![]() |
Arabic keyboard |
#1
|
||||
|
||||
![]() وآه يازمن كل مسيحي يحمل إزره ويمشي . كالمسيح الذي حمل صليبه على كتفه ومشى إلى حتفه . شعبه لا بل ذويه آل داؤود آل أمه البتول الطاهرة الطاهرة التي ولدته .كانوا يعادونه ، يسخرون منه، ويضربونه ليسقط تحت صليبه . الحمل ثقيل لم يعد يستطيع الوقوف . المجرمون الجبناء السفلة ، اللذين اتهموه وحاكموه باطلا . لم يرد عليهم أفعالهم المشينة ، وهو ملك الملوك ورب الأرباب. فقط طلب لهم السماح (ياأبتاه اغفر لهم لأنهم لا يعرفون ماذا يفعلون) كانت عائلة مكونة من إثني عشر شخصا . أب سكير يترنح يمينا وشمالا لايعرف الطريق إلى منزله شاحب ذابل كأوراق الشجر الذابلة المتساقطة ، طوال فصل الخريف وهي لاتدري أن مثواها الأخير هو القمامة. وأم بائسة محطمة لا حول لها ولا قوة ، تبرز أخاديد الزمن على وجهها كخريطة عثة مهترئة لا خير فيها . لم تكن يوما يائسة من رحمة الله ، ولم يدخل القنوط إلى قلبها . بل كانت كلمتها المعهودة (إن الله رحمته واسعة، فهو يمهل ولا يهمل ) مضطرة للعمل ليل نهار ، لتقيت تلك الكتاكيت بالفتافيت . فيلم ( أفواه وأرانب ) .الأم المسكينة لم تعرف السكينة ، الأم الصبورة كانت بأمرها مغدورة وبقدرها مجبورة . عندما يعود الأب في الهزيع الأخير من الليل ثملا يبدأ الكلام شروي غروي . من باب الدار ليدخل إحدى الغرف لا يعرف الكلل والملل ويرتمي دون حراك . حتى شروق الشمس ليبدأ فيلم ذلك السكيرالفظ الذي حالفه الحظ ، بتلك الزوجة المقهورة الوجلة الخجلة لا تنبس ببنت شفة . ليقوم بركلها في ظهرها بحذائه الضخم وكأنه حذاء أبي القاسم الطنبوري . كلوح خشبي يضربه عدة ضربات متتالية ليكسره ويقضي عليه ، ثم يتابع فيلمه الدرامي بسحب شعرها عله يحصل على بعض خصلاته كذكرى لفعلاته وخيباته . بينما الأولاد المساكين كل منهم يختبئ في زاويته الخاصة به ، عندما يبدأ الفيلم وله نصيبه الخاص به . وللأم حصة الأسد . الأم الدؤوب داخل المنزل تعجن وتخبز وأحيانا تبيع ذلك الخبز اللذيذ الذي تخبزه في التنور بيديها الطيبتين. أو تعجن الطين الأحمر برجليها المنهكتين لتصممه تنورا ثم تنشفه وتبيعه . أما عمل الأولاد فكان البيع أمام الباب على بسطة صغيرة أشياء بسيطة : كالبزر المسلوق ، والبيض المسلوق مع سندويشات الفلافل اللذيذة. بالاضافة إلى القصبات المقلية ، وغير ذلك مما يستطيع الأولاد بيعه والإستفادة منه . ثم تذهب إلى القرى المجاوره مع عدد من أولادها القادرين ، لجمع ما أمكن من الأعشاب المألوفة لتحضيرها في اليوم الثاني كوجبة رئيسية للغذاء . ناهيك عن الأشغال اليدوية التي كانت تلك الأم المثالية تحترفها ، لتنفذها ليلا عندما ينام الأولاد وتركن للراحة والهدوء . الأيام تتوالى ، والشمس تتوارى وتظهر مئات المرات والحال هو كما كان . لا حال ولا مال ، وحياة تلك العائلة جحيم وخيم . دخل الأب السجن لمدة عامين كاملين ، وتابعت الأم نضالها وكفاحها بغياب الأب على منبر الحياة المعقدة المكفهرة ،. وبينما كانت تحفر في البرية لجمع النباتات كعملها اليومي مع أولادها ، صعب عليها إقتلاع تلك القطعة المستعصية من العشب ، فنادت أولادها لمساعدتها . وبعد ساعات من التنقير والتحفير أكتشفوا أن الأيام المكشرة أصبحت مبشرة . وأن القدر المصور قد تحول إلى بدر منور . وأن أول الربيع برعم أخضر . يالها من تباشير وأمال ( ماأضيق العيش لولا فسحة الأمل ) . كان ذلك الصندوق الحديدي المصدأ يحتوي على قطع أثرية لا تقدر بثمن . ظل الأمر مكتوما بين الأم وأولادها خوفا على ذلك الكنز من مصادرته إلى متحف الأثار . حتى خرج الأب من السجن ( فحط عقلو فراسو وعرف خلاصو ) وسبحان مغير الأحوال كان مديونا بمبلغ من الليرات ، طالبه الدائن بحقه أول يوم شاهده في الشارع ، إعتذر الأب بتوفية الدين في يوم آخر ، لكن الرجل أصر وقال : الآن أريد حقي . قصد جاره قارضا منه المبلغ المطلوب ليوفي دينه . كانت تلك الحادثة الصغيرة نقطة تحول لبداية صفحة جديدة في قاموس حياة تلك العائلة المنحوسة المكبوسة . أمر الوالد زوجته وأولاده بالإستعداد للسفر ، والرحيل إلى بلاد الله الواسعة ، وإخفاء أمر الثروة وقد حالفهم الحظ أن أحد أعضاء الجمارك كان معروفا ومن الأهل . حتى أن أستقروا في دولة كبيرة ، باعوا تلك القطع الأثرية وألتحق الأولاد بمدارسهم وأعمالهم .ثم تزوجوا الواحد تلو الآخر ، أخيرا بقي الزوجان وحيدين وعاشا حياة سعيدة لكن الأسى لا ينتسى .( و آه يازمن ) من فريدة زاديكه التعديل الأخير تم بواسطة فريدة زاديكه ; 04-11-2006 الساعة 07:28 PM |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|