![]() |
Arabic keyboard |
|
|||||||
![]() |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
|
فيما يلي دراسة موسّعة ومتكاملة عن الأوضاع الاجتماعية والدينية في بيت زبداي (Beth Zabdai / بيت زبدايي / بازابدا) خلال القرن الرابع الميلادي، وهي الفترة التي شهدت أهم تحوّلاتها، لا سيما غزو شابور الثاني وظهور هيليودوروس أسقفها واستشهاد معظم مسيحييها.
أولاً: موقع وأهمية بيت زبداي في القرن الرابع كانت بيت زبداي إحدى أهم مدن بيث نهرين العليا / أديابن الشرقية، وتقع بين منطقتي عشيرة (Azakh) و جزيرة ابن عمر (Cizre)، في منطقة ذات تماس مباشر بين النفوذ البيزنطي والروماني من الغرب والنفوذ الساساني من الشرق. كانت جزءاً من ولاية نصيبين الكنسية (Metropolitanate of Nisibis). يشمل سكانها خليطاً من: سريان آراميين (الأغلبية). يهود مستقرين في عدد من القرى المحيطة. مجتمعات ريفية آرامية وثنية متحوّلة تدريجياً إلى المسيحية. وقد ذُكرت في المصادر السريانية باسم: ܒܝܬ ܙܒܕܝ – بيت زبدَي / بيت زبداي، وأحياناً بازابدا / Bazabda في المصادر اليونانية واللاتينية. ثانياً: الوضع الاجتماعي في القرن الرابع 1. البنية السكانية كانت المدينة قبل غزو شابور الثاني تتمتع بـ: مجتمع زراعي قوي يعتمد على زراعة الحبوب والكروم وتربية الماشية. حرفيون مهرة في النجارة وصناعة الأسلحة الخفيفة والأقمشة. كانت مركزاً للتبادل التجاري بين نصيبين وطور عبدين وجزيرة ابن عمر. 2. النظام الاجتماعي كان المجتمع منقسماً إلى: أُسر نَسَبية كبيرة (عشائر سريانية) تشكّل أساس السلطة المحلية. مجموعة من المتعلمين ورجال الدين الذين أدوا دوراً في القضاء المحلي وحل النزاعات. طبقة من الفلاحين والرعاة في القرى المحيطة. العبودية كانت موجودة لكن بصورة محدودة مقارنة بالولايات المتاخمة للحدود الرومانية. 3. العلاقة مع السلطة الإمبراطورية كانت المنطقة ضمن دائرة التنافس المستمر بين روما والفرس. كان السكان يدفعون الضرائب غالباً للروم، لكن في فترات التوتر كانوا يتحملون ضغطاً مزدوجاً من الفرس عبر حملات السبي. ثالثاً: المسيحية في بيت زبداي في القرن الرابع 1. انتشار المسيحية انتشرت المسيحية مبكراً في المنطقة، على الأغلب منذ القرن الثاني، ويشهد على ذلك: وجود أساقفة مثل مزرا (حوالي 120 م). الإشارة إلى المدينة بوصفها أبرشية ثابتة تابعة لنصيبين. وجود أديرة صغيرة حول سفوح الجبال. بحلول القرن الرابع أصبحت المدينة مسيحية بالكامل تقريباً. 2. التنظيم الكنسي كانت الأبرشية تضم: أسقف المدينة قساوسة للقرى المجاورة شمامسة وقراء مدرسة كنسية رعوية، لم تكن مدرسة لاهوتية كبيرة، لكنها درّبت الكتبة والكهنة. 3. الحياة الروحية اتسمت بالميزات التالية: التركيز على التقشف والنسك. احترام كبير للشهداء ولمن يقاومون الاضطهاد الفارسي. احتفال كبير بعيد القيامة، الذي يُعد الحدث الروحي الأكبر. كانت لغة الطقوس هي السريانية الشرقية. رابعاً: بيت زبداي في ظل غزو شابور الثاني (339–379م) 1. خلفية الغزو شنّ الملك الساساني شابور الثاني سلسلة حملات ضد المناطق النصرانية المتاخمة للإمبراطورية الرومانية. وكان ينظر إلى المسيحيين باعتبارهم “عملاء لروما”. في سنة 360–361م غزا شابور الثاني بيت زبداي بعد سقوط حصون قريبة. 2. أحداث السبي والدمار تجمع المصادر – السريانية، واليونانية، واللاتينية – على ما يلي: دخل الجيش الفارسي المدينة بعد مقاومة بسيطة. قام بسبي آلاف السكان (الأعداد تتراوح بين 6,000 و 13,000). دُمّرت الأديرة والكنائس. قُتل عدد من الكهنة والشمامسة. أُخذ الناس إلى بيث خوزاي وفارس وأُسكنوا في مدن جديدة. 3. دور الأسقف هيليودوروس كان هيليودوروس أسقفاً محبوباً بين السكان، شهد له الجميع بالفضيلة والحكمة. حين دخول الفرس: لم يهرب، بل بقي بين شعبه. أُخذ مع المسبيين في الطريق الطويل نحو فارس. أنهكه العذاب والقيود والجوع. مات في الطريق، قرب منطقة أرزن، شهيداً، قبل الوصول إلى بلاد فارس. دُفن على الطريق، وأصبح قبره مكان تكريم للمسبيين. تروي “سيرة شهداء بيت زبداي” (Acts of the Captives of Beth Zabdai) أن هيليودوروس كان يشجعهم قائلاً: «اثبتوا في الإيمان، فإن الطريق إلى الملكوت أقصر من الطريق إلى فارس». خامساً: ماذا حدث للمسبيين بعد وصولهم إلى فارس؟ تشير المصادر السريانية (مثل أدب سنكسار فارس، ومصادر مار ميخائيل الكبير، وابن العبري) إلى: 1. إسكانهم في قرى فارسية جديدة تم توزيعهم على مناطق: بيث خوزاي مَرْو الأهواز فارس السفلى وقد استخدم الفرس مهاراتهم في: الزراعة البناء صناعة النسيج الحدادة 2. تشكيل جاليات مسيحية شرقية جديدة ساهم مسيحيو بيت زبداي في إنشاء: كنائس صغيرة جماعات كنسية ذات صبغة سريانية شرقية أسلوب طقسي نقل إلى عمق الأراضي الساسانية الكثير من الذين سُبوا أصبحوا شهداء عندما رفضوا عبادة النار أو الاعتراف بسيادة الملك على دينهم. 3. التأثير الثقافي جلبوا معهم: اللغة السريانية الألحان الكنسية نصوصاً طقسية بسيطة تقاليد الزهد وساهموا في تقوية الوجود المسيحي داخل الإمبراطورية الساسانية، الذي ازدهر لاحقاً في القرن الخامس. سادساً: بيت زبداي بعد السبي 1. فراغ سكاني كبير بعد موت الأسقف هيليودوروس وسبي معظم السكان: تضاءلت المدينة بشكل كبير. أُسكنت فيها عائلات فارسية وإيرانية الأصل. انخفض الدور الكنسي للمنطقة. 2. استمرار اسم الأبرشية على الرغم من الدمار، استمرت أبرشية بيت زبداي اسماً ضمن سجل كنائس المشرق حتى القرن السادس، لكن نشاطها كان شبه معدوم. 3. بقاء بعض المسيحيين يبدو أن: عدداً من المسيحيين عاد لاحقاً. آخرون نزحوا إلى طور عبدين ونصيبين وجزيرة ابن عمر. سابعاً: الخلاصة كانت بيت زبداي في القرن الرابع مدينة سريانية مسيحية مزدهرة اجتماعياً ودينياً، لكنها سقطت ضحية الصراع الفارسي–الروماني. أدى غزو شابور الثاني إلى: سبي جماعي استشهاد أسقفها هيليودوروس تدمير البنية الكنسية إعادة توطين سكانها في بلاد فارس لكن المفارقة التاريخية أن المسبيين أنفسهم أسهموا ف |
![]() |
| مواقع النشر (المفضلة) |
|
|