![]() |
Arabic keyboard |
#1
|
||||
|
||||
![]() أسرارٌ من دفتر الزوجيّة السّر الثاني لم تكن سميرة على خبرة البتة, فهي كانت صغيرة السن من ناحية ومن ناحية أخرى لم تكن لها أية تجربة عاطفية أو علاقة قبل علاقتها بي و التي حصلت بعد ذلك. ولم يكن من السهل إيقاعها تحت تأثير القبول فهي كانت واعية على الرغم من صغر سنها, وحاولت المحافظة على نفسها ولم تخضع لجميع محاولات الإغراء الشيطانيّة التي كنت أقوم بها.
كبرتْ مع تمنّعها هذا بعيني أكثر وأكثر, وربما كانت منذ الوهلة الأولى حاجتي إليها تقتصر على الناحية الحسّية – الجسديّة باعتبار أني خرجت من معركة سابقة شبه مهزوم لما وقعت فيه من فخ استغلال الثقة التي وضعتها في الإنسانة التي أحببتها من كل قلبي وعقلي. فقد كانت تلك الإنسانة تخونني مع أصدقائي المقرّبين. وهذا ما زاد بالطبع من ألمي ومن شدة حزني فأردت انتقاما منها قبل أن أقول لها الوداع الأخير وكان لي ذلك. كان وضعي النفسي صعبا فالفشل في علاقة عاطفية قامت على المحبة والصدق والوفاء لم يكن بالأمر السهل إذ اسودّت الدنيا في عيني ووقعت في حيرة و ارتباك من أمري. كان لا يزال قلبي ينبض بحبها على الرغم من كل ما فعلته بي من خديعة وغش وتلاعب. ربما لو كنت مكان شهريار في عظمة نفوذه وسلطانه لفعلت مثل ما فعله مع بنات عصره لكن من أين لي ذلك النفوذ, وتلك السلطة والقوة والسلطان! عرفت في نهاية الأمر أنه لا يمكن أن نحاول تعميم خطأ أو سلوكية سيئة على جميع الناس فهناك فتيات يحافظن على شرفهن وكرامتهن وسمعتهن بشكل رائع ومحترم, وهن يفرضن احترامهن على الذين يتعاطين معهم من خلال علاقات اجتماعية. وهذا ما كان فقد استطاعت سميرة ببراءتها وهدوئها وصدقها وأمانتها أن تغيّر لدي الكثير من الأفكار والآراء وأن تسعى إلى إقناعي من حيث لا أدري بأن الناس ليسوا سواسية, فهناك الصالح والطالح بين هذه الفئة وتلك من فئات المجتمع, وأنه لا يجوز تطبيق وتعميم هذا المبدأ على واقع النساء والفتيات فيما يظل عالم الرجال والذكور بعيدا عن المحاسبة والملاحقة والمساءلة. كنت أعجب بنوعية أفكارها وروحها المنطلقة بوعي وإرادة وتصميم, فهي كانت صغيرة السن كبيرة العقل, لهذا أحبتني بكل عقلها قبل أن تحبني بقلبها وهذا ما كان من الأمور الهامة التي جعلت مسيرة حياتنا الزوجية (فيما بعد) تسير على ما سارت عليه من نجاحات وهي تتغلّب على جميع المصاعب بروح المسؤولية وبعقلانيّة بعيدة عن التشنج والوقوع تحت تأثيرات العاطفة المدمرة. لم أعد أصبر عليها أكثر من ذلك فاللقاء الأول هذا كان يجب أن ينتهي إلى ما كنت أحلم به ألا وهو الإعلان عن حبي لها وإبداء ما يجب من الاهتمام ومشاعر الحب وكنت أتقنت الكثير منها متعلما من خلال علاقاتي السابقة وخاصة تلك الأخيرة التي سبقت علاقتي بسميرة. أذكر أننا صعدنا إلى السطح وحيث كان من المقرر أن ننام عليه إذ كان الفصل صيفا وهو أيام عيد السيدة على السنابل وكان بالنسبة لي يوما مباركا بدأت فيه رحلة حياتي مع هذه المخلوقة الرقيقة والطيّبة القلب والواسعة الفهم والتفكير والمحبة. تجرأت فأمسكت يدها بيدي فارتعشت أعصابي فيما شعرت بحالة ارتباك شديدة تظهر على ملامح وجهها وكأنها كانت مفاجأة لم تكن تتوقعها مني أبداً. حاولتْ أن تجرّ يدها لكني كنت خبيرا بما فيه الكفاية فأبقيت يدها بيدي ممسكا وأنا أبدأ بأحاديث الغزل والعبارات الجميلة ضاربا على وتر المشاعر وأحاسيس الأنثى فأحسست منها ليونة وميلا وبعض ارتياح فحمدت الرب على أن أولى خطواتي إلى الوصول إلى عالم قلبها قد باتت وشيكة ولم تعد أمامي عقبات نفسية عائقة, فأكثرت من عبارات الغزل والتظاهر بمستوى ثقافي ملفت للنظر وأبدعتُ براعة كبيرة في التأثير عليها (وهو ما صرّحت لي به بعد أن صرنا بحكم الخطيبين وهي لا تزال حتى اليوم تقول: أن الذي أوقعني فريسة بين يديك هو لسانك وطريقة حديثك وذكاؤك) كنت في تلك الأيام شيوعيّا, و لاهمّ لي سوى المزيد من القراءة والمطالعة وحيث كنت أقرأ في اليوم الواحد كتابا وأكثر وفي مختلف الاتجاهات والمجالات والقضايا الأدبية والسياسية والفلسفيّة والثقافة الجنسيّة. أما مطالعاتي الدينيّة واللاهوتيّة فكانت قليلة جدا اللهم سوى تلك التي كنت أقصد من وراءها تعلم أسلوب مناقشة ومحاورة المتدينين لإقناعهم بصواب أفكارنا السياسيّة. كانت هذه المطالعات الغزيرة وغير المقصورة على جانب ثقافي واحد كما أسلفتُ مصدر مجموع الثقافة الفكرية التي جمعتها من خلال الدرس والتثقيف والمطالعة. ساعدني كل ذلك في تعلّم طريقة الكلام بشكل سليم وفي إمكانية التأثير على المحاور الذي يقف مواجها لي, وكانت محاورتي هي (زوجة اليوم) إنسانة بسيطة لكن بثقة كاملة منها بنفسها وعقل راجح وطريقة تفكير متدينة فهي بالمناسبة كانت تريد أن تذهب إلى أحد الأديرة لتصبح راهبة فوقعت في شباك راهب عشق غيّر مسار حياتها وجعله في اتجاه آخر! لكني لا أرى تعارضا البتة فيه حيث أنه يهدف وبطريقة أخلاقية وإنسانيّة إلى الإنجاب والحب واستمرارية الحياة وهذه أيضا رهبنة حياتية وإن لم تكن روحية بمطلق الحال إلا أنها تقضي بحكم الشريعة الربانية المعروفة والداعية لإنشاء أسرة وإتمام مشوار الحياة! يتبع... |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|