مشاركتي على برنامج منبر الشعراء من إعداد و تقديم الدكتورة نجدة رمضان و إشراف الدكتورة
مشاركتي على برنامج منبر الشعراء من إعداد و تقديم الدكتورة نجدة رمضان و إشراف الدكتورة شهناز العبادي عميد أكاديمية العبادي للأدب و السلام
فِيمَ تُفِيدُ كَرَاهِيَةُ الآخَرِينَ؟
بقلم: فُؤَاد زَادِيكِي
إِنَّ الحَيَاةَ الإِنسَانِيَّةَ قَائِمَةٌ عَلَى التَّفَاهُمِ وَ التَّعَاوُنِ وَ التَّسَامُحِ، فَالمُجْتَمَعُ، الَّذِي يَبْنِي قِيمَهُ عَلَى المَحَبَّةِ يَكُونُ أَكْثَرَ قُوَّةً وَ ثَبَاتًا. وَ لَكِنَّ الكَرَاهِيَةَ تُشَكِّلُ أَخْطَرَ آفَاتِ البَشَرِ، فَهِيَ كَالسُّمِّ، الَّذِي يَسْرِي فِي العُرُوقِ، فَيُفْسِدُ القَلْبَ وَ يُفَرِّقُ النَّاسَ وَ يُقَوِّضُ أَسَاسَ السَّلَامِ.
الكَرَاهِيَةُ لَا تُفِيدُ الإِنْسَانَ فِي شَيْءٍ، بَلْ هِيَ سَبَبٌ فِي شَقَائِهِ وَ عَذَابِهِ. فَهِيَ تُشْعِلُ الضَّغِينَةَ وَ تُغَذِّي الحِقْدَ، وَمَا الحِقْدُ إِلَّا نَارٌ تَأْكُلُ صَاحِبَهَا قَبْلَ أَنْ تَمَسَّ غَيْرَهُ. وَ المُجْتَمَعُ، الَّذِي يَسُودُهُ الحِقْدُ وَ العَدَاوَةُ يُصَابُ بِشُرُوخٍ عَمِيقَةٍ فِي نَسِيجِهِ الاِجْتِمَاعِيِّ، فَيَفْقِدُ أَمَانَهُ وَ اسْتِقْرَارَهُ.
إِذَا سَادَتِ الكَرَاهِيَةُ، اِنْتَشَرَ الخَوْفُ وَ تَعَمَّقَ القَلَقُ فِي القُلُوبِ، وَ حِينَئِذٍ يَعْجَزُ الإِنْسَانُ عَنْ الاِسْتِمْتَاعِ بِسَلَامِهِ الدَّاخِلِيِّ. فَالحَيَاةُ تَصِيرُ مَسْرَحًا لِلصِّرَاعَاتِ وَ المُوَاجَهَاتِ، وَ تَتَعَطَّلُ مَسِيرَةُ التَّقَدُّمِ وَ النَّهْضَةِ. وَ كَمْ مِنْ أُمَمٍ سَقَطَتْ فِي هَاوِيَةِ الحُرُوبِ وَ النِّزَاعَاتِ بِسَبَبِ الكَرَاهِيَةِ وَالتَّبَاغُضِ.
عَلَى النَّقِيضِ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنَّ المَحَبَّةَ تُنْقِذُ القُلُوبَ مِنْ سُمُومِ الحِقْدِ، وَ تَبْنِي جُسُورًا مِنَ الثِّقَةِ وَ التَّعَاوُنِ بَيْنَ أَفْرَادِ المُجْتَمَعِ. وَ بِالمَحَبَّةِ يَسُودُ الأَمَانُ وَ يَسْتَقِرُّ السَّلَامُ وَ يَنْعَمُ الإِنْسَانُ بِحَيَاةٍ هَادِئَةٍ وَ مُسْتَقِرَّةٍ. إِنَّهَا كَالمَطَرِ، الَّذِي يُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ جَدْبِهَا، فَتُخْرِجُ زُهُورًا بَدَلَ أَشْوَاكِ الأَحْقَادِ. مِنْ هُنَا نَسْتَبْطِنُ أَنَّ الكَرَاهِيَةَ لَا تُفِيدُ البَشَرِيَّةَ فِي شَيْءٍ، بَلْ هِيَ سَبَبُ تَفَكُّكِهَا وَ شَقَائِهَا. أَمَّا المَحَبَّةُ فَهِيَ القُوَّةُ الحَقِيقِيَّةُ، الَّتِي تَصْنَعُ السَّلَامَ وَ تُحَقِّقُ الأَمَانَ وَ تَفْتَحُ أَبْوَابَ الاِزْدِهَارِ. فَلْنَنْحَزْ إِلَى المَحَبَّةِ، فَهِيَ طَرِيقُ الإِنْسَانِيَّةِ إِلَى غَدٍ أَفْضَلَ وَ عَالَمٍ أَكْثَرَ جَمَالًا وَ عَدْلًا.
__________________
fouad.hanna@online.de
|