بوادي الغربة
شعر: فؤاد زاديكه
في بوادي الغربةِ استعصى السبيلُ
و انتفى عن روحِهِ الظلُّ الظليلُ
حيثُ أنَّ البعدَ و الهجرانَ أقصى
كلَّ أحلامِ الهوى، أو ما يميلُ
نحوَ ذكراكَ، التي صارتْ سراباً
مِنْ بقايا لوعةٍ، عاشتْ تُطيلُ
مِنْ إقاماتٍ لها بينَ الضلوعِ
إذ فقدنا العشقَ، فاستولى العليلُ
يا لهذا العصرِ فالأحداثُ فيهِ
جارياتٌ، و المدى حزنٌ ثقيلُ
سالتِ الأوجاعُ نهراً مِنْ دموعٍ
أو دَمٍ حُرٍّ، لكي يبقى الأصيلُ
هاجتِ الأنهارُ، ماجتْ باضطرابٍ
مُفزِعٍ، و الخوفُ إنْ ضاعَ الدليلُ
فالمسافتُ التي بينَ اشتغالي
و اشتعالي حيرةٌ ليستْ تزولُ
أحرفي اشتاقتْ إلى قلبي و لكنْ
منطقُ العقلِ الذي أهوى جميلُ
بينما حرفي على بوحٍ يغنّي
مُعرِباً عنْ وجدِهِ الصوتُ الأثيلُ
قادماً من عمقِ أعماقِ المعاني
و الأماني كلّما اجتاحتْ مُيولُ
موطنَ النفسِ انفعالاً شاءَ يبقى
كاسِراً للصمتِ، و الصمتُ الذليلُ
إنّهُ الباقي على ما في هواهُ
ليس يغريهِ ارتحالٌ أو رحيلُ
صامدٌ كالسّيفِ في قلبِ الجراحِ
مُعلِناً إصرارَهُ في ما يقولُ.
في بوادي غُربتي شاختْ حروفي
و استطالتْ وحشةٌ فيها ذبولُ.