الموضوع: سألني مرة (1)
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 29-03-2007, 05:05 PM
الأب القس ميخائيل يعقوب الأب القس ميخائيل يعقوب غير متواجد حالياً
Ultra-User
 
تاريخ التسجيل: Feb 2007
المشاركات: 304
افتراضي سألني مرة (1)

سألني مرة (1)

إنني أنا الضعيف الأب القس ميخائيل يعقوب وقبل أن أكون كاهناً كنت ألقي محاضرات دينية في المالكية كما كنت أحد أعضاء التعليم الديني والطقسي في كنيسة القديس ماردودو في المالكية لمدة خمس سنوات . وبعد أن أصبحت كاهناً ألقيت محاضرات عدة في الدرباسية والحسكة والمالكية والقامشلي . كما إنني ولمدة عشر سنوات وإلى جانب كوني كاهنا لكنيسة مار أسيا الحكيم كنت أيضاً مسؤولاً عن التعليم الديني فيها مسؤولية مباشرة . بالاضافة إلى أنني ذهبت مرشداً روحياً لمخيمات عدة لمراحل مختلفة من التعليم الديني ( ابتدائي . اعدادي . ثانوي . جامعي ) . وخلال هذا المشوار من النشاطات الروحية سُئِلْتُ أسئلة كثيرة جداً من أبنائنا الروحيين الذي كانوا يحضرون هذه النشاطات غالبيتها العظمى محفوظ لدي دون اسماء سائلها . فرأيت أن لا أتركها قيد الحفظ فقط بل أن أقوم بنشرها مع أجوبتها وهذا ما سأفعله بمشيئة الله ولست متوخياً من هذا العمل سوى المنفعة الروحية الخلاصية للقارئ والمستمع . وسيكون العنوان ( سألني مرة ) لأنني وكما ذكرت قبل قليل كانت أسئلة توجهت إلي من أبنائنا الروحيين في مرات عديدة جداً أثناء تلك النشاطات وللمسيح المجد آمين .
س1 – سألني مرة أحد أبنائنا الروحين قائلاً : إننا نعتقد أن المسيح إذ هو كلمة الله فهو لا بداية له أي إنه أزلي وهذا ما تلقيناه في تربية البيتية والكنسية ونحن مؤمنين ولا نرضى بغير ذلك إيماناً ولكن الرسول يوحنا ابتدأ انجيله بالقول : في البدء كان الكلمة ( والكلمة هو المسيح ) فهل إذا للكلمة بداية أم ما هي حقيقة الأمر إذاّ ؟
أجبته قائلاً والمجد لربنا يسوع المسيح :
أولاً . إننا يجب أن ننتبه إلى الفعل ( كان ) الذي هو بالتعريف : فعل ماضي ناقص . لماذا هو فعل ماضٍ ناقص؟ لأنه ليس تاماً . فالفعل التام هو الذي يبدأ بفكرة في الذهن ثم يتحول بهذه الفكرة إلى عمل في الحاضر وما أن ينتهي حتى يصبح في الماضي . ولكن مهما أصبح في الماضي إلا أنه محكوم من الحاضر بفكرة مسبقة . نضرب المثل التالي : يكتب المعلم عناوين الدرس على السبورة .
إن الفعل ( يكتب ) الذي هو فعل حاضرٌ ( مضارع ) ما كان ليحدث لولا أنه ابتدأ بفكرة وتصورٍ في ذهن المعلم وذلك قبل أن يحين حاضر الفعل حتى أنه متى حان حاضر الفعل فإن الفكرة تحولت إلى فعل . فقلنا : يكتب المعلم عناوين الدرس على السبورة . وبعد أن أنهى الكتابة فإن حاضر الفعل انتهى وأصبح الفعل في الماضي فنقول والحالة هذه : كتب المعلم عناوين الدرس على السبورة . كما تجدر الإشارة إلى أن القرار الذي سبق الفعل الحاضر قد يكون قبل أيام أو ساعات أو دقائق أو لحظات . فإذاً الفعل الماضي التام محكوم بقرارٍ مسبق وفعل حاضر للقرار . أما الفعل الناقص وفي إحدى حالات استخدامه وهي رئيسية التي هي ( الثبات ) كأن نقول : كان الله . في هذه الحالة نجد أن القرار المسبق لا يدخل في إنشاء أو حكم الفعل الناقص ( كان ) فإن في القول : كان الله لا يمكن أن يكون هناك قرار مسبق في أن يكون الله موجوداً . لأنه إن وجد هذا القرار فإن عكس القرار ( عدم وجود الله ) قد يكون احتمالاً صحيحاً ( حاشا ) . وبالتالي فإن الفعل الناقص ( كان ) في الآية : في البدء كان الكلمة . يفيد أن وجود الكلمة لم يكن بقرار مسبق وهي حالة لا تنطبق إلا على الله وبالتالي إذاً : فإن كلمة البدء المذكورة في الآية السابقة المقترنة بالفعل الناقص ( كان ) تفيد معنى الأزلية أي : منذ الأزل كان الكلمة.
ثانياً : إننا يجب ألا نتوقف عند عبارة في آية أو عند آية واحدة ثم نأخذ منها معتقدنا ، بل يجب أن نقرأ مجموعة الآيات في السياق نفسه ، لأن في كتابنا المقدس هناك آيات تكمل آيات أخرى ، وهناك آيات تفسّر آيات أخرى ........ إلخ . وإذا ما قرأنا الحديث كاملاً لوجدناه يوضّح المعنى تماماً فلنقرأ :
في البدء كان الكلمة . والكلمة كان عند الله . وكان الكلمة الله . هذا كان في البدء عند الله . كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان . فيه كانت الحياة والحياة كانت نور الناس . والنور يضيء في الظلمة والظلمة لم تدركه ( يو1: 1-5 ) .
نفسّر هذه الآيات باختصار شديد .
- في البدء كان الكلمة . الكلمة هو الأقنوم الإلهي الثاني إنه ( الابن – المسيح ) .
- والكلمة كان عند الله . بما أن الكلمة ( الابن – المسيح ) هو الأقنوم الإلهي الثاني فهو عند الله وفيه منذ الأزل لأن الله أزلي .
- وكان الكلمة الله . بما أن الله هو الكيان الشامل للأقانيم الثلاثة الآب والابن والروح القدس لذا فإن كل أقنوم يأخذ اسم الله بصفته الأقنومية لذا فإنه يقال : الله الآب . الله الابن . الله الروح القدس . إذا الابن أو الكلمة هو الله الكلمة .
- هذا كان في البدء عند الله . بما أن الكلمة لها صفة الولادة العقلية فلذا فقبل أن يظهر الكلمة للبشر متجسداً من العذراء كان مولوداً من الكيان الشامل الله ولادة أزلية لأن الله أزلي هو .
- كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيءٌ مما كان . أي أن كل ما وجد في الكون من ملائكة ومجرّات ونباتات وحيوانات وبشر ...... إلخ قام الابن ( الكلمة – المسيح ) بإيجادها أي خلقها ، ومهمة الخلق لا يقدر عليها غير الله ، فالكلمة ( الابن – المسيح ) هو الله الخالق ، والله أزلي .
- فيه كانت الحياة . أي هو مصدر ونبع الحياة . وهذا أيضاً لا ينطبق إلا على الله وحده فهو إذا الله .
- الحياة كانت نور الناس . والنور يضيء في الظلمة والظلمة لا تدركه . إن النور الحقيقي هو نور الله الذي ينير أنفس البشر من الداخل إذ لا تتغلب عليه الظلمة كما عند أنوار الكون الطبيعية والمصنوعة . فهو إذا الله .
وهكذا نجد أن كل ما جاء ما بعد الآية : في البدء كان الكلمة . قد فسرها جيداً وأكد أن الكلمة المقصود هو الابن المسيح وهو الله بصفته الأقنومية . وإذ أن الله أزليٌ هو لذا فإن كلمة البدء المقترنة بالفعل الناقص ( كان ) تفيد الأزلية والعبارة تصبح إذاً : منذ الأزل كان الكلمة .
ثم عاد الذي سأل السؤال وطرح سؤالاً آخر يقول : إذا كان معنى الآية : في البدء كان الكلمة هو : منذ الأزل كان الكلمة . فلماذا لم يكتبها يوحنا منذ الأزل كان الكلمة ؟
أجبته قائلاً : لاشك أن هناك أكثر من سبب ، ولكن هناك سببان هما برأيي جوهريان ورئيسان :
الأول : إن المسيح له المجد في بشارته حاكى العقل البشري والارادة الحرة والاختيار العقلي الحر عند الإنسان . وذلك لأن العقل هو فاعل مؤثر رئيس في عبادة المؤمن وخلاصه ، لأنه يحرك الإرادة ويحرك أيضاً الاختيار الحر فإن المسيحية لم تُفرض على الإنسان فرضاً إجبارياً لأن ما يعمله الإنسان مكرهاً فهو لا يستحق عليه المكافأة إن كان عملاً صالحاً ولا يستحق العقوبة إن كان عملاً شرّاً . وإذ أن الخلاص يمنح للإنسان عبر طريق المسيحية وهو أعظم مكافأة يمنحها الله للإنسان لذا كان لابد من محاكاة عقل الإنسان ليكون إيمانه وتكون عبادته بحسب اختياره العقلي الحر . ويوحنا كتب إنجيله بوحي من الله لذا فإنه وكباقي الأسفار المقدسة جاء مراعياً لهذه العقيدة . وأنا برأيي الخاص ( قد أكون مخطئاً ) لو أنه ابتدأ انجيله بعبارة : منذ الأزل كان الكلمة لكان الأمر وكأنه فرض على القارئ أن يقبل به لأن ما هو أزلي هو الله فقط ولذا فإنك أيها القارئ مجبر على تبعية الله ، وفي هذه الحالة انعدم التأمل العقلي في ما وراء الآية أو إيقاف عملية التفكير العقلي .
السبب الثاني . وهو جوهري جداً ألا وهو : كان لابد من محاكاة البداية التي جاءت في أول سفر التكوين : في البدء خلق الله السموات والأرض ..... ليؤكد لليهود الذين آمنوا بالمسيح وانتقلوا من العبادة اليهودية إلى العبادة المسيحية أنهم لم يكونوا مخطئين لأن ذلك الذي منذ البدء خلق كل شيء هو الذي كان من البدء الأزلي
حتى أنه استطاع أن يخلق كل شيء وهو الذي ظهر متجسداً من العذراء وصار إنساناً ......... مع ملاحظة أن يوحنا حينما كتب إنجيله كان في أفسس بعيداً عن فلسطين ويهود فلسطين ولكن كان هناك في مناطق بيزنطا ورومة يهوداً ، ويذكر سفر أعمال الرسل كم أنهم حاربوا بولس الرسول .
ولربنا يسوع المسيح كل المجد إلى الأبد آمين .
__________________


مسيحنا الله

الأب القس ميخائيل بهنان صارة

هـــــــــــــــــــــ : 711840
موبايل (هاتف خلوي) : 0988650314
رد مع اقتباس