عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 04-08-2009, 06:48 AM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 45,884
افتراضي المقامة النونيّة في الهزيمة الشيطانيّة. يقلم: فؤاد زاديكه

المقامة النونيّة في الهزيمة الشيطانيّة
بقلم: فؤاد زاديكه

أراد الشّيطانُ أن يختبرَ الإنسان في هذا العصر التعبان، الذي طغى عليه الكفر و ساد الطغيان، فانعدمَ الأمان و فُقِدَ الحنان و صارَ الإنسانُ عبداً للرذيلة و الأضغان و خادماً للمالِ و السلطان. في عصرٍ بيعَ فيه الإنسانُ بأبخسِ الأثمان. أصاب الهلعُ و الرجفانُ قلبَ الشيطان الجبان، و شعر بالخيبة و بشدّة الغثيان، لأنّ شرَّ الإنسان صار في كلّ مكان، و خاف بهذا أن يفقد هيبته و الاتزان فعاش حرقةَ الهم و ذاق مرارة الأحزان.
أراد الشيطانُ الانتقامَ من الإنسان الذي خلخل مكانته و زعزع الأركان، فأقسم بالتوراة و بالإنجيل و بالقرآن و بدونيّة الإنسِ و علوّ الجان و بالقمر و الشمس و الأكوان و بالشجر و بالطير و الحيوان، و بكلّ حشرةٍ تدبُّ و عشبٍ يبان أنّه سيلقّنُ الإنسانَ دروساً في الخضوع و الذلّة و الامتهان، و بأن يجعله عبرةً لجميع الأزمان.
نصب الشيطانُ الشباكَ و حضّر الأكفان، و تفنّن في إبداع الشرور بحضور جميع الأعوان من مملكة الخبث و الفجور و البهتان ليغزو الإنسان و يسحقه بلا توان. تحرّكتْ الجيوشُ و اتّجهت إلى كلّ صوبٍ و مكان فنشرتْ بذور الشك لزعزعة الإيمان و أظهرت أنّ الخيرَ مضيعةٌ للوقتِ و أن لا خير في الأديان فهي ليست بشأن، لأنها خضوع لله و هي ذلةٌ و هوان، و أنّ كلّ الشأن في شذوذ الفتيان و في ملاحقة النسوان و في شرب الخمر و ملاعبة القيان.
أمِلَ الشيطانُ في تحقيق النصر في هزيمة الإنسان، لكنّ أمله ذهب أدراج الريح، و صار إلى الخذلان لأنّ الإنسان فاق عليه في صنع الشرّ الطعّان و في نسيان الربّ الرحمن
و قلّة الإيمان، فصار عبداً للخطيئة و بؤرةً للفساد و الأدران. حزن الشيطان لخسارته أمام الإنسان، مع أنه ملك الجان و هو قويّ البنان، شرسُ الجنان. لقد صار الإنسان المنافق و الكذّابُ و الخوّان، ملكَ هذا الزمان صانع بطولات الحروب و الإرهاب و الفلتان و قاتل الأطفال و الشيوخ و النسوان، و سارق أخيه و بائع شرفه لقاء قليل من الأثمان. حزن الشيطان لسيطرة الإنسان على المكان و الزمان، فقدّم استقالته في تصريحٍ و بيان، لأنَّ الإنسانَ صار شيطاناً جديداً في هذا الزمان.
__________________
fouad.hanna@online.de

رد مع اقتباس