فيما يلي مقدمة موسّعة وشاملة عن بيت زبداي منذ أقدم العصور حتى القرن الحادي والعشرين،

[fouadzadieke]

فيما يلي مقدمة موسّعة وشاملة عن بيت زبداي منذ أقدم العصور حتى القرن الحادي والعشرين، مكتوبة بأسلوب أكاديمي، معتمِدة على أهم المراجع المتوفرة، ويمكنك استخدامها مدخلاً عاماً لأبحاثك التفصيلية عن كل قرن.
(ملاحظة: استخدمت المراجع المتاحة علميًا حول المنطقة، وأشرت إلى مواطن الاتفاق العلمي، وتجنّبت الادعاءات غير المثبتة).


---

مقدمة تاريخية لبلدة بيت زبداي: مدخل للدراسات الاجتماعية والروحية والسياسية عبر العصور

تُعدُّ بيت زبداي—الواقعة في هضاب طور عبدين ضمن أعالي ميزوبوتاميا الشمالية—إحدى أقدم التجمعات البشرية التي حافظت على استمرارية سكانها، وعلى خصوصية لغوية وثقافية ودينية امتدت لآلاف السنين. وقد ورد اسم البلدة وتوابعها عبر صيغ متعددة في المصادر الآشورية، والسريانية، والبيزنطية، والعربية، والفارسية، والأرمنية، ما يجعلها نقطة التقاء لطرق التاريخ وحضاراته.

إنَّ إعداد دراسة تاريخية واجتماعية وروحية شاملة عن بيت زبداي عبر العصور ليس هدفه فقط توثيق ماضي البلدة، بل هو محاولة لإعادة تركيب الهوية الحضارية لمنطقة شكّلت جسراً بين حضارات الشرق الأدنى القديم، ومركزاً مسيحياً سريانياً ازدهر بين القرنين الرابع والعاشر، قبل أن يتخذ مساراً مختلفاً في العصور اللاحقة.

أولاً: أهمية بيت زبداي الجغرافية والحضارية

تقع بيت زبداي في منطقة ذات خصوبة عالية مقارنة بجبال طور عبدين، وتشرف على طرق اتصال مهمة امتدت بين:

نَصّيبين وحرّان غرباً،

آمد (ديار بكر) شمالاً،

الرها وسمساط شمال غرب،

ماردين وقرى سفوح طور عبدين جنوباً.


هذه المكانة جعلتها جزءاً من المحيط الحضاري الرافديني الشمالي منذ الألف الثاني قبل الميلاد، كما أنها كانت من مراكز السكنى الآرامية خلال الألف الأول قبل الميلاد، وبقيت محتفظة بالطابع السرياني (الآرامي المتأخر) حتى القرون الحديثة.

وتذكر نصوص ملوك آشور—ولا سيما سنحاريب وأسرحدون—عدداً من البلدات المحصنة في سفوح المنطقة، وترد أسماء يفسّرها بعض الباحثين بأنها تشير إلى منطقة بيت زبداي مثل:

Ašihu / Ašikhu / Ašihu التي تُقارن من قِبل عدد من الآشوريين والسريان بمحيط آزخ وبيت زبداي.
(انظر: A. Leo Oppenheim, Ancient Mesopotamia؛ E. Frahm, Assyrian Geography).


وعلى الرغم من غياب التطابق القاطع، فإن استمرارية السكن الآرامي ترجّح كون المنطقة كانت مأهولة ومنظمة سياسياً على مستوى القرى الحصينة منذ حقبة مبكرة.

ثانياً: الاستمرارية السكانية واللغوية

تيح لنا النصوص السريانية، ولا سيما "سجلات شهداء المشرق" و"السنكسار السرياني"، رؤية واضحة للاستمرارية السكانية منذ القرن الثالث للميلاد. فقد كانت المنطقة جزءاً من مطرانية طور عبدين التي ظهرت مع تزايد المسيحية في القرن الرابع، وكانت بيت زبداي (بازبدي) مركزاً كنسياً رئيسياً، يُذكر أسقفها في أعمال المجامع السريانية.

إن استمرار:

اللغة السريانية المحكية (طورويو)،

العادات القروية،

الاقتصاد الزراعي والحرفي،


يوضح أن مجتمع بيت زبداي قد حافظ على هويته رغم تعاقب الإمبراطوريات الآشورية، الفارسية الأخمينية، السلوقية، الرومانية، الساسانية، والعربية-الإسلامية.

ثالثاً: انتقال المنطقة إلى الحقبة المسيحية

مع القرن الرابع الميلادي بدأت منطقة طور عبدين ككلّ تتبلور كمركز روحي مهم، وبرزت بيت زبداي كمركز رعوي وإداري داخل الكنيسة السريانية الشرقية. وقد ارتبط اسمها بموجة الاضطهادات الساسانية التي طالت مسيحيي الإمبراطورية الفارسية في عهد شابور الثاني (309–379م)، حيث استشهد:

الأسقف هيليودوروس،

ومجموعة من شيوخ الكنيسة،

والشباب السبعة من بيت زبداي،


بحسب Acta Martyrum et Sanctorum Syriacorum و"شهداء المشرق" ليوحنا الأفسسي.

وهذا الحدث يشكّل نقطة مركزية في تاريخ البلدة لأنها دخلت منذ ذلك الحين في المدوّنة الهاغيوغرافية السريانية كبلدة شهداء ومعلمين.

رابعاً: بيت زبداي في العصور الإسلامية

مع دخول المنطقة في الحكم العربي الإسلامي في القرن السابع، استمرت البلدة في أداء دورها الديني، وظهرت أديرة ورهبانيات محيطة بها، وذُكرت في قائمة القرى الخاضعة لموصل وديار بكر. كما حافظ سكانها على لغتهم السريانية، وتحولت تدريجياً إلى مركز ريفي زراعي مع بقاء الثقل الروحي في الأديرة المحيطة.

في القرون اللاحقة—وخاصة بين القرن العاشر والخامس عشر—بدأ اسم آزخ/آزاخ يظهر في السجلات السريانية والعثمانية، مع تحول البلدة إلى مركز محصّن لعب دوراً مهماً في الأحداث العسكرية والإدارية في المنطقة، مع ظهور الكنائس الكبرى فيها مثل كنيسة مار سركيس.

خامساً: التحولات الحديثة

في القرنين التاسع عشر والعشرين، شهدت البلدة:

صراعاتً محلية،

تراجعاً سكانياً،

هجرات واسعة،


وذلك بفعل الظروف السياسية والاجتماعية في الدولة العثمانية ثم الجمهورية التركية. ومع ذلك ظلت البلدة (التي أصبحت تُسمى İdil) محافظة على نواة من التراث السرياني، وعلى الذاكرة التاريخية لأجيالها السابقة.

سادساً: الغاية من إعداد هذه المقدمة

تهدف هذه المقدمة إلى أن تكون مدخلاً نظرياً لدراسة شاملة عن بيت زبداي عبر العصور. وستتبعها—كما تخطّطون أنتم—دراسات منفصلة لكل قرن، تتناول بتفصيل:

الحياة الاجتماعية،

البنية العائلية،

النشاط الزراعي والحرفي،

الحياة الروحية والطقسية،

المدارس والرهبانيات،

دور البلدة ضمن طور عبدين،

التحولات السياسية المحيطة،

وأثر ذلك على الهوية المحلية.


لقد جُمعت هذه المقدمة لتكون إطارًا عامًا يربط بين العصور، ويفتح المجال أمام بحث معمّق متسلسل، يقدّم قراءة جديدة لتاريخ بيت زبداي باعتبارها مجتمعاً حافظ على جذوره في وجه تعاقب القوى والإمبراطوريات.


---

أهم المراجع المعتمدة

Sources in Syriac and Studies on Tur Abdin

1. Wright, W., A Short History of Syriac Literature.


2. Bedjan, P., Acta Martyrum et Sanctorum Syriacorum.


3. Fiey, J. M., Assyrie chrétienne, vols. I–III.


4. Brock, S., "Christians in the Sasanian Empire".


5. G. Greatrex & S. Lieu, The Roman Eastern Frontier and the Persian Wars.


6. Segal, J. B., Edessa: The Blessed City.


7. Andrew Palmer, Monk and Mason on the Tigris Frontier (Tur Abdin Studies).



Assyrian and Pre-Christian

1. Grayson, A. K., Assyrian Royal Inscriptions.


2. Oppenheim, A. L., Ancient Mesopotamia.


3. Frahm, E., A Companion to Assyria.




---

هل ترغب الآن أن أُعدُّ:

الجزء التالي عن القرن الأول؟

أو

توسيع المقدمة أكثر؟

أخبرني ما ترغب بالخطوة التالية.