الإصرارُ على الجَهْلِ
الشاعر السوري فؤاد زاديكى
عندَمَا الإنسانُ لا تَسْعَى لِفَهْمٍ ... رَغْبَةٌ مِنْهُ, فَإنّ الأمرَ مُؤْسِفْ
سَوفَ يَبْقَى في نِطَاقِ الجَهْلِ عبدًا ... دُونَ آفاقٍ بِهِ الأنُوَاءُ تَعْصِفْ
رُبَّما يَخْشَى مِنَ الدُّنيَا أُمُورًا ... تَجْعَلُ التَّفكِيرَ تحتَ الخَوفِ يَنْزِفْ
يَفْهَمُ التّجدِيدَ و التّنوِيرَ أمرًا ... سَيِّئًا, يَخْشَاهُ و الأسبابُ تُعْرَفْ
إنّهُ راضٍ بِما وَضْعٌ عَلَيهِ ... إذْ لَهُ تَأثيرُهُ, مَا عَنْهُ يُصْرَفْ
كُلَّما حَوَلْتَ نَقدًا بِاجْتِهَادٍ ... يَكشفُ الأخطاءَ في نَهْجٍ, تَفَلْسَفْ
زَاعِمًا أنّ الذي فيهِ صَحيحٌ ... رغمَ إظْهَارٍ لِأبعَادِ التَّخَلُّفْ
يَصْعُبُ التّأثيرُ فيهِ أو عَلَيهِ ... فِكرُهُ قد بَرْمَجُوهُ بِالتَّعَجْرُفْ
لا يَجُوزُ المَسُّ فيهِ و انتِقَادٌ ... كُلُّ تَصْحِيحٍ لَهُ, يَدْعُوهُ يَرجُفْ
يَبْلَعُ الأفكارَ بَلْعًا دونَ فَهْمٍ ... ثُمَّ يَجْتَرُّ اجْتِرَارًا فيهِ مُقْرِفْ
جاءَهُ مِنْ قَبْلِ هذا في سُلُوكٍ ... غَيرِ مَفْهُومٍ, بِهِ غِيٌّ و مُجْحِفْ
هكذَا يَبْقَى أسِيرًا, ما رَجاءٌ ... في تَخَطِّي وَهمِهِ, و الوَضْعُ مُكْلِفْ
لو أضَأتَ النُّورَ في تَنوِيرِ ذِهْنٍ ... لَانْتَشَى مِنْ ظُلْمَةٍ, جاءَتْ بِمُؤسِفْ
إنّ في إصرَارِهِ هذا جُمُودًا ... ما لَهُ حَلٌّ, و صَعْبٌ مِنْهُ مَوقِفْ.