![]() |
Arabic keyboard |
#1
|
||||
|
||||
![]() تناقضاتُ الحياةِ بقلم: فؤاد زاديكى الحياةُ بكلِّ ما فيها صندوقٌ بداخلهُ مفاجآتٌ كثيرةٌ، منها ما يُسرُّ، ومنها ما يَقلِبُ حياةَ البشرِ رأسًا على عقبٍ، إذْ ليسَ في الحياةِ أمانٌ دائمٌ، و لا فرحٌ إلى ما لا نهايةَ قائمٌ. إنَّها مجموعةٌ من مُتغيِّراتٍ مُتواصلةٍ و مُتفاعلةٍ، يكونُ لها تأثيرٌ بالغٌ على البشرِ، إنْ سلبًا أو إيجابًا. و كمْ من إنسانٍ وجدَ نفسهُ أسيرًا لتلكَ المفاجآتِ الّتي تُغيِّرُ مسارَ أيّامِه بينَ غمضةِ عينٍ و انتباهتِها! فالحياةُ، و إنْ بدتْ جميلةً في لحظاتٍ، ليستْ سوى مزيجٍ من الأفراحِ و الأحزانِ، و التطلُّعاتِ و الخَيباتِ، تُقدِّمُ لنا الدروسَ في كلِّ منعطفٍ، و تُعلِّمُنا أنّ التَّقلُّبَ من طبيعتِها، و الثَّباتَ استثناءٌ نادرٌ. عندما نُسرِفُ في السّعادةِ، قد تأتي المصاعبُ لتُذكِّرَنا أنّ للحياةِ وجهًا آخرَ لا يُمكنُ تجاهلُهُ. و العكسُ صحيحٌ، ففي عمقِ الألمِ قد ينبعثُ ضوءُ الأملِ كاشفًا عن إمكانيّةِ البداياتِ الجديدةِ. و هكذا يظلُّ الإنسانُ بينَ شدٍّ و جذبٍ، مُعلَّقًا بينَ أحلامٍ يُطاردُها، و حقائقَ تُطاردهُ. إنَّ تناقضاتِ الحياةِ ليستْ شَرًّا في ذاتِها، بل هي جزءٌ أصيلٌ من كيانِها. فما كانَ للأملِ أن يَزدهرَ لو لم يكنْ هناكَ ألمٌ، و ما كانَ للفرحِ أن يَتألَّقَ لو لم نذُقْ طَعمَ الحُزنِ. بلْ إنَّ التَّناقضَ هو ما يمنحُ الحياةَ معناها، إذْ لولاهُ لأصبحَ كلُّ شيءٍ مُملًّا و مُكرَّرًا. و في سبيلِ مواجهةِ تناقضاتِ الحياةِ، لا بدَّ لنا من امتلاكِ روحِ الصّبرِ و قُوَّةِ الإيمانِ. فالإنسانُ، و إنْ بدا ضَعيفًا في مواجهةِ الكوارثِ، لديهِ طاقةٌ داخليةٌ تُعينُهُ على الوقوفِ من جديدٍ. إنّ هذهِ الطّاقةَ هي سرُّ البقاءِ و الاستمرارِ في عالمٍ لا يَكفُّ عن التَّغيُّرِ و التَّقلُّبِ. قد نجدُ في لحظاتِ الضعفِ قُدرةً على التَّأمُّلِ و التَّفكيرِ في معاني الحياةِ الحقيقيّةِ. و قد تُلهمُنا هذهِ اللحظاتُ لنُعيدَ ترتيبَ أولويّاتِنا، فنُدركَ أنّ السّعادةَ ليستْ في التَّمسُّكِ بما نَملكُ، بل في قُدرتِنا على تقبُّلِ التَّغييرِ و التَّأقلمِ معَهُ. إنّ الحياةَ، بكلِّ ما فيها من تناقضاتٍ، تُقدِّمُ لنا الحِكمَةَ بأشكالٍ مُختلفةٍ. فقد تكونُ النِّعمُ مُخبَّأةً في ثَنايا الشَّدائدِ، و قد يكونُ الشُّرُّ مُتغلِّفًا بغطاءِ الخَيرِ. و من هنا تَبرزُ أهميَّةُ الفِطنةِ و العَقلِ في التَّمييزِ بينَ الأمورِ، و عدمِ الاستسلامِ للظَّواهرِ الخادعةِ. من دروسِ الحياةِ أنّ الأوقاتَ الصَّعبةَ ليستْ سوى فُرصٍ للتَّعلُّمِ و النُّموِّ. فعندما نُواجهُ التَّحدِّياتِ، نتعرَّفُ على قُدُراتِنا الحقيقيّةِ، و نكتسبُ مهاراتٍ جديدةً تُعينُنا على المُضيِّ قُدُمًا. و بذلك، يتحوَّلُ الألمُ إلى قوَّةٍ، و الخَسارةُ إلى دافعٍ للبحثِ عن فُرصٍ أُخرى. و في النِّهايةِ، علينا أنْ نُدركَ أنّ الحياةَ ليستْ مثاليَّةً، و لنْ تكونَ يومًا كذلكَ. إنَّها رحلةٌ مليئةٌ بالمُغامراتِ، حيثُ لا ضَمانَ سوى التَّغيُّرِ، و لا ثَباتَ سوى في القُدرةِ على التَّكيُّفِ. و بينَ السُّرورِ و الحُزنِ، نَجدُ مَعناها الحقيقيَّ في تلكَ اللحظاتِ التي نُحِسُّ فيها بالنِّعَمِ، و نُدركُ فيها قيمَةَ ما نَملِكُ. فلنتقبَّلِ الحياةَ بكلِّ تناقضاتِها، و لنَعِشْها بشجاعةٍ و حكمةٍ، فالأيّامُ تمضي سريعًا، و ما يبقى لنا في النّهايةِ هو ما صَنعناهُ من ذِكرى طَيِّبةٍ و عملٍ صالحٍ، و ما تركناهُ من أثرٍ إيجابيٍّ في حياةِ الآخرينَ. المانيا في ٢٠ نوفمبر ٢٤ التعديل الأخير تم بواسطة fouadzadieke ; 26-11-2024 الساعة 10:49 PM |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|