعلق بولس بأمه وتاثره بها وبايمانها الكبير. ويوم زارهم الاب عمانوئيل الحاج، وكان مسؤولا عن الطلاب في الرهبنة اللبنانية المارونية، لاحظ اهتمام بولس بالدين فدعاه الى الرهبنة، وهكذا كان وهو لم يتجاوز الاثني عشر عاما. كان والده غائبا عندما دخل الدير وحين عاد ورآه للمرة الاولى يرتدي الغمباز بادره قائلا «روح اشلح هذه التنورة وتزوج». لكن بولس نعمان لم يفعل بل انغمس في حياة الرهبنة محاولا الغوص في روحانيتها، متأثرا ومستفيدا من وجوده في احد «اقدس» اديرتها في كفيفان. درس المرحلة الثانوية في الكسليك ثم نال اجازة في اللاهوت، قبل ان يدخل الجامعة اليسوعية لدراسة الحقوق فيما هواه كان الادب الذي درّسه لسنتين. اختارته الرهبنة للسفر الى روما والدراسة فيها. نصحه الاب بطرس الجميّل يومها، دراسة اصول الموارنة… يروي نعمان «صدمت بما سمعته منه وسألته هل انت تؤمن حقا بذلك؟ فرد بالايجاب والتشديد على ايمانه بهذا القديس. عندها قلت له انا راهب في رهبنة القديس شربل واريدك ان تعود عن اعتزالك لتشرف على اطروحتي. وكان لي ما اردت». بفرح وفخر يقول نعمان «لقد قمت باكتشاف كبير عن الموارنة. اثبت انهم خلقوا عن المجمع الخلقيدوني عام 451 الذي حسم عقيدة الطبيعتين في المسيح. وقد وجدت وثائق في المكتبة الوطنية في انكلترا وفي مكتبات روما والبطريركية المارونية وغيرها». بعدها، عاد الى لبنان وانشأ قسم التاريخ في كلية الآداب في جامعة الكسليك وعيّن عميدا للكلية. ولكن ما الذي اتى بالراهب المؤمن، الباحث عن جذور طائفته وتاريخها الى السياسة والسلاح والحروب؟ يفتح بعضا من صفحات الماضي ليتذكر انه «عام ,1969 وبعد اتفاق القاهرة تخوف عدد من الشبان المسيحيين من فكرة استبدال الفلسطينيين دولتهم باقامة دولة بديلة في لبنان. راحت مجموعة من الشباب تلح على البطريرك بولس المعوشي بضرورة التحضر لمواجهة المخطط الفلسطيني. نصح الصحافي الياس الغريافي، الذي كان يملك جريدة رقيب الاحوال، البطريرك المعوشي ان يترك للرهبانيات الاهتمام بالتفاصيل اليومية وشؤون الشبيبة ويترك بكركي للامور الكبرى… ماذا عن سبل الدفاع؟ يجيب نعمان «متعددة. بالموقف المتشدد والتصلب في الطرح. كنت عنيفا بالكلمة والفكرة». بعد مرور الزمن والمسافة لم يغير نعمان من قناعاته. برأيه «لم يكن بالامكان ان نقوم بغير ما قمنا به. حاولنا. ولو لم نتحرك لكان التاريخ لعننا». يتذكر لقاءاته الكثيرة. يستعيد اجتماعا ضمه والاباتي القزي الى ياسر عرفات وابو اياد وحسيب العلمي والدكتور وليد الخالدي في منزل حسيب الصباغ في الرملة البيضاء، ويقول« لقد كنت شديد الوضوح حين قلت لهم انكم تسيرون بنا الى خرابنا وخرابكم. وحاول ابو اياد احراجي عبر القول انه يشعر بالخطورة عندما يعرف ان المسيحيين يتسلحون وان الاباتي يشجعهم وقد بلغ المبلغ الذي جمعه اربعة ملايين ليرة. فاجبته ان المبلغ وصل الى عشرة ملايين. وحاول عرفات مقاربة الموضوع بطريقة مختلفة متسائلا ما دمتم تملكون المال فلم لا نشتري اراضي في فلسطين؟ فاجبته اننا نملك المال لشراء السلاح كما لشراء الارض. نحن لم نبع ارضنا بل انتم فعلتم». يستذكر نعمان هذه الحادثة ليستطرد منها الى ما ورد على لسان ابو اياد في مذكراته مع ايريك رولو وقد قال ان الاباتي نعمان «في هذا الاجتماع نهض كالثور وقال انه قتل مسلما سنيا ومسلما فلسطينيا باسم الله والكنيسة». رجل قام بمهام متعددة. رافق مهجري الدامور في البحر وتحول لفترة رئيسا لبلديات كسروان من دون انتخاب. راهب حوّل دير الكسليك الى ملتقى للقوى السياسية. وعلى الرغم من كونه طرفا لم يقطع الخطوط مع احد. يقلب صفحات اخرى فيتذكر قائلا «اجتمعت مع وليد جنبلاط اثر مقتل والده وقلت له ان السوريين قتلوه وقد اعلنت ذلك في الصحف لكنه في اليوم الثاني اصدر تكذيبا». يكرر اكثر من مرة انه «لم يكن بالامكان تجنب ما حصل في لبنان». نسأله كيف حوّل رهبنة دينية الى العمل السياسي، فيجيب «الرهبنة لم تعمل في السياسة انا فعلت. ويوم فعلت لم اشتغل كفرد. كان لدي ثلاث مصاف على الاقل: في رهبانيتي، في المؤتمر الدائم للرهبانيات وفي الجبهة اللبنانية. كنت فردا صغيرا الى جانب كبار كشارل مالك وكميل شمعون وجواد بولس وبيار الجميّل وغيرهم». الفيدرالية القائمة هل سعى الاباتي نعمان، وهو صديق مقرّب لبشير الجميّل، الى انشاء دولة مسيحية او فدرالية؟ يجيب بحسم «اليوم هي المرة الاولى التي افكر فيها بالفدرالية وامكانية تطبيقها في لبنان. سابقا لم افكر للحظة، ولا بشير فعل، في قيام فدرالية. اليوم افكر بلامركزية واسعة تصل الى حد الفيدرالية. لقد اقام الجميع فيدراليتهم ما عدا المسيحيين. ماذا يفعل الشيعة اليوم؟ لهم مناطقهم وسلاحهم واقتصادهم وثقافتهم. والسنة يمســكون بالدولة. لم يـبق شيء. اني اتحدث عن لا مركزية واسعة تنمي كل المناطق. نحن لا نريد تجميع كل الناس في بيروت. المسيحيون هم في اساس تكوين لبنان. توزعنا على كل اراضيه فكنا الجامع المشترك لكل الطوائف. لم نفكر يوما بوطن للمسيحيين والبراهين التاريخية هائلة وليس آخرها البطريرك الحويك». يدافع بحماسة عن «الفيدرالية الانمائية المفتوحة التي تنمي كل المناطق وتخلق التنافس في ما بينها». ويعتبرها «قابلة للحياة. وفيها يبقى النظام السياسي قائما على اربعة امور الخارجية والدفاع والمال والاقتصاد». وهل يرى ان «الكانتون هو ما يعبر عن طموح المسيحيين ورؤيتهم للبنان؟». يجيب «من يعمل اليوم بمفاهيم الكانتون؟ من يتحدث بمنطقه؟ الاكيد ان المسيحيين لا يفعلون». لا يتوانى الاباتي بولس نعمان عن الاعلان عن رأيه بصراحة أيا كانت الظروف وآراء الآخرين. يقول قناعاته ويدافع عن خياراته. ويعتبر «ان في لبنان اليوم ثلاثة مشاريع: المشروع الشيعي والمشروع السني والمشروع التعددي الذي هو مشروع المسيحيين التاريخي. فاما يكون لبنان موطن الاقليات المتعددة في الشرق واما لا يكون. واذا شاء الآخرون بقاء لبنان لا بد من ان يعودوا الى الخيار الماروني». يبتسم عند سؤاله اليوم عن احوال الموارنة ويقول «ان وحدة المسيحيين هي التي تصنع لبنان. نحتاج الى الارتكاز على مرتكز وطني ثابت. انا أراه في بكركي. لذا أنا تحت أمرة البطريرك صفير». لم يتعب الاباتي نعمان.. لم يتعب. Published: 2007-03-06 |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|