ليسمح لنا الشاعر الأستاذ حسن محمد الدقّه أن نساجل قصيدته (ما لي أراكَ) والتي نشرها اليوم شاكرين له جهده الجميل ومذهبه في هذه القصيدة الجميلة و مساجلتي لها (هِيَ الأخبارُ)
مَا لِيْ أَرَاكَ كَئِيبَاً أَيُّهَا القَمَرُ
أهَزَّكَ الشَّوقُ أم أَضْنَى بكَ السَّهَرُ
أَمْ جِئْتَ مِنْ وَطَنٍ قَدْ بَاتَ يَعزِفُهُ
لَحنَاً حَزِينَاً عَلَى أَنْغَامِهِ الوَتَرُ
فالليلُ أَبكَمُ وَالأَيَّامُ ظَالِمَةٌ
وَالمَوتُ يَرقُصُ وَالأَفرَاحُ تَنتَحِرُ
والكُلُّ بَاتَ بلا مأوىً يؤانِسُهُ
فِيهِ الحَبِيبُ إِذَا ما خَانَهُ القَدَرُ
فَالأَرضُ تَنْزِفُ أَمْوَاتاً بلا أَسَفٍ
والجُوعُ يَطلُبُهُمْ والهَمُّ والخَطَرُ
ضَاقَتْ بِنَا هذه الدُّنْيَا بِمَا رَحُبَتْ
حَتَّى تَسَاقَطَ عَنْ أَوراَقِهِ الشَّجَرُ
لانَ الحَدِيدُ وَمَا لانَتْ قُلوبُهُمُ
حتَّى الحِجَارَةَ مِنْهَا المَاءُ يَنفَجِرُ
وَجهُ الحَبِيبَةِ قد غَابَتْ مَلامِحُهُ
خَلفَ الهُمُومِ وقَلْبُ الصَّبِّ مُنكَسِرُ
مَا عَادَ شوقي كَمَا كَانَتْ تُؤُجِّجهُ
مِنْهَا الوُعُودُ التي قَدْ كُنتُ أَنتَظِرُ
حَتَّى الخواطِرَ مَا عَادَتْ تُخَالجنِي
والشِّعْرُ باتَ مع الأَيَّامِ يَندَثِرُ
هل صِرتَ مثلي وَحِيدَاً لا أَنيسَ لَهُ
قلْ لي بِرَبِّكَ مَا الأَخبَارُ يَا قَمَرُ؟
إنّي أتيتُكَ بالأخبارِ يا قمرُ
قد هزّني الوجدُ والأشجانُ والوترُ
إنّ الكآبةَ إنْ جاءتْ مضاربُها
بالنفسِ تفعلُ فالأهوالُ والخطَرُ
في زحمةِ الهمِّ والأحزانِ يدفَعُنا
ليلٌ تثاقلَ بالأنواءِ ينكَسِرُ
الموتُ يقذفُ مكنوناتِهِ تَرَفًا
ينأى بصدرهِ والآمالُ تندثِرُ
ضاقتْ وسائلُ عيشٍ بعدَ راحتِها
تنحو سبيلَها زادَ الهمُّ والكدَرُ
هذي المواجعُ قد نالتْ صِبا وطنِي
ماتَ القصيدُ بهِ والشّعرُ والسّمَرُ
تَبًّا لجملةِ أعذارٍ رأوا سبَبًا
منها يُوَلِّدُ إعصارًا ويبتَكِرُ
هذي الخواطرُ ما عادتْ بنافعةٍ
فالحرفُ أعلنَ ما بالرّوحِ يحتَضِرُ
هاجتْ تُؤرّقُ أجفانًا برمَّتِها
ذابَ الحنينُ بها فانتابَها سَكَرُ
عَزَّ المنامُ فقد ذُلّـَتْ مباهِجُها
ماذا المُخَبَّأُ مِنْ بلوى ومُنْتَظَرُ؟
إنّي الكئيبُ لِما في حالتي وبها
فالصخرُ يشعرُ بالأوجاعِ والحجَرُ
ضاقتْ بروحيَ أشياءٌ رأتْ حُلُمي
فالروحُ تسأمُ والأهوالُ تَخْتَمِرُ