(زُبيديٌّ)[1] و سوريُّ انتسابِ كأزخينيِّ[2] قلبٍ في شبابِ
على رُغمِ ابتعادٍ و اغترابِ
عَنِ الأوطانِ فالسّوريُّ شَهمٌ
رُفاتُ الخالدينَ اليومَ تدعو
نفيرَ الرّوحِ مِنْ تحتِ التّرابِ.
رغبتُ مثلَ غيري بالتّمامِ
نقاءَ الفكرِ في حُسْنِ الخِتامِ
بها للمُنتهى كلُّ السّلامِ
فكلٌّ مِنّا مسؤولٌ بفِعلٍ
أمامَ اللهِ في روحِ التزامِ
عَنِ الأعمالِ مِنْ خيرٍ و شَرٍّ
و عمّا في مضامينِ الكلامِ.
محنةُ الإنسانِ تزدادُ اتّساعَا
إنْ هُدى رشدٍ مِنَ الدّنيا اضاعَ
حيلةٌ ضاقتْ لأسبابِ اتّساعٍ
مُبْلِغٌ للهمِّ لا يأتي انقطاعَا
تصعبُ الأحوالُ و الإنسانُ يغدو
ريشةً هيفاءَ تزدادُ اندفاعَا
في مَهَبِّ الرّيحِ مِنْ دونِ اقتدارٍ
ضالِعٍ تشقى هبوطًا و ارتفاعَا.
بيومٍ لم أعُدْ ذاكَ الفقيرَ
فصرتُ حاكِمًا بالأمرِ أُنهي
لِمَنْ لا يرتضي بالحُكمِ, إنّي
دفنتُ القلبَ دَفنًا و الضّميرَ
على هذا الأساسِ الكلُّ ماشٍ
كَحُكّامٍ يسوقونَ الحميرَ.
ألومُ النّفسَ عندّ الضّعفِ جِدَّا
فأسعى جاهِدًا جَهدًا مُجِدَّا
لكي أجتازَ ضَعفي في هدوءٍ
لئلّا يُضبِحَ الإحساسُ عَبْدَا.
ألومُ النّفسَ, أحتَجُّ احتجاجًا
لأنّ الضّعفَ لا يُؤتيني سَعْدَا
و لا فَوزًا بمأمولٍ, لهذا
أصدُّ الخوفَ بالإصرارِ صَدَّا.
صراعُ العصرِ في ساحِ المعامِعْ
صِراعُ الموتِ مِنْ أجلِ المطامِعْ
فلا الأخلاقُ تحظى باحترامٍ
و لا الإنسانُ صوتَ اللهِ سامِعْ.
صِراعٌ أصبحَ الإنسانُ طُعْمًا
بِهِ و الكلُّ ساعٍ للمواقِعْ
شرورُ العصرِ زادتْ عنْ حدودٍ
و الاستغلالُ في ضَربِ المواجِعْ.
واجِبُ الإنسانِ نحوَ النّاسِ, نحوَ المُجتَمَعْ
واجِبٌ فيهِ التزامٌ باقتناعٍ المُقْتَنِعْ
ليسَ بالمعقولِ وحدي أو لوحدي أجتَمِعْ
دونَ باقي النّاسِ في بحرِ الحياةِ المُرْتَفِعْ
قارِبي المَصنوعُ مِنْ قِشِّ افتقاري قد يقَعْ
في مَطَبِّ الموجِ و الأنواءِ حتّى يَنْقَطِعْ
واجِبي نحوَ التزامي لا كثيرًا أرتَفِعْ
في غرورِ الوهمِ إذْ قد ألتقي كلَّ الوجَعْ.
أجسادُنا للموتِ صارتْ و الفناءْ
و الرّوحُ قد صارتْ و عُدّتْ للبقاءْ
نأتي و نُمضي في حياةٍ رحلةً
و اللهُ مَنْ أجزى و يُجزي بالعطاءْ
كلٌّ على ما في هواهُ سائرٌ
و النّفسُ يقضي مِنْ مراميها اشتهاءْ
أجسادُنا كانتْ و تبقى للترابْ
و الرّوحُ في تَعريجِها نحوَ السّماءْ.
فَتِشوا عمّا تَخَبّا في الكُتُبْ
ثمّ ابحثوا عنْ مَخرجٍ عندَ الطّلَبْ
لا تجزعوا فالعلمُ نورٌ مُشْرِقٌ
فيه المعاني الغرُّ مِنْ روحِ الأدبْ
لا تيأسوا مِنْ بَحْثِكمْ حتّى تَروا
مِنْ كلِّ ما بالكونِ مِنْ داعي السّبَبْ
فالبحثُ يُغني فكرَكمْ في علمِهِ
و العلمُ يُعلي مِنْ مقامٍ و الرُّتَبْ.
[1] قال القلقشندي في (نهاية الأرب في أنساب العرب): بنو زبيد بضم الزاء بطن من سعد العشيرة من القحطانية وهم بنو منبه (زبيد) بن صعب بن سعد العشيرة ويعرف زبيد هؤلاء بزبيد الأكبر وهم زبيد الحجاز وكان لزبيد هذا من الولد: ربيعة والحارث الذين اعتبرهم ابن خلدون في كتاب (العبر) من حلفاء ال ربيعة في الشام وتمتد ديار زبيد قديما في الحجاز من نجران الى وادي الدواسر.
وقال حمد الجاسر: أن عمرا وقومه من بني زبيد يسكنون ما يعرف اليوم بسراة عبيدة، وما سال منها من أودية مشرقة كوادي تثليث وعن تثليث قال الهمداني: تثليث على ثلاث مراحل ونصف من نجران وقال: وتثليث لبني زبيد وهم فيها إلى اليوم وبها مسكن عمرو بن معدي كرب الزبيدي، ومن ديارهم أيضا: بلاغ ومريع وميثب والحواضر ووادي تبالة والخصاصة وغيرها من الحجاز. وفي رواية للطبري: (وأثناء الفتح الاسلامي نفرت طوائف من مذحج وفيها زبيد تجاهد في الشام والعراق واستقر بها المقام في الكوفة حيث كان لزبيد فيها محلة خاصة) وبالإضافة إلى هجرات الزبيد مع الفتح الاسلامي نجدهم يهاجرون مع قبيلة طئ إلى الشمال في العراق وبلاد الشام
وتقع أبرشية بازبدي ضمن المنطقة المعروفة لدى المؤرخين العرب باسم (ܒܝܬܥܪܒܝܐ) بيث عربايا(كلمة سريانية تعني الأراضي الغربية)، والمراعيث المتعلّقة بها هي بازبدي وقردو، وعاصمتها فنّك أو بنّك. وهي اليوم تقع كنسيّاً ضمن أبرشية طور عبدين السريانية. والمنطقة – كما هو معروف – غنيّة جدّاً بالينابيع والأنهر التي ترفد نهر دجلة وفيها تلال الدوكرى، وجبل العلم، والجبل الأبيض الذي أحالهُ سكان آزخ إلى جنة خضراء مليئة بأشجار الكرمة والتين والمَحلب والبلّوط. يحدّ المنطقة من الجنوب جبل الأزل (جبل إيزلا)، الذي كان معقلاً للعلوم الدينيّة ومقرّاً للعديد من الأديار التي أنجبت العديد من العلماء والقدّيسين وعلى رأسها دير مار أوكين المبشّر.