عرض مشاركة واحدة
  #15  
قديم 05-10-2022, 11:06 AM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 45,820
افتراضي

الحلقة رقم 11 من برنامجي (من صميم الحياة) وموضوع حلقة اليوم هو عن التّحرّش الجنسيّ

ظاهرةُ التحرّش الجنسيّ



بقلم/ فؤاد زاديكى



عندما يتمّ البحث في أيّ موضوع اجتماعيّ علينا أن نكون ملمّين وعلى نحوٍ جيّد و كافٍ بالأفكار السَائدة في هذا المجتمع و كذلك ما يسوده من سلوكيّات هي نتيجة الإرث الفكري - الاجتماعي الذي عمره عقود من الزمن طويلة, كما له ارتباط و صلة مباشرة بنوعيّة التربية البيتيّة و المدرسيّة التي يتلقّاها أبناء هذه المجتمعات في البيوت والمدارس والمعاهد والجامعات و بكلّ أسف فإنّ أسلوب المنع السائد و المعمول به في هذه المجتمعات يكون له انعكاسٌ على تصرّف النّاس بسبب الضّغط و الكبت و الحرمان, فلكي نبني مجتمعاتٍ سليمةً علينا أن نستطيعَ التفكيرَ بحرّيّة و التّعبيرَ بحرّيّة والعملَ بحرّيّة فالحرّيّة هي السّبيل الأفضل لسلامة المجتمعات. لكنْ هناك بالطبع أسباب أخرى كثيرة غير هذه هي التي تقود المجتمعات والأفراد وتكون النتيجة سلبية ومنها ظاهرة التحرّش الجنسي إنّي و من خلال دراستي الاجتماعية لسلوكيات الأفراد و التأثيرات التي يمكن أن تكون فاعلة في هذا المجتمع أو ذاك رأيت أنّ ظاهرة الكبت حالة خطيرة على النّفس والجسد فالنّفس بحاجة لِما يُريحها والجسد هو الآخر بحاجة ماسّة إلى تفريغ الشحنة الجنسيّة المتراكمة لديه بفعل هذا الكبت والمنع و هذا من حقّ كلّ فرد في المجتمع سواءً أكان ذكرًا أم أنثى, لكن بطريقة سليمة صحيحة منطقية لا تتسبب بأذى للآخر. فالجنس حاجة حياتية مثله مثل الطعام و الشّراب و لكون مجتمعاتنا تخضع لكثير من العادات السلبية السائدة ومن حالة المنع القطعي (التابو) فهي تفرض القيود و تخضع كلّ شيء للعيب و لوجوب الامتناع عنه فعندما يخطب شابٌّ فتاةً لا يستطيع دراسة أفكارها وأخلاقها بحرّيّة وعلى انفراد بسبب مراقبة المجتمع له و كذلك في حالة الحبّ إذ يمنع على الحبيب الالتقاء بحرّيّة وراحة بِمَنْ يُحبّ لخلق جوّ من التّفاهم والانسجام ودراسة أفكار ووجهات نظر الآخر بعيدًا عن الضغوط هذا من جهة و من جهة أخرى فإنّي أرى أنّ هناك حالاتِ شذوذٍ قد تحصل كطفراتٍ في المجتمع و هي تظهر من وقت لآخر فوق السطح و تتمثّل في حالات تَعدٍّ من بعض الشّباب أو الرّجال على فتيات أو نساء من خلال التحرّش بهنّ سواء في الشوارع العامّة أو في الاوتوبيسات والقطارات و على العموم فإنّ الأماكن المزدحمة بالسّكان هي مناسبة لممارسة مثل هذا التحرّش وهو يحصل.
إنّ التحرّش بشكل عامّ ومهما كانت أسبابه هو حالة مرضية و خطيرة قد تعرّض أمن و سلامة النّاس إلى الخطر خاصة الحلقة الأضعف في المجتمع و هي النساء عندما نريد أن تشفى مجتمعاتنا من مثل هذا الوباء الخطير علينا أن نسعى إلى تغيير كلّ المناهج المدرسيّة و وضع مناهج سليمة صحيحة تستطيع مواكبة التغيّرات والتّطورات الحاصلة في المجتمعات البشريّة ففي كل يوم يظهر جديد و نحن بما نحن عليه لن نستطيع مواكبة ذلك فكيف التفاعل معه و فيه؟ القضاء على حالة التحرّش الجنسيّ لا يمكن أن تسقط علينا من السّماء كهبةٍ ربّانيّة والطريقة الأفضل لمعالجتها هي وجوب معرفة الأسباب و بمعالجة الأسباب تنتفي الأعراض والنّتائج ومن ثمّ الحالة ذاتها و التي تخلّفها هذه الظاهرة. برأيي المتواضع هناك طرق كفيلة بالقضاء على هذه الظاهرة او التخفيف من ضررها على المجتمع و منها التوعية بنشر المعارف السليمة و كيفية التّعامل مع الآخر و احترام الخصوصية و من ثم منح الحرّيّة من أجل خلق أجواء سليمة فبدون الحرّيّة لا إبداع ولا تقدّم على أيّ مستوى من مستويات الحياة. ظاهرة الفكر الذكوري التي تسود في مجتمعاتنا بكلّ أسف هي أحد أهمّ أسباب حصول حالات التحرش الجنسيّ, فالشّخصُ الجاهل لديه قناعة بأنّه ذكر ولهذا يحقّ له فعل ما يريد هذا نتاج إرث فكريّ اجتماعيّ قديم ما يزال يسري مفعولُه على مجتمعاتنا و ما حالاتُ ما يسمى "بجرائم الشّرف" سوى نتيجة أخرى لهذا الفكر الذكوريّ فالرّجل يعتدي على المرأة ثم يُعْفَى من العقاب و يُلقى باللوم على المرأة. إنّ الموضوع دقيق وطويل يحتاج لأكثر من مداخلة وإنّي حاولت قدر المستطاع اختصار ما يمكن قوله بأهمّ الأسباب و طرح طرق العلاج النّافعة في حالات التحرّش الجنسيّ والتي أصبحتْ ظاهرةً عامّةً تهدّد أمنَ و سلامة المجتمعات, تاركًا لكم حرّيّة إبداء آرائكم والتّعبيرعنأفكاركم كما ترون وتؤمنون به كقناعات ورؤى فكريّة. بالطبع ومثل كلّ مرّة فإنّ إدارة الإمبراطوريّة تقوم مشكورةً بتكريم المشاركين بمنحهم شهادات شكر و تقدير على جهودهم في التّفاعل و المساهمة في خلق رؤية جماعيّة وتصوّر عامّ شامل حول الموضوع من خلال مجموع المشاركات شكرًا سلفًا لكم راجيًا أن تستمتعوا بأمسية هادئة و هادفة.
__________________
fouad.hanna@online.de

رد مع اقتباس