على هَجرِ الدّيارِ عزمتُ رَحلي
كأنّ الهجرَ مكتوبٌ لِنسلي
فلا أدري أصولي أينَ كانتْ
و مِنْ جَدّي القديمِ أخذتُ أصلي1
ظروفُ القهرِ أسبابُ ارتحالٍ
و أخرى ربّما في غيرِ شَكلِ
ببعضٍ مِنْ مآسيها و كُلِّ
صغيرًا كنتُ يومَ الجَدُّ ماتَ
و كانَ الجَدُّ عنْ عِلمٍ بأصلِ
لِذا استَخْبَرتُ مِنْ عمّي طويلًا
بشوقٍ قائلًا: يا عمُّ قُلْ لي
لماذا؟ ثمّ أينَ؟ ثمّ كيفَ؟
متى؟ و الفكرُ مأخوذٌ بِشُغْلِ
و عنْ جَدٍّ فما كانتْ بِسَهْلِ
بِمَعْلوماتِهِ أدركتُ نَقْصًا
و تَشويشًا و إخفاقاتِ جَهْلِ
لأنّ الحِفظَ لا يبقى طويلًا
بِذِهنِ المرءِ, فالنّسيانُ يُبلي
تَواريخًا و أحداثًا فَتُمحى
ليبقى البعضُ منها شبهَ ظلِّ
إذا لمْ يحفظِ التّدوينُ منها
سطورًا عندَ تَوريثٍ و نَقْلِ
فبعضُ البعضِ لا يُوفي بتَاتًا
بأغراضٍ لِذي بعدٍ و قَبْلِ
لقد دَوّنتُ ما قالوا و لكنْ
غَمامٌ و اضطرابٌ في تجلِّي
لهذا قمتُ بالتّدوينِ آنًا
بآنٍ رابِطًا جُزءًا بِكُلِّ
و بَيني ثمَّ أبنائي و أهلِي
أرى أحوالَها صارتْ بِمَحْلِ
فلا يشفي غليلَ البحثِ عندي
تواريخٌ و قد صارتْ لِقَفْلِ
و إنْ معلومةٌ صارتْ إلينا
فهذا إنّما كلٌّ بِفَضلِي.
1 – قرية كنّكى بالسريانية قانِق هي البلدة الأصلية لأجدادي, تقع في برية نصيبين رحلوا عنها إلى آزخ و إسفس و جزيرة البوطان في ظروف مجهولة التاريخ و الأسباب.