Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الادبي > نبض الشعر > مثبت خاص بفؤاد زاديكه > خاص بمقالات و خواطر و قصص فؤاد زاديكه

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 20-11-2024, 08:47 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 48,032
افتراضي تناقضاتُ الحياةِ بقلم: فؤاد زاديكى

تناقضاتُ الحياةِ


بقلم: فؤاد زاديكى

الحياةُ بكلِّ ما فيها صندوقٌ بداخلهُ مفاجآتٌ كثيرةٌ، منها ما يُسرُّ، ومنها ما يَقلِبُ حياةَ البشرِ رأسًا على عقبٍ، إذْ ليسَ في الحياةِ أمانٌ دائمٌ، و لا فرحٌ إلى ما لا نهايةَ قائمٌ. إنَّها مجموعةٌ من مُتغيِّراتٍ مُتواصلةٍ و مُتفاعلةٍ، يكونُ لها تأثيرٌ بالغٌ على البشرِ، إنْ سلبًا أو إيجابًا.

و كمْ من إنسانٍ وجدَ نفسهُ أسيرًا لتلكَ المفاجآتِ الّتي تُغيِّرُ مسارَ أيّامِه بينَ غمضةِ عينٍ و انتباهتِها! فالحياةُ، و إنْ بدتْ جميلةً في لحظاتٍ، ليستْ سوى مزيجٍ من الأفراحِ و الأحزانِ، و التطلُّعاتِ و الخَيباتِ، تُقدِّمُ لنا الدروسَ في كلِّ منعطفٍ، و تُعلِّمُنا أنّ التَّقلُّبَ من طبيعتِها، و الثَّباتَ استثناءٌ نادرٌ.

عندما نُسرِفُ في السّعادةِ، قد تأتي المصاعبُ لتُذكِّرَنا أنّ للحياةِ وجهًا آخرَ لا يُمكنُ تجاهلُهُ. و العكسُ صحيحٌ، ففي عمقِ الألمِ قد ينبعثُ ضوءُ الأملِ كاشفًا عن إمكانيّةِ البداياتِ الجديدةِ. و هكذا يظلُّ الإنسانُ بينَ شدٍّ و جذبٍ، مُعلَّقًا بينَ أحلامٍ يُطاردُها، و حقائقَ تُطاردهُ.

إنَّ تناقضاتِ الحياةِ ليستْ شَرًّا في ذاتِها، بل هي جزءٌ أصيلٌ من كيانِها. فما كانَ للأملِ أن يَزدهرَ لو لم يكنْ هناكَ ألمٌ، و ما كانَ للفرحِ أن يَتألَّقَ لو لم نذُقْ طَعمَ الحُزنِ. بلْ إنَّ التَّناقضَ هو ما يمنحُ الحياةَ معناها، إذْ لولاهُ لأصبحَ كلُّ شيءٍ مُملًّا و مُكرَّرًا.

و في سبيلِ مواجهةِ تناقضاتِ الحياةِ، لا بدَّ لنا من امتلاكِ روحِ الصّبرِ و قُوَّةِ الإيمانِ. فالإنسانُ، و إنْ بدا ضَعيفًا في مواجهةِ الكوارثِ، لديهِ طاقةٌ داخليةٌ تُعينُهُ على الوقوفِ من جديدٍ. إنّ هذهِ الطّاقةَ هي سرُّ البقاءِ و الاستمرارِ في عالمٍ لا يَكفُّ عن التَّغيُّرِ و التَّقلُّبِ.

قد نجدُ في لحظاتِ الضعفِ قُدرةً على التَّأمُّلِ و التَّفكيرِ في معاني الحياةِ الحقيقيّةِ. و قد تُلهمُنا هذهِ اللحظاتُ لنُعيدَ ترتيبَ أولويّاتِنا، فنُدركَ أنّ السّعادةَ ليستْ في التَّمسُّكِ بما نَملكُ، بل في قُدرتِنا على تقبُّلِ التَّغييرِ و التَّأقلمِ معَهُ.

إنّ الحياةَ، بكلِّ ما فيها من تناقضاتٍ، تُقدِّمُ لنا الحِكمَةَ بأشكالٍ مُختلفةٍ. فقد تكونُ النِّعمُ مُخبَّأةً في ثَنايا الشَّدائدِ، و قد يكونُ الشُّرُّ مُتغلِّفًا بغطاءِ الخَيرِ. و من هنا تَبرزُ أهميَّةُ الفِطنةِ و العَقلِ في التَّمييزِ بينَ الأمورِ، و عدمِ الاستسلامِ للظَّواهرِ الخادعةِ.

من دروسِ الحياةِ أنّ الأوقاتَ الصَّعبةَ ليستْ سوى فُرصٍ للتَّعلُّمِ و النُّموِّ. فعندما نُواجهُ التَّحدِّياتِ، نتعرَّفُ على قُدُراتِنا الحقيقيّةِ، و نكتسبُ مهاراتٍ جديدةً تُعينُنا على المُضيِّ قُدُمًا. و بذلك، يتحوَّلُ الألمُ إلى قوَّةٍ، و الخَسارةُ إلى دافعٍ للبحثِ عن فُرصٍ أُخرى.

و في النِّهايةِ، علينا أنْ نُدركَ أنّ الحياةَ ليستْ مثاليَّةً، و لنْ تكونَ يومًا كذلكَ. إنَّها رحلةٌ مليئةٌ بالمُغامراتِ، حيثُ لا ضَمانَ سوى التَّغيُّرِ، و لا ثَباتَ سوى في القُدرةِ على التَّكيُّفِ. و بينَ السُّرورِ و الحُزنِ، نَجدُ مَعناها الحقيقيَّ في تلكَ اللحظاتِ التي نُحِسُّ فيها بالنِّعَمِ، و نُدركُ فيها قيمَةَ ما نَملِكُ.

فلنتقبَّلِ الحياةَ بكلِّ تناقضاتِها، و لنَعِشْها بشجاعةٍ و حكمةٍ، فالأيّامُ تمضي سريعًا، و ما يبقى لنا في النّهايةِ هو ما صَنعناهُ من ذِكرى طَيِّبةٍ و عملٍ صالحٍ، و ما تركناهُ من أثرٍ إيجابيٍّ في حياةِ الآخرينَ.

المانيا في ٢٠ نوفمبر ٢٤
__________________
fouad.hanna@online.de


التعديل الأخير تم بواسطة fouadzadieke ; 26-11-2024 الساعة 10:49 PM
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:30 AM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke