![]() |
Arabic keyboard |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() أصبح الأب عجوزاً, بعدما نال الدهر منه كلّ نيل, فضعف بصره, وقلّ سمعه, وخفّت حركة جسمه وبدأت الرعشة تعمل عملها في يديه, فأحسّ بأن المنية صارت قاب قوسين أو أدنى منه, وأن رحلة عمره قد أوشكت على الانتهاء. كانت له ابنة. لم تكن تدرك واقع هذا الوضع وكانت تعتقد أن أباها لا يزال قويّا ورشيقا وفتيّا كما كان في أيام شبابه, وقد خانها حدسها, فهو صار بحاجة إلى رعاية واهتمام ومداراة وقد عزّ عليه أن يطلب ذلك من ابنته غير أن ضعف حيلته أجبرته على أن يبعث إليها برسالة ذات يوم ليذكّرها بأن لها أباً, وهي كانت تعيش حياتها على مزاجها دون أن تلتفت لوالدها الذي دفع ثمناً باهظاً من ماله وراحته وشقائه لتنمو ابنته وتكبر وتحصل على ما تشتهي من الدراسات, وكان لها الأب والأخ والصديق بعدما فقدت أمها في سنّ مبكرة, وشعرت بمرارة اليتم لكنها لم تشعر بشوق إلى الأب لأنها لم تعد بحاجة إليه, وكان يجلس في الليالي المظلمة بين هواجس وحدته ويكبر لديه شعور الخوف من الموت, لأنه لم يكن أحد إلى جانبه يشعره بالأمن والاطمئنان والراحة, أو يدخل الفرح إلى قلبه والبسمة إلى صدره. هذه هي أبيات القصيدة التي نظمها لابنته وأودعها صندوق البريد, ولم تكد الرسالة تصلها حتى أسرعت إلى بيت والدها, لكن ذلك جاء متأخراً فقد أخذ الرب أمانته بعد معاناة وعذاب ووحدة عاشها هذا الأب المسكين الذي أعطى كل شيء لابنته الوحيدة والتي نسيت أن لها أباً فحرمته من متعة رؤيتها وأفقدته كل شعور بالمتعة والراحة في الحياة وهو على أبواب سفره الأخير: يا ابنتي لا تهجريني .. لم يعدْ في العمر عمرُ أطبق العجزُ عليه .. فارتخى وانحلّ ظهرُ.
يا ابنتي قد كنتُ أجري .. مثلما ينسابُ بحرُ كالغزال الطّلق حرّاً .. لم يكنْ يثنيني وعرُ من جوابي بلْ تريني .. عندما يحويني قبرُ!لم يعدْ سمعي قويّاً .. نال شيبٌ منّي فقرُ والعيونُ اختلّ منها .. ناظرٌ وانتابَ عُسرُ صار لي ال?زليكُ ظلاّ .. حالةٌ ليستْ تسرّ كلّ أعضائي تنوءُ .. تحت آلام ٍ تجرّ جسميَ جرّاً بطيئاً .. لم يعدْ في الأمر سرُّ يا ابنتي قد صرتُ شيخاً .. منك لا يرضيني هجرُ لم أعدْ أقوى فخارتْ .. قوّتي واغتالَ دهرُ كلّ أحلامي وعشقي .. إنّما يشقيني صبرُ! كان روضُ العمر يزهو .. أمحل واحتلّ قفرُ أنظرُ من حولي حين .. حاجتي تدعو وأمرُ لا أرى غير ابتئاسي .. وحدتي فالكونُ أسرُ! لا تزيدي من شقائي .. لي نداءٌ وهو سطرُ يشفعُ منه الرّجاءُ .. أكرمي فالدّينُ مرُّ قد تعبتُ حتى صرتِ .. هكذا يختالُ خصرُ! ارأفي فالربّ ليس .. غافلا لو كان عذرُ يا ابنتي قد لا تريني .. عندما يأتيك بِشرُ التعديل الأخير تم بواسطة fouadzadieke ; 29-04-2006 الساعة 08:31 AM |
#2
|
|||
|
|||
![]()
ألم يكن في قلبها الرحمة*ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء...أصعب شيء للأبوين عندما
يفاجؤوا بما لم يتوقعون من أبنائهم المعاملة الغير اللائقة لهم وقد وصت جميع الاديان بالطاعة للوالدين...ورضاء الله أولا ثم رضاء الوالدين!!! قصيدة تعالج حالة صعبة لاب لاتعرف ابنته الرحمة اتجاهه... تشكر يافؤاد |
#3
|
||||
|
||||
![]()
كلنا نعرف أن حالات مثل هذه تحصل كثيراً في المجتمعات الغربية, والكثير من الآباء والأمهات قضوا ولم يحضر أولادهم وبناتهم إلا من أجل ما تركوا لهم من ميراث, وأحياناً يتقاتلون مع بعضهم بسبب الخلاف حول الورثة وهم لا يزالون على القبر يقومون بدفن المرحوم الللللللللله يرحمو!!! كما أن بعض الأباء حرموا أولادهم من كلّ شيء لأنهم لم يقوموا على خدمتهم وأهملوهم فهذا الواقع موجود ومعاش في الكثير من المجتمعات العالمية. شكرا يا سميرة لتعليقك ومرورك.
|
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|