مار يوحنا مارون بقلم الاب اميل اده م.ل.

[fouadzadieke]

مار يوحنا مارون، بحسب التقاليد الموروثة - 1



بقلم الاب اميل اده م.ل.‏ - خبير في المجمع البطريركي الماروني

ان كل ما نعرف عن حياة القديس يوحنا مارون وعن اعماله وقداسة سيرته مرجعه ادلة ‏ثقافية وليترجية وغيرها من التقاليد الموروثة، لان المستندات تاريخية المكتوبة قليلة جدا. ‏السبب الاهم هو الحريق المجرم لمكتبة دير مار مارون على العاصي، في اوائل القرن العاشر.‏
نستنتج من كتابات المؤرخين القدامى والمخضرمين والمحدثين - جميعهم تقريبا يستندون الى ‏التقاليد الموروثة - ان يوحنا مارون ولد في اوائل القرن السابع في سروم، شمالي سوريا، ‏على ما جاء في كتاب لاحد اليعاقبة:«ان اصل يوحنا مارون من قرية تدعى سروم في جبل ‏السويدية على مسافة متساوية بين انطاكية ودير القديس مارون».‏
وثمة نص آخر ورد في سيرة يعقوب البرادعي، مؤسس كنيسة اليعاقبة حيث ذكر :«اشتهر يعقوب ‏البرادعي بحفظ ايمان الرسل الذي تلقيناه من يعقوب اسقف اورشليم الاول .... واما ‏المخالفون (اي الموارنة الخلقيدونيون) فيقولون «نحن نتبع يوحنا السرومي»، اي البطريرك ‏المخالف لله، بحسب رأي البرادعي. وسروم هذه، تقع على اسفل القسم الشمالي من جبل العلويين ‏بالقرب من مصب العاصي، على مسافة خمسين كيلومترا من انطاكية، ونحو اربعين كيلومترا من دير ‏مار مارون في افامية.‏
اهمّ المعلومات المتداولة عن يوحنا مارون انه تلقى علومه في انطاكية ثم في دير مار مارون ‏قرب معرة النعمان، واخيرا في القسطنطينية حيث، كما يبدو، اتقن اللغة اليونانية ‏وعلومها وتبحر في العلوم اللاهوتية وآباء الكنيسة. وعاد الى وطنه بعد ان بلغه موت ‏والديه. وعهد الى ابن اخته ابراهيم بشؤون البيت والاملاك. واخذ معه ابن اخته الاخر قورش ‏الى دير مار مارون حيث ترهب معه.‏
بعد سيامته الكهنوتية بدأ الراهب يوحنا مارون بالتأليف والتبشير مدافعا عن المجمع ‏الخلقيدوني وايمان الكنيسة الكاثوليكية. اشتهرت غيرته الرسولية كثيرا وذاع صيته في سوريا ‏والبلدان المجاورة.‏
قدم آنذاك الى انطاكية مندوب باباوي، برتبة رئيس اساقفة، ولما تأكد من ايمان يوحنا ‏مارون وقدرته على مجابهة المارقين عن الدين المستقيم، (بحسب تعبير ذلك الزمان) عمد ترقيته ‏الى درجة الاسقفية وعينه اسقفا على البترون وجبل لبنان، العام 676، ليحافظ هناك على ‏الايمان الصحيح والاتحاد بالكنيسة الرومانية.‏
قال البطريرك الدويهي ان يوحنا مارون منذ ارتقائه درجة الاسقفية ام الجبل اللبناني ‏واجتهد في الوعظ والتبشير في كل ابرشيته هاديا ومرشدا. فاجتمعت حوله رعية كثيرة العدد ‏استولت على جبل لبنان وكل المناطق الجبلية من حدود قليقية وبلاد الارمن حتى القدس.‏
جاءت ترقية يوحنا مارون الى اسقفية البترون وجبل لبنان في السنة نفسها التي انطلق فيها ‏المردة في حملتهم من جوار انطاكية، وتمركزهم في جبل لبنان وبلوغهم القدس الشريف. ثمة ‏انسجام وتعاون اكيدان بين يوحنا مارون وجيش المردة الذي اتخذ من جبال لبنان مركزا ‏ومعقلا له وقاعدة قوية لعملياته الحربية ضد الدولة الاموية.‏
حوادث هامة تمت خلال العام 685. مات قسطنطين الليحاني، الامبراطور البيزنطي الحكيم وخلفه ‏ابنه يوستينيانوس الشاب «الاهوج الطائش ولما يتجاوز السادسة عشرة من عمره». ومات كذلك ‏الخليفة الاموي مروان بن الحكم وخلفه ابنه عبد الملك. واحتدمت الحرب بين المسلمين بسبب ‏النزاع على الخلافة بين عبد الملك ووعبد الله بن الزبير. افاد المردة من هذه المناسبة لتجديد ‏هجومهم على الدولة الاموية.‏

Published: 2006-03-16