Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الديني > المنتدى المسيحي > موضوعات دينية و روحية > قصص دينيّة

الملاحظات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 29-08-2007, 07:09 PM
الصورة الرمزية joumana
joumana joumana غير متواجد حالياً
Moderator
 
تاريخ التسجيل: Apr 2006
المشاركات: 2,755
افتراضي لوحة عودة الابن الضال للفنان الهولندي رامبرانْت (1606-1669)

لوحة عودة الابن الضال للفنان الهولندي رامبرانْت (1606-1669)




يتوشَّح الأب بالجلال وينتصب كأنَّه الألِف في البداية. يقف وينحني انحناء القوس الذي يقوم عليه البناء.. ينحني كأنَّه الدائرة في كمالها.. لَكأنّ وجهه وجه الضرير. ذابت عيناه، أذابهما وهو يمارس أبوَّته، يُحدِّق في الليالي الدامسة، يترقَّب رجوعاً كاد أن لا يكون، فضلاً عن دموعٍ طالما انهمرت ولم يقوَ على إخفائها.أمَّا الابن، فرقبته كرقبة مَنْ حُكِم عليه بالأشغال الشاقة . ثوبه رثّ مهلهل كأنَّه شراع المركب الغريق، تجعَّدت ثناياه بفعل الريح العاتية الشعواء.
يُسند خدَّه إلى أحشاء والده، كأنّي به الوليد في عمق بطن الأم. إنَّه يُتمِّم ولادةً كانت قبلُ ناقصة. الصوت الصامت، النابع من الأحشاء، الصوت الذي أصمَّ عنه أذنيه، أخذ يهمس الآن في مسمعه، وإنَّه لَيَسْمَع.
ارفع عينيك أنت الجاثي، الهائمَ في تعاستك والمطهَّرَ مع ذلك في الجلال... ارفع عينيك وانظر إلى هذا المحيّا، إلى الوجه القدّوس المتأمِّلَ فيك وهو يذوب ألماً ورِقّةً ومحبة. أمعنِ النظر فيه واسمعه يقول لك: "هاءنذا حَفرتُك على صفحة يديّ، فأنت ثمين في عَيْـنِي. هاتان اليدان لم يبقَ لي سواهما، يدان فقيرتان ولهانتان، وضعتُهما كالرداء على كتفيك الهزيلتَين - فأنت تعود من بعيد- يدان منوَّرتان، ملءُ إحداهما الرِقَّة والأخرى القوّة، شأن الحب بين المرأة والرجل. إنّهما ما زالتا ترتجفان من فرط الوَلَه والسعادة بعد الألم".
أبتِ، أعود إليك يوم أخرجتني من حوض العماد، من رحم البيعة، كان كيوم أخرجتني من مياه التكوين لابساً نعمة النعيم في الجسد الحي الباقي. ثم كان، أن خرجت عنك وعليك، ونزعت ثوب الفردوس، ووشاح العماد، ورحت أتيه في كورة بعيدة حيث توَّرط الابن الشاطر الأول، أبي آدم، من ورثت منه اليتم والعري والتلف وهذه الأرض الشائكة، وهذه النفس القاحلة.
أعود إليك عارياً من كلِّ شيء سوى عاري، حتى ليخفي سكان بيتك، الملائكة والقديسون، وجههم مرتين، مرَّةً خجلاً بسبب ذنبي إليك، ومرَّةً ذهولاً لدى حبك لي. فكيف أصنع أنا بهذا وبذاك، بالذنب وبالحب؟ أين أضع وجهي؟.. أعود إليك عابراً البحر الأحمر وبريّة سينا ووادي التيه، عابراً شقاء الأرض والنفس والتاريخ، عائداً إلى ذاتي البكر الأولى التي خبأْتَ كنز مجدها تحت صورة الهوان.
أعود إليك، تغيَّر كلّ شيء فيّ حتى كدت لا أحدِّق نظري أم شحَّت رؤيتي منذ شحَّت مياه العماد ويبس العود الأخضر. يا إلهي.. أين أنت؟.. لمَ تغيّرتَ، أو بالأحرى، لمَ تركتني أتغيّر؟.. حوض عمادك لا يبرح طافحاً ألا صُبَّ منه قطرة ماء، فقد أتلفني العطش في هذا الجحيم! أرسل من روحك نسمة إلى وجهي فأنتعش من رائحة الميرون النقية فقد يبست عظامي! ردَّني إلى حيث وحين نشأنا معاً..
يا فتوّة القلب والعالم، أعود إليك من كورة الاغتراب أبحث عن الأردن، لأغتسل فيه أو في أحد روافده عساني أسمع مجدّداً صوت الارتضاء بالابن الحبيب.
__________________
اطلق يا قلمي ..
وفجر ما سكن في جوفي ..
وارسل أمواج الحب ..
واعبر بوابات القلب ..
أحبك يا قلمي ..

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:51 AM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke