Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الادبي > خواطر و مشاعر

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-11-2006, 07:26 PM
SabriYousef SabriYousef غير متواجد حالياً
Silver Member
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 594
افتراضي غربة مفتوحة على وجنةِ القمر ـ سرد طازج خرج توَّاً إلى النُّور

غربة مفتوحة على شهوة القمر



تعبرين نصّي كما يعبر نسيم الصَّباح بيادر الحنين، انّي أبحث منذ سنين عن رقم هاتف فيروز أو إيميلها أو عنوانها البريدي، ولم أعثر عليه، فعلى مَن يتوفر لديه الخيط الذي يقودني إلى هذه الغابة من الفرح أن يزوِّدني به لعلِّي أزداد فرحاً، لأنني كنتُ أودُّ أن أرسل إليها هذا النصّ، الذي استوحيته من عوالم أغانيها، قبل أن أنشره في أي موقع أو صحيفة!
فيروز صديقة براري الرُّوح، نص مفتوح، الجزء الثامن من أنشودة الحياة، يتألف من مائة صفحة، ديوان مستقل ومرتبط من بقية أجزاء الأنشودة!
أخالفكِ الرأي يا عزيزتي بمسألة أننا لا نوفّي فيروز حقَّها، فمن جهتي ها قد وفَّيت فيروز حقها بأقصى ما أستطيع من تواصل إنساني حميمي منعش لروحي وللكلمة وبهجة القصيدة في أوج تجلياتها المتماهية مع شهقة الاشتعال والبكاء المفعم بالحنين!
انّي أبحث عن خيط يقودني إليها كي أرسل إليها نصّي المندلق من خاصرة غربتي المتلاطمة فوق أجنحة الليل، لأعطيها حقَّها لما امتعتني في محطات عمري ومنعرجات غربتي وأنا أسمع أغانيها التي خلخلت زمهرير الكآبات في صباحات صقيع قطب الشمال، فيروز التي رافقتني في محطَّات غربتي المترعرعة بشراهةٍ غير معهودة، حاملاً مغامرة العبور إلي الجزء الغربي من الوطن المعلَّق في الذَّاكرة البعيدة ـ القريبة، مستنداً على وهج الوطن ـ فيروز، كي تخفِّف قليلاً بل كثيراً من حنيني إلى وطنِ أشبه ما يكون دنيا من بكاء، فيروز التي عبرت معي لجين البحار وضياء السَّماء وحطّت معي على أرضٍ غريبة، فما كنتُ أملكُ سوى حقيبة صغيرة وأغاني فيروز مسترخية بأمان في حنايا الرّوح، كنتُ أسمع فيروز فيما كنتُ أشتهي أن أعبر تضاريس الغربة المستعصية عن العبور، حطّيتُ الرحال في بلادٍ بعيدة عن عوالمي وأنا غير قادر على الحراك، مربوط اللسان والحركة لا أعلم أين سينتهي بي المطاف، لا أملك سوى أغاني فيروز تخفف من ضجر العبور في متاهة الغربة التي بدَّدَت ما تبقَّى من شهوتي للحياة!
يفرحني أن أعترف أن فيروز منحتني طاقة غريبة في مجابهة صعوبات لا تخطر على بال، لهذا ولد نصّ: فيروز صديقة براري الرُّوح!
لا أنسى ذلكَ اليوم الذي عبرت فيه حدوداً دولية بدون أية وثيقة سفر وأنا في أعماق غربتي المترجرجة على كف عفريت، نحن الهاربون من ذواتنا في ليلة مكتنفة بالبكاء، فجأة أجدني بين أربعة جدران، بعد أن أخذوا منّي حقيبة السفر وفي حناياها مسجلة صغيرة وأغاني فيروز، رجوت سجّان الحدود أن يزوِّدني من الحقيبة آلة التسجيل وكاسيت فقط لفيروز، رجوته بطريقةٍ كأنني كنتُ في الجنّة وطُرِدْتُ منها، كانت فيروز جنّتي في تلكَ اللَّحظات لو منحني السجّان أغانيها، جلست وحيداً، منزوياً في غرفةٍ صغيرة تتألَّف من كوّة صغيرة وباب محكم الاغلاق، على حدود غربة مسترخية على نضارة حنين الرُّوح، أتذكَّر جيدّاً أنني كنتُ أملك قلماً، طلبتُ من السجان أوراقاً فلم يزودني، قلت له أن أوربا تحقِّق للسجين ما يطلبه، كان يبتسم ويهزُّ رأسه ولم يستجب لطلبي، كان بيت الخلاء داخل الجدران الأربعة ينتظر راحتي، عبرت بيت الراحة وكم كانت فرحتي كبيرة عندما وقع نظري على محارمِ الحمّام، خرجت من الحمام ومعي رزمةَ المحارم، الضَّوء كان خافتاً، أمسكت قلمي وبدأت أكتب على المحارم، تناثرت شهوة القصيدة على مساحاتِ الجراحِ المستفيضة، كنتُ حريصاً أن لا يجدني أحداً من الحرَّاس وأنا أكتب نسائم القصيدة!
عندما أخلوا سبيلى في اليوم الثاني كي يسلموني لمركز آخر، فتشوني وعثروا على لفائف المحارم في جيبي وعندما دققوا فيها وجدوا خطوطاً وكتابات على كامل مساحاتها، أخذوها منّي، أتذكر أنَّ دمعتين طفرتا من عينيّ، وأنا أنظر إلى محارمي التي دوَّنت عليها الجزء الأخير من شهوة الرُّوح إلى معراج القصيدة وأنا في أوجِ انكساري، وأتذكَّر جيداً أنني ما تذكرت نفسي في السجن بقدر ما كنتُ أطير في سماء القصيدة مع فيروز، لأنني كنتُ قد كتبت نصَّاً من وحي توهُّجات شوقي إلى أغاني فيروز وأنا داخل زنزانة التوقيف، خرجت إلى لجينِ الحياة، إلى أرضٍ قاسية والسَّماء من فوقي عالية، لم يسلموني حقيبتي الصغيرة، كانوا يريدون أن يسلموني إلى الدولة التي جئت منها، لكني تحايلت عليهم على أنني سأعود إلى النقطة التي جئت منها ولا أعلم كيف اقتنعوا بي، ثم قال لي خفر الحدود بإمكانكَ أن تسافر عبر القطار، فطلبت قيمة تذكرة القطار فلم يزودني، وخيرني بين أن يسلمني باليد أو أن أذهب بالقطار على نفقتي، فقلت سأذهب لوحدي لو تعطوني حقيبتي، فأحتفظوا بحقيبتي على أنهم سيرسلونها إلي لاحقاً عن طريقهم إلى العنوان الذي جئت منه، وهكذا وجدتني على قارعة الطريق لا أملك سوى قلما ينزُّ ألماً وحزناً وغربة مفتوحة على شهوة القمر، سرت في الأزقة وتيمَّمت جانباً من الرصيف وبدأت أفكر في الحال الذي أنا فيه، ثم قفز إلى ذهني فكرة لا تخطر على بال، وجعٌ ينمو في سماءِ الرُّوحِ، بكيت، خرّت دمعتان ساخنتان، وبالكلمات الأجنبية البسيطة استطعت أن أقنع بعض المارة على أنني سائح، فقدت محفظتي وحقيبتي في مركز المدينة وأحتاج قليلاً من الفلوس كي اتصل مع أصحابي ليأتوا ويأخذوني من هنا، نجحت في تأمين قيمة رغيف خبز من الحجم الكبير، طويل، يشبه صمّون بلادنا لكنه كان طرياً وطازجاً ولذيذاً، وظل معي ما يكفي لاتصالٍ هاتفي لمدَّة بضعة دقائق، عبرت حانوتاً آخر لأنني وجدت على واجهته دعاية لبيع كاسيتات وأشرطة فيديو، سألت صاحب المحل فيما إذا لديه أشرطة لفيروز، هزّ رأسه بالنفي، سألته هل تعرف أين يوجد محلات لبيع أشرطة لفيروز، ابتسم لي وهو يهز رأسه إلى الأعلى!
خرجت من المحل وأنا منذهل من ذاتي، كيف أفكر بشراء أشرطة فيروز وأنا لا أملك قيمة نصف كاسيت مما تبقّى معي من مال كنتُ قد تسوّلته من المارّة، سرت في الشارع أنظر إلى الحوانيت، تصوَّرت نفسي في حلم، في كابوس، في حرب، في البحر، في الطائرة وهي تتحطم لكني أنجو منها بطريقة لا تتحقق حتى في الحلم، فجأةً وجدت نفسي في ساحة كبيرة، سألت عن هاتف للعموم، دلني فتى يافع، تقدمت أنتظر دوري، جاء دوري وفيما كنتُ أهيء نفسي لأدق الرقم نسيت نهايات الرقم، حيث أنني كنتُ قد حفظت بضعة أرقام، من كل دولة رقم أو رقمين، أعطيت الدور لغيري، ثم بدأت أركّز على الرقم وأردده ذهنياً، تذكَّرته فسجلته مباشرة وسجلت الأرقام المحفوظة الأخرى على قصاصة صغيرة، جاء دوري، اتصلت مع أصحابي، اختصرت المكالمة، أنا في المكان الفلاني معي دقيقتين للكلام معكم، هل لديكم مجال لأن تحضروا حالاً وتأخذوني من المكان الذي أنا فيه، لم يعرفوا المكان، فأعطيت السماعة لمن هي خلفي وقلت لها اشرحي لو سمحتِ لصاحبي أين نحن بالضبط من المدينة فزوَّدته المكان بدقة ثم قالت: عرف صاحبك العنوان وسيأتي حالاً!
فرحت كثيراً، كأنني انتصرت في معركة، شخصيتي غريبة فعلاً، أفرح لأبسط الأمور، قنوع حتى في هزائمي، متى كنتُ منتصراً أصلاً، دائماً أراني في معركة في الحياة، في صراع مفتوح، انكسارٌ ينطح انكساراً، محاصرٌ بالهموم، أحزانٌ مفروشة على خمائل الحلم، حتى الحلم لا ينجو من الأحزان، لا أظن أنني طبيعي، كيف سأكون طبيعياً وأنا متدلدل ما بين ظلال العبور في وهادِ الطموحِ وأرصفةِ التشرُّدِ، دائماً أجدني متشرِّداً، حتَّى في رحاب أزقَّتي، ضائعٌ في معمعانات البحثِ عن خدود القصيدة، وحده القلم يعيد إليَّ توازني، لا تغريني مرابع الكون، لهذا ألهج غالباً بحثاً عن أغصان القصيدة! قدَّرت المسافة ما بين المدينة التي يقطنون فيها أصحابي إلى المكان الذي أنا فيه بحدود ساعة ونصف، بدأت أتجوّل في المكان القريب، ذهلت جدّاً، مرّت فتاة برفقتها بعض صديقاتها، أخرجتني من تصدُّعات حالي، وبدَّدت جزءاً غير يسير من كآبات عمري، حالي لا يناسب زهرة الرَّوضِ، لكن خيطاً من الفرح قادني إلى شموخ الخصر، تقدَّمت نحو بهاء الورد، عيناها مكحلتان بلون اخضرار المروج، حاجباها ملوَّنان باخضرار رحيق الدوالي، لأول مرة في حياتي أرى أنثى عذبة عذوبة الماء الزلالِ، ملونة أجفانها بلون يبلسم تفاصيل ضجري، أصبحت أمامي وجهاً لوجه، ابتسمت لها رغم ما أحمله من انكسارات في بيادر الروح، بسمةً تحمل أحزان السنين، نظرتْ إليَّ بحنان غريب، شعرت وكأنّني أسمع فيروز وهي تغني "زوروني كل سنة مرة" اغرورقت عيناي بدمعتين ساخنتين وأنا مصرٌّ على استمرارية بسمتي، ذُهِلَتْ لما تراه، تقدَّمتْ نحوي رفعت يديها الطريتين ومسحت دمعتين من نكهة البحر، انفرجت بسمتي على مساحة هدوء الليل، فجأةً عانقتني، شعرت أنني أملك جزراً من شهيق القصائد، وضعت يدها على قلبي، كان يرقص على إيقاع الموجِ، فجأةً تقدَّم نحوها شابٌ، طلب منها أن تتركني في حالي، لكنها استمرت في الوقوف تنظر إليَّ مذهولة ثم أمسكها من يدها بقوّة، سحبها وهي تنظر نحوي، اغرورقت دمعتان من عينيها، شعرت وكأنني على مشارف الموت، كيف سأكفكف دمعتيها وهي وبين أحضان الغمامِ وحفيفِ الشَّقاءِ، شقاءُ الغربِ، وشقاءُ الشرق وشقاءُ الغربة، غربة الإنسان مع وجنةِ الصَّباح!
استدركت أنني لست في مكاني المحدَّد، وهل لي مكان محدَّد تحت قبّة السَّماء، فرشت رحلة العمرِ أمامي، وجدتها مقشَّرة من نكهةِ الحياة، رحلة مبقّعة بالدّموع، رحلة غير قابلة للشرح وغير قابلة للتصديق، رحلة مترجرجة على تخوم الهزائم، هزائم الرُّوح في رابعة النًَّهار، ماذا كان سيحصل لو غاب ذلك الفتى بضع دقائق، ماذا كان سيحصل لو تهت في تيهها قليلاً، نركض في أعماقِ الحدائقِ المتاخمة لمرابع الفرح، ماذا كان سيحصل لو ركبنا سفينة الدفء، نعانق نجومَ اللَّيلِ على أنغام فيروز، واثق حتى النِّخاع انها كانت ستنتعش بين أحضانِ الفرح وهي تسمع صوت فيروز، لماذا أراني دائماً متغلغلاً في معابر الانكسارِ، أفرش فوق قميص الليل احتراق وشاح الأماني!
تعال يا قلمي، يا بهجة ليلي، تعال يا صديقي كي أفرشَ فوق حنين الرُّوح أزاهير المدائن، لعلَّ فيروز تشمخ عالياً أكثر وأكثر، ثمَّ تغفو على أجنحةِ المحبَّةِ وهي تهدهدُ أرجوحةَ الأطفالِ في أعماقِ الحلمِ!
... ... ... ...!

ستوكهولم: 3 . 11 . 2006
صبري يوسف
sabriyousef1@hotmail.com
www.sabriyousef.com
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 03-11-2006, 10:06 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 48,228
افتراضي

تعال يا قلمي، يا بهجة ليلي، تعال يا صديقي كي أفرشَ فوق حنين الرُّوح أزاهير المدائن، لعلَّ فيروز تشمخ عالياً أكثر وأكثر، ثمَّ تغفو على أجنحةِ المحبَّةِ وهي تهدهدُ أرجوحةَ الأطفالِ في أعماقِ الحلمِ!
أجل يا صديقي إن قلمنا هو البحر العميق الذي يسير بنا في متاهات الكون العميقة ويقودنا إلى أرخبيلات المستحيل ويلوّن الأزهار بألوان لم تألفها الطبيعة ولم تقف لها على سرّ. إنّه إبداع الفكر وتألق الروح الذي يقوم بخدمته هذا القلم وسيلة معبّرة قادرة على فتح جميع الأقفال واجتياز كلّ المسافات. لكلّ عشقه ولكلّ هياجه ولكّل جنونه وأنا أعشق جنوني في حومة الأنثى عندما أقف على عتبات سحرها أحاوره على مذبح عشقي الإلهي لأبدع لحنا أسطوريا على قيثارة الأبد. شكراً لهمستك المندلقة على جروح العشق المتفتّق عن روح متألّقة متصاعدة ومتفاعلة مع وهج الحياة تستشفّ منها روعتها وتضفي عليها شيئاً من حسنها.
__________________
fouad.hanna@online.de


التعديل الأخير تم بواسطة SabriYousef ; 04-11-2006 الساعة 08:53 AM
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 04-11-2006, 08:55 AM
SabriYousef SabriYousef غير متواجد حالياً
Silver Member
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 594
افتراضي

الصديق العزيز فؤاد أبو نبيل

وحدها الكلمة ستبقى شامخة على وجنةِ الحياة!

أحييك على متابعاتكَ الطيبة ..

مع خالص المودّة
صبري يوسف ـ ستوكهولم
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:40 PM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke