![]() |
Arabic keyboard |
#1
|
|||
|
|||
![]() أبجر يا مطراً هاطلاً فوقَ بيادرِ الروح* إهداء: إلى روح أبجر سليمان صليبا تبكي الأزقّة براري الرُّوحِ تشتعلُ خرّتْ نجمةٌ فوقَ جمرةِ القلبِ فوقَ ليلِ المالكيّة فوقَ أزاهيرِ العمرِ يعبرُ العمرُ طيّاتِ الغمامِ وجعٌ من شظايا الانكسار رفرفَتْ نسائمُ الصَّباحِ فوقَ أنينِ الحشرجاتِ فوقَ جموحِ الرِّياحِ الحياةُ ومضةُ حزنٍ متماهية معَ دموعِ الحزانى معَ تواشيحِ المساءِ أبجر يا صديقَ السَّنابل يا زهرَ البيلسان يا مطراً هاطلاً فوقَ بيادرِ الرُّوحِ يا صديقَ البحرِ يا جرحاً مفتوحاً على خدودِ الأمَّهاتِ يا شمعةً راعشة في ليالي الشِّتاءِ كم مِنَ الدُّموعِ كم مِنَ الخشوعِ كم مِنَ الرُّكوعِ كَم مِنَ الأنينِ حتّى تورّمَتْ خدودَ السَّماءِ! تولدُ الأمُّ وليدَها في صباحٍ مبلَّلٍ ببسماتِ الهلالِ ينمو مثلَ خمائلِ الوردِ مثلَ أريجِ التِّينِ مثلَ شوقِ القلبِ لأيامِ الطُّفولة مثلَ أزهارِ الحنينِ ينمو حاملاً فوقَ وجنتيهِ براعمَ متفتِّحة للزمنِ الآتي هل ثمّة زمنٍ آتٍ؟ توارى الزمنُ في تلافيفِ الجراحِ زمنٌ من لونِ البكاءِ من لونِ الشقاءٍ زمنٌ مكفهرٌّ من تفاقماتِ الانشراخِ هل ضاقتِ الدُّنيا بزهوةِ الشَّبابِ بنضارةِ القلبِ بشوقِ الرُّوحِ إلى مروجِ الغاباتِ؟! وجعٌ كثيفُ الانشطارِ كأنّه مستنبتٌ من أنيابِ الضِّباعِ ما هذا العبورُ المميتُ في متاهاتِ القفارِ زمنٌ معفّرٌ بالأوجاعِ بفقاقيعٍ من لونِ الضَّبابِ فرّتِ العصافيرُ خوفاً من جوعِ الضَّواري أينَ المفرُّ من دكنةِ اللَّيلِ مِن حشرجاتِ الموتِ في جوفِ البراري ما هذا الحصارُ يا قلبي ما هذا الدمارُ يا صبري؟ زهرةُ العمرِ تلظّتْ فرّت بعيداً أسرابُ القطا أينَ المفرُّ من هولِ الأنشطارِ؟ أمّاه! إلى أين تسيرُ بنا المراكب؟ أشهقُ شهقةً تحملُ حسراتِ غربةِ البحرِ حسراتٍ من لونِ الأنينِ من توهّجاتِ حلمٍ مدمى بدموعِ اللَّيلِ! هل أنا أنا أم أنني أنّاتٌ من لظى الآهاتِ؟ تعلو أحزاني أمواجَ البراكينِ مَن يستطيعُ أن يخفِّفَ من بيارقِ أحزاني مَنْ يستطيعُ أنْ يبلسمَ جراحَ الحنينِ؟ ديريك آهٍ يا ديريك! يا صديقةَ قلبي يا وجعي الأزليِّ يا بيدري الآفل في زحمةِ غرباتي لم أجدْ غربةً غرقى بالنَّارِ مثلَ انشراخِ غرباتي! غربةٌ قبلَ أن أعبرَ خيوطَ الشَّفقِ غربةٌ على مساحاتِ الأرقِ غربةٌ عندَ المهدِ في رحابِ الطُّفولة في مقتبلِ العمرِ في أوجِ الشَّباب غربةٌ مكتنزة بخشخشاتِ الفيافي! ديريك يا أميرة غربتي تشبهين زائرة مخبَّأة بين شهيقِ القمر! من وجنتيكِيهطل الدُّفءُ فوقَ موجات شوقِ الروح؟! عندما عبرتُ البحارَ ظننتُ أنني سأنسى الأزقّة البعيدة ومرافئَ البيتِ العتيقِ كلّما توغّلْتُ بعيداً أجدني مقمَّطاً بأزقّةٍ مهتاجة برذاذاتِ المطر وحده قلمي يخفِّفُ من أوجاعِ الغربة وحده قلمي صديقُ اللَّيل وأمواجُ البحارِ وحده قلمي يهمس للريحِ عن هذا الزَّمن المعفّر بالغبارِ طلاسمٌ لا تخطرُ على بال خفتَ القمرُ ضياءه خفتَ الصَّباحُ نداءه وجعٌ ينمو في رحابِ الانتظارِ! متى سننثرُ في حيّنا العتيقِ بذورَ العناقِ على أنغامِ السَّنابلِ عجباً أرى كيف غابَت كروم المالكيّة في دكنةِ اللَّيلِ؟! ذاكرة متَّقدة بعناقيدِ العنبِ بنكهةِ التِّينِ! كلّما أحنُّ إلى تلكَ البراري أعودُ إلى عوالمِ طفولةٍ غافية بينَ خميلةِ الرُّوحِ أرسمُ وردةَ الخلاص أخفِّفُ من خشونةِ الانتظارِ! نأتي يا قلبي إلى الحياة في ليلةٍ قمراء في صباحٍ مندّى بخيوطِ الوفاء نرحلُ بعيداً عن بسمةِ الأمّهاتِ بعيداً عن حصادِ الحياةِ بعيداً عن معابرِ الصِّبا أزدادُ توغُّلاً في مكامنِ الغربةِ أينَ أنتِ يا ضفافَ براعمي الأولى؟! ديريك يا عشقي الأزليّ تشيِّعينَ أزاهيرَ الشَّبابِ جبينُكِ مندّى بمراراتِ الدُّموعِ كيفَ تستقبلُ الأمّهاتُ رحيلَ الزُّهورِ شاهداتِ القبورِ؟! أينَ المفرُّ يا قلبي من عتماتِ القبورِ من غضبِ البحورِ؟! أبجر يا صديقَ الوردِ يا موجةَ بحرٍ غابت بين نسائمِ الصَّباحِ تمرُّ الأيامُ والشُّهورُ والسُّنونُ مسترخيةً فوق تواشيحِ الغمامِ آهٍ .. تودِّعُ ديريك أبهى زهورها وأنا مشلوحٌ في أعماقِ المنافي ثمّةَ أحزان تربو قاماتِ البحارِ وجعُ على امتدادِ البراري! تمرُّ سنينُ العمرِ مثلَ غيمةٍ شاردة مثلَ نسمةٍ عابرة مثل بخورِ شمعةٍ مرتعشة في وجهِ الرِّيحِ! وداعاً يا صديقَ الروحِ يا ينبوعَ الوفاءِ نَمْ قريرَ العينِ فوقَ خدودِ السَّماءِ! ستوكهولم : 22 . 10 . 2005 صبري يوسف كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم مقاطع من أنشودة الحياة!
التعديل الأخير تم بواسطة SabriYousef ; 22-10-2005 الساعة 01:18 PM |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|