خيبات متناثرة
فوقَ تثاؤباتِ الزَّمان
خيبةٌ أن يحاوركَ محتالاً أهوجاً
مدّعياً أنّه نصير الفقراء!
*****
خيبةٌ أن تحلمَ بالزيزفون
وأنتَ مصابٌّ بحساسيّةِ من
استنشاقِ عبقِ الهواء!
*****
خيبةٌ أن تكتبَ شعراً
ولا يقرأهُ إلا ثلّةً من البلهاء!
*****
خيبةٌ أن تتواصلَ مع بشرٍ
تتشرشرُ من أشداقهم حماقة البلداء!
*****
خيبةُ أن تكتب شعراً
ولا تجيدُ احتضانَ الضّياء!
*****
خيبةٌ أن تحلمَ بمراقصةِ أنثى
من لونِ المطر
ولا تجيدُ العبورَ
في خصوبةِ المساء!
*****
خيبةٌ أن تكون غنيّاً
وتبخل على نفسكَ
كأنَّكَ من فصائلِ البؤساء!
*****
خيبةٌ أن تحمل بين جناحيكَ
طموحاً كبيراً
وأنتَ غارقٌ في طقوسِ البكاء!
*****
خيبةٌ أن تزرعَ المحبّة
بينَ سهولِ مَن لا يقدِّرون المحبّة
بين سهولِ السُّفَهاء!
*****
خيبةٌ أن تحبَّ المطر
وأنتَ تائهٌ في لظى الصَّحراء!
*****
خيبةٌ أن تقصَّ أجنحة الأنثى
وأنتَ تحلمُ بعاشقة
من نكهةِ الضّياء!
*****
خيبةٌ أن تنتظرَ موعداً دافئاً
وإذ به يزجّكَ
في أعتى متاهات الشَّقاء!
*****
خيبةٌ أن ترى العدالة ثابتةً
مثل أحجار الصوّان
لا تتغيّر!
حتّى أحجار الصوّان تتغيّر
بفعل الحتّ وعوامل التعرية والبراء!
*****
خيبةٌ أن تلدَ في بلدٍ
تتوالدُ فيه الحروب
مثلما تتوالدُ الأرانب
على أيدي الزُّعماء!
*****
خيبةٌ أن تُزَجَّ في معركةٍ
لاناقة لكَ فيها ولا جمل
سوى تقديمِ الدّماء!
*****
خيبةٌ أن تكونَ مواطناً
فقط في سجلات النُّفوس!
لا في إنتعاشِ وإنعاشِ النفوس!
*****
خيبةٌ أن تحلمَ وتحلمَ
فلا تجدُ أمامكَ أبواباً مفتوحة
إلا بوّابات الحلم
وضباب السَّماء!
*****
خيبةٌ أن لا يفهمكَ
أقرب المقرّبين منكَ
ويعبرُ أغوارَكَ الأعداء!
*****
خيبةٌ أن تُتَّهمَ بالخيانة
وأنتَ أشرف من المتَّهمين
ألف مرةٍ رغمَ الدُّعاء!
*****
خيبةٌ أن يعشعش حبق الشِّعر
في كينونتكِ
ولا ترى مَن يحتضن
إشتعال الكلمات
بقدر ما يحتضن مساءاتِ البغاء!
*****
خيبةُ أن ترى العالم يشتعلُ
في رابعة النَّهار
ولا تستطيع أن تخمد ناره
إلا باهتياجِ الكلمات
كلَّما يغفو المساء!
*****
خيبةٌ أن تخرجَ من خيبة خفيفة
وتعبرَ في خيبةٍ أخرى
مشرشرة بأكوامِ الغبار!
*****
خيبةٌ أن تزرعَ خيراً
وأنتَ محاصرٌ بالنَّار!
*****
خيبةٌ أن تعشق الموسيقى بعمق
ولا تملكُ أوتارَ العودِ
ولا حنانَ الجيتار!
*****
خيبةٌ أن تقرأَ ربع قرن
ثم تبحثُ عن عملٍ
فيما تبقّى من أوجاعِ النَّهار!
*****
خيبةٌ أن تغنّي
وأنتَ تعلمُ علم اليقين
أن صوتكَ مخشخشُ الطبقاتِ
ومُشَنْفرٌ فيه القرار!
*****
خيبةٌ أن تكونَ حاكماً للبلاد
ولا تعرفُ حدودَ البلاد
ولا هلالاتِ المدار!
*****
خيبةٌ أن تكون قاضياً
وأنتَ مستحلبٌ من انشراخِ
غلاصمِ الأعداء!
*****
خيبةٌ أن تصادقَ تافهاً
وهو من أقربِ الأقرباء!
*****
خيبةٌ أن تعيشَ عمراً طويلاً
دونَ أن تعبرَ يوماً
في أبراجِ الهناء!
*****
خيبةُ أن تغوصَ
في موبقاتِ الحروبِ
إلى أن تستاءَ من فوقكَ السَّماء!
*****
خيبةُ أن تعبرَ البحرَ
مع عاشقة دافئة
ولا تعرفُ كيف تفرشُ الدفءَ
فوق أجنحةِ المساء!
*****
خيبةٌ أن تبكي ولا تجدُ
من يقدِّرُ إنسيابَ أريجِ الوفاء!
*****
خيبةٌ أن تبحثَ عن صديقٍ
توارى فجأةً
وإذْ بكَ تراهُ مُقنّعاً
بأدهى أنواعِ الريّاء!
*****
خيبةٌ أن تحبّني حتّى النِّخاع
ولا تدري كيفَ تخفِّفُ آهاتي
المنبعثة من تراكماتِ الشَّقاء!
*****
خيبةٌ أن تعيشَ
على هامشِ الحياة
ولا تعرف كيفيّة العبور
إلى واحات الهناء!
*****
خيبةٌ أن لا تحبّ الموسيقى والرقصَ
ولا تجيد الغناء!
*****
خيبةُ أن تكونَ بلادنا غنية
ونحن من أفقرِ الفقراء!
*****
خيبةٌ أن نشتهي أن نقهقهَ عالياً
فيحبطنا الخجلُ أو الحياء!
*****
خيبةٌ أن نحلمَ بالزّهورِ
ولا نشمّها حتّى الانتشاء!
*****
خيبةٌ أن تحبّني أنثى من نكهةِ التِّينِ
ولا تعرفُ كيف تزرعُ
في روحي الصَّفاء!
*****
خيبةٌ الخيباتِ أن لا أعانق غداً
صديقةً من تواشيحِ الضِّياء!
*****
خيبةٌ أن يرحلَ الإنسان
دونَ أن يكتبَ كلمته
في ليلةٍ قمراء!
*****
خيبةٌ أن أكتبَ خيبةً تلوى الأخرى
ولا تقرأها فراشةٌ
من لونِ البهاء!
*****
خيبةٌ أن يتواصلَ معي قارئٌ
فأطرحُ عليه نفسي
كأنني هاطلٌ من أعالي السّماء!
*****
خيبةٌ أن لا نزرع السَّلامَ
فوق تخومِ الكونِ
رغم أنفِ الجبناء!
*****
خيبةٌ أن نستسلمَ للطغاةِ
ولا نبقى في وجهِ الدَّهاء!
*****
خيبةٌ أن لا نعرف كيف نعمِّرُ البلادَ
رغمَ توافرِ كلّ تواشيحِ الوفاء!
*****
خيبةٌ أن تعشقَ حبيبةً
وهي غائصة طوالَ الوقتِ
معَ عوالمِ النُّسكِ والدُّعاء!
*****
خيبةٌ أن تقعَ في غرامِ أميرةٍ
من سلالةِ الأميرات
وأنتَ لا تجيدُ لغةَ الأبراجِ العاجية
ولا لغةَ (الحراقبة) الأذكياء
*****
خيبةٌ أن لانحبّ فراشةً
من أبهى ألوانِ الوفاء!
*****
خيبّةٌ أن نعبرَ دكنةَ الليل
ولا نقدّر
بهاء زرقة السَّماء!
*****
خيبةٌ أن نعيشَ عصراً
جلّ أسافينه متمحورة
حول الرّياء!
*****
خيبةٌ أن أصبحَ شاعراً
ولا أجدَ عملاً
على امتدادِ الضياء!
*****
خيبةٌ أن يتساءلَ
أوباش هذا الزَّمان
ماذا نستفيد من نصوصِ
أو حكمةِ الشُّعراء؟!
*****
خيبةٌ أن تُسدَّ بوّابات الحياة
في وجهِ الشُّعراء!
*****
خيبةٌ أن تندلعَ الحروب
يوماً بعد يوم
فتتزعزعُ خمائل العمرِ
عن واحاتِ البراء!
*****
خيبةٌ أن لا نرى
أجيجَِ النّار من حولنا
ولا تفاقماتِ الوباء!
*****
خيبةٌ أن نطرحَ أنفسنا
عباقرة العصرِ
ولسنا أكثرَ من ضجرٍ
في قواميسِ العطاء!
*****
خيبةٌ أن نقتلَ
القاتلَ والمقتول معاً
دونَ أن نستمدَّ حكمنا
من بخورِ السّماء!
*****
خيبةٌ أن تتعالى أكوامُ الضَّحايا
من شدّةِ القحطِ
من انشراخِ جماجمِ الفقراء!
*****
خيبةٌ أن نلهو بدماء الطُّفولة
بوحشيةٍ بربريّة
في غايةِ الدَّهاء!
*****
خيبةٌ أن لا نزرع
وجه الدُّنيا
بباقاتِ المحبّة والوفاء!
*****
خيبةٌ أن أصادقَ فراشةً
ولا أشرب معها
فنجاناً من الدفءِ
في ليلةٍ متلألئة
بأبهى تواشيحِ الضّياء!
*****
خيبةٌ أن نكتب شعراً
من وهجِ العشقِ
فيسلخ جلدنا الأغبياء!
*****
خيبةٌ أن أعبرَ البحرَ
دون رجعةٍ
دونَ أن أكحّل وجنتي
من عيونِ الأصدقاء!
*****
خيبةٌ أن أزرع حبّاً
ولا أجني
إلا سياطَ الدُّهماء!
*****
خيبةٌ أن تعشقَ أنثى
من نكهةِ الليل
وإذ بها مكفهرّة
من بهجةِ الانتشاء!
*****
خيبةٌ أن تتزاحمَ الخيبات
فوق رحاب الذَّاكرة
حتّى الامتلاء!
*****
خيبةٌ أن ننتظرَ السَّلامَ
من هؤلاء
وهم محنّطي الرُّوحِ والفكرِ
عجباً ..
هل تناثروا من جِبسِ المومياء!
*****
خيبةٌ أن تعيشَ
في بيئةٍ خائبة
خاوية
خالية من الأوفياء!
*****
خيبةٌ أن تكون محاصراً
بأصدقاءٍ
يتشرشرُ من أشداقهم
أزيزُ الدَّهاء!
*****
خيبةٌ أن تعطي وتعطي
لكلّ مَن يحيطكَ
وحالما تقعُ
يتوارى الجميع
فتظلُّ وحيداً
محاصراً بفقاقيعِ الرّياء!
*****
خيبةٌ أن نتورّطَ
تورّطاً لذيذاً
مع خيباتِ الفراشة
نكتبُ يوماً بعد يوم
ولا تنتهي الخيبات
عجبا أرى
كيف تفشَّى كل هذا الشَّقاء؟!
*****
خيبةٌ أن نزرعَ أملاً
فيتلقَّفه الآخر تشاؤماً
أينَ المفرُّ من تفاقمات الجفاء!
*****
خيبةً أن تكونَ
طيّباً للغاية
تجترُّ خيباتكَ في الخفاء!
*****
خيبةٌ أن لا تقف
في وجهِ الخيبات
ولا تضع حدّاً
لانسيابِ نزيفِ الدِّماء!
*****
خيبة أن تكون ذكياً
وحولكَ أطواقاً سميكة
من عنادِ الأغبياء!
*****
خيبةٌ أن تملكَ أفكاراً
معبّقة بالزَّيزفون
ولا تنقشها
على وجنةِ الكونِ
في ليلةٍ عامرة
برذاذاتِ الشِّتاء!
*****
خيبةٌ أن تطفو
فوقَ عوالمكَ الخيبات
وأنتَ في منتهى الرقّةِ والوفاء!
*****
خيبةٌ أن نحلم ونحلم
ولا نقبض إلا
على خريرِ الدّماء!
*****
*****
خيبةٌ أن تكتبَ نصّاً
لمخيّبي الآمال!
*****
خيّبةٌ أن تقودَ
أهم تضاريس الكون
ثلّةٌفاشلة من الرِّجال!
*****
خيبةٌ أن لا يستفيد المرء
من حضارات بعيدة
عن لونِ الدِّماء!
*****
خيبةٌ أن يصرَّ الإنسان
مكشِّراًأنيابه
مثلَ أشرسِ الذئاب!
*****
ستوكهولم: ربيع 2005
صبري يوسف
كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم
http://www.rezgar.com/m.asp?i=10
لوحات تشكيلية رسمتها العام الفائت 2005