عصافيرُ الفرح
أقبلت عصافيرُ الفرحِ
من عالمٍ ضيّقِ الأرجاء
كثيرِ الأرزاء.
هاجرتْ من مواطنها الأصليّة
تبحثُ عن مسكنٍ و غذاء
و عن أمنٍ و راحةٍ و ماء.
عصافيرُ كانت لها أشواقٌ
حالمةٌ و أمنياتٌ غرّاء
ضاعت كلُّ أحلامها
تحت أقدامِ جبروتِ الأقوياء!
نسورٌ.. صقورٌ
و غربانُ البلاء
لم يتبقّى لها موضعٌ,
و انقطعتْ لديها
كلُّ آفاقِ الرجاء.
كانت تعيشُ في واحةٍ
صغيرةٍ, يتحكّم فيها الأقوياء
فلا حياةَ و لا أمانَ
و لا بقاء فيها للضعفاء.
قدمتْ إلى هنا كالغرباء
تبحثُ عن مُعزٍّ
و عن أصدقاء
يا إلهي آفاقٌ رحبةٌ هنا,
و هنا الخصبُ و النماء!
هنا تختلطُ الأسماء
هنا لا تهمّ الملابسُ و الأزياء
هنا تختارُ العصافيرُ ما تشاء
ليس تقاتلٌ..
لا كراهيةٌ و لا بغضاء.
الكلُّ هنا في حالةِ
اجتهادٍ و في عطاء,
فالنفسُ تجودُ بكلّ سخاء
و الفكر يفسّرُ الأشياء
و القلبُ يجدُ الفرحَ و العزاء.
هُجّرتْ عصافيرُ الفرحِ
و كانتْ تريدُ البقاء,,
لكنْ حرّةً كريمةً
بلا قهرٍ و بدون ظلمٍ
بعيداً عن عالمِ الافتراء,
و عن وجوهِ الظلمِ
و أيدي القهرِ و الاعتداء.
وجدتْ راحتها في هذا الفضاء
نزعت عنها خوفها
الذي دمّر أجملَ الأشياء.
الحريّة.. الحريّة
الأمان.. الأمان
و فرحة اللقاء.
نزعتْ عنها ريشَها العتيق
فصارَت قويّةً
رشيقةً.. حرّةً
في ريشِها الجديد
حيثُ الصفاءُ و الجمالُ و البهاء.
عصافيرُ حزنٍ كانت
و اليوم صارتْ
عصافيرَ الفرحِ المُضاء
تعيشُ ربيعَ الحريّة
و عطاء الشتاء.
عالمٌ جديدٌ..
فيه المعرفةُ و القيمةُ و الرخاء,
و الاتزانُ و العدالةُ
و الحقُّ و الاستواء.
في مثلِ هذا المكانِ
يُمكنُ أن تُبدعَ العصافيرُ
غناءً ليس كأيّ غناء
غناءٌ فيه شجنٌ
و فيه سَلْطنةٌ و فيه كبرياء
عالمٌ مليءٌ بالثقةِ
و بالأمل و بالرجاء.
حزنتْ عصافيرُ الفرحِ
عندما لاحظتْ
هذه الفروقَ
بين الأمسِ و اليومِ
و منَ الفرحِ اختنقتْ
دمعةُ البكاء!