عرض مشاركة واحدة
  #13  
قديم 27-09-2022, 02:34 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 45,884
افتراضي

نظرةُ المجتمعات العربيّة إلى المرأة المطلّقة

الحلقة العاشرة من برنامج (من صميم الحياة)

بقلم/ فؤاد زاديكى

يعيش الرجل والمرأة في مجتمع واحد, يتلاقيان, يتعارفان, يتصادقان ومن ثمّ قد يتزوّجان, وكلّ هذا بحكم المعاشرة و الالتقاء وهو أمرٌ صحّيّ للغاية لمن ينظر إلى الحياة بمنظور الوعي و التفهّم والعقلانيّة, فقديمًا كان كثير من حالات الزّواج يتمّ دون أن يتعرّف الطرفان على بعضهما فلم تسنح لهما الفرصة بتعارف ولقاء, جرّاء سيطرة الموروث الفكري القديم, ولهذا فإنّ تسعين بالمائة من حالات الزّواج هذه كانت فاشلةً, لكنّ عدم استقلاليّة المرأة اقتصاديًّا وبقاءها تابعًا للرجل جعلها تتحمّل كلّ المصاعب و الألم والإهانات و الضّرب خوفًا منها على أولادها و أسرتها و من ثمّ على مصيرها كشخص غير مستقلّ.
الزّواج مصير مشترك ورحلة عمر لطرفين قرّرا معًا بملء إرادتهما وقناعتهما و حبّهما أن تُبنى هذه العلاقة وتقوم على اسس إنسانيّة متحضّرة ونبيلة كي تكتب لها الحياة فتستمرّ على نحو سليم مدّةً أطول. لكنّ الكثير من حالات الزّواج ولسباب كثيرة مختلفة و متعددة ومتنوّعة تصل إلى طريقٍ مسدود فلا يعود بالامكان الاستمرار فيها, وهنا يكون الانفصال أفضل طريقة وحلّ للطرفين, ومن المعروف أنّ البلاد العربيّة ترتفع فيها نسب الطلاق أكثر من غيرها, وهذا الطلاق بالتأكيد يسبّب خللًا في التوازن السري خاصّةً عندما يكون نتيجته أبناء, هم الذين سيدفعون الثّمن.
نحن اليوم بصدد دراسة حالة اجتماعيّة إنسانيّة خطيرة لها انعكاسات على المجتمع برمّته وهي حالة نظرة المجتمع العربي إلى المرأة المطلّقة, ففي المجتمعات الغربيّة يحدث الطلاق بشكل هادئ وعادي وتبقى المرأة محافظة على توازنها وعلى شخصيتها بعكس المرأة في المجتمعات العربيّة, تلك التي تنظر إلى المرأة المطلّقة نظرةً غير صحيحة فهي تظلمها وتضعها ضمن قيود مفروضة عليها اجتماعيًّا ليس بمقدورها الخروج عنها ولا تجاوزها. فما هي النظرة العامّة لهذه المجتمعات إلى المطلّقة؟
تنظر هذه المجتمعات إلى المرأة نظرة سيئة, غير مستقيمة على أنّها امرأة سهلة المنال لكنّا في الواقع غير ذلك فالمطلّقة تكون أكثر حذرًا من المرأة العادية بسبب سوء التجربة التي عاشتها, ونظرة اتّهامية ظالمة غير عادلة وتطلق عليها أحكامًا مسبقة دون وجه حقّ فترى فيها شرًّا متمثّلًا وأسباب ذلك تكمن في النظرة الذكورية السائدة في هذه المجتمعات من جهة ومن جهة أخرى أثر الموروث الفكري القديم والمتخلّف الذي وضع المطلّقة في هذه الخانة من الاتهام و نظرة الإزدراء و الشّك الخ...
عندما يفكّر رجلٌ ما بالارتباط بامرأة مطلّقة فإنّ الانتقادات تنهال من كلّ ناحية وصوب كي تجعل هذا الرجل يتراجع عن فكرته ويعدل عن الزّواج بالمطلّقة, إذا تمّ طلاق المرأة من زوجها فكأنّما صارت إلى نار جُهَنّم بفعل حكم المجتمع عليها وهو حكم جائر ظالم لا يجوز القبول به أو تسويقه, فللمطلّقة حقّ بناء علاقة جديدة بعد علاقة لم يُكتب لها النّجاح, فهي إنسانة لها كيان وشخصية وحقوق مثلها مثل غيرها من الفتيات و النساء, لا يجب قفل الأبواب في وجه طموحها أو رغبتها.
إنّ المرأة المطلّقة تلتزم الصّمت في حياتها على الأغلب, بسبب ما تعرّضت له من خيبة أمل في فشل علاقتها الزوجية, كما تشعر بالإحباط لقاء ما تتعرّض له من آثار نفسيّة واجتماعيّة من الآخرين ولأنّها منفصلة عاطفيًّا فلهذا يكون من الصّعب عليها أن تستجيب لإشارات أيّ رجل يريد أن يرتبط بها, فحياتها معقّدة بسبب المجتمع و قسوة تعامله معها و نظرته غير المنطقيّة غليها و كأنّها نشاز أو إنسانة شاذّة. علينا العمل على تغيير هذه النّظرة غير الموضوعيّة والتي هي بحقّ نظرة ظالمة.
أحباءنا أعضاء امبراطوريّة الإنسان الكونيّة هلمّوا إلى المشاركة بمشاعركم و بالتعبير عن رؤيتكم وأفكاركم في هذا الموضوع الخطير اجتماعيًّا وإنّ هذا البرنامج يتمّ تقديمه من قبلي وبدعم و مساندة إدارة المجلس الأعلى برئيسه الدكتور يوسف جعجع و نائب الرئيس والأمين العام وسوف يتمّ كالعادة تقديم وثائق شكر و تقدير للمشاركين على البرنامج آملين أن تكون لنا سهرة ممتعة و مفيدة.
__________________
fouad.hanna@online.de

رد مع اقتباس