عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 16-12-2005, 05:48 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 45,908
افتراضي

الأخ قسطنطين

إن الموضوع المطروح وهذه الأطروحة الأدبية - الفكرية للأستاذ علي الشّعيبي جاءت كافية ووافية ولئن آثر صاحبها على ألا يأتي على ذكر كل شيء فذلك يحتاج إلى أكثر من مقالة بل أكثر من كتاب. وإني معجب كثيراً بأفكار الأستاذ الشعيبي. وأعتقد أنه على صواب فيما عرض إليه وهو يعطي أهمية قصوى للموضوع، وهذا يؤكد حقيقة أن هذه الدراسة المعمّقة مفيدة ونيّرة! وأؤكد أني استمتعت بفائدة جليلة أضفاها الكاتب والمحلل الاستراتيجي لفكرة العشيرة والقبيلة والانتماء العشائري والتعصب القبلي الذي أدى إلى كوارث وحروب دامت لسنين طويلة في تاريخ العرب. وأقول وبكل أسف فإن المجتمعات العربية لم تتمكن بعد من التخلّص من هذه العقدة التي لم تعد تنسجم مع واقع الحياة المتطور والذي يفرض على المجتمعات أنماطاً جديدة من السلوك الفكري.
لاتزال العشيرة في مجتمعاتنا تحكم وتفصّل ويلبسها الشعب بما تقدمه لهم من مقاسات تناسب مصالحها وخصائصها وخصوصياتها كوحدة لا تقبل التجزئة بل وأحياناً لا تقبل بأن تخسر شيئاً من وجودها المعنوي لصالح قبيلة أو عشيرة أخرى! العشيرة تحكم وتسيطر على الكثير من البلدان العربية وليست القومية بدعواتها سوى وجها عشائرياً وقبيلياً أكثر انفتاحاً وتعميماً!

ليس بالامكان الخروج عن طاعة العشيرة والقبيلة ونحن نعيش في عالم الألف الثالثة وكثير من الأمور والأفكار تغيّرت ومات الكثير مما كان هاماً فيما مضى من الزمان وحلّ محله انفتاح وفكر أوسع شمولية يتجاوز خصوصية الوحدة الذاتية المستقلة. وكما يلاحظ فإن هذا الشعور بالعصبية القبلية والعشائرية أدى إلى كوارث وخسائر وتدمير وحروب طويلة الأمد حتى أحياناً بين أسر العشيرة الواحدة كالذي حصل في حرب البسوس والتي دامت أربعين عاماً بين قبيلتي بكر وتغلب الشقيقتين دفع كل من القبيلتين الكثير من الأرواح لقاء جهل وطيش وحماقة. ولا يزال مثل هذا في عالمنا العربي ولكن بصيغ أخرى ودعوات ذات طابع شيطاني في التغرير بالناس والضحك على ذقونهم لكي ينساقوا خلفها!
آن لنا أن نفهم ما كان من نتائج تلك الفترات الزمانية وأن الاستمرار في هذا النهج بتشجيع الروح القبلية أو العشائرية أو الطائفية أو القرياتية أو غيرها سيكون ضارّاً. وليس من الصواب العمل بمبدأ" انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً" علماً أن الرسول الكريم حاول في معرض الرد على سائله حين سأله وكيف يسانده متى كان على باطل؟ حاول الرسول تدارك خطأه فقال "بأن تعضده وتساعده" فلماذا إذا القول بوجوب مساعدته عادلا و ظالماً؟

الكثير من أفكارنا لم تعد تناسب الحياة الجديدة وعلينا أن نعمل على التخلّص منها وأن يحلّ محلّها الفكر الواعي والنيّر الذي يخرجنا عن نطاق ضيق الأفق العشائري والقبلي الذي صار من خطورات العصر الراهن! إني أرى هذه الدراسة قيّمة وقد أشار صاحبها في أكثر من موضع ناقداً إلى ما آلت إليه من ويلات ومصائب. وهي لا تزال تجعل المصائب والويلات تتفاقم وتزداد وكأن الواقع المعاش هو واقع ما قبل2000 سنة!

التعديل الأخير تم بواسطة fouadzadieke ; 16-12-2005 الساعة 07:07 PM
رد مع اقتباس