Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الادبي > خواطر و مشاعر

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 30-03-2006, 08:42 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 48,220
افتراضي رسالة إلى آزخ الحبيبة

رسالة إلى آزخ الحبيبة
حبيبتي آزخ
كنتُ أحلمُ -ومذ وعيتُ - وأنا أستمع إلى أجدادي وآبائي وإلى أشخاص آخرين كثر, وهم يتحدّثون عنك بكلّ فخر وحماسة وعنفوان, وكانت جميع هذه الأحاديث والخواطر والذكريات تشترك معاً في صفة واحدة غلبت عليها مشاعر الحزن, وكان القاسم المشترك الأعظم لكلّ هذه الروايات, هو التعبير عن واقع مرارة وخيبة أمل, ومعاناة عظيمة لم تترك بيتاً إلاّ ولفحته بحرارة ألم, أو لسعته بوخزة فراق ونار لوعة لم يكن راغباً فيها.

أيّتها البلدة الجاثمة في صدر الزمن وجوداً كبيراً بمعناه, عظيماً بأفعاله, رائعاً برجالاته, ومزيّناً بقداسة أديرته وكنائسه, وحين كان المرء يحثّ الخطى بين ربوعك الحبيبة, ليتنسّم عبق ماض عذب, ويستمتع بحكايات أساطير قهرت توقّع البشر, وكانت رغبتي يوما بعد يوم, تزدادُ حجماً, وتشتدّ حنيناً إلى أن أكحّل عيني بمنظرها, وأنا أملأ صدري ورئتي بالمنعش من هوائها العليل, وأمتّع طرفي بالروائع التي تحدّث عن تاريخ ومواقع وأمكنة.

أيّتها الحبيبة إلى قلبي.. القريبة إلى نفسي البعيدة عن عيني.. كان اسمك يكبرُ كلّ يوم.. وكان أريجُ طيبك ينتشرُ مع نسائم الفجر ليملأ المنطقة حبوراً وبشراً وهناءً. كان وجودك يكاد يتحوّل إلى أسطورة غلب عليها الواقع أكثر من الخيال.. أيّتها الخيط الرفيع, الذي لا يزالُ يشدّني إليك, من مجموع كبّة الذكريات, التي كانت تحوي على خيوط كثيرة متجانسة ومنتظمة, تتعانق على رجاء مريح وتناغم ممتع. تمنّيتُ لو أني زرتك ومكثتُ فيك دهراً أشرب من مائك, أتنفّس هواءك, أستلقي على أريكة اخضرارك البديع, تمنّيتُ لو دُفنتُ بين ركام حجارتك المتناثرة, علّ روحي تعانقُ أرواح أجدادي الذين يرقدون في قبورهم منذ أمد طويل, على رجاء القيامة, وأمل الخلاص بالرب يسوع, وأمنا العذراء كلّية الطهارة, والتي كانت معينا وسنداً لهم على مرّ الأعوام والأزمان.

لم أكن أتوقّع أنني, وفي يوم من الأيام, أو كان يخيّل إليّ, أنه سيتحقّق لي مثل هذا الحلم الجميل فيصير واقعا, وكان السبّب في عدم مقدرتي تصوّر حصول مثل هذا الأمر, يكمن في اعتبارات عدّة لست بصدد ذكرها.

آزخ أيتها الابتسامة المعربشة على كروم العنب والتين والبلّوط.. أيّها الفرح المنسجمُ مع خرير المياه العذب المتدفّق من السّقلان والبيرمة والعين التاريخيّة الرقراقة, ومن كثير من الينابيع المنبعثة من عمق الصخور والتربة الحبيبة لتعطي الخير والبركة والنّماء.. أيّها العشق المضمّخ بعبير الاشتياق والملتهب بلواعج الهياج.. آزخ أيّها الواقع الذي تحوّل إل حلم, لم يعد لنا فيه شيء سوى بقايا ذكريات متناثرة هنا وهناك على أرصفة النسيان, وهي تروي لنا حكايات مؤلمة وتتحدّث عن بطولات وشخصيّات وتاريخ موغل في القدم, ضرب جذوره في عمق التاريخ, تاريخ هذه البلدة, وغرس عظامه في تربتها ورواها بسيل من دمائه الطاهرة, ليكتب لها اسماً في سجل الكون, اسما عزيزاً يُعتزّ به ويكون مُعتبراً.

زرتها, ولم أكن أرغبُ في مغادرتها والرجوع من تلك الرحلة المغامرة بالنسبة لخزائن الذكريات الدفينة التي جمعتها عنها قبل زيارتي هذه إليها.. مكثتُ في بيعة العذراء الحبيبة وفيها التقطت كاميرتي صوراً لكلّ جزء من أجزاء ذلك المكان وكأنّني أردت الانصهار في بوتقة الحب التي تربطني بها, صوّرت موضع كل شجرة نبتت وكلّ غرسة تعشّقت نور الحياة, وكل ذكرى تفاعلت مع ذاتي وحملت في قلبي من هذه الزيارات مجاميع من هالات العشق والمحبّة, ومن أسماء وتعريفات موغلة بأسمائها في القدم, لم أعد أذكر منها سوى القليل.

كنتُ أخشى من مداهمات الشرطة التركية, والتي عرفت عنها القسوة في التعامل مع زوّار البلدة وخاصّة فيما يخصّ ناحية التقاط صور للأمكنة المقدسة والأديرة, وكأنهم بهذا يريدون إكمال عملية طمس كل المعالم المسيحيّة في هذه البلدة, خشيتُ من بطشهم وحماقتهم في أن يقوموا بإتلاف الصور التي التقطتها لأماكن ومواضع من البلدة, وخشيتُ على إتلاف الصور أكثر من خشيتي على نفسي, كما خشيتُ أن أتجوّل في البلدة لأزور الأماكن التي سمعتُ وكتبتُ عنها أشياء كثيرة, وأرى قبور الأجداد وأماكن لهوهم وعملهم ومعاركهم مع الحياة والغزاة لنصرة حقّهم وإثبات وجودهم, وبقيتُ فيها يوما كاملا انقضى دون أن أعي من ساعات الزمن شيئا, أو أحسّ بغروب شمسه, فقد كانت متألقة في نظري, غير خاضعة لحكم الوقت ولمشيئة الزمن, وغادرتها وكانت تلك أوّل زيارة لي لها, ولا أعرف فيما إذا كانت الأخيرة.

كان الانطباعُ حزيناً بعض الشيء, لما جرى فيها من تغييرات, وما طرأ عليها من تطوّرات غريبة, لم تكن من الأصل في شيء, وسمعتُ من جهة أخرى نعيق البوم ورأيتُ حقائق صور, لم تكن قبل نحو مائة عام من واقع الأحلام في شيء, وهي صارت واقعا مفروضاً مرذولا, يخدشُ حياء البلدة ويظلّلُ بهاءها ويمنع عنها تنفّسها الحرّ, فيحيلها إلى سجن رهيب لا أرى له باب فرج قادم ولا بارقة أمل تظهر لا من قريب ولا بعيد.
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 31-03-2006, 01:11 PM
SamiraZadieke SamiraZadieke غير متواجد حالياً
Super Moderator
 
تاريخ التسجيل: Jul 2005
المشاركات: 8,828
افتراضي

ومن منا لايعشق آزخ فقد أحببتها وأحببت هواها مثلما أحببت ديريك وأهلها .. وهي تستحق رسائل حب من أبنائها وأحفادها..
سميرة
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 01-04-2006, 08:21 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 48,220
افتراضي

شكرا لك حبيبتي سميرة أعاد الرب لنا آزخ موطنا وسكنا وأملا.
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 16-04-2006, 04:19 PM
الياس زاديكه الياس زاديكه غير متواجد حالياً
Super Moderator
 
تاريخ التسجيل: Jul 2005
المشاركات: 14,102
افتراضي

إنها رسالة جميلة معبرة عن إحساس صادق ومحبة مملوءة بالدفئ والإخلاص .
سبق وأن رأيت أزخ قبلك ياأخي وعشت فيها سنتين كاملتين من خلالهما عرفت الإخلاص والتضحية والإحترام .
كانت بالنسبة لي من أسعد أيام حياتي رغم أنني عشت فيها أياما قاسية إلا أنها صقلتني هذه التجارب وجعلت مني إنسانا يفهم المسؤولية ويحترم شعور الأخرين ويحس بنكهة الحياة .
شكرا أخي فؤاد على هذه الرسالة النابعة من أزخيني مخلص لوطنه .
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 16-04-2006, 06:42 PM
الصورة الرمزية georgette
georgette georgette غير متواجد حالياً
Super Moderator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
الدولة: swizerland
المشاركات: 12,479
افتراضي

هنيئا لك اخي فؤاد برؤيتك لازخ الام وهنيئا لها بك ابن غيور
تشكر على ما تقدمه لنا من مواضيع تغرس فينا حب ازخ وتنميه
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 19-04-2006, 09:28 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 48,220
افتراضي

أخي الياس وأختي جورجيت شكرا لمروركما الجميل على نص الرسالة الذي لم يخطه قلمي بل قلبي.
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:03 PM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke