![]() |
Arabic keyboard |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() إلى متى؟ 4 كنتُ أتوقّع له أن يصير شخصيّة هامة في بنية هذا النظام العسكري لما كان يولى به من أهميّة وما يمنح من صلاحيات قلّما أعطيت لغيره في تلك البلدة التي تعرف ببعض التقاطعات السياسيّة والطائفيّة والعرقيّة المتنوّعة, والتي في أحيان كثيرة كانت متناقضة وهذا ما كان يفرض إعطاء هذا الزعيم الصلاحيات المطلقة ليعمل على استتباب الأمن من جهة ومن جهة أخرى ليمارس رذيلته التي عرف بها وطالت شرف الكثيرين من أبناء هذه البلدة.حضرت السّيارة التي أقلّتني مع عنصري أمن إلى المطار وهو لم يكن ببعيد عن إدارة الفرع الذي قام باستدعائي, ولم يتسنى لي مشاهدة أو توديع أسرتي كما لم أحمل معي في طريق رحلتي سوى جواز سفري المعدّ والموضوعة عليه التأشيرة ولم أكن أعلم الجهة التي سوف أضطر إلى مغادرتها وعرفت ذلك فقط في المطار حيث كانت وجهة فرنسا لكونها ترتبط بعلاقات جيّدة مع بلدي. بعد أن تمّت عملية التدقيق وانتهت الإجراءات اللازمة في المطار توجّهت إلى طائرة الخطوط الجويّة البناميّة وعلى ظهر إحدى طائراتها ابتدأت رحلتي مع الغربة والعذاب والشقاء, وهي كانت المرّة الثانية التي أغادر فيها البلد إذ كانت المرة السابقة في شهر العسل الذي أمضيته مع زوجتي في بلد عربي أحببته وتمنيت لو أتيحت لي فرصة الإقامة الدائمة فيه. ما أن هبطت الطائرة على أرض المطار وخرجت من المكان المخصص لنزول الركاب - وحيث لم تكن معي أمتعة لذا كنت أول الخارجين - حتى وجدت شخصاً بانتظاري. تقدّم منّي وعرّفني على نفسه وأظنه قال إنّه (أبو علي) لم تشاهده عيني من قبل البتة. قادني إلى سيارة كانت واقفة في المطار وهي تحمل نمرة فرنسيّة عليها إشارة الإتحاد الأوروبي الأزرق المعروف. سارت بنا السيارة مدة ساعتين زمنيّتين وكان يحدّثني (أبو علي) بكل أدب واحترام وكأنه موظف يعمل عندي وصار يسألني فيما إذا كانت فرنسا أعجبتني ؟ فقلت له: لم أر منها بعد شيئاً لأحكم على ذلك سلباً أو إيجاباً. قال: لا تهتمّ فإن لدينا برنامجاً ممتعاً وسوف تعرف كلّ شيء في الوقت المناسب, الآن عليك وبعد وصولنا إلى مقرّ إقامتك الدائمة أن ترتاح من عناء السفر وتدخل الحمّام وسيأتيك الطعام في أوقات محددة وستتعرف بالتدريج على برنامج عملك اليوميّ وهو ليس صعباً. قلت له وبشيء من الامتعاض: هل يعني هذا أنني سأمكث هنا طويلا؟ أجابني أنه لا يعرف شيئاً عن هذا الموضوع وهذا ليس من اختصاصه. فقلت وبانزعاج: من اختصاص مَن هو إذاً؟ فال بلهجة الآمر رجاء لا تسل أسئلة كثيرة لأني لن أستطيع مساعدتك في الإجابة عنها. سكتّ بالطبع ولم أعد أطرح سؤالا من أي نوع عليه. قال لي: لقد وصلنا الآن وكما قلت لك فإني سوف آتي غداً إليك لأعرف طلباتك وأخبرك أين سوف تذهب؟ وكيف ستمضي يومك؟ فقلت له: هل أفهم من هذا أني تحت إقامة جبريّة هنا؟ قال: لو كنت تحت إقامة جبريّة يا سيّد (منير) لما لقيت كلّ هذه الحفاوة منّا. إنك تطرح أسئلة تثير أعصابي ولا أضمن أني سأتمكن من تحمّلك إلى ما لا نهاية! شعرت بالخطر يتهددني منذ غادرت فهو كان فارقني لبعض الوقت بعد خروجي من عند (السيّد الأعظم) فقلت في نفسي: يا رجل اكستْ وانتظرْ. بمقدورهم أن يذهبون بك في خبر كان ولا من يعرف عن ذلك شيئاً. يجب أن أتحلّى بالصبر في مثل هذه الحالات وخاصّة أني في مجتمع غريب لا أعرف فيه أحداً كما لا أعرف ماذا صار من مصير عائلتي؟ حاولت إقناع نفسي وعلى مضض لأن أبلع لساني لبعض الوقت حتى تتكشّف الأمور وأرى لي مخرجاً من هذه الورطة التي وضعتُ فيها. تركني الرجل الذي استقبلني وذهب ثم عاد إليّ في صباح اليوم التالي في سيّارة أخرى غير التي استقبلني فيها في المطار. ولدى قدومه وتحيّته الصباحيّة لي طرحت عليه السؤال التالي هل هذه السيارة ايضاً لك؟ فنظر إليّ بطرف عينه وبغصبيّة تدلّ على عدم رضى ولم ينبث ببنت شفة. قدّم إليّ جواز سفري بعد أن صدّقه من الجهات المختصّة مثبّت عليه بدء تاريخ وصولي ومكان إقامتي التي يجب ألا تتغيّر إلاّ بموافقة فهي كانت لمد شهر واحد هذا ما قرأته لدى تسلّمي لجواز السّفر علماً أن طلب الزيارة المقدّم من قبل السيّد الأعظم كان وكما قال لي لمدة ثلاثة أشهر. لكن قلت ربّما حاول الكذب عليّ. فوجئت عندما شاهدت مسدساً مخفياً تحت لباسه وهو يحاول ت فتح الحقيبة التي كان يحملها ليعطيني بعض النقود الفرنسيّة من داخل الشنطة وهو يقول هذه لك متى اشتهيت أن تشتري لك شيئاً أو تريد أن تجلب إلى غرفتك فتاة أوروبية جميلة لقضاء ليلة معها ( وتابع القول) على فكرة إن الفتيات الفرنسيات الشقراوات ستعجبنك تماماً. قلت وأن أنظر إليه ما هذا الكلام الفارغ الذي أسمعه منه؟ هل أنا من هؤلاء الرجال؟ لكني عدت بعد قليل وقلت في نفسي لطالما كان هذا مصيري وإلى أن تتضح الصورة وأعرف على أية مخدّة أضع رأسي فأظن لا مانع من فعل ذلك فهذا شيء طبيعيّ هنا في أوروبا وخاصة أنني وحيد وأحتاج إلى امرأة لبعض الوقت. فكّرتُ طويلا في هذا العرض وخشيت من عواقبه الوخيمة فقد تكون تلك الفتاة أو غيرها بمصابة بالإيدز أو أية أمرض أخرى معدية, ثمّ كيف أقوم بفعل هذا وأنا لا أوافق على خطة هذا السيّد الأعظم الذي فعل كل هذا ليحلو له الجو مع زوجتي وابنتي. لا لا لا إنه يريد منّي أن أنغمس هنا في لذات دنيوية أنسى فيها نفسي وعائلتي ولا أعود أفكّر في طريقة للنجاة من هذا الموقف! عليّ ألا أستسلم وما هذه إلاّ خطوة مدروسة وبإحكام للإيقاع بي وخاصة أن الكثيرات من هذه الفتيات على ما كنت أسمع واقرأ يتعاطين المخدرات وأموراً أخرى ممنوعة وقد أذهب في داهية من خلال تدبير خطة من هذا القبيل لي. ذهبت أيام وجاءت أخرى وكل يوم يأتي هذا الرجل بفتاة وكل واحدة منهن تقول للقمر اذهب وأنا سأتي مكانك! بدأت مشاعري بالتحرّك والشيطان يوسوس في عقلب وفكري وقلبي وصرت ضعيفاً لدرجة لم أكن أتخيّلها, وأخيراً سقطتُ في فخّ هذا الرجل المجرم الذي حطّم حياتي وحوّلني إلى مجرد صعلوك لا حول لي ولا قوّة. لقد سقطتُ في الخطيئة وتماديت في طريق الرذيلة ونيست ربي ولم أعد أفكر إلاّ بالمزيد وبالمزيد الأكثر مزيداً. أوقعتني إحدى تلك الشقراوات لا في حسنها وجمالها فصرتُ لها عبداً, بل في إدماني القذر على المخدرات التي لم أكن أعرف منها سوى الإسم وعشت في عالم ضياع لا أول له ولا آخر. ولم تعد تحطر على بالي زوجة أو ابنة أو أي شيء آخر. كان الوضع حزيناً مأساويّاً واستطاع هذا الرجل أن يكمل خطة السيّد الأعظم بأن ينقلني من عالم الفضيلة إلى عالم الرذيلة وأن يحوّلني من رجل متديّن يخاف الله ويشعر بالذنب ويتألم لأذية الناس إلى إنسان تافه لا هدف له في الحياة ولا همّ سوى الاستمرار في هذه الطريق المظلمة وعندما أدرك هذا الرجل الذي استقبلني لدى قدومي أني بلغت مرحلة ليس فيها عودة أو رجوع تركني وتخلّى عنّي ولم أعد أراه أو أسمع عنه شيئاً. صرتُ أجرع كؤوس الهمّ والخيبة والمرارة وكلّ يوم يزداد حالي سوءاً وتتدهور صحّتي ويتلخبط ميزان عقلي. كانت الفتيات يأتين إليّ بكلّ ما أشتهي وأريد وهنّ يقطفن مني لذات متعة لا غير ويسقينني المزيد من ذلك السمّ الهاري الذي حوّلني إلى عبد بائس ويائس ولم أر نفسي مع مرور الزمن إلا وحيداً فقد رمينني في الشارع وتخلّين عنّي هنّ أيضاً ولم يعد أمامي من سبيل وبتّ افكر في طريقة أحصل فيها على المزيد من هذا (السمّ) حيث لم يعد بمقدوري الاستغناء عنه. يا إلهي ماذا أفعل؟ إني لا أعرف أحداً هنا! اشتدّ جوعي ودفعتني حاجتي إلى الحصول على ذلك المخدّر الفتّاك أن أخرج دون وعيي منّي وكنت اشعر بمزيد من الإعياء والهزال والضعف الشديد ولم أعد أشعر بشيء ممّا حولي فسقطت على الأرض مغشياً عليّ وأنا في عرض الشارع أسعى إلى الخروج من البيت الذي صار لي شبه قبر. يتبع... |
#2
|
|||
|
|||
![]()
أخوي بعد ما شوي تتنشط من تعب (هاك )تابع القصة ، صدق كيحلوي تنري النهاية أشطوف تتكون .
ألياس |
#3
|
||||
|
||||
![]()
شكراً يا أخي الياس لهذا المرور الجميل وأسأل هل قرأت الأقسام الثلاثة الأولى من هذه القصة؟ إنها قصة تحصل في كل مجتمع دكتاتوري تعسّفي لا قيمة للإنسان فيه وهي بالطبع لا تعني بلداً محدّداً وهذا ما قلته في غير هذا المكان إنها قصة كل بلد لا حرية لمواطنيه ولا كرامة.
|
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|