تحدّثي عن نفسكِ!
بقلم: فؤاد زاديكه
تحدّثي عن نفسِكِ أيّتها القصيدة الشامخةُ. لستِ أُحاديةَ الرؤية, كما أنّكِ لستِ منفردةَ القرارِ. عليكِ استيعابُ التنوّع, عليكِ رسمُ الموهبةِ, عليكِ الإخلاصُ لوحيكِ, عليكِ الذّودُ عن حياضِ معانيكِ. عليكِ ألاّ تنسي تاريخَ الألم, أن تجمعي حكاياتِ السأم, فمنَ الحزنِ تتولّد عبقريتُكِ و من الجوعِ تُخلقُ رؤىً لآلافٍ من الآلهةِ الجديدةِ.
صوتُكِ الرائعُ لم يظهرْ في عالم الجمالِ بعد, و دفقُ عطائكِ لم يغمرْ بساتينَ المعرفةِ بعد. موهبتُكِ خلاّقةٌ, و ثقافتُكِ معاصرةٌ و أمانيكِ تتجاوزُ حدودَ طموحِكِ بآفاقِه و معالمِهِ و تطلّعاتِه. إنجازُكِ مُكثرٌ من ألقِه, بَوحُكِ شَغوفٌ بهمسِه, و إعلانُكِ عاشقٌ لصمتِه.
أينَ هي انطباعاتُ السّمةِ المُتدحرجةِ فوق جبينِ النقد؟ أينَ هو الفوزُ الذي تنشدُه و تسعى إليهِ عبقريّةُ الوجد؟ ثم أين هي جدّيتُكِ المزروعةُ في عينيّ الزمن المتّقد؟ إنّك حريصةٌ على الجِرس و النغمِ و على الموسيقى و التفرّد و على نبضِ الإيقاع في هجعةِ الإبداع.
أنتِ مَوسمُ فرحٍ احتفاليّ لم يُكتبْ له عقدُ قرانِ الشّهرة و لم تُفتحْ له آفاقُ الخروجِ من بَوتقةِ العتمة المقصودةِ التي ينخرُ فيها سوسُ الوصوليّة و المقاطعةِ ليتجاوزَ شموسَ الكون و لينشرَ نفحَه بين ربوعِ الخير و المحبّة و السلام لكي يجدّدَ براعمَ الهدوء و يصقلَ خبراتِ الموضوعيّة, و يثورَ على عمالقةِ القوّة المؤثّرة التي تحرفُ مسارَ الحقّ و تبسطُ فُرشَ المصالح و تعلنُ حربَ البتر و التدميرِ و نصبَ العداء.
أنتِ موضوعةٌ على هامشِ نكرةٍ!
أنتِ ترجمةٌ بغير جميعِ لغاتِ هذا العالم!
أنتِ تعلنينَ ولادةً في زمنِ الافتقاد!
أنتِ جماليةُ حبٍّ و أحلامُ مراهقةٍ ناضجةٍ, و موهبةٌ فريدة!
أنتِ بكاءٌ بعدما تلاشتْ حرارةُ الأبدان!
أنتِ سنبلةُ قمحٍ تنتظرُ منجل حصّادِ لا يُلوى منجلُهُ و لا يُحرفُ فكرُه و لا يُقتلُ صوتُه! ستكون لك ولادةٌ منْ رحمِ العدم. سيكون لك شروقٌ من وراء أكمة الإهمال. سينتصرُ بوحُكِ. سيعلو صوتُكِ. سيُكتبُ اسمُكِ!